النمسا نموذج مصغر لثنائية الخوف من الإسلام ومحاولة التقرب منه
12 محرم 1429

أفادت دراسة أعدها المركز النمساوي للدراسات السكانية والعلمية، نشرت صحفية، دي بريسه، النمساوية المحافظة، الصادرة في فيينا مقتطفات منها بأنه، مع حلول عام 2050، سيوجد تلميذ مسلم بين كل ثلاثة من تلاميذ المدارس النمساوية الذين تصل أعمارهم إلى الـ 15 عاماً. وأشارت الدراسة السكانية إلى أن عدد المسلمين مقارنة بعدد النمساويين قد يتراوح ما بين 14 و26 % في منتصف القرن الحالي، وحذرت نفس الدراسة "من خطورة انفجار معدل النمو السكاني للمسلمين الذي وصل الآن إلى 5 % من إجمالي عدد سكان النمسا البالغ 8 ملايين نسمة"، وأكدت الدراسة النمساوية نفسها أن التحكم بهذا المعدل يعتمد بشكل أساسي على مستقبل الهجرة، وأضافت "إذا استمر معدل الهجرة كما هو الآن ، فإن الوضع سيتواصل على أساس قبول ما بين 19 ألف و28 ألف مهاجر سنوياً، وبينهم حوالي 40 % هم من المسلمين". كما تذّكر الدراسة النمساوية بنتائج آخر إحصاء للتوزيع السكاني على أساس ديني جرى بالنمسا في العام 2001، وجاء فيه أن 73 % من النمساويين هم من الكاثوليك، و12 % من غير المنتمين إلى أي دين، و4.7% من البروتستانت، و4.2 % من المسلمين، و5.5 %من أتباع الديانات الأخرى غير المحددة.<BR> وتتوقع الدراسة نفسها أن تتغير المعطيات بحلول العام 2026، بحيث تصبح التوزيع السكاني للنمسا على أساس ديني كما يلي : ما بين 55 و63 % كاثوليك، و12 %، وما بين 4-5 % بروتستانت، وما بين 8-12 % من المسلمين، وما بين 7-9 % بدون أديان. أما في العام 2051 فستكون التركيبة السكانية الدينية في النمسا –حسب الدراسة- كما يلي : ما بين 36 –58 % من الكاثوليك، وما بين 3-5 % من البروتستانت، وما بين 14-26 % من المسلمين، وما بين 7-12 من أتباع الديانات الأخرى. وتؤكد الدراسة النمساوية أن حوالي 45 ألف تلميذ مسلم، أي ما يعادل 40 % من التلاميذ في المدارس النمساوية، وخصوصاً في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يحضرون دروس التربية الإسلامية في المدارس الحكومية، ويقوم بتدريسها حوالي 350 مدرساً مسلماً بإشراف الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية.<BR> ويلاحظ المراقبون أن الدراسات التي تركز على معرفة عدد المسلمين في أوروبا قد ازدادت بشكل ملحوظ في الكثير من العواصم الأوروبية خلال الفترة الأخيرة، ولاسيما بعدما تنامي الوجود السياسي لأبناء الجاليات الإسلامية وتأهبهم لممارسة حقهم في الانتخابات المحلية والبرلمانية وإيصال النخب الذين يثقون بهم إلى السدة البرلمانية . <BR><BR><font color="#ff0000">وقود للحملات السادية والإسلاموفوبيا: </font><BR> لا شك أن الحديث عن أسلمة ديموجرافية تجري ببطء في النمسا وأوربا يخفي بين طياته تحريضا ضد الإسلام والمسلمين في هذه البقاع التي لم تكن يوما ما ملك لدين دون آخر أو قومية دون قومية أخرى. وهي مواقف تحريضية، بقطع النظر عن صحة المعلومات التي توردها الدراسات، لا تنفع أوربا المنفتحة والمتجاوزة للحروب الدينية والقومية التي استنزفتها على مدى ألف عام، وهو ما دعا المسلمين في النمسا في وقت سابق إلى المطالبة بعدم التعامل مع الإسلام وكأنه يمثل مشكلة في النمسا "أنه ينبغي عدم التعامل مع الإسلام وكأنه مشكلة بالنسبة للقضايا والمسائل الامنية"، وطالب المسلمون، وغالبيتهم من أصول تركية وعربية وبوسنية