خالد مشعل: علينا أن نتوحد سلطة ومقاومة للرد على جرائم العدو
13 ربيع الأول 1425

<font color="#800000"> خاص بالمسلم - دمشق </font> </br> </br> <font color="#0000FF"> حول التطورات على الساحة الفلسطينية بعد الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أجرى مراسل موقع "المسلم" في دمشق، حواراً مع الأستاذ خالد مشعل (زعيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ورئيس المكتب السياسي للحركة سابقاً).</font> </br> </br> <font color="#FF0000"> ما رسالتك لأبناء شعبك الفلسطيني بعد اغتيال الشهيد الرنتيسي؟ </font> </br> رسالتي إلى شعبنا العزيز الصابر الصامد في كل فلسطين بعد هذه الجرائم المتلاحقة من شارون التي استهدفت الشيخ الشهيد أحمد ياسين والشيخ المجاهد عبد العزيز الرنتيسي وما سبقها من جرائم.. ألا يتسلل إلى قلبهم الوهن أبداً فنحن ورغم فارق الإمكانات بيننا وبين عدونا، ورغم ميزان القوى المختل لغير صالحنا إلا أننا _إن شاء الله_ أصحاب قضية عادلة والحق في النهاية ينتصر، وهذه حقيقة ولولاها لما انتصر شعب على محتلين. <BR><BR><font color="#FF0000"> نشر على لسان مسؤولين عسكريين إسرائيليين أنهم لن يتورعوا عن ضرب قيادات "حماس" في دمشق وتحديداً شخصكم كيف ترد على هذا؟ </font> </br> وهل تورعوا قبل ذلك؟ لقد حاولوا ذلك عام 1997م في الأردن وعدم حصول الاغتيال بعد ذلك ليس نتيجة تورع منهم، وإنما نتيجة عدم قدرة، وخلافاً لما كان يصوره الموساد أن ذراعه تصل إلى كل مكان، وأنه قادر على كل شيء، نعم لديهم قدرات كثيرة وخبرة ولكن لديهم سقطات وثغرات في أكثر من محطة كما اكتشف الجيش الصهيوني الذي كان يصور نفسه بأنه الجيش الذي لا يقهر، صحيح أنه تفوق على جيوش عربية _للأسف_ لكن جاء الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية ليقهروا بإمكاناتهم المتواضعة هذا الجيش. <BR><BR><font color="#FF0000"> أثيرت نقطة هامة بعد اغتيال الشيخ الرنتيسي، وهي مسألة العملاء الذين يعملون لصالح أجهزة المخابرات الإسرائيلية ويساعدونها على رصد قادة الحركة، هل باعتقادكم أنه حصل اختراق أمني أدى إلى اغتيال الشهيدين الشيخ ياسين والشيخ الرنتيسي؟ وهل تعتقد أنه بإمكان إسرائيل اختراق "حماس" في سوريا لاستهدافكم شخصياً؟ </font><BR> هناك فرق بين الاختراق وظاهرة العملاء.. ليس في صفوف حركة "حماس" أي اختراق لا في الداخل ولا في الخارج رغم كل محاولات العدو لاختراق صفنا من الأطراف فلا يوجد اختراق، العملاء لا يشكلون ظاهرة اختراق داخل الفصائل أو على الأقل عندنا في "حماس" إنما هو اختراق في المجتمع، هم حفنة من العملاء استشرى خطرها في ظل شعورهم بالأمن من العقوبة؛ لأن الإخوة في السلطة الفلسطينية أخطؤوا عندما منعوا ظاهرة استهداف العملاء منذ عام 1994م بينما قبل ذلك كان هناك استهداف للعملاء، صحيح كان هناك بعض الأخطاء والتجاوزات لكن كان هناك إيجابيات في المقابل لتحجيم هذه الظاهرة ومحاولة حصرها والحد من مخاطرها على الصف الوطني، لكن بعد أن أمنوا العقوبة استشرت ظاهرتهم، وأخذوا يسرحون ويمرحون، وشكلوا خطراً ليس على "حماس" وحدها إنما على كل الفصائل بما في ذلك حركة "فتح"، لذلك آن الأوان لاتخاذ موقف جديد مهم خاصة أن العدو رغم كل التكنولوجيا المتطورة والمتفوقة التي يملكها لكن العين التقنية لا تكفي وحدها، فهم يستعينون بالعين البشرية الرخيصة من هؤلاء العملاء التي تتحرك على الأرض. هم فلسطينيون في ملامحهم وبأسمائهم لكنهم متصهينون بضمائرهم ومهماتهم القذرة.