نفى المستشار محمود مكي، نائب رئيس محكمة النقض، وعضو لجنة تفعيل قرارات الجمعية العمومية لنادي القضاة بمصر، ما نشرته الصحف الحكومية من أن لقاء قيادات النادي بوفد المفوضية الأوربية، تطرق للخلاف القائم مع وزير العدل المستشار ممدوح مرعي، وأكد أن اللقاء لم يتناول من قريب أو بعيد الشئون الداخلية لمصر، وأنه تحول إلى محاكمة للمفوضية وللاتحاد الأوربي على صمتهما على ما يحدث من قوات الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، ومن قوات الاحتلال الإسرائيلي على ما قامت به لبنان وتقوم به ليل نهار في فلسطين.<BR>وقال المستشار مكي في حديث مع مراسلنا بالقاهرة: "ما نشرته الصحف الحكومية كان محاولة للتشكيك في القضاة، وتشويه صورتهم أمام الرأي العام المصري، خاصة بعد مواقفهم المعروفة من الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي رفضوا فيها تزييف إرادة الشعب، أو تزوير الانتخابات، وأيضاً كنوع من العقوبة لهم على مطالبتهم بإصلاح واستقلال القضاء، بعد فضح محاولات التزوير".<BR>وأضاف مكي:" أحب أن أؤكد أن قضاة مصر لن يحنوا رؤسهم، ولن يسمحوا لأحد أن يقهرهم أو أن يكسر إرادتهم"، مشيراً إلى أن "هناك أصوات بين القضاة تطالب بالتصعيد ضد الحكومة، لكن حكماء النادي وقياداته يرفضون ذلك، ويسعون للحوار العاقل والهادئ لمصلحة مصر".<BR>أجرى الحوار/ همام عبد المعبود<BR><font color="#ff0000"> استأذنك أن نبدأ حوارنا بالموضوع الأكثر إثارة للجدل، والذي أثار غضب الحكومة.. ألا وهو اللقاء الذي عقد بين قيادات النادي ووفد المفوضية الأوربية.. وأبدأ بالسؤال المنطقي... من الذي طلب عقد هذا اللقاء.. القضاة أم وفد المفوضية؟ </font> <BR>** نحن لم نطلب عقد هذا اللقاء مع وفد المفوضية الأوربية، وإنما هم الذين سعوا إلى هذا اللقاء، منذ فترة، ونحن أرجأنا الرد على طلبهم لحين عرض الأمر على الجمعية العمومية للقضاة، والجمعية ناقشت الأمر من كل جوانبه، ووافقت على اللقاء بشروط.<BR><font color="#ff0000"> وما هي هذه الشروط التي وضعتها الجمعية العمومية للقضاة، لإتمام الحوار مع الوفد الأوربي؟</font><BR>** منذ البداية كنا واضحين، ومحددين، لأننا أردنا أن نقطع الطريق على المزايدين والمشككين الساعين لتشويه صورة القضاة، ومن ثم فقد أعلنا عن خمسة شروط لإتمام اللقاء وهي :<BR>1- أن ينحصر جدول أعمال اللقاء على مناقشة قضية استقلال القضاء.<BR>2- أن يتم إخطار ودعوة ممثلين عن الحكومة لحضور اللقاء.<BR>3- أن يعقد اللقاء بموافقة الجمعية العمومية لنادي القضاة، وهو ما حدث بالفعل<BR>4- أن يعقد اللقاء في مقر النادي.<BR>5- أن يتم اللقاء باللغة العربية حتى لا يحتمل الأمر لبساً أو تأويلاً.<BR><font color="#ff0000"> ولكن سبق للنادي أن رفض مقابلة وفد منظمة هيومن رايتس.. فلماذا الموافقة على مقابلة وفد المفوضية الآن... ما الذي جد في الأمر؟</font><BR>** بداية أود أن أوضح أنه عندما طلب وفد منظمة "هيومن رايتس ووتش" اللقاء، تدارسنا الأمر، وكنا على وشك الموافقة، غير أن الأجواء وقتها كانت متوترة، حيث كانت وسائل الإعلام تتحدث عن ضرورة وجود إشراف دولي على الانتخابات الرئاسية.<BR><BR>فرأت الحكومة