أليف الدين الترابي (الأمين العام لهيئة الإغاثة لمسلمي كشمير): الجهاد الكشميري مستمر حتى التحرير
6 ربيع الأول 1425

<font color="#800000"> حوار: أحمد أبو زيد </font> </br> </br> أكد البروفيسور أليف الدين الترابي (الأمين العام لهيئة الإغاثة لمسلمي كشمير) في حوار معنا أن قضية كشمير قضية إسلامية تهم العالم الإسلامي بأسره ولا تخص مسلمي كشمير وحدهم، كما أنها ليست نزاعاً داخلياً هندياً كما تدعي الهند. <BR>وقال: إن إقليم كشمير سكانه 13 مليون نسمة، نسبة المسلمين فيهم 85 %، وكان المفروض أن تنضم كشمير إلى باكستان وفقاً لقرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا لعام 1947م، والذي ينص على انضمام المناطق والولايات ذات الأغلبية المسلمة إلى باكستان، ولكن الهند قامت باحتلال منطقة جامو وكشمير بالقوة عام 1947م مخالفة بذلك قرار التقسيم الصادر من الأمم المتحدة. <BR> وأشار إلى أن المسلمين في ولاية جامو يتعرضون لأبشع أنواع العذاب والاضطهاد من قبل سلطات الاحتلال الهندية، منذ بداية الحركة الجهادية الكشميرية عام 1990م، حتى وصل عدد الشهداء المدنيين المسلمين أكثر من 65 ألف شهيد، ووصل عدد الجرحى إلى 80 ألف شخص، ودمروا 86 مسجداً، وهذا نص الحوار: <BR> <BR><font color="#FF0000"> ما الجذور التاريخية لقضية الشعب الكشميري المسلم؟ </font><BR> تعود قضية كشمير إلى عام 1947م عندما قسمت بريطانيا شبه القارة الباكستانية الهندية بين المسلمين والهنود، على أساس غالبية السكان الدينية، ورغم أن كشمير غالبية سكانها مسلمين إلا أنها حرمت من الانضمام إلى باكستان أو الحصول على حق تقرير المصير، ومن هنا ظهرت قضية كشمير، وبقيت تحت الاحتلال الهندي حتى اليوم، دون إيجاد حل عادل لها، رغم قرار الأمم المتحدة الذي أعطى شعبها حق تقرير المصير. <BR> وتبلغ مساحة كشمير الكلية 86023 ميلاً مربعاً، منها 53665 ميلاً مربعاً تحت الاحتلال، وهي من أجمل المناطق في شبه قارة جنوب آسيا، ومشهورة بخصوبة أراضيها. <BR> وحسب الإحصاءات الهندية عام 1981م فإن إجمالي سكان كشمير المحتلة هو 5.987.389 نسمة، ونسبة السكان المسلمين 64 %، والهندوس 32.25 %، والسيخ 2 %، والباقي بوذيين ومسيحيين وأقليات أخرى، ولكن هذا التقسيم مغلوط إلى حد كبير حيث تبلغ نسبة المسلمين 85% من سكان الولاية.<BR> وكشمير تحتل موقعاً استراتيجياً هاماً، حيث تحدها الباكستان وأفغانستان والصين والهند.<BR><BR><font color="#FF0000"> ما موقف المجتمع الدولي من قضية كشمير؟ </font><BR> الهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة اهتمت بالقضية الكشميرية منذ بدايتها، وأصدرت العديد من القرارات الدولية التي جاءت كلها في صالح المسلمين والحق الإسلامي، وأهمها قرار الأمم المتحدة الذي أعطى شعب كشمير حق تقرير المصير، وإجراء استفتاء حر في الولاية لتحقيق هذا الغرض، ولكن الهند وعلى مدى نصف قرن تماطل وتراوغ في تنفيذ هذه القرارات الدولية.<BR>وقد أولى المجتمع الدولي وقادته اهتماماً ملحوظاً للقضية الكشميرية بعد الأحداث كارجيل، وأدركوا بما لا يدع مجالاً للشك أن الوضع قابل للانفجار في أي لحظة، وإنه لا بد من حل للقضية بالطرق السلمية، حيث إن الحل العسكري واحتفاظ الهند بـ800 ألف جندي بكشمير لن يوصل إلى حل جذري، والشاهد على ذلك استمرار المقاومة الكشميرية منذ أكثر من نصف قرن وحتى الآن، وأن رغبة الشعب الكشميري للوصول إلى هدفه لم تقتلع أو تستأصل، واستشهد في سبيل ذلك 70 ألف كشميري، وأصيب أكثر من 80 ألف بعاهات مستديمة. <BR>ومن المعروف أن 44 % من تعداد الجيش الهندي تتمركز في جامو وكشمير، وقد كلف ذلك الحكومة الهندية كثيراً من الأزمات المادية والآثار المعنوية على مدى 13 سنة منذ اندلاع شرارة المقاومة الإسلامية.