خبراء ومحللون سياسيون: مطلوب دور عربي إسلامي فاعل لإنقاذ الصومال
22 شوال 1427

همام عبد المعبود<BR><BR>طالب عدد من الخبراء والمحللين السياسيين بدور عربي إسلامي فاعل، لحل المشكلة الصومالية، وإنقاذ الصومال البلد العربي المسلم الذي يسير بخطى متسارعة في نفس الطريق الذي يسير فيه السودان، معتبرين أن التدخل الأمريكي في المفاوضات هو أحد أسباب فشل عقد الجولة الثالثة من المفاوضات والتي كان من المقرر أن تبدأ الاثنين 30-10-2006 إلى أجل غير مسمى.<BR>وأرجع الخبراء فشل انعقاد الجولة الثالثة من المفاوضات إلى عدة أسباب في مقدمتها:-<BR>* إصرار اتحاد المحاكم الإسلامية على القول بأن هناك قوات إثيوبية تنتشر في الصومال، وتهديدها بمقاطعة المحادثات إذا لم يضمن المجتمع الدولي انسحاب القوات الأثيوبية المنتشرة لدعم الحكومة الانتقالية، وعليه فقد طلبت إرسال بعثة تقصي حقائق دولية للتأكد من تواجد قوات إثيوبية داخل الأراضي الصومالية، حيث يشير اتحاد المحاكم إلى أن أديس أبابا أرسلت نحو 5 آلاف جندي لمساعدة الحكومة الصومالية المؤقتة، وهو ما نفته الحكومة الإثيوبية، مشيرة إلى أن لها عدة مئات فقط من المدربين العسكريين المسلحين في الصومال!!<BR>* رفض اتحاد المحاكم الإسلامية وساطة كينيا، واتهامها إياها بالانحياز إلى جانب الحكومة، وهو ما أكده إبراهيم حسن أدو مسئول الشئون الخارجية العليا بالمحاكم الإسلامية، حيث قال: "كينيا لن تقبل كوسيط مشترك"، وأضاف لوكالة الأنباء الفرنسية: "نحن نطالب بإقصاء كينيا.. الحكومة الكينية ليست حيادية حيال الصراع في الصومال ووجودها لن يكون مقبولا من قبل المحاكم الإسلامية". ويرجع اتهام المحاكم لكينيا بالتحيز بعدما أعلنت كينيا أنها تؤيد دعوة الحكومة لاستقدام قوات حفظ سلام إقليمية وهو ما ترفضه المحاكم التي تعهدت بمحاربة أي قوات أجنبية.<BR>* وأيضاً رفض الحكومة الانتقالية في الصومال بتسليم الملف لجامعة الدول العربية التي كانت الوسيط الوحيد في المحادثات، متهمة إياها بالتحيز لصالح الإسلاميين.<BR>* اتهام الحكومة الانتقالية من قبل اتحاد المحاكم بأنها تخدم المصالح الأثيوبية؛ على حساب مصالح البلاد، واتهام إثيوبيا بأنها وكيل الإدارة الأمريكية والمسوق الرئيسي لمصالحها بالمنطقة، وتغطية خطط الولايات المتحدة للحرب في الصومال والقرن الإفريقي. وخاصة بعد إعلان رئيس وزراء أثيوبيا ملس زيناوي أن بلاده في حالة حرب مع المحاكم الإسلامية.<BR>ويقدر تقرير للأمم المتحدة عدد القوات الإثيوبية بين 6000 إلى 8000 جندي والإريترية بنحو 2000 جندي. لكن دبلوماسيين وخبراء أمنيين يقولون إن عدد القوات الإثيوبية يصل إلى نحو 5000 جندي، وقلة منهم هي التي تتوافر لديها معلومات محددة عن القوات الإريترية.