الشنقيطي لـ"المسلم" : متفائلون بالتغيير في موريتانيا بعد أن سدت الطرق السلمية
5 رجب 1426

أجرى الحوار : أمير سعيد <BR>الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي هو أحد أبرز المفكرين السياسيين المنتسبين للحركة الإسلامية في موريتانيا، يتولى منصب مدير المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، وهو مركز يعني بالدفاع عن المضطهدين سياسياً واجتماعياً، رصدنا من خلاله رؤية قسم من الإسلاميين الموريتانيين لموريتانيا مع بعد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع ، وكان لنا معه هذا الحوار : <BR><font color="#0000ff">•كيف ينظر الإسلاميون للانقلاب الأخير؟ </font><BR>- محمد بن المختار الشنقيطي: نحن متفائلون كثيراً بهذا التغيير الذي حصل، إذ لم يحكم بلدَنا في تاريخه حاكم أسوأ من الحاكم المخلوع، ولا عانى شعبنا مثل ما عانى في ظله، كما أن الوعد التي تقدم به "المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية" حول نقل السلطة إلى أيدي المدنيين يبعث على الأمل، ونرى بعض ملامح الجد في ذلك الوعد لم تكن موجودة في وعود القادة العسكريين السابقين، وخصوصاً التزام القادة العسكريين الجدد بعدم الترشح للمناصب السياسية، وهو وعد –إذا تم الوفاء به- فسيغير ملامح المشهد السياسي الموريتاني، ويحدث نقلة نوعية في تاريخ بلادنا السياسي. <BR><font color="#0000ff">•هل كان الطريق مسدوداً تماماً باتجاه الحل السلمي حتى غدا من الصعب تجنب الحل العسكري؟ </font><BR>-بالطبع، كانت كل أبواب التغيير السلمي موصدة، فالعقلية التي كان الرئيس المخلوع يسير بها الأمور تتأسس على القمع وشراء الضمائر، وتأليه الحاكم الفرد، والانتهازية السياسية، التي جعلته يستبيح كل شيء، ولم يكن فيها مجال فيها للرأي المخالف، ولا كانت تترك أي منافذ للتغيير السلمي.<BR><font color="#0000ff">•هل تقف فرنسا حقيقة خلف الانقلابيين ؟ </font><BR>-ليس هنالك دليل على أن فرنسا وراء الانقلاب، وإنما يقف وراءه بعض الضباط الوطنيين الذين ساءهم ما يعيشه البلد من انحطاط، بيد أن فرنسا مغتطبة بما حدث؛ لأن القادة الجدد غير راضين عن علاقات ولد الطايع مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، وهم بحكم التوازنات الدولية والإقليمية سيكونون أقرب إلى فرنسا والمغرب. <BR><font color="#0000ff">•لماذا برأيكم لم تتدخل "إسرائيل" وأمريكا لدعم الرئيس المخلوع ؟ </font><BR>- لأن موريتانيا لا تمتلك ثروة طائلة تجعل التنافس الدولي عليها بذلك المستوى، ولأن ولد الطايع كان قد احترق وانتهى عمره السياسي منذ أمد بعيد، ومقته الشعب والجيش مقتا لا دواء له غير رحيله، والدول الداعمة للمستبدين قلَّ أن تتدخل لإنقاذهم؛ لأن ثمن التدخل غال جداً، وأغلب المستبدين لا يستحق ذلك الثمن في نظر حماته. <BR><font color="#0000ff">•هل لابد من بعث رسائل للاطمئنان دوماً للقوى العظمى من قبل أي حاكم عربي جديد؟ </font><BR>- نعم بكل أسف؛ لأن ميزان القوى الداخلي -أي الشعب- لا يزال أضعف وأقل فاعلية من مستوى التأثير الخارجي، ويوم ينمو الوعي السياسي لدى شعوبنا، وتستعد لدفع ثمن الحرية، فسيتغير منطق السلطة، وتصبح الأولية للداخل على الخارج في نظر حكامنا. <BR><font color="#0000ff">•هل تعد هذه من قبيل الفوضى الخلاقة التي تحدثت عنها (وزيرة الخارجية الأمريكية) كونداليزا رايس التي تواكب التغيير في المنطقة؟