وألبانية، ومسلمون ولدوا في النمسا، بـ"ضرورة التحلي بتعاليم العقيدة الإسلامية التي تقوم على أساس الانفتاح والاعتدال والوسطية والتعايش الحضاري والثقافي والعرقي والاستعداد للاندماج بالمجتمع النمساوي واحترام عاداته وتقاليده وثقافته. وطالبوا بـ"التركيز على اختيار التعبيرات والمصطلحات التي لا تثير الحساسيات أو المشاعرالدينية، وإلا فإن انعكاساتها السلبية ستظهر يومياً في إطار حملة الكراهية والتمييز العنصري"، وأوضحت الجمعيات والمنظمات والروابط الإسلامية النمساوية في بيان وزعوه على وسائل الاعلام "أن اعتبار من يؤدي شعائره الدينية من الصوم والصلاة في المسجد وارتداء الزي الإسلامي من مظاهر عدم الاندماج في المجتمع النمساوي هو أمر يبعث على القلق والدهشة ". كما أكد البيان "إن الاندماج في المجتمع يعني التواصل الحضاري والتنوع الثقافي والعرقي والتعايش المشترك والاحترام المتبادل بين الناس مع الحفاظ على الهوية والخصائص، وعدم الخلط بين الاندماج والذوبان في المجتمع، وتكريس شعور المسلمين النمساويين بأنهم مواطنون متساوون مع بقية أبناء المجتمع النمساوية في الحقوق والواجبات أمام القانون".<BR>وجاء اجتماع الهيئات والجمعيات والروابط الإسلامية بعد أيام قليلة على دراسة الأكاديمية الأمنية التي أعلنت عنها وزارة الخارجية النمساوية مع بدء اجتماع نظمته الحكومة النمساوية في 19 مايو الماضي للحوار بين الثقافات وممثلين عن معتنقي اليهودية والمسيحية والإسلام،والتي أكدت فيها أن حوالي 45 % من المسلمين من أبناء الجيلين الثاني والثالث، وخصوصاً المتمسكين منهم بممارسة التعاليم والفرائض التي يفرضها الإسلام كالصوم والصلاة ليس لديهم رغبة حقيقية للاندماج في المجتمع النمساوي.<BR>وقد أثارت تلك الدراسة موجة من ردود الفعل الغاضبة في أوساط الجالية الإسلامية في النمسا، ولاسيما وأنه جاءت في الوقت الذي تصاعدت فيه الحملة ضد الإسلام وكراهية المسلمين والأجانب في وسائل الإعلام والأحزاب النمساوية المعروفة بميولها اليمينية المتشددة، وقد انتقدت دراسة جديدة أعدتها كلية العلوم الإنسانية في جامعة فيينا مضمون دراسة الأكاديمية الأمنية، وشككت بالمصادر التي استندت إليها وزارة الداخلية وبالأرقام التي حددتها وهي أن 45 % من المسلمين ليس لديهم رغبة حقيقية للاندماج في المجتمع النمساوي. وأكدت جامعة فيينا أن 80 % من أبناء الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين لديه استعداد حقيقي للاندماج في المجتمع النمساوي، في حين أن 7 % من المسلمين فقط يجدون صعوبة في التأقلم مع عادات وأطعمة النمساويين<BR><font color="#ff0000">نماذج من الإسلاموفويبا: </font><BR> ومع ذلك لم يتوان مسؤول بحزب الأحرار اليميني النمساوي المتطرف عن التحذير من خطر ما وصفه " الارتفاع الهائل بعدد الأجانب في النمسا خلال العقود الثلاثة المقبلة". وأعرب عضو مجلس الحزب هيربرت فوناخ عن اعتقاده بأن معدل الرعايا الأجانب في النمسا بشكل عام سيرتفع بمعدل 35% في العام 2030، وبمعدل 57% في العاصمة فيينا بشكل خاص. وتوقع فوناخ في دراسة إحصائية واستطلاعية وزعت على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، أن يصل عدد المهاجرين الأجانب إلى النمسا من الذين سيحصلون على الجنسية النمساوية إلى حوالي 38.000 شخص سنوياً خلال الثلاثين سنة المقبلة، وقد تجاهل فوناخ الإشارة إلى طبيعة الإجراءات والقيود المشدّدة التي اتخذتها الحكومة النمساوية بخصوص منح الجنسية حتى إلى المقيمين في البلاد بطريقة مشروعة، وأبرزها الفوز بامتحان اللغة الألمانية، والرد على 18 سؤالاً حول المعلومات العامة الجغرافية والثقافية عن النمسا، والتي أشار إليها عدد من المراقبين مؤخراً بأنه لو خاض مثل هذا الامتحان مواطنون نمساويون عاديين لرسبوا فيه.