<BR>وفي آخر مفاوضات جرت بين الجانبين في شهر سبتمبر2006م، وافق الجانبان من حيث المبدأ على تشكيل قوات عسكرية مشتركة والاجتماع مرة أخرى لإجراء محادثات تقاسم السلطة بشأن الموضوعات السياسية والأمنية، لكن المحللين يقولون إن هدنة يتعين أن تسبق ذلك خشية حدوث مواجهة تؤدي إلى تورط إثيوبيا وكينيا. <BR><font color="#0000FF">يومية المفاوضات</font><BR>ومن جهته، يقول الخبير السياسي الدكتور عبد الملك عودة:" نجحت جهود الجامعة العربية في عقد الاجتماع الثاني بالخرطوم بين وفدي الحكومة الانتقالية الصومالية والمجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية".<BR><font color="#ff0000">ويسرد عودة مسار الأحداث وتطورها على النحو التالي: </font><BR>- في مساء يوم ‏4‏ سبتمبر 2006 وقَّع الوفدان على بيان مشترك يسجل ما اتفقا عليه وأن اجتماعهما المقبل سيكون يوم ‏30‏ أكتوبر بعد شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، وقد قوبل البيان المشترك بتصريحات وتعليقات متفائلة في الصحافة والإعلام العربي".<BR>- وفي يوم 27/8 سافر شريف شيخ أحمد إلى الخرطوم وتحادث مع الرئيس البشير‏، وبعد أن عاد إلى مقديشو سافر إلى نيروبي وتحادث مع الرئيس كيباكي‏،‏ ومع أن مضمون هاتين المقابلتين لم يُعلن عنه شيء إلا أن وسائل الإعلام تقول إنهما كانتا لتأكيد موقف المحاكم الإسلامية المعارض لقرار إرسال قوات حفظ السلام الإفريقية للصومال طبقا لمطلب الحكومة الانتقالية‏.‏<BR>- وفي يوم 30/8 سافر رئيس وزراء إثيوبيا إلى نيروبي وعقد لقاء قمة مع رئيس كينيا وأصدرا بيانا مشتركا يدعمان فيه قرار إيجاد لإرسال قوات حفظ السلام للصومال، ويؤكدان دعمهما لحكومة الرئيس عبد الله يوسف الانتقالية‏،‏ كما أكدا بوضوح محورية دور منظمة إيجاد لرعاية ودعم مسيرة المصالحة الصومالية‏.‏<BR>وفي الفترة من 2 - 4/9 تفاوض الوفدان الصوماليان بالخرطوم وأصدرا بيانا يدعوان فيه لبناء قوات مسلحة وشرطة صومالية بأسلوب اندماج قوات المحاكم والحكومة والميليشيات الأخرى طبقا لخطة وبرنامج سوف يتفق عليه بينهما بعد أن يتوصلا في الاجتماع المقبل إلى اتفاق سياسي وأمني وتقاسم السلطة‏.‏<BR>وفي يوم 5/9 عقدت منظمة إيجاد اجتماع قمة في نيروبي حضره عبد الله يوسف ووزير الدولة السوداني للشئون الخارجية ووزيرا خارجية أوغندا وكينيا وحضر سعيد جينيت ممثلا لمجلس السلم والأمن الإفريقي، وغاب وفدا إريتريا وجيبوتي لأنهما يرفضان أصلا مبدأ إرسال قوات حفظ سلام إفريقية إلى الصومال ويدعوان إلى تفاوض سياسي بين الأطراف الصومالية، وفي هذا الاجتماع تم تأكيد ضرورة إرسال قوات حفظ السلام الإفريقية ودعوة الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي إلى الموافقة على إلغاء حظر توريد السلاح للصومال،‏ ودفع نفقات قوات حفظ السلام التي تقدر شهريا بمبلغ‏ 34‏ مليون دولار‏،‏ على أن تدفع دفعة عاجلة مقدما مقدارها‏ 18.5‏ مليون دولار لتجهيز القوات وإعدادها في كينيا ثم تعبر الحدود لتصل إلى بيدوا لحماية الحكومة الانتقالية‏.