<BR><BR><font color="#FF0000"> الهند تمارس انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في كشمير، فما هي الصور المختلفة لهذه الانتهاكات؟ </font><BR> هناك عشرات الأدلة والصور على الانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب الكشميري ليل نهار، طوال الخمسين عاماً الماضية أو يزيد من احتلال الهند لأرضه وشعبه، ومنها عمليات القتل العشوائي المتزايد التي راح ضحيتها العديد من الشباب الكشميري على يد الجيش الهندي، والمداهمات التي يتعرض لها المواطنون الكشميريون وبيوتهم، دون سبب وفي أي وقت من الأوقات والضرب والتعذيب الذي يلحق بهم خلال هذه العمليات، مصحوباً بفرض السلطات الأمنية الهندية حظر التجول في المدن والقرى الكشميرية، والمضايقات الجنسية التي تتعرض لها النساء في إقليم كشمير.<BR>والحكومة الهندية تعمل للتغطية على الانتهاكات الكبيرة التي تقوم بها قوات الاحتلال الهندي في إقليم كشمير، ويجب على منظمات حقوق الإنسان العالمية إظهار تأييدها للشعب الكشميري، وإدانة موقف الحكومة الهندية التي تمنع قادة ومسؤولي مؤتمر الحرية من حضور مؤتمرات حقوق الإنسان، خوفاً من قيامهم بفضح الجرائم التي ترتكبها بحق أبناء الشعب الكشميري، ولكي لا يلقوا الضوء على العمليات اللا إنسانية التي تمارس في الولاية المسلمة.<BR><BR><font color="#FF0000"> لاشك أن حل القضية الكشميرية سيحقق الاستقرار لشعوب شبه قارة جنوب آسيا، وهو ما تفقده منذ أكثر من خمسين عاماً، فما رأيكم؟ </font><BR> هذا هو ما يطالب به تحالف الأحزاب الكشميرية في جامو وكشمير، حيث نناشد المجتمع الدولي التدخل لوضع حد لما يجري على هذه الساحة، وإحلال الاستقرار والسلام بحل القضية الكشميرية التي مر عليها أكثر من نصف قرن من الزمان، ولاشك أن حل هذه القضية يسهم في تحقيق الأمن والسلام ليس في شبه القارة الهندية فحسب، بل في منطقة جنوب آسيا كلها. <BR> كما أنه يجنب الدولتين الباكستانية والهندية من احتمال وقوع صدام نووي، تكون عواقبه وخيمة على المنطقة بأسرها. <BR>ويجب أن نعلم أن الساحة في جامو وكشمير المحتلة مشحونة بالمشاكل والصعاب التي تتولد عنها ردود أفعال كثيرة كان من بينها خروج المظاهرات، حيث عبًر المشاركون فيها عن احتجاجهم واستنكارهم لعدم الاستقرار وانعدام الأمن، ومداهمة البيوت والاعتقالات والعنف، مما زاد الموقف تأزماً. <BR><BR><font color="#FF0000"> ازدواجية المعايير الدولية والكيل بمكيالين تجاه قضايا العالم صارت سياسة واضحة للمجتمع الدولي اليوم، والذي يفرق بين المسلمين وغير المسلمين، فما رأيكم في ذلك؟ </font><BR> هذه حقيقة واقعة فلم يعد بالإمكان التغاضي عن الظلم الدولي الذي يُمارس بحق المسلمين في كل مكان، فازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين قصة قديمة جديدة مورست على الشعوب الإسلامية في قضية فلسطين، وكشمير، والآن قضية الشيشان، وهي تنطلق بفظاعة هذه الممارسات والسياسات التي فُصّلت على المقاس.<BR>ونحن نزداد قناعة مع كل يوم جديد بازدواجية المعايير الدولية والكيل بمكيالين تجاه قضايا العالم، فحيث وجدت مصلحة الدول العظمى ـ لاسيما الولايات المتحدة ـ فثمّ اهتمام ورعاية ومواقف حازمة، وحيث غابت المصلحة فلا اهتمام ولا رعاية ولا مواقف، وأقرب دليل على ذلك ما يحدث هذه الأيام على الساحة الشيشانية التي تتعرض منذ عدة سنوات لعدوان سافر، وقصف وحشي متواصل من قِبَل روسيا يقتل الآلاف، ويشرد مئات الألوف، ويخلق واقعاً إنسانياً مزرياً في هذه الجمهورية الإسلامية الوليدة بحجة ضرب الإرهاب والإرهابيين!! في حين لا تحرك أمريكا والدول العظمى ومنظمة الأمم المتحدة ساكناً لوقف الهجمة الروسية عند حدها وإنقاذ شعب تمارس ضده عملية إبادة منظمة.<BR>فالقوات الروسية وريثة الاتحاد السوفييتي السابق تمطر المدنيين الشيشان بقصف جوي متواصل لا يفرق بين طفل رضيع، أو شيخ ضعيف، أو امرأة واهنة.. الكل عنده سواسية، كل ذلك يحدث على مسمع ومرأى المجتمع الدولي بأسره، غير أن هذا المجتمع المزيف يكتفي بتوجيه الشجب والتنديد وتقديم المواساة والتعزية، دون أن يتخذ موقفاً جاداً لوقف الاعتداء الروسي السافر ضد سيادة وحرية ووجود شعب حر مسلم ليس له من ذنب غير أنه طالب بحقه في الوجود، وأنفذ عزيمته في التحرر والاستقلال.<BR>فآلاف الأشخاص لقوا حتفهم، وتم تدمير كامل للبنية التحتية في طول البلاد وعرضها، وتشريد مئات الآلاف من المدنيين، وكل ذلك لم يدفع الرئيس الأمريكي بوش لاتخاذ خطوة واحدة إزاء هذه المأساة الإنسانية البشعة، واضطرته لشجب الاعتداءات الروسية واستنكارها على استحياء لذر الرماد في العيون، وإيهام الآخرين بالغيرة الأمريكية إزاء قضايا حقوق الإنسان المنتهكة هنا وهناك، وهو ما تكشف زيفه حقيقة الأمر الواقع الذي يفضح التجاهل الأمريكي على الملأ، ويشي بنوع من التواطؤ بين روسيا وأمريكا لضرب الشعب الشيشاني المسلم، وإلا فماذا يعني استمرار تقديم الدعم المالي والاقتصادي السخي لروسيا التي تئن تحت وطأة الفقر والأزمات الخانقة في الوقت نفسه الذي تستخدم فيه أموالاً طائلة للإنفاق على العمليات العسكرية؟!<BR>فروسيا لا تملك من الأموال والموارد ما يمكنها من القيام بمثل تلك العمليات لو توقف عنها الدعم الأمريكي ودعم المنظمات الدولية التي تتحكم في مقاليدها الولايات المتحدة، ألا يدلنا ذلك على تواطؤ دولي يستهدف إبادة الشعب الشيشاني أو على الأقل إنهاكه إلى الأبد كي لا تتجرأ الجمهوريات الإسلامية الأخرى على المطالبة بالاستقلال؟<BR>وهنا يحق لنا أن نتساءل: أين الحمية والنخوة الأمريكية التي هبت من أجل منح شعب تيمور الشرقية استقلاله عبر استفتاء شعبي لقي جدلاً واسعاً؟ ولكن الحقيقة التي لا ينكرها إلا جاحد ولا يجادل فيها إلا متعجرف أن تيمور "نصرانية" بينما الشيشان "مسلمة"، لذا فإن الوضع يختلف والأمر متباين.. ومن هنا فإن حقيقة ازدواجية المعايير وقانون الانتقاء لم تعد خافية على أحد، ولا يستطيع الإنسان أن يحجب ضوء الشمس بغربال.<BR>ولكننا تعودنا من المجتمع الدولي ألا يحرك ساكناً إلا في اللحظة الضائعة بعد أن يفوت الفوت، ويحل الموت على الجميع، وحينها سيبدي المجتمع الدولي أسفه وحزنه، ويظهر استبساله وغيرته على حقوق الإنسان بعد أن نهشها الدب الروسي الجديد، ويالها من بسالة وغيرة!<BR><BR><font color="#FF0000"> وما واجب العالم الإسلامي تجاه ما يحدث في الشيشان وكشمير وغيرها من البلاد الإسلامية؟ </font><BR> إن ما يدمي القلب ويحرق الفؤاد نكوص المسلمين عن أداء واجبهم تجاه إخوانهم في الشيشان وكشمير، واشتراك العالم الإسلامي بصمت مطبق مع العالم الغربي إزاء العدوان الروسي الأثيم والعدوان الهندوسي البغيض، والاكتفاء بتوجيه رسائل التنديد والشجب، ونداءات المناشدة والرجاء.. وإزاء ذلك فإننا ننبه إلى ضرورة قيام تحرك إسلامي موحد لوقف العدوان تجاه الشيشان وكشمير، واتخاذ خطوات جادة واستراتيجية موحدة تمنع تكرار مثل هذه الممارسات ضد أي بلد إسلامي في المستقبل، فعدد المسلمين الآن على وجه الأرض يزيد على المليار مسلم، وعدد الدول الإسلامية 55 دولة تقريباً، ورغم ذلك فإن الجميع يتجرأ علينا، ولم يكن لروسيا أن تقوم بمثل هذا العدوان وكذا الهند لو كان للمسلمين كلمة مسموعة.<BR><br>