<BR> وقد أدى تطبيق مثل هذه الإجراءات إلى انخفاض بعدد الأجانب الذين حصلوا على الجنسية النمساوية خلال السنوات القليلة الماضية إلى الحد الأدنى، والذي لم يتجاوز نصف الرقم الافتراضي، كما توقع هيربرت فوناخ حصول ارتفاع كبير بمعدل إنجاب المواليد من النساء اللواتي لا يتحدرن من أصول نمساوية، وأشار إلى أنه "اعتباراً من أول يناير 2000 وصاعداً عكف على تصنيف الرعايا الأجانب الذين لا ينحدرون من أصول نمساوية بأنهم أجانب، بغض النظر عما إذا كانوا قد حصلوا على الجنسية النمساوية بطريقة مشروعة أو أصبحوا مواطنين نمساويين بموجب قانون الأحوال الشخصية". ونسبت صحيفة فيينر تزايتونج إلى فوناخ، في معرض رده عما إذا كانت دراسته المعنوّنة "المتغيرات في التكوين السكاني والعرقي للنمساويين خلال العقول المقبلة " تشكل تعبيراً عن ظاهرة تكن الكراهية للأجانب "تحمل (الدراسة) في طياتها رسالة تحذر مما قد يحدث في المستقبل المنظور إذا لم تبادر السلطات النمساوية إلى اتخاذ كافة التدابير الاحترازية، بشرط الابتعاد عن السياسة النمساوية التي تقوم على أساس وضع الرأس في الرمال ". ورداً على سؤال اعتراضي يؤكد بأن الرعايا الذين حصلوا على الجنسية النمساوية لم يعودوا رعايا أجانب بعد أدائهم القسم الوطني، قال فوناخ "حتى ولو أعطينا جميع الأجانب الجنسية النمساوية، فإن مشاكل الأجانب لن تختفي"، وخلص إلى القول "بالنسبة لي، المشكلة تكمن في ما إذا كان أحفادي سيكونون هم الأغلبية أم الأقلية في المستقبل، وهنا تكمن الخطورة، وأنا لا أريد أن يصبح النمساويين الأقلية في بلدهم الأصلي".<BR>وعلى نفس المنوال ،حذر زعيم حزب الأحرار النمساوي اليميني المتطرف هاينز كريستيان شتراخا من خطورة ما وصفه بـ "الأسلمة" في النمسا، ودعا إلى ضرورة اتخاذ كافة التدابير لمواجهة "هذا التحدي" على حدّ تعبيره. وأعرب شتراخا في بيان صحافي وزعه في وقت سابق من هذا العام على وسائل الإعلام المحلية والدولية في إطار حملة جديدة وشرسة ضد المسلمين والأجانب، عن اعتقاده بأنه "ينبغي أن تبادر السلطات النمساوية المعنية إلى منع النساء المسلمات النمساويات أو غيرهن من ارتداء الحجاب في أماكن الخدمات المدنية ومؤسسات القطاع العام وكذلك في المدارس والجامعات في عموم النمسا". ويواصل هاينز شتراخا الذي يتزعم كتلة حزب الأحرار اليميني المتطرف في البرلمان الاتحادي النمساوي وفي البرلمان المحلي في فيينا، الحملة التي ما زال يشنها ضد الإسلام والمسلمين والمسلمات سواء النمساويين منهم أو أبناء الجاليات العربية والإسلامية الذين يقيمون بطريقة مشروعة في النمسا، وذلك منذ انتخابه رئيساً لحزب الأحرار عام 2004، ويرى أن "لجوء السلطات النمساوية إلى منع ارتداء الحجاب الإسلامي يشكل خطوة مهمة لحماية ما وصفه بالثقافة النمساوية من ناحية، ومساهمة عملية لتحرير الفتيات اللواتي يُجبرن على ممارسة ثقافية وتقاليد وعقيدة أهاليهم ومن بينها ارتداء الحجاب الإسلامي" من ناحية أخرى .