في الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة الأمريكية لتصعيد الوضع في دارفور من خلال مجلس الأمن توطئة لوضع يدها على هذه المنطقة الغالية من أرض السودان، وفي الوقت الذي يتوازى فيه الإعلام العالمي مع الموقف الأمريكي فيما يترجم إلى المبالغة المفرطة فيما يجري في الإقليم الغربي من السودان، التقينا بأحد الشخصيات البارزة في الشأن السوداني، والتي اقتربت كثيراً في السابق من المفاوضات حول دارفور، وأيضاً في المفاوضات الشاقة حول جنوب السودان، مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني عمر البشير، وحاورناه حول الخطوة التالية المتوقعة في دارفور وحقيقة ما يجري في أرضها من انتهاكات، واتسع اللقاء باتساع هموم السودان ومشاكله، ليشمل تشاد وعلاقة الاضطراب الحادث فيها بما يجري في دارفور، والعلاقات المتراوحة بين الوفاق والخلاف مع إرتريا المجاورة، والنظرة السودانية لما يدور الآن في الصومال من نزاع، ورؤية مستشار الرئيس السوداني للمستقبل السوداني.. <BR><BR>أجرى الحوار: وائل عبد الغني<BR>• <font color="#ff0000"> هناك مساع دولية لإدخال قوات دولية إلى دارفور هل انتهت هذه المساعي إلى موافقة السودان على دخول قوات دولية تحت صياغة القوات الإفريقية أم أن الموقف السوداني لم يتغير ؟</font><BR>لم يتغير شيء البتة في الموقف.. الموقف في السودان مازال هو قوات إفريقية على أن تقدم لها الأمم المتحدة دعما ماليا ودعماً لوجستيا ولا مجال أبدأً لتحويل القوات الإفريقية إلى قوات دولية وكذلك لا مجال لدينا للقبول بالقرار1706.<BR>• <font color="#ff0000"> إذا كان الموقف لم يتغير فما تفسيرك لإصرار كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة على نفس تصريحاته التي أعلن فيها عن موافقة السودان على دخول قوات أممية؟ </font><BR>كوفي عنان أصدر القرار 1706 تحت الضغوط وقرر تحويل القوات الإفريقية إلى قوات دولية بالرغم من أن اتفاق أبوجا لا يقول بذلك ولكن عندما رفضت الحكومة السودانية هذا الأمر .. يبحثون الآن عن البدائل أو ما يسمون بالطريق الثالث ، وتحت هذه الضغوط هو يحاول أن يصيغ هذه العبارات التي تريد أن توحي وكأن السودان قد تراجع عن موقفه وهذا غير صحيح.<BR>• <font color="#ff0000"> تتحدث عن ضغوط .. من الذي يمارسها؟ </font><BR>فكرة دخول القوات الأممية في السودان جاء تلبية لضغوط صهيونية ، وأول من أثار قضية دارفور هم أصحاب متحف الهولوكوست والجمعيات التي تسيطر عليها .. القوى الصهيونية واليهودية في الغرب هي التي تقود هذه الحملة.<BR>• <font color="#ff0000"> وماذا تستهدف ؟ </font><BR>عدة أمور : الأول: تريد أن تضرب بسكين العلاقات العربية الإفريقية من خلال عرض قضية دارفور وكأنها قضية عرب ضد أفارقة. <BR>والأمر الثاني: تريد أن تبرر أعمالها التي تقوم بها في فلسطين ، أي أننا بدلاً من أن تتهم بأنها تضرب العرب في فلسطين تقول انظروا ماذا يفعل العرب في دارفور.<BR>الأمر الثالث : أن الأمريكان أيضاً أرادوا استغلال هذه القضية للفت أنظار المجتمع الدولي عما يجري في العراق وفلسطين إلى دارفور باعتبارها قضية إنسانية.