ل.د.زكريا حسين:المقاومة العراقية قطعت شوطاً استراتيجياً كبيراً..عملياتها هائلة.. "غباء" أمريكي عسكري
13 شوال 1427

<font color="#ff0000">حول استراتيجية المقاومة العراقية وحظوظ انتصارها وتفوقها على المحتل <BR>الأمريكي وأعوانه، كان لموقع المسلم موعد مع أحد أبرز خبراء الاستراتيجية في العالم العربي، وهو لواء أركان حرب دكتور : زكريا حسين <BR>أستاذ العلوم الاستراتيجية المدير الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية العليا مستشار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا</font> <BR>أجرى الحوار : الهيثم زعفان <BR> <font color="#0000FF"> هل المقاومة المسلحة بالعراق لديها استراتيجية عسكرية وفق مفهوم الاستراتيجية ؟ </font><BR>ج: بداية ! قبل أن أجيب عن هذا السؤال ينبغي معرفة مقومات الاستراتيجية العسكرية التي ينبغي أن تعمل في ضوءها المقاومات المسلحة فلكي تكون هناك استراتيجية بمعني ( تخطيط استراتيجي لعناصر المقاومة المسلحة ) لابد من توافر الشروط الرئيسة الآتية :<BR>1- إدراك حقيقي لحجم العدو الذي يقاتلونه من حيث ( حجم التسليح – الأوضاع – مرتكزاته – ردود أفعاله- أساليب قمعه – الردع ) <BR>2- يتم تكوين وبناء وتحديد حجم المقاومة على ضوء توفر قدرة لها على مواجهة هذا العدو . فهناك فرق بين التخطيط الاستراتيجي وبين العمليات المتفرقة ( الفردية ) فحجم المقاومة يجب أن يتناسب مع حجم العدو وهذه أول نقطة في التخطيط الاستراتيجي .<BR>3- توفير السلاح المناسب وإعداده عسكرياً لإدارة أسلوب الصراع وأسلوب المواجهة المنتظرة بعد أن يتم التخطيط للاستخدام .<BR>4- السرية المطلقة التي ترتبط بكل مراحل بناء القوة – إعدادها – تدريبها – التخطيط لاستخدامها .<BR>5- قيادة واحدة .<BR>6- التخطيط الاستراتيجي للمقاومة في ضوء ( الهدف – إعداد خطة التنفيذ ). <BR>وهذا الترتيب هام جدا لإنجاح الاستراتيجية العسكرية للمقاومة المسلحة .<BR><font color="#0000FF">كيف يتم إسقاط هذه الشروط على الوضع الراهن للمقاومة؟</font><BR>هناك فرق كبير بين بداية المقاومة وتوالى السنوات على وجود المقاومة ( لبعض المتضررين ) ففي البداية كانت عبارة عن جماعات متناثرة ليس لها تخطيط استراتيجي ثم بعد ذلك وصلت إلى ما يمكن أن نطلق عليه "حركة تحرر وطني كاملة" بمعنى أنه أصبح لها حجم وهدف استراتيجي المقاومة المسلحة في العراق قد لا تكون متكاملة الآن وفق الشروط السابقة ولكنها قد قطعت شوطاً كبيراً .<BR>فكلما تتضح الرؤية كلما يزداد حجم المقاومة في القوة وفي التخطيط الاستراتيجي ، وهذا ما حدث مع تزايد حجم الضغط والقهر ووضوح الرؤية . ففي البداية كان متوسط العمليات عملية أو اثنتين الآن العمليات متوسطها من 70 – 100 في اليوم ولا يمكن أن يكون ذلك بدون قيادة واحدة فالمقاومة الآن عندها قيادة وقوات وإعداد وتمويل .<BR>فتوصيف المقاومة حاليا أنها مجموعة تم تنسيق أعمال قتالها معاً لحجم الضرر الذي أصاب الجميع .<BR><font color="#0000FF">سـ بنظركم كيف اشتد عود المقاومة المسلحة بالعراق وكيف صارت مؤهلة عسكرياً لمواجهة القوات الأمريكية ؟</font><BR>هناك مجموعة من الأخطاء التي وقعت فيها الإدارة الأمريكية عملت على تكوين وتدعيم وتنمية المقاومة وهي :<BR>أ‌- إلغاء القوات المسلحة العراقية الأمر الذي نتج عنه تشريد 400 ألف ضابط وجندي مدربين ومؤهلين عسكرياً صاحب ذلك وجود كم من التسليح مهول ومعروف فقط عند القوات المشردة .<BR>ب‌- إلغاء كل الأجهزة الأمنية ( أفراد – شرطة – مخابرات ) وجميعهم مدربون ويعرفون مواقع الأسلحة .<BR>ت‌- حل حزب البعث وهذا له دلالة خطيرة فلما كانت كل القيادات في العراق بعثية فإن هذا القرار أدى إلى حل جميع أجهزة الدولة وهذا معناه حل الدولة وبالتالي انفراط عقدها وخروجها عن دائرة السيطرة.