( المسلم ) يحاور الشيخ وجدي غنيم قبيل اعتقاله بأمريكا
8 شوال 1425

<font color="#800000">حاوره من القاهرة: همام عبد المعبود</font><BR><BR>اعتقلت السلطات الأمريكية الداعية المصري الشيخ وجدي غنيم المقيم في ولاية كاليفورنيا من 4 سنوات، يوم الأربعاء 4/11/2004م، بتهمة "خرق قوانين الهجرة"، ونشرت جريدة الأهرام المصرية الخبر يوم الأحد الموافق 6/11/2004م. <BR><BR>ولم يستبعد "محمد وجدي غنيم" نجل الشيخ أن يكون اعتقال والده قد تم بطلب من السلطات المصرية خاصة وأن هناك تعاوناً ملحوظاً بين مصر وأمريكا فيما يتعلق بالأمور الأمنية عامة، وفيما يخص الإسلاميين بشكل خاص.<BR><BR>وفي أول اتصال له بأسرته من معتقله، قال الشيخ وجدي غنيم: "لا داعي للقلق فلن يحدث إلا ما يريده الله _عز وجل_". يشار إلى أن نظام السجن في أمريكا يسمح بمكالمتين يومياً بين السجين وأهله!!<BR><BR>وقد ولد الشيخ وجدي غنيم في محافظة سوهاج بصعيد مصر في 8/2/1951م، وتعلم في مدينة الإسكندرية، وبدأ حياته مغرماً بالموسيقى والحفلات، ثم من الله عليه بالهداية فالتزم وانتظم واستقام حاله، وتعلق قلبه بالقرآن، فحفظه وأجاده، ثم انطلق داعياً إلى الله، فطاف محافظات مصر جميعها، حتى أطلق عليه "كشك إسكندرية" لتشابهه في أسلوب النقد الساخر، مع الداعية الكبير الشيخ عبدالحميد كشك- رحمه الله-.<BR><BR>حصل على بكالوريوس التجارة ثم على إجازة حفص من معهد القراءات الأزهري، ثم على عالية القراءات من معهد القراءات الأزهري، ثم على دبلوم عالي في الدراسات الإسلامية من كلية الدراسات الإسلامية بالقاهرة، والآن يعكف على إعداد رسالة الماجستير من الجامعة الأمريكية المفتوحة بأمريكا.<BR><BR>أحب- الشيخ وجدي- السيرة النبوية، وكان شغوفاً بحياة الصحابة وغزوات الرسول، وعند بلوغه الخامسة والثلاثين قرر أن يتخصص في دراسة السيرة، فقرأ كل ما كتب فيها باللغة العربية وألم بها من كل جوانبها، حتى صار مرجعاً يعتمد عليه، فقد من الله عليه بذاكرة حديدية، فهو يحفظ متونها وأحداثها وشخوصها وتواريخها عن ظهر قلب.<BR><BR>امتاز – الشيخ وجدي - بالفكاهة وروح الدعابة، وخفة الظل، فهو يمتلك قلوب مستمعيه من أول لحظة، ويجيد تبسيط وتوصيل المعلومة، وقد ذاع صيته في مصر والدول العربية، فزار العديد من دول العالم العربي والغربي داعياً إلى الله، وترشح لمجلس الشعب ففاز بالأصوات ولم يحصل على المقعد!!- على حد تعبيره-، ضيق عليه في مصر واعتقل 8 مرات، ومنع من السفر مثلها، فقرر الخروج من مصر منذ 4 سنوات للبحث عن مكان آخر يبلغ فيه دعوة الله، فاستقر به الحال في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية في مجال الدعوة الإسلامية...<BR>وكان مراسل موقع "المسلم" بالقاهرة قد أجرى معه حواراً شاملاً قبيل اعتقاله، ومما جاء في الحوار:<BR><BR><font color="#FF0000">نأتي للسؤال الصعب.. لماذا غادرت مصر؟ ولماذا اخترت أمريكا للاستقرار بها؟