‏<BR>ويختتم عودة بالقول بأن هناك فجوة بين موقفي الجامعة العربية ومنظمة إيجاد‏،‏ وأن هذه الفجوة تتجه للاتساع‏؛‏ نظرا لأن منظمة إيجاد لا تريد دور الجامعة بل تراه دورًا منافسًا،‏ وأن الرئيس عبد الله يوسف وعددا من قيادات حكومته الانتقالية لا يريدون بقاء الملف الصومالي في الجامعة العربية ويطلبون الاقتصار على دور إيجاد في موضوع المصالحة،‏ ولكن المحاكم الإسلامية وعددا آخر من قيادات الحكومة الانتقالية يصرون على بقاء دور الجامعة العربية، إذ يرونه سندا ودعما لهم تجاه مشروعات وخطط إيجاد والتحالف الأمريكي ـ الأوروبي‏.‏<BR><font color="#0000FF">حرب على المد الإسلامي</font><BR>ومن ناحيته يرى الدكتور الخضر عبد الباقي محمد، الكاتب والمحلل السياسي النيجيري، أن مؤشرات الأحداث وتطورها في الصومال، وتصاعد النفوذ القوي للقوى الإسلامية مجددا (اتحاد المحاكم الإسلامية) خلال الأشهر القليلة الماضية، وانعكاسات تفاعلاتها مع القوى الوطنية الأخرى ذات المرجعية الغربية (زعماء الحرب) في تحديد مسار الأحداث ومجريات الأوضاع الداخلية خاصة على الساحة السياسية، بالإضافة للتعامل وردود الأطراف والدول الكبرى معها، كلها تطورات تؤكد من جديد أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب تستهدف في المقام الأول حركات المد الإسلامي وتطويق مظاهر الصحوة والعودة نحو الأصالة الإسلامية.<BR><BR>ويضيف الدكتور الخضر عبد الباقي قائلا:" يشكل المسلمون السنة من الشعب الصومالي الغالبية العظمى من السكان، وهم ينتمون إلى مذهب الإمام الشافعي، ويتسم المجتمع الصومالي بأنه خاضع للخطوط والقواسم القبلية، لذا؛ يغلب عليه طابع مجتمع متدين محافظ، ويتجذر الإسلام في عمق الحياة في الشارع الصومالي بقوة، منذ قديم الزمان ولا يزال حاضرا حتى الآن بنسب ومستويات عالية من خلال التعليم التقليدي الذي يقام في المساجد والزوايا ومدارس تحفيظ القرآن الكريم.<BR><BR>ويشير الدكتور الخضر إلى تنامي مظاهر الصحوة الإسلامية والعودة إلى الالتزام الديني في الصومال في الآونة الأخيرة، حيث انتشرت ممارسة الشعائر الإسلامية وتعلم مبادئ الدين لدى فئات المجتمع المختلفة لا سيما الشباب، والموظفين والتجار ورجال الأعمال، وقد ساهمت الأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد في تزايد الاحتماء والالتزام الديني خصوصا مع تدهور الأوضاع الأمنية وتصدي المجموعات الوطنية من ذوي الاتجاهات الإسلامية للقيام بأعمال رجال الأمن والتي استطاعت فرض سيطرتها وقوتها لضبط الوضع الأمني ولو بدرجات نسبية، علاوة على ذلك تنتشر في الصومال المحاكم الإسلامية الشرعية التي أصبحت هي الأخرى تمثل المرجعية الوطنية الدينية الوحيدة على الساحة بعد غياب الدولة المركزية وباتت تقوم بمهام فض النزاعات وتسوية الخلافات، وإجراء عقود الزواج والطلاق وغيرها.<BR>وقد تزايدت مخاوف أمريكا من الحركات الإسلامية في الصومال وضاعفت تركيزها على الجانب الأمني لحفظ مصالحها الإستراتيجية حيث تجوب سفنها في المحيط الهندي والبحر الأحمر لمراقبة السفن التجارية المتجهة إلى الصومال والقادمة منها، كما تحوم طائراتها الحربية فوق سمائها لاكتشاف ما يسمونه معسكرات تنظيم القاعدة المتسللين إلى القرن الإفريقي لتنفيذ عمليات ضد المصالح الأمريكية.