<BR>ث‌- إلغاء برنامج النفط مقابل الغذاء والذي كان يخدم 16 مليون بطاقة وهذا معناه حرمان 16 مليون عراقي من الأكل والشرب مما يؤجج الكراهية نحو المحتل .<BR>ج‌- إلقاء حمم من المتفجرات طيلة السنوات السابقة.<BR>ح‌- الوعود الوهمية بالديمقراطية وإعادة الإعمار ولا هذا ولا ذاك تم الوفاء به.<BR>كل ما سبق كان غباء من الأمريكان نتج عنه ( الانفلات الأمني ) وحقق روافد للمقاومة من المتضررين .<BR>فصارت عناصر حركة التحرر الوطني تضم ( كل من يريد أن يحارب الولايات المتحدة الأمريكية ) ومن هنا أصبح للمقاومة هدف استراتيجي هو "التحرر الوطني وإنهاء الاحتلال"<BR><font color="#0000FF">ما هي الخطوط الاستراتيجية الرئيسة للمقاومة المسلحة بالعراق ؟ </font><BR>يمكن توصيف الخطوط الاستراتيجية للمقاومة المسلحة بالعراق بالصورة التالية:<BR>1- المقاومة بالسلاح لكبار المتعاونين مع الأعداء وهو أمر مازال مستمرأً ( التصفية الجسدية وخاصة للحاملين للجنسية الأمريكية مع تصفية كافة الكوادر التي قامت بدعم الاحتلال ).<BR>2- محاربة كل من ينضمون إلى الاحتلال لأن ذلك يعتبر نوع من الإغراء لتحويل العراق لمرتزقة ثم دروع بشرية ضد المقاومة وهذا يفسر عمليات مراكز الشرطة ومراكز التطوع التي يطلق عليها (مراكز الأعداء).<BR>3- إحداث أكبر خسائر ممكنة في الاحتلال لفرض الانسحاب من العراق .<BR>4- مواجهة كل الدول العربية أو الأجنبية التي تفتح سفارات لها داخل العراق. <BR>5- مقاومة الطائفية التي تغرسها قوى الاحتلال سواء في الدستور أو الفيدرالية أو التقسيم أو الاعتماد على الموساد لإثارة الفتنة من أجل إجراء حرب أهلية تمكن الاحتلال من السيطرة على الدولة.<BR><font color="#0000FF">ما مدي انتشار المقاومة المسلحة في العراق في ضوء الاستراتيجية العسكرية للمقاومة ؟</font><BR>اتسع نطاق المقاومة جغرافياً ونوعياً تطبيقاً لهذه الاستراتيجية وهذا نلحظه في عدة صور :<BR>أ‌- الانتشار الجغرافي، فلم تعد المقاومة المسلحة قاصرة على مدينة بعينها أو موطن لمجموعة بعينها لكنها امتدت لتشمل كل العراق .<BR>ب‌- زيادة العدد العمليات المسلحة للمقاومة بشكل واسع ومضطرد أسبوعياً أو شهرياً .<BR>ت‌- ارتقت المقاومة من حيث الأساليب والجرأة حيث بدأت تدخل في مواجهات متدرب عليها تدريباً جيداً لتدمر قولات متحركة لدرجة وصلت أنها هاجمت مدرعات .<BR><font color="#0000FF">إلى أي شيء يمكن إرجاع هذا الارتقاء ؟</font><BR>حسن التدريب والإعداد واختلاف التسليح ، أدى إلى ارتقاء العمليات من حيث نوع العمليات وهذا أيضاً مرده إلى ارتقاء الخطة ذاتها .<BR>كما يرجع ذلك أيضاً للتوظيف الجيد من قبل المقاومة لأسلوب حرب العصابات والذي يتركز في عمليات الإغارات أو الكمائن التي هي ضمن تكتيكات المقاومة <BR>( التنفيذ) وهذا يأخذ شقين :<BR>الأول _كمائن : وهو ( أسلوب دفاعي) : يتخذ أوضاع معينة في وقت معين تتحرك فيه قولات العدو بحيث يتم جذب العدو المتحرك .<BR>الثاني _ الإغارات : وهو (أسلوب هجومي ) تقوم فيه مجموعة بمهاجمة مجموعة متحركة من العدو .<BR><BR><BR><font color="#0000FF">هل يمكن تحديد حجم المقاومة المسلحة بالعراق؟ </font><BR>لم يصل أحد لحجم المقاومة تحديداً لكن في ضوء حجم العمليات اليومية فإنه عسكرياً لا يقل حجم المقاومة عن 100 ألف مقاتل .<BR><font color="#0000FF">ماذا عن تسليح المقاومة المسلحة بالعراق ؟</font><BR>جـ : تسليح المقاومة يأتي من الداخل فعندما تم حل المؤسسات الأمنية والجيش كان ضمن تخطيط "صدام حسين" لمقاومة الغزو تنظيم مقاومة شعبية بشكل واسع منتشرة في أماكن متعددة بالعراق وهذه المقاومة لها مخازن أسلحة وذخيرة وأماكنها معروفة للمقاومة ( التي أعدها صدام ) وهي نسبة ليست قليلة فكثير من سلاح المقاومة هو سلاح الجيش إلى جانب العمليات التهريبية من بعض الجهات. ونوعية سلاح المقاومة في العموم يتمثل في القنابل اليدوية والقنابل المضادة للدبابات والقواذف الصاروخية المضادة للمدرعات والألغام الأرضية والمتفجرات. <BR><font color="#0000FF"> تدركون أهمية التمويل للمقاومة فكيف يتوافر التمويل اللازم لأعمال المقاومة؟