</font><BR>أنا غادرت مصر بسبب التضييق الشديد الذي تمارسه السلطات في مصر ضدي، فقد حيل بيني وبين تبليغ دعوة الله، كما أنه تم اعتقالي ثماني مرات، بداية من عام 1981م وحتى عام 1997م، ومنعت من السفر لبعض الدول العربية والأوربية ثماني مرات أيضا، في 5 مرات منهم أنزلوني من على سلم الطائرة، بعدما شحنوا حقائبي!! <BR>فسافرت إلى أمريكا في عام 2001م، وبالتحديد في 9/9/2001م، أي قبل أحداث 11 سبتمبر بيومين اثنين، ولم يكن يدور في خلدي أبدا، أن أستقر بعيدا عن مصر وبالذات في أمريكا، ولكن هذا قدر الله. <BR><BR><font color="#FF0000">ما تعليقك على أسلوب "الدعوة المودرن" الذي ينتهجه "الدعاة الجدد"؟</font><BR>بداية أنا أعترض على مصطلح الدعوة المودرن، فالدعوة هي الدعوة، فليست هناك دعوة مودرن ودعوة قديمة، ولكن المهم في أسلوب عرض الدعوة وطريقة الترويج للإسلام.<BR>والدعوة الإسلامية كالبستان الكبير المملوء بالورود والأزهار والرياحين من كل الألوان، ولكل زهرة لونها الخاص وشكلها المتميز ورائحتها المميزة ولكن في النهاية كلها زهور ورياحين، وكذا بستان الدعاة، فالشيخ عبد الحميد كشك – رحمه الله- كان صاحب مدرسة خاصة، امتاز بالسخرية اللاذعة، واعترف بأنني تعلمت منه هذا الأسلوب وانتهجته من بعده، أما الشيخ أحمد المحلاوي فقد كان هادئاً ورزيناً.<BR><BR><font color="#FF0000">ولكن.. ألا يؤثر هذا الأسلوب على مضمون الدعوة؟</font><BR>الأصل والمفروض ألا يؤثر أسلوبه في الدعوة على مضمون وحقيقة دعوته، ولو حدث وتأثرت دعوته بأسلوبه - سلباً – فيجب عليه أن يغير أسلوبه فوراً، فمهم جداً أن يظل محافظاً على دعوته.<BR>فلا حرج أن يتخصص داعية في فرع من فروع الإسلام، وأن يجتهد فيه، المهم ألا يقدم هذا الفرع أو هذا الجزء للناس على أنه هو الإسلام، وألا يعيب على الآخرين طريقتهم، وأن يفهم جمهوره أن الإسلام كل لا يتجزأ، وأنه دين شامل كامل يتناول مظاهر الحياة جميعا، وأن يقول لهم أنا متخصص في هذا الجانب وغيري يعمل في جوانب أخرى.<BR>كما أنه من المهم أن يكون مظهر وسلوك الداعية إسلامي، وألا يقدم أي تنازلات في دينه، وأن يكون أميناً مع الناس، وألا يخاف في الله لومة لائم، وأن يكون رائده حديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ " أفضل الشهداء حمزة.....". <BR>والناظر في القرآن الكريم يجد أن الله _عز وجل_ ذكر لنا خبر فرعون في القرآن 74 مرة في 29 سورة، ليخبرنا _سبحانه_ أن نموذج هذا الفرعون موجود في كل زمان ومكان، والمثل المصري بيقول: ( إن خفت ما تقولش وإن قلت ما تخفش).<BR><BR><font color="#FF0000">ما أشكال التضييق التي تتعرض لها جراء دورك الدعوي سواء في البلاد العربية أم الغربية؟</font><BR>في مصر كنت أتعرض للتضييق الدائم، بمنعي من إلقاء المحاضرات والخطب والدروس، وكذا اعتقالي بدون سبب، فقد اعتقلت كما أسلفت 8 مرات، ولفترات طويلة، وعندما رشحت نفسي لمجلس الشعب (البرلمان) زوروا الانتخابات واعتقلوا كل من كانوا حولي، أما هنا في أمريكا فأنا أتحرك في قارة بأكملها، وأركب طيران كل أسبوع، متنقلاً بين ولاياتها المختلفة، أخطب الجمعة وألقي الدروس والمحاضرات بالمساجد والمعسكرات والمراكز الإسلامية، فلا أحد يمنعني من السفر ولا من الكلام، وأشهد الله أنني– حتى الآن– لم يتعرض ليّ أحد بسوء، ولم يمنعني أحد من الكلام أولا من التحرك داخل قارة أمريكا الشمالية بأكملها.