وكان شتراخا وأعضاء مجلس قيادة حزب الأحرار قد نظموا حملة أوروبية خلال ربيع العام الماضي وتركزت حول مناهضة الأجانب، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الأحزاب والمنظمات القومية والتيارات اليمينية المتطرفة. وقد تضمن برنامج الحملة طرح مذكرة على شكل استفتاء لجمع تواقيع المواطنين الأوروبيين المناهضين للإسلام والمسلمين والأجانب. ومن بين الشعارات التي ابتكرتها ماكينة الإسلاموفوبيا، في حزب الأحرار وبقية الأحزاب الأوروبية اليمينية، والتي استخدمتها على نطاق واسع خلال الحملة المناهضة للاجانب صورة لامرأة مسلمة وهي ترتدي حجاب غطى رأسها ووجها بالكامل باستثناء عينيها، وظهر تحتها عبارة "هل هذا هو مستقبلنا؟ النمساويون يقولون: لا ". كما تضمنت الحملة النمساوية الأوروبية المناهضة للأجانب بشكل عام والإسلام والمسلمين بشكل خاص، صورة أخرى تُمثل حزمةً من القش اليابس وهي تحترق (الهشيم)، في مظهر يرمز إلى احتجاج عنيف في مدينة عربية مجهولة الاسم، ضد الحرب الدائرة في العراق، وظهر تحتها عبارة "الراديكاليون المسلمون يشكلون الخطر على حرياتنا وقيمنا الأوروبية " وكانت الحملة الإعلامية التي نظمها حزب الأحرار النمساوي وأنصاره بزعامة هاينز كريستيان شتراخا (35 عاماً) قبل وأثناء الانتخابات المحلية التي جرت في مقاطعة فيينا، قد تركزت بشكل رئيسي على توجه أقذع التهم والانتقادات إلى الإسلام والمسلمين وتركيا والأجانب، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر شعار "الوطن أو عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي" و"لا لأسطنبول جديدة في فيينا".<BR> وجدير بالذكر أن حزب الأحرار قد فاز في تلك الانتخابات بـ 15 مقعداً من أصل 100، وحصل على ما يعادل 15 في المائة من أصوات الناخبين. أما في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي جرت في النمسا العام الماضي فقد فاز حزب الأحرار بـ 21 مقعداً من أصل 183، أي ما يعادل 11 % من أصوات الناخبين، وحل بالمركز الرابع بعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي (68 مقعداً) وحزب الشعب المحافظ (65 مقعداً) وحزب الخضر (21 مقعداً ). <BR><font color="#ff0000">الإعلام وتنامي العنصرية: </font><BR> لقد أدت البيانات والدراسات الاعلانية التي تنشرها وسائل الاعلام للتخويف من الإسلام والمسلمين دفعت اللجان والمنظمات الاوروبية لإرسال صيحات فزع ، فقد حذرت مديرة المرصد الاوروبي لمراقبة العنصرية وكراهية الأجانب في الاتحاد الأوروبي بياتا فينكلر من تصاعد انتشار ظاهرة العداء والكراهية للإسلام والمهاجرين المسلمين في القارة الاوروبية. وقالت فينكلر في تصريح صحفي مقتضب بعد انتهاء الاجتماع الذي استضافته العاصمة النمساوية ، والذي انعقد تحت شعار ،العنصرية والعداء للآخر ودور الاعلام، أن المرصد الأوروبي أصدر تقريره الأول في يونيو الماضي حول انتشار ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين في أوروبا. وكان المشاركون في اجتماع فيينا، وبينهم مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي بينيتا فيرارو فالدنر، وممثلون عن دول تقع في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ترتبط بعلاقات شراكة اقتصادية مع الاتحاد الأوروبي، ولا تكف بعضها عن التحريض ضد مواطنيها في الخارج، بينها مصر وسورية ولبنان وتونس والمغرب والجزائر وليبيا، وقد ناقشوا العديد من المسائل والقضايا ذات الاهتمام المشترك والتي اندرج