</font><BR>- لا أعتقد ذلك؛ لأن "الفوضى الخلاقة" في عرف المخططين الاستراتيجيين الأميركيين هي فوضى يتم توجيهها، لإحداث وقائع جديدة يمكن التحكم فيها، أما ما حدث في موريتانيا، فهو ردة فعل متوقعة من الجيش على واقع مفلس، ونظام على حافة الانهيار، وهو تتويج لتحرك شعبي ملتهب خلال الأعوام الأخيرة، كما أنه إبعاد لموريتانيا عن النفوذ الأميركي و"الإسرائيلي"، على عكس ما يرجوه فلاسفة "الفوضى الخلاقة". <BR><font color="#0000ff">•لماذا نددت الدول الاتحاد الإفريقي بالانقلاب فيما جاءت كثير من أنظمتها عبر الانقلابات بما فيها نظام ولد الطايع السابق؟ </font><BR>- يحاول الاتحاد الإفريقي وضع سابقة قانونية وأخلاقية جيدة للحيلولة دون الانقلابات العسكرية في القارة، لكن أغلب دول الاتحاد يحكمها عجائز العسكريين الفاسدين، وما دام الأمر كذلك فلا معنى ولا قيمة لإدانته الانقلاب الموريتاني؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومهما يكن فإن بناء الحكام الجدد إجماعاً سياسياً حول برنامجهم الإصلاحي، سيكفل لهم القبول، شاء الاتحاد الإفريقي أم أبى. <BR><font color="#0000ff">•إلى أي مدى سيؤثر الانقلاب على العلاقات المغاربية؟ </font><BR>- سيكون حكام موريتانيا الجدد أقرب إلى المغرب منهم إلى الجزائر على الراجح، وتونس بكل التأكيد. ولعل ذلك يعين على حسم ملف الصحراء بطريقة تضمن وحدة شعوب المنطقة وانسجامها. <BR><font color="#0000ff">•إلى أي حد تتوقعون أن يؤثر هذا الحل السريع لمشكلة لا تؤرق موريتانيا وحدها بل معظم الدول العربية، وهي مشكلة الديكتاتورية على النضال السلمي الذي تتبناه حركات التغيير الإسلامية وغير الإسلامية في العالم العربي؟ </font><BR>- الجمود على الوسائل ليس من شيم حركات التغيير الواعية، وإيمان الحركات الإصلاحية بالتغيير السلمي لا ينبغي أن يمنعها من الترحيب بأي تغيير عن طريق آخر، إذا انسدت منافذ التغيير السلمي، فقد عانت أمتنا كثيراً وطال انتظارها، والسياسة لا تتعاطى مع القوالب الذهنية المجردة، بل تتعاطى مع الواقع ضمن خيارات محدودة، وهي تفرض أحياناً كثيرة التغاضي عن بعض الشر تجنباً لما هو أشر، وقد أورد الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء) عن عمرو بن العاص _رضي الله عنه_ أنه كان يقول: "ليس العاقل هو الذي يعرف الخير من الشر، ولكن هو الذي يعرف خير الشرين". <BR><BR><font color="#0000ff">•كيف تقومون خطوة الإفراج عن قادة الإسلاميين في موريتانيا؟ وهل تختلف هذه الخطوة عن كل نمط انفتاحي يترافق مع حكم جديد في أي بلد عربي؟ </font><BR>- كل الشعب الموريتاني مغتبط بإطلاق سراح الشيخ العلامة محمد الحسن ولد الددو وصحبه من أبناء الحركة الإسلامية، وننتظر بفارغ الصبر إطلاق سراح بقية السجناء، ونرجو أن تكون هذه الخطوة بداية انفراج في مجال الحريات المدنية، وأن يأخذ القادة الجدد العبرة من أسلوب القمع واحتقار مشاعر الشعب الذي انتهجه ولد الطايع فأودى به في النهاية، ومهما يكن فنحن نرحب بكل خطوة إيجابية بغض النظر عن دوافعها، ولا نحاكم الضمائر. <BR><font color="#0000ff">•هل يعني الإفراج عن قادة الإسلاميين تصديقاً لاتهامهم بالتورط في محاولة الانقلاب الأخيرة الفاشلة؟ وأي مصير ينتظر قادة الانقلابات السابقة لاسيما الرائد ولد حننا؟ </font><BR>- ليس بالضرورة، فقد تم اعتقال قادة الحركة الإسلامية وتمت تبرئتهم من الضلوع في المحاولات الانقلابية الماضية، أما العسكريون فالمتوقع الإفراج عنهم، وإدماجهم في الواقع الجديد. <BR><br>