<BR><BR><font color="#FF0000">هل يعني هذا أنك قررت ألا ترجع إلى مصر ثانية؟!</font><BR>أنا لم أقل ذلك، كل ما في الأمر أنني هنا أجد الفرصة سانحة للدعوة إلى الله دون مضايقات أو اعتقالات، وأنا أتنقل من مسجد إلى مسجد ومن ولاية إلى ولاية، فهل أترك كل هذا الخير وأرجع لأسجن في مصر؟!، لو أن هذا في مصلحة الدعوة سأعود غدا على أول طائرة!! <BR>أنا عندما كنت في مصر كانوا واضعين أمام بيتي سيارتين للأمن، وكلما تحركت من بيتي سارت السيارتان خلفي.. وعندما كنت في سجن القناطر الخيرية كانوا واضعين حراسة مشددة علينا، فكنا نقول للحرس: لماذا كل هذا؟ فكانوا يردوا علينا قائلين احمدوا ربنا الحراسة الشديدة لا توضع إلا على الشخصيات المهمة جداً!!!<BR><BR><font color="#FF0000">هل محاولات إيجاد فضائيات إسلامية على الطريق الصحيح أم أنها تتعكز؟</font><BR>الأصل أن يكون هذا جهد دول وحكومات لا جهد أفراد وشخصيات، لأن مثل هذه المشروعات تحتاج على دعم كبير وتمويل أكبر، ولكن كما نرى، فحكامنا مشغولون بسباقات الخيول والمراهنات أعانهم الله!<BR>وهناك عدة محاولات بذلت في سبيل إيجاد فضائيات إسلامية لكنها كانت دون المطلوب، كما أن هناك محاولات تبذل ولكن إما أنها لم تكتمل أو أنها تعثرت بعدما اصطدمت بالروتين الحكومي أو نقص الإمكانيات.<BR><BR><font color="#FF0000">كيف ترى أحوال الإسلام والمسلمين؟</font><BR>أود أن أقول للمسلمين في العالم كله: إن الإسلام يحارب في بلاده، وإن الاتجاه في العالم العربي لعلمنة كله لـ"علمنة الدول"، وأقول لحكام العرب: لماذا تسمعون كلام هذا المجرم بوش؟، لماذا تغلقون المساجد في وجوه الشباب؟، لماذا توحدون الأذان تمهيداً لمنعه؟، لماذا تمنعون الاعتكاف في بيوت الله؟، لماذا تمنعون الخطباء من قول الحق للناس؟، لماذا تمنعون المذيعات المحجبات من الظهور على الشاشة؟، لماذا تمنعون الإسلاميين من الوصول للبرلمان؟، لماذا تمنعون الشباب من ممارسة السياسة في الجامعات؟، لماذا.... لماذا.... إلخ، وأننا نطالب بإعطاء "الأقليات الإسلامية" في بلاد العرب والمسلمين حقوقهم ومساواتهم بعامة المواطنين وألا يعاملوا على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية.<BR><BR><font color="#FF0000">ماذا تقصد بمصطلح "الأقليات الإسلامية" في العالم العربي والإسلامي؟</font><BR>بداية أود أن أوضح أنني هنا بأمريكا متحفظ جدا، ولا أريد أن أقول كل شيء حتى لا يساء فهمي، وحتى لا يقولوا إنني أسب وأشتم في مصر من بره، وأنا عندما قلت إنني أطالب الحكام العرب بأن يعطوا "الأقليات الإسلامية" في العالم العربي حقوقه كنت أعي ما أقول، نعم.. فالإسلاميون في العالم العربي والإسلامي أقليات مهضومة الحقوق، ليس لهم الحق في العيش كمواطنين أحرار في بلادهم، وهم لا يساوون حتى بعامة الناس، ويعاملوا على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية، وتمارس ضدهم كل صنوف العنصرية والتعذيب والاضطهاد.