معظمها حول واقع ومستقبل المهاجرين في أوروبا، والسبل الكفيلة لتعزيز التصدي لنقلهم عبر قوارب الموت بطريقة غير مشروعة، ودعم الحوار بين مختلف الثقافات والأديان. واعربت فينكلر عن قلقها البالغ إزاء ارتفاع معدل مناهضة الإسلام والمسلمين على خلفية العنف والإرهاب، وكراهية الأجانب في عدد من الدول الأوروبية خلال السنوات القليلة الماضية. وطالبت وسائل الاعلام الأوروبية بضرورة التحلي بقدر أكبر من المسؤولية والحياد المهني عندما تتناول قضايا سياسية وفكرية أو دينية أو عرقية أو ثقافية حساسة من شأنها أن تؤذي مشاعر الآخرين. وذلك في إشارة الى ما أثارته الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم من موجة غضب عارمة في العالم الاسلامي . <BR><font color="#ff0000">أفعال وردود أفعال مختلفة: </font><BR> من الحراك الجدير بالاحترام ولكنه غير كاف ما قامت به الحكومة النمساوية يومي الجمعة والسبت 23 و 24 مارس 2007 حيث عقدت بمقر الأكاديمية الدبلوماسية في فيينا وبالتعاون والتنسيق مع مجلس إدارتها مؤتمر "الإسلام في أوربا"، وذلك برعاية من وزارة الخارجية النمساوية، وشارك في المؤتمر نخبة من الوزراء وكبار العلماء والخبراء والأكاديميين والباحثين وأساتذة الجامعات ورؤساء المنظمات والجمعيات الإسلامية في أوروبا بينهم وزيرة الخارجية النمساوية أرسولا بلاسنيك، ورئيس الأكاديمية الدبلوماسية جيري جروتشا، والذين تحدثوا خلال الجلسة الافتتاحية، والشيخ مصطفى سيريتش رئيس العلماء في البوسنة ، والدكتور أنس بن حسن الشقفة رئيس الهيئة الدينية الإسلامية الرسمية في النمسا. <BR>وفي يوم الجمعة 7 إبريل الماضي عقد مؤتمر الأئمة والدعاة المسلمين في أوروبا أعمال دورته، في مبنى مقر الحكومة المحلية في العاصمة النمساوية فيينا، بحضور أكثر من 120 شخصية إسلامية وأوروبية، وناقش المشاركون في المؤتمر، وهم نخبة من كبار العلماء والمفكرين والشخصيات من العالم الإسلامي وأوروبا، وعلى مدى ثلاثة أيام جدول أعمال حافلاً بالقضايا التي تهم المسلمين وأبناء الجاليات الإسلامية في أوروبا بشكل عام وفي النمسا وبقية دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص. وقد بدأت جلسات العمل والمناقشات العامة بمشاركة العديد من العلماء والمفكرين والباحثين والأئمة والدعاة المسلمين الذين قدموا من 40 دولة أوروبية ، من بينهم الإمام عبد الجليل ساجد رئيس مجلس العلماء المسلمين في بريطانيا، والدكتور أكسيل أيوب رئيس المركز الإسلامي المركزي في ألمانيا وعدلي أبو حجر رئيس المجلس الإسلامي والأكاديمي في الدول الاسكندنافية، والشيخ مرصاد محمودوفيتش رئيس مجلس البوسنويين في المهجر، والدكتور أيوب رمضاني ممثل المجلس الإسلامي في كوسوفا، والدكتورة ليا مخموتوفا ممثلة المنظمات والمجالس الإسلامية في الاتحاد الروسي والدول المستقلة حديثاً عن الاتحاد السوفييتي السابق، في حين خصصت فترة ما بعد ظهر السبت لعقد سلسلة من الندوات والحلقات وورش العمل المغلقة لمناقشة سلسلة قضايا معاصرة أبرزها مناهج التعليم، والهجرة، واندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية مع احتفاظهم بهويتهم وخصائصهم الإسلامية، وتفعيل دور المرأة المسلمة والشباب المسلم في المجتمعات الاوروبية، وكان وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمرهم غير الرسمي الذي استضافته النمسا في فبراير الماضي قد أصدروا بياناً