<BR>بالإضافة طبعا إلى قضية البترول ..<BR>• <font color="#ff0000"> علام يستند السودان في رفضه دخول القوات الأممية؟</font><BR>أولاً: اتفاق أبوجا الذي تم التوقيع عليه لا يذكر قوات أممية لا من قريب ولا من بعيد.. بل يتحدث عن القوات الإفريقية ، وبالتالي أي حديث عن قوات أممية يعتبر خرقا لاتفاقية دارفور.<BR>ثانياً: القبائل الموجودة في دارفور قبائل أغلبها غير متمردة ولكنها تحمل السلاح وتحس بأنها مستهدفة من هذه القوات الدولية وبالتالي لابد من نزع السلاح أولاً ثم بعد ذلك تأتي القوات الإفريقية لحفظ السلام .<BR>النقطة الثالثة: لا يستطيع أحد كائناً من كان أن يقنعنا بأن القوات الدولية ستجلب الأمن والاستقرار في دارفور ، يعطينا مثالا واحدا نحن أمامنا مثال العراق.. وأمامنا مثال أفغانستان.. وأمامنا مثال لبنان.. وغيرها.. لم تأت القوات الدولية إلى مكان إلا وعاثت في الأرض فساداً وبالتالي نحن لا يمكن أن نغامر.<BR> تصور أنه جاءت القوات إلى دارفور ثم اشتبكت مع المواطنين وظلت تفعل ما تفعله القوات الغربية الآن في أبو غريب وفي جوانتانمو وفي العراق ماذا يكون موقف الحكومة السودانية هل تتفرج؟ وهي ترى القوات تعيث فساداً في دارفور أم أنها تشتبك مع القوات الدولية وعليه الحكومة وجدت أن أخف الضررين هي أن تعارض دخول هذه القوات وأن تقاومها وأن تواجهها.<BR>• <font color="#ff0000"> بالنسبة لاجتماعات طرابلس ما الذي تحقق على أرض الواقع حول ما يدور في دارفور؟ ما الجديد؟ </font><BR>اجتماعات طرابلس وضعت الخطوة الأولى للحل السياسي بالنسبة للفصائل التي لم توقع على اتفاق أبوجا وبدأ الآن حوار نشط جداً في العديد من العواصم المهتمة بقضية دارفور، وأتوقع عما قريب أن تنعقد جلسة مفاوضات بين الحكومة السودانية والفصائل التي لم توقع على الاتفاق للوصول إلى اتفاق نهائي كي توقع على اتفاق دارفور. <BR>• <font color="#ff0000"> هل يعني ذلك أن الحركات المسلحة التي لم تنضم في طريقها للانضمام في اتفاق أبوجا؟ </font><BR><BR>في طريقها إلى الجلوس للحوار مع الحكومة لمعالجة تحفظاتها على اتفاق أبوجا.<BR>• <font color="#ff0000"> ما هو تقييمكم لاستمرار حالة توتير تشاد ؟ وما أثر هذا التوتير على قضية دارفور؟ </font><BR>الوضع في تشاد مرتبط ارتباطا كبيرا جداً بالوضع في دارفور ، فالقبائل المتمردة تقودها ذات القبيلة التي تحكم تشاد.. والقبائل غير المتمردة امتدادتها في تشاد هي التي تقوم بالتمرد ضد الحكومة التشادية ، الآن هناك معارضة داخلية تروج ضد النظام.. <BR>• <font color="#ff0000"> لكن النظام التشادي يتهمكم بإشعال الوضع في تشاد؟ </font><BR>النظام في تشاد يبحث عن شماعة يعلق عليها أخطاءه .. ووجد هذه الشماعة في السودان .. لكن لكي تستقر تشاد لابد من استقرار دارفور .. تشاد الآن تقوم بدعم هذه المنظمات وإذا وصلنا إلى حل سياسي مع هذه المنظمات وأقنعناها بوضع السلاح فهذا سينعكس أيضاً على الأوضاع في تشاد.<BR>• <font color="#ff0000"> وهل ما يحدث الآن في النيجر وإفريقيا الوسطى هل هو امتداد لما يحدث في دارفور وتشاد ؟ وهل سنشهد حالة من الفوضى أم ماذا تتوقعون؟ </font><BR>أنا تصوري أن هناك أيادي أجنبية وراءها إسرائيل تثير الفتنة في القارة الإفريقية ما بين العرب والأفارقة.. وبالتالي ليس هناك رابط بين ما يجري في دارفور وما يجري في النيجر وإنما الرابط هو المخطط الرامي لإثارة الفتنة بين القبائل العربية والقبائل الإفريقية وتفجير الأوضاع في القارة الإفريقية وإلقاء اللائمة على القبائل العربية كما ذكرت في إطار مخطط استراتيجي لضرب العلاقات العربية الإفريقية.<BR>• <font color="#ff0000"> كيف تنظرون إلى اعتداء قوات من الجيش الشعبي على قوات من الشرطة السودانية خلال الفترة الأخيرة ؟ </font><BR>هو حادث فردي ، الأمن في الخرطوم يعني خط أحمر والحكومة لا تتهاون فيه ، هناك بعض الأفراد الذين أتوا بالسلاح ليقوموا بهذه الأعمال الفردية ولكن قوات الشرطة ستظل تنزع السلاح من كل فرد أو مجموعة لا تلتزم بالقوانين التي تحفظ الأمن في العاصمة أو في أي من مدن السودان. <BR>• <font color="#ff0000"> التطورات الأخيرة في الجنوب الذي شهد اقتتالا داخليا هل يهدد اتفاق السلام مع الجنوب؟ </font><BR>كلا .. الاقتتال جنوبي – جنوبي .. وننظر إليه بعين القلق ونسعى لإنهاء المشكلة.<BR>• <font color="#ff0000"> إلى أي مدى يمكن أن تؤثر الأحداث الأخيرة في الجنوب على اتفاق السلام؟ </font><BR>في تقديري الاتفاقية تمضي إلى الأمام .. تجد بعض المعوقات هنا وهناك ولكن دائماً نحرص على إيجاد آليات لمعالجة هذه المعوقات .. في هذا السياق يمكن أن ننظر إلى ما يجري في الجنوب..<BR>• <font color="#ff0000"> هناك تحليلات تشير إلى أن الاتفاق لا يسير في الطريق الصحيح والمعوقات فيه أكثر من المسرعات!!</font><BR>الاتفاق في الجنوب تم تنفيد معظم بنوده .. تم تشكيل الحكومة في الجنوب .. تم تشكيل حكومة الشمال أو الحكومة القومية ، تقسيم الموارد الآن ينفذ.. بدأت مشروعات التنمية في الجنوب ، كذلك مسألة السلطة .. الأمن الآن متوافر.. الإفرازات الأمنية محدودة ولا تؤثر على تنفيذ الاتفاقية .<BR>• <font color="#ff0000"> لكن بعض الرؤى ترى الأمور الآن تسير في طريق الانفصال ويستندون إلى كثير مما تعدونه مظهرا للاستقرار هناك.</font><BR>أنا في تقديري أن الجنوب صعب أن ينفصل أولاً: الجنوب استقراره مرتبط بالشمال .. الجنوب مجتمع قبلي وارتباطاته بالشمال ارتباطات تاريخية وارتباطات عميقة.. النقطة الثانية: أن الوضع الإقليمي نفسه لا يشجع على الانفصال.. الناس يتحدثون في ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية هناك فقرة تقول بالحفاظ على الحدود الموروثة .. ثالثاً: إذا ما حدث الانفصال فإن هذا سينعكس على العديد من الدول الإفريقية في المنطقة ،كما أن التوجه الدولي نفسه الآن هو توجه نحو التوحد وليس الانفصال رغم كل ذلك ورغم قناعتي بأن النتيجة تتجه نحو الوحدة لكن هذا يجب ألا يجعلنا في غفلة ولكن يجب أن نعمل بخطوات محسوبة لصالح وحدة السودان .<BR>• <font color="#ff0000"> ما هي آخر الأخبار بالنسبة للموقف مع إريتريا؟ هل ما زلتم عند رأيكم أن إريتريا تتدخل في الأوضاع الداخلية في السودان وخاصة شرق السودان؟<BR> </font><BR>نحن توصلنا إلى اتفاق سلام مع أسمرا.. العلاقات الآن مع إريتريا عادت إلى وضعها الطبيعي وإريتريا الآن لا تتدخل تدخلاً سالباً في شأن السودان . <BR>• <font color="#ff0000"> بالنسبة للوضع في الصومال هناك تقارير تتحدث عن أنكم تساعدون المحاكم الإسلامية وتمدونهم بالسلاح والمال والرجال فما تعليقكم؟ </font><BR>نحن وسطاء .. ونحن حريصون جداً على وحدة الصومال وأمنه واستقراره ولا ندعم أي طرف ضد طرف ، هناك حكومة لها شرعية دولية موجودة ، وهناك واقع جديد هذا الواقع أفرزته المحاكم الإسلامية في الصومال نريد من خلال هذين المرتكزين أن ننطلق إلى نقطة توحيد الصومال.<BR>هناك أيادي كثيرة تتدخل في الشأن الصومالي .. السودان ليس من هذه الأيادي كل الذي يهمنا أن الصومال بلد إسلامي .. بلد عربي .. والصومال يستمر الآن لأكثر من قرابة ال15 سنة من غير حكومة وهذا لا يجوز فالجهد المبذول من قبل السودان هو إعادة الأمن والاستقرار وتأسيس حكومة مستقرة تحت رئاسة الحكومة الموجودة ، مع الوضع في الاعتبار الواقع الذي أفرزته المحاكم الإسلامية في الصومال.<BR>• <font color="#ff0000"> مع اختلاف الوقائع الآن بالنسبة لمباحثات الخرطوم هل هناك جهود مبذولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه من قبل بالنسبة لإطار الاتفاق. </font><BR>نعم هناك جهود مبذولة لاستئناف المباحثات في الخرطوم ، ونأمل أن تتوقف العمليات العسكرية وأن نصل إلى معادلة تحقق الأمن والاستقرار في الصومال.<BR>• <font color="#ff0000"> بالنسبة لوضع المحاكم كيف ترون الموقف الآن؟ </font><BR>المحاكم الآن استطاعت أن تجمع الصوماليين ليس في إطار عرقي ولا في إطار قبلي ولكن أعتقد أنه في إطار يوحد الصومال وأرى أن من مصلحة الجميع أن نستفيد من هذا الواقع الذي أوجدته المحاكم الإسلامية في الصومال.<BR>• <font color="#ff0000"> هل يمكن القول أن الحل في الخرطوم والمشكلة في إثيوبيا؟ </font><BR>نحن على اتصال مع الحكومة الإثيوبية ، الحكومة الإثيوبية لديها تخوفات ولكننا نحاول أن نجيب على هذه التخوفات وأن نصل إلى علاقة تجعل من الصومال وإثيوبيا تعيشان مع بعضهما البعض في سلام ووئام وعلاقات قائمة على حسن الجوار. <BR>• <font color="#ff0000"> وماذا عن كينيا بالنسبة للصومال؟ </font><BR>كينيا لها تأثيرات أقل من إثيوبيا ولكن رغم ذلك نحن لا نهمل دور كينيا في هذه المعادلة.<BR>• <font color="#ff0000"> صعود المحاكم الآن في الصومال إلى أي مدى يمكن أن يعكس عن حالة تغير في الخريطة السياسية في القرن الإفريقي ؟ </font><BR>لا شك أن بروز المحاكم الإسلامية في الصومال هو عبارة عن تبدل كبير في الأوضاع بعد أكثر من 15 سنة لا توجد حكومة في الصومال الآن نجد أن الصومال يتجه نحو الوحدة لكن هي ليست عملية سهلة محتاجة لكثير من التركيز ومحتاجة لكثير من العمل من قبل العرب ومن قبل المسلمين ومن قبل دول الجوار الصومالي .<BR><br>