<BR><font color="#ff0000">وتقوم الخطة الأمريكية لمواجهة ما تسميه واشنطون بخطر الجماعات الإسلامية في الصومال في الآتي: </font><BR><font color="#0000FF">أولا: </font> قطع أوصال وقنوات المساعدات الخارجية بطرد المنظمات والهيئات الإسلامية الخيرية العاملة في الصومال، بدعوى رعايتها وصلتها بتنظيمات إرهابية مشبوهة.<BR><font color="#0000FF">ثانيا: </font> تكثيف المكاتب الأمنية في طول البلاد وعرضها ونشر عناصر المخابرات وتجنيد عشرات من المواطنين كجواسيس ومخبرين لتتبع أي تحركات ذات طابع إسلامي معاد لأمريكا، بالتعاون مع زعماء الميليشيات أصحاب المطارات الخاصة، كما تلجأ تلك المكاتب إلى استخدام وسيلة الاغتيال والتنكيل والمضايقة لعناصر الشباب.<BR><font color="#0000FF">ثالثا: </font> تعزيز الخطة الأمنية مع دول الجوار المعادية للحركات الإسلامية (إريتريا وأثيوبيا وكينيا) بتنسيق أمني ومخابراتي مع كل من إريتريا وأثيوبيا.<BR><font color="#0000FF">رابعا: </font> فرض الحظر على حركة تحويل الأموال إلى الصومال وتجميد نشاطات المؤسسات المالية العاملة في الصومال ذات التوجه الإسلامي أو التي تتعاطف مع الجماعات الإسلامية مثل "مؤسسة التقوى" و"مؤسسة البركة الاقتصادية" التي جمد الغرب جميع أرصدتهما بتهمة مساندة الإرهاب.<BR>ويختتم الخضر بالقول بأنه في الوقت الذي تتزايد فيه حالة المد الإسلامي هناك محاولات صومالية جادة وحثيثة لمقاومة الضغوط والمخططات الأجنبية الغربية والأمريكية على وجه التحديد؛ فهناك حملات وطنية معلنة ضد المساعدات الأمريكية والغربية في مجال الخدمات الإنسانية والتي يصفها الصوماليون بأنها "غطاء لتنصير اللاجئين الصوماليين".<BR>أما الباحث والمحلل السياسي المصري، بدر شافعي، فيقول:" يبدو أن الصومال -ذلك القطر العربي المسلم- قدر عليه أن يعيش في فوضى داخلية بسبب التآمر الخارجي من ناحية، والتنازع الداخلي من ناحية ثانية، والموقف العربي المسلم المتخاذل من ناحية ثالثة، بحيث ترك البلد لأهواء دول الجوار الإقليمي تتحكم فيه كيفما تشاء، وتدير دفة الأمور حسب مصالحها الداخلية وليس وفق مقتضيات الشعب الذي يعاني من ويلات الحرب الأهلية منذ عام 1991م".<BR>ويتساءل شافعي عن الدور العربي الإسلامي، وإمكانية التدخل في الملف الصومالي، خاصة في ظل الاستغاثات التي يطلقها الصوماليون بضرورة تدخل عربي إسلامي فاعل لإنقاذ الصومال، الذي يسير الآن وبخطى متسارعة في نفس الطريق الذي يسير فيه السودان، وإلا ستكون النتيجة واحدة في كلا الحالتين، وهي إيجاد نظم علمانية تتجه نحو الجنوب (أي تجاه القارة السمراء)، والغرب الأوربي والأمريكي بصورة أكبر من توجهها صوب العرب والمسلمين".<BR>وأياً كانت الأحداث فلابد من دور عربي وإسلامي فاعل ومؤثر، لإنقاذ شعب الصومال المسلم، قبل فوات الأوان.<BR> <BR><BR><br>