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تعتقد أن الوقت قد حان للعودة إلى سياسة تصفية العملاء؟ </font><BR> نحن بحاجة إلى برنامج شمولي ليس بالضرورة تصفية هؤلاء العملاء، شرط أن تكون وفق قواعد مدروسة ومنهجية ودقيقة، لكن أيضاً بالآليات الأخرى كالاستتابة، ومحاولة التأثير والقضاء على العوامل المساعدة لوجود هذه الحالة التي يستغلها العدو كحالة الفقر وضياع الشباب والبطالة والجهل عند البعض إضافة إلى وسائل الإسقاط، والتي يمارسها العدو وأجهزته الأمنية والنهج الذي اتبع في انتفاضة عام 1987م أثبت فاعليته خاصة أن أعداداً كبيرة تابت وعادت إلى الصف الوطني، أما الذين اعتادوا على الخيانة والعمالة فبالتأكيد لا يستحقون إلا العقوبة.<BR><BR><font color="#FF0000"> هناك من يقول: إن تأخر الرد على اغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين شجع إسرائيل على المضي قدماً في سياسة الاغتيالات، وبالتالي استهداف الشيخ الشهيد الرنتيسي كيف ترد على ذلك؟ </font><BR> هذا جزء من المعالجات التبسيطية للحالة الفلسطينية وصراعنا مع العدو الصهيوني، وهذا التسطيح ليس في مصلحة أحد كما أن البعض يتحدث أن العمليات الاستشهادية لحماس أو لغيرها هي التي تدفع العدو للاغتيال، وهناك من يقول العكس: إن تأخر الرد هو الذي يدفع إلى الاغتيالات، فهذا تسطيح؛ لأن الحقيقة أن شارون لديه برنامج مدروس ليس قائماً على رد الفعل سواء بوجود عمليات فدائية فلسطينية أو بغيابها أو تأخرها، هو يريد القضاء على المقاومة الفلسطينية وأن يضعف حركة "حماس"، والعدو تحدث عن تنظيف غزة قبل الانسحاب منها. هذا سلوك وبرنامج مدروس ومستمر لا يتوقف عند وجود فعل فلسطيني أو تأخر الفعل. <BR><BR><font color="#FF0000"> وبالتالي هل المطالبة اليوم يجب أن تكون بحل السلطة الفلسطينية واتخاذ منحى المواجهة الشعبية برأيك؟ </font><BR> لسنا نحن الذين حطمنا وأضعفنا السلطة وجعلناها صورة بلا واقع، بل من فعل هذا هم قادة العدو وجيشه وأجهزته الأمنية وباراك وشارون، حتى السلطة اليوم ماذا تفعل، ماذا يعطيها العدو من اعتبار، فالسلطة اليوم غير مسموح لها أن تمارس أي دور وشارون يحملها المسؤولية دائماً، فهذا الواقع يقتضي منا ألا نضحك على أنفسنا، وألا نخدع ذاتنا، نحن لا ندعو إلى تدمير السلطة أو إلى سقوطها، إنما ندعو أن ننطلق من الوضع الراهن إلى الهدف الذي ننشده كفلسطينيين أن نتوحد سلطة ومقاومة وبجميع الفصائل على صعيد واحد لكي نسعى معاً إلى تحقيق حقوقنا المشروعة ونرد على جرائم العدو الذي لم يترك لنا خياراً آخر، خاصة بعد موقف بوش الأخير خلال لقائه مع شارون، وأنا أتساءل هل بقي لنا هامش لسلطة حتى للزعامات العربية، فمن يرى هذه الصورة بمفارقتها الواسعة بين ما يقوله بوش للقادة العرب الذين يحجون إلى واشنطن وبين ما يقوله بوش لشارون، فبوش قضى على كل أسس التسوية حتى بمفهومها الأمريكي، فبعض القادة العرب وفي السلطة الفلسطينية قالوا: إن جريمتي اغتيال الشيخ أحمد ياسين والمجاهد الرنتيسي تهددان عملية السلام، وأنا أقول: إن الجريمتين قضتا على عملية السلام. إذن ينبغي أن نصارح شعبنا وأمتنا، وأن نصدق معهم وطالما لا يوجد أفق للتسوية إذن علينا أن نتوحد وندعو العرب والمسلمين وأحرار العالم أن يقفوا معنا لإنجاز حقوقنا بطريق آخر.. طريق النضال.