</font><BR>التمويل مصدر أساسي لاستمرار المقاومة ويمكن أن نقول أن دعم المقاومة جاء من خلال الطوائف التي قادت المقاومة خاصة السنية وبدعم غير مؤكد من إيران للمقاومة الشيعية إلى جانب ما تم الحصول عليه من البنوك العراقية أثناء الفوضى كل هذا وفر تمويلاً لإدارة حرب عصابات طويلة..<BR><font color="#0000FF">ما هي الأساليب الأمريكية لقمع المقاومة المسلحة بالعراق ؟</font><BR>هناك أهداف للقضاء على المقاومة بالعراق من خلال إحياء النعرات العرقية والدينية وخاصة الصراع الطائفي ( السنة – الشيعة – والأكراد ) ليتحول جهد المقاومة إلى الاقتتال الداخلي والطائفي وليس لقتال العدو المحتل ( الخطف – وقطع الرقاب وتدمير المساجد) وهذه نقطة أولى وهامة في القمع الأمريكي.<BR>كما أن أمريكا تتعاون مع إسرائيل لمواجهة المقاومة فقد أخذ الأمريكان النمط "الإسرائيلي" في مواجهة المقاومة الفلسطينية ( القهر في مقاومة قيادات المقاومة نموذج الفلوجة وجنين نفس الشكل ونفس القمع من قتل للأطفال وإهانة للنساء واعتقالهن وعدم دفن الموتى ومنع سيارات الإسعاف من الوصول للمصابين وكل هذا المقصود به الردع النفسي ).<BR>فالأمريكان يعتمدون على استراتيجية عسكرية مضادة تفرض أقصي مفهوم للردع من خلال الاستخدام المفرط للقوى العسكرية. وهناك احتمال كبير أن التحرك الأمريكي كان يقوده قادة "إسرائيليون" فالاستراتيجية العسكرية الأمريكية المضادة تتماثل بدقة مع الاستراتيجية العسكرية "الإسرائيلية" المضادة .<BR>أضف إلى ذلك دور المرتزقة في مواجهة المقاومة وحسن توظيف الأمريكان لهم <BR><font color="#0000FF">ماهي الصعوبات اللوجستية التي تواجه المقاومة المسلحة بالعراق ؟</font><BR>يمكن حصر أهم الصعوبات اللوجستية في الآتي :<BR>1- تضييق الحدود مثال مؤتمر جوار العراق لأمن الحدود بهدف" منع الإمداد". <BR>2- تجفيف المنابع.<BR>3- استهداف القيادات. <BR>4- الاعتماد الكبير على العملاء والخونة. <BR><font color="#0000FF">يقول مارك كيمت (الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الأمريكي في العراق): " إنه من الصعب إنهاء المقاومة المسلحة بالعراق إن الأمر يتطلب عقداً من الزمن أو أكثر لكي تنتهي عمليات المقاومة المسلحة " ما دلالة هذا التصريح عسكرياً ؟</font><BR>الأمريكان استقروا على رأي هام وهو عدم التواجد بشكل دائم في العراق وبناء قواعد عسكرية ثابتة ودائمة واستكمال بناء الجيش والشرطة من أبناء العراق وتولي قيادات مأمونة من الكوادر العراقية الموالية تمهيداً للانسحاب خاصة أن هناك ضغوطا لزيادة حجم الخسائر.<BR>ومعنى تصريح الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الأمريكي أنه يمهد للتغيير الاستراتيجي بحيث تنسحب القوات الأمريكية مرحلياً في ضوء قواعد عسكرية ( 6-10) قواعد دائمة بعيدة عن أي مقاومات مع الشعب .<BR><BR><BR><font color="#0000FF">ما هي نصيحتكم للمقاومة المسلحة بالعراق ؟</font><BR>تتوالى النجاحات بارتباط المقاومة بالشعب وتعمق دور المقاومة بالشعب والبعد عن النزعة الطائفية فهذا هو الأسلوب الأمثل للتماسك .<BR>أما على المستوى العسكري فعلى المقاومة التركيز على إجادة أساليب حرب العصابات باعتبارها أنسب الأساليب لما يطلق عليه استراتيجياً " قوة الضعف " بمعني كيف توجد قوة تتحول من كيان ضعيف إلى قوة تنافس قوة متفوقة وهذا حدث في كل حركات التحرر كما في فيتنام وغيرها ومعلوم عسكرياً أنها استراتيجية تلتصق بحركات المقاومة .<BR><br>