مشتركاً أشاروا فيه إلى إنه " يوجد في دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) أكثر من 15 مليون مسلم أي ما يعادل 3.3 في المائة من إجمالي عدد السكان. وتعتبر النمسا أول دولة أوروبية اعترفت بالدين الإسلامي في العام 1912، في حين يبلغ عدد المسلمين في النمسا حوالي 400 ألف نسمة أي ما يعادل 4 في المائة من إجمالي عدد السكان. <BR>وقد اختتم المؤتمر الثاني للأئمة والدعاة والمرشدين والمرشدات المسلمين في أوروبا أعماله، في العاصمة النمساوية فيينا ، باصدار بيان مشترك ًتضمن العديد من التوصيات التي تتعلق بواقع ومستقبل الجاليات الإسلامية والمسلمين في أوروبا بشكل عام وفي دول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، والذين يشكلون أكثر من 20 مليون نسمة، مع التركيز على السبل الكفيلة بمعالجة ما يواجهونه من مشاكل وتحديات تتصل بشؤونهم الحياتية والدينية والاجتماعية، وفي طليعتها الاندماج في المجتمعات الأوروبية بدون الذوبان أو التخلي هويتهم الإسلامية وخصائصهم الثقافية.<BR>وتلا البيان الختامي، الذي تبناه أكثر من 130 إماماً وداعية مسلم بتوافق الآراء في ختام مؤتمرهم الذي استغرق ثلاثة أيام، والذي نظمته ورعته الهيئة الإسلامية الرسمية بالتعاون والتنسيق مع الحكومة النمساوية . وأكد البيان على أن "الإسلام يدعو إلى المحبة والتسامح والتعايش المشترك بين معتنقي مختلف الأديان، ويقرّ بحقوق الإنسان وكرامته، ويتلاءم مع المبادئ الديمقراطية ويدعم سيادة القانون والتعددية". كما كرر مؤتمر الأئمة والدعاة المسلمين في أوروبا تأييده لكل ما جاء في البيان الختامي لمؤتمرين الأول والثاني للأئمة والدعاة المسلمين في النمسا والمنعقدين في جراتس سنة 2003 م، وفيينا 2005، من توصيات ولاسيما "الدعوة إلى عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب" والذي "يتكرر بشكل دائم في وسائل الإعلام الغربية عند الحديث عن الإسلام، الأمر الذي ولّد انطباعاً خطيراً فحواه أن الإرهاب وعدم التسامح هو جزء من الإسلام، وإن كل مسلم يشكل خطراً محتملاً على الآخرين". ووصف البيان الختامي لمؤتمر فيينا مثل هذه الانطباعات بأنها "خاطئة ومشوّهة تندرج في إطار حملة الافتراء والتجني وتشوية الصورة النمطية للإسلام والمسلمين لغايات معروفة". وحدّد البيان الختامي، المؤلف من عشر صفحات باللغة الألمانية، موقف الأئمة والدعاة المسلمين الذين مثلوا المئات من الهيئات والجمعيات والروابط والمراكز الإسلامية في العواصم والمدن الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، تجاه سلسلة قضايا ومسائل معاصرة تهم المسلمين والجاليات الإسلامية في حوالي 40 دولة أوروبية تركزت حول محاور رئيسية هي، الاندماج الاجتماعي للمسلمين في المجتمعات الإسلامية وما يواجهونه من تحديات؛ وشؤون التربية والتعليم، وممارسة دورهم في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ ودور المرأة المسلمة، والشباب المسلم من أبناء الجيلين الثاني والثالث، ومساهمة المسلمين في حماية البيئة ومكافحة التلوّث والمخاطر الكيماوية والبيولوجية،ومفهوم الحريات العامة لدى المسلمين في أوروبا وخصوصاً ما يتعلق بحرية التعبير والرأي والمعتقدات الدينية. وفي هذا السياق، دعا البيان الختامي للأئمة والدعاة كافة المسلمين وأبناء الجاليات الإسلامية في أوروبا إلى الاندماج في المجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها، على "أن يقوم ذلك على التوازن بين الحفاظ على هويتهم الدينية ومراعاة الحقوق والواجبات للمواطنة، والانفتاح على مختلف شرائح المجتمع". وأكد البيان أن "أي اندماج لا يعترف بحق المسلمين في الحفاظ على هويتهم الدينية وخصائصهم الثقافية، وبحرية ممارسة واجباتهم الدينية لا يخدم في واقع الأمر وبأي حال من الأحوال مصالحهم الشخصية ومصلحة المجتمعات الأوروبية التي يعيشون فيها". وشدَد مؤتمر الأئمة والدعاة المسلمين "تأكيد احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية"، وأشار إلى أن "الوجود الإسلامي في المجتمعات الأوروبية يعتبر عنصراً مهماً لتحقيق التعايش الحضاري والثقافي والعرقي المتنوّع، ولاسيما في ظل توفر أجواء المحبة والألفة والتسامح والانفتاح والحوار الهادئ والبناء الذي يدعو إليه الإسلام، وبما يشكل دعامة رئيسية لتعزيز الأمن والاستقرار والسلم العالمي، مع الأخذ في الاعتبار أن الدين الإسلامي وبمبادئه الإنسانية يؤمن بالتقارب بين الأمم والشعوب لما فيه مصلحة البشرية جمعاء". وأعرب البيان الختامي عن اعتقاد الأئمة والدعاة المسلمين القوي بأن "تعاليم العقيدة الإسلامية تحترم حقوق الإنسان وكرامته، وتحثّ على إقرار العدالة والمساواة بين البشر، وتدعو إلى مناهضة التمييز العرقي". وفي هذا السياق، طالب المؤتمر حكومات الدول الأوروبية بعدم اللجوء إلى سن تشريعات أو قوانين مشدّدة تندرج في اطار التضييق على حرية أبناء الجاليات والأقليات الإسلامية لمنعهم من العمل أو ممارسة واجباتهم الدينية. وأشار إلى أن "الإسلام ينظر إلى الحرية نظرة متوازنة تنبثق من أهمية صون القيّم الإنسانية والأخلاق واحترام معتقدات الآخرين وعدم الإساءة إلى مشاعرهم الدينية". هذا وقد أجمع عدد كبير من المشاركين في مؤتمر الأئمة والدعاة المسلمين في أوروبا وكبار المسؤولين في الهيئة الإسلامية وفي طليعتهم رئيسها الدكتور أنس الشقفة، والأستاذ مضر خوجة مستشار رئيس الهيئة، والمهندس عمر الراوي عضو مجلس إدارة الهيئة وعضو مجلس البرلمان المحلي لمدينة فيينا على الإشادة بنتائج المؤتمر، وأعربوا عن اعتقادهم بأنه كان "ناجحاً للغاية"، وسيشكل نقلة نوعية في تاريخ العمل الإسلامي المشترك في المجتمعات الأوروبية، ولاسيما بعدما اعترف عدد من كبار المسؤولين النمساويين وفي طليعتهم المستشار النمساوية فولفجانج شوسيل الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، ورئيس البرلمان النمساوي الاتحادي أندرياس كول، ووزرة الخارجية النمساوية أرسولا بلاسنيك بأن الإسلام أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لأوروبا.<BR><font color="#ff0000">الحملة لم تتوقف : </font> ومع ذلك تواصل وسائل الإعلام النمساوية الرسمية والخاصة حملة واسعة لدعم خلفية الدراسة ( الأكاديمية ) التي أعدها خبراء في الشؤون الأمنية والأمن القومي والاجتماعي بدعم من الأجهزة المعنية في وزارة الداخلية النمساوية بشأن اندماج المسلمين المقيمين في النمسا من مختلف الجنسيات. وأشار المراقبون أن هذه الحملة التي تساهم بها صحف يومية ومجلات أسبوعية والمدعومة من الأحزاب والتنظيمات السياسية المحافظة واليمينية، تحفل للأسبوع الثالث على التوالي بالعديد من التحليلات والتحقيقات والمقابلات التي تركز على النواحي السلبية التي تؤكد مضمون الدراسة الأكاديمية التي أعلنتها وزرة الداخلية النمساوية. كما