<BR><BR><font color="#FF0000"> الوزير السابق ياسر عبد ربه أجرى مفاوضات بمعرفة أو مباركة الرئيس عرفات مع يوسي بيلين وتوصلاً إلى "وثيقة جنيف"، وبالتالي قام عرفات بإرسال وزيرين من السلطة الفلسطينية إلى جينف لحفل التوقيع على الوثيقة التي تسقط حق العودة فلماذا نتهم شارون وبوش أنهما أسقطا حق العودة إذا كان عرفات قد ساهم في ذلك؟ </font><BR> السؤال جوهري جداً.. القراءة الدقيقة لسلوكنا الفلسطيني لا يتعارض مع أن نحمل أمريكا المسؤولية حول موقف بوش الأخير الذي لم يلغ حق العودة فقط، وإنما ألغى حدود عام 1967م وأعطى شرعية للمستوطنات وتفهم ووافق على خطة شارون لفك الارتباط واعتبرها تفسيراً وتطبيقاً حقيقياً لخارطة الطريق، وبوش تراجع عن الموقف التقليدي من عملية التسوية، ومع هذا لا مانع أن نبحث عن الأخطاء في جانبنا الفلسطيني، ومن هذا المنطلق رفضنا مبادرة جنيف. ونحن نعلم أن ياسر عبد ربه عندما تصرف لم يتصرف بمفرده ويجوز أن عرفات يعطي مجالاً لكل صاحب مبادرة ويعدها نوعاً من بالون اختبار أو نوعاً من المحاولة إن أتت بشيء فهو قادر على الاستفادة منه وإن لا فهو قادر على التنصل منه. نحن نفهم هذا السلوك في السلطة ومع هذا لا نقره ؛ لأن التفاوض والموافقة على التفاوض هو سلوك يغري عدونا لخفض سقفنا الفلسطيني والمبالغة في هذه المبادرات التي نتسابق فيها على تقديم تنازلات أكثر من باب إقناع الطرف الآخر بمنطقية الطرف الفلسطيني، أو كما يزعم البعض أنه اختراق للجبهة الإسرائيلية الداخلية وكسب أنصار جدد. الشيء الوحيد باعتقادي الذي يجعل العدو يحترم حقوقنا ويعترف بها هو أن يشهد أننا ما زلنا متمسكين بهذه الحقوق. أنا أشبه العقلية الصهيونية في إدارة التفاوض معنا تماماً كالتعامل مع معتقل بالسجن، فالمحقق عندما يرى سجينه قادراً على الانضغاط وقابلاً بتقديم مزيد من الاعترافات فهو بالتالي لا يتوقف عن الضغط ولكن _للأسف_ يتصرفون دائماً وكأنه نوع من الكرم العربي في غير محله فهذا منطق غير وطني مهما كانت دوافعه وغير مقبول وأنزل علينا كوارث، هذه مهزلة وهذا تيار منحرف ينبغي أن يتوقف.<BR><BR><font color="#FF0000"> فيما يتعلق بالسؤال عن حل السلطة الفلسطينية هناك من يقول: إن مشروع أوسلو أثبت فشله، وأنه آن الأوان لأن يعلن الرئيس عرفات أمام العالم أجمع بأن السلطة الفلسطينية انتهت وأن الشعب الفلسطيني ينبغي أن يقف قبالة إسرائيل والإمبريالية المستشرية وجهاً لوجه بدون وسطاء؟ </font><BR> أنا مع ضرورة هذا الوضوح، ونحن تمنينا ذلك على الإخوة في السلطة والأخ أبو عمار تحديداً، خاصة بعد المصير الذي آل إليه وبعد أن أصبح مشطوباً من الطرف الأمريكي والإسرائيلي، وأنا أعتقد أن أبا عمار باستطاعته أن يقدم خطوة تاريخية، عندما يبادر إلى خطوة من هذا النوع، فلا يجوز أن نبقي على غلاف رقيق نسميه تسوية وتحته لا تسوية، ولا يجوز أن يفهم العالم خطأ ويظن أن هناك سلطة وهناك تسوية وأن هناك مسيرة سلام بينما الواقع ليس كذلك.