<BR>فتجد في معظم الدول العربية أن الفنانين والفنانات والراقصين والراقصات واللاعبين هم النجوم التي تفتح لهم وسائل الإعلام المختلفة ذراعها، وتتبع حتى أخبارهم الشخصية من زواج وطلاق وسفر، وتفرد لهم مساحات كبيرة وتنشر صورهم على أغلفة الصحف والمجلات، ويتقاضون دخولا خيالية، أما الدعاة والخطباء والأئمة والمشائخ فإنهم مغمورون لا يسمع بهم أحد، ولا يسمح لهم بالظهور على شاشات التلفاز، وإذا مرض أحدهم لا تجد من يسأل عنه فيما تقوم الدولة ولا تقعد عندما يمرض فنان وتصدر القرارات فورا بعلاجه في الخارج على نفقة الدولة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.<BR>و في مصر عندما تفتح أي صحيفة تجد تحت عنوان "أين تذهب هذا المساء؟"، عدد كبير من الإعلانات عن الأفلام الساقطة والمسرحيات المبتذلة، وحتى الكباريهات!! ولا تجد مطلقاً إعلاناً عن ندوة أو مؤتمر إسلامي؟!، أليس في مصر كلها سوى الفنانين والراقصات، أليس فيها علماء ودعاة ومساجد؟!!، أم أن هناك صورة ما يراد رسمها لمصر الأزهر؟! <BR><BR><font color="#FF0000">ما صورة مصر والعرب في أمريكا؟ </font><BR>نحن هنا في أمريكا مثل الواقف فوق جبل عالي، نرى كل شيء كنا لا نراه ونحن في مصر، المسؤولون في أمريكا يصرحون لوسائل الإعلام أن أمريكا استعانت بخبراء مصريين متخصصين في التعذيب لنزع الاعترافات من سجناء جوانتانامو!<BR>(الرئيس الأمريكي الأسبق) بيل كلينتون قال في تصريح له:"حكام العرب اللذين جاؤوا لزيارة أمريكا كانوا يسألونني: ماذا تريد منا؟، ولم يقل لي أحدهم مرة: نحن نريد كذا وكذا".<BR>وسأحكي لك قصة بسيطة لكن لها مغزى ودلالة، (ذات مرة جاءتني صحفية أمريكية لتجري معي حوارا صحفيا، وطبعا لم تكن محجبة، فرفضت حتى ترتدي حجابا، فارتدت الحجاب وعادت واعتذرت ليّ)، فهم يحترموننا طالما كنا نحترم أنفسنا وإذا أهنا أنفسنا أهانونا!<BR>أنا أحب بلدي مصر وأحب وطني العربي كله، وأنا في أمريكا أتعجب مما أراه، وأقول: لماذا نحن في العالم العربي محرومون من كل هذا الخير؟!، هنا بأمريكا عندما يعبر الشارع كلب، كلب!، الإشارة تقف من أجله والسيارات تنتظره ليمر!! <BR><BR><font color="#FF0000">وماذا عن مسلمي أمريكا؟ وهل استطاعوا على كثرتهم أن يشكلوا "لوبي إسلامي" بأمريكا ليكونا أكثر تأثيرا على غرار اللوبي الصهيوني؟ </font><BR>للأسف الشديد، أقولها والغصة في حلقي، معظم المسلمين في أمريكا يسعون لمصالحهم الشخصية ومكاسبهم الفردية فقط، فكل واحد منهم يجري وراء المكاسب، والوظيفة وجمع المال.<BR>وأكبر مشكلة بالنسبة للمسلمين في أمريكا أنهم ليس لهم قائد أو زعيم أو مسئول يعبر عنهم ويتكلم باسمهم، ويطالب بحقوقهم، وهناك الكثير منهم كانوا ينافقوا بوش ليحصدوا المنافع وكانوا يؤيدونه في ضرب أفغانستان والعراق ولكن الله _سبحانه وتعالى_ فضحهم وكشف ألاعيبهم وهم الآن في السجون والمعتقلات.<BR><br>