نشرت الصحف النمساوية نتائج استطلاع أجراه المركز النمساوي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية جاء فيه أن 40 % من النمساويين لا يحبذون الدين الإسلامي، كما أكد الاستطلاع بأن ما بين 4 و 10 % من النمساويين يشككون بمسألة اندماج المسلمين في مجتمعهم، في حين أعرب حوالي 23 % من النمساويين الذين شاركوا في هذا الاستطلاع بتأكيد احترامهم للدين الإسلامي، بينما عبّر 37 % عن مواقف حيادية، وحوالي 16 % أبدوا مواقف متطرفة ومعادية للإسلام والمسلمين.وكانت وزيرة الداخلية النمساوية أكدت لدى افتتاحها لمؤتمر الحوار بين الثقافات والأديان أكدت بأنها عندما تطالب الأجانب بشكل عام والمسلمين بشكل خاص بالاندماج في المجتمع النمساوي فهي لاتعني أنها تطلب منهم الذوبان أو التخلي عن هويتهم الثقافية أو عقيدتهم الدينية. وشددت على القول "الاندماج في المفهوم النمساوي هو أن يساهم الطرفان في إثراء بعضهما البعض والعمل معاً من أجل التنمية والتقدم والازدهار".و كان حكمت كايهان رئيس منظمة (Zara) المناهضة للتمييز العنصري وكراهية الأجانب، وهو نمساوي من أصل تركي، قد اتهم وزيرة الداخلية النمساوية السابقة بأنها أعادت الجهود المبذولة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري "سنوات عديدة إلى الوراء"، وذلك على خلفية إعلان البنود الأساسية في الدراسة التي أعدتها الأكاديمية الأمنية النمساوية حول العقبات التي تواجه اندماج المسلمين في المجتمع النمساوي .وقد أثارت هذه الدراسة موجة من الانتقادات الشديدة بين أبناء الجالية الإسلامية وكذلك في أوساط الأحزاب و التنظيمات السياسية المعارضة و خصوصا الحزب الاشتراكي الذي يحتل المركز الثاني في عدد المقاعد في البرلمان الاتحادي . ولقيت الدراسة ترحيبا من قبل الإتلاف الحاكم المؤلف من حزب الشعب المحافظ وحزب التحالف من أجل مستقبل النمسا وحزب الأحرار اليميني المتطرف .ففي حديث أدلى به إلى صحيفة ،در ستندارد، النمساوية ، ووزعت وكالة الأنباء النمساوية مقتطفات منه قال حكمت كاياهان "إن حزب الشعب أكد مراراً وتكراراً إدانته للعنصرية وكافة الأحكام المسبقة ذات الصلة بهذه المسألة، في حين أن وزيرة الداخلية قد أعادت الجهود المبذولة لمناهضة العنصرية سنوات طويلة إلى الوراء". وأشار كاياهان المقيم في فيينا منذ أكثر من 15 عاماً إلى أن المسلمين أصبحوا يدركون بأنهم باتوا يواجهون مشاكل كبيرة في إيجاد وظائف مناسبة أو فرص عمل وتدريب، ولاسيما بعد ظهور إعلانات مشروطة بالوظائف مثل " للنمساويين فقط " أو " ليس للأجانب "، على الرغم من أن مثل هذه الشروط غير قانونية وغير إنسانية. وأضاف حكمت كايهان "أي فتاة مسلمة ترتدي الحجاب ليس لديها أي حق للحصول على فرصة تدريب للعمل كموظفة في شركة أو عاملة عادية حتى ولو كان لديها أفضل المؤهلات، حيث لا يبقى أمامها سوى فرصة وحيدة هي اللجوء للقطاع الاقتصادي أو العمل كبائعة في متجر تركي" . <BR>ويرى المراقبون أن الإعلانات العنصرية الملغمة و الصادرة في شكل دراسات وبحوث وإحصائيات وعمليات استقراء، أوقعت البعض من المسلمين في نوع من الاحتفالية الفارغة ، وهو ما زاد من وتيرة العنصرية ومعاداة المسلمين في أوربا. ويحذر المراقبون المسلمين قبل غيرهم من منادمة ومعاقرة تلك التقارير والإحصائيات بشكل يهدد وجودهم بدل أن يثبته في أوربا. <BR><BR>ـــــــــــــــــ<BR>* كاتب عربي مقيم في سراييفو<BR><br>