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل القادة الإسرائيليون أمثال شارون وموفاز ويعلون تحت طائل التهديد من قبل "حماس"؟ </font><BR> نعم، نعم بكل صراحة، وهذا حقنا الطبيعي فنحن الضحية المعتدى عليها، من حقنا أن نرد على الجريمة بمثلها، والمعاملة بالمثل قانون إلهي وإنساني وطبيعي ومنطقي هم يعتدون علينا ومن حقنا أن نرد عليهم بمثل ما اعتدوا علينا، ولكن هذا عائد إلى الإمكانات والقدرة، نحن لا نزعم أننا نملك نفس القدرة الصهيونية ولا نريد أن نضحك على أنفسنا وشعوبنا، نحن صريحون لدينا إمكانيات متواضعة لكن نملك إرادة عظيمة _والحمد لله_.<BR><BR><font color="#FF0000"> هل تحدثت مع الشهيد الرنتيسي قبل اغتياله، ومتى كان ذلك، وماذا دار بينكم من حديث؟ </font><BR> _رحمه الله_ اتصل بي قبل استشهاده بثلاثة أيام فاجأني باتصاله وطبعاً الدكتور الشهيد أخ حبيب تجمعني به ليس فقط المسؤولية المشتركة بالقيادة، ولكن الأخوة والمحبة والثقة الكبيرة جداً، وكذلك مع كل إخواني في الداخل والخارج لذلك كنا على تواصل باستمرار مع تقديري لظرفه على الأرض والاتصالات معه كانت تتم بشكل متباعد بسبب ظروفه الأمنية، فهو فاجأني وأكرمني باتصاله، وأدركت بعد استشهاده أنه كان اتصال مودع، والدكتور عبد العزيز على غير ما يظن خصومه وأعداؤه بأنه متشدد، فهو بمنتهى الرقة والإنسانية وشخصية فريدة من نوعها، ولا شك أن رحيله عنا خسارة ليس لحماس وحدها، بل للشعب الفلسطيني وللعرب والمسلمين، وأنا سمعت ورأيت كثيرين ممن يعتزون بشخصيته؛ لأنها نموذج للإنسان الفلسطيني القوي بإرادته، والذي يملك القدرة على المواجهة مهما كان فارق الإمكانات، والشيخ الشهيد أحمد ياسين كان نموذجاًُ كذلك، ونحن نفخر أننا قدمنا نماذج وطنية مناضلة _رحم الله الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وإن شاء الله يعوضنا الله عنه خيراً_ والبركة في كل أبناء شعبنا وقياداته؛ لأن هذا الشعب عظمته بأنه لا يتوقف عن إنجاب الأبطال، وكلما ترجل قائد نهض قائد.<BR><BR><font color="#FF0000"> بدأ البعض يلمح أن الشخصية التي ستخلف الشهيد الرنتيسي هي محمود الزهار، وأنتم امتنعتم عن تسمية القائد، ما ردك على ذلك؟ </font><BR> نحن نعلم أن جميع قيادات الحركة مستهدفة، ولدينا في غزة عدد من رموز الحركة المعروفين ومعروفة أسماؤهم وعناوينهم ومواقعهم القيادية، وبالتالي الجميع مستهدف، ولكن رأينا ضمن رؤيتنا لهذه المرحلة ولضخامة المواجهة وشراسة التحدي ومحاولة شارون لاستئصال واجتثاث الحركة رأينا أنه لا بد من جملة من التحرزات والخطوات الوقائية ومنها كان اختيار قائد للحركة في غزة دون الإعلان عن اسمه، وبالفعل تم التوافق سريعاً على اختيار قائد للحركة في غزة وامتنعوا عن ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، والآن من هي الشخصية ليتكهن من يتكهن،ومن الطبيعي أن تكثر التكهنات وسنترك الناس يتكهنون كما يريدون المهم أن الحركة لها قيادة وعلى قلب رجل واحد في الداخل والخارج، وأثبتت الحركة أنها حركة مؤسسية؛ لأننا نمارس الديمقراطية والشورى الداخلية بأوسع نطاقها، سواء في اختيار القيادة أو في أخذ القرار والمواقف السياسية رغم ظروفنا الصعبة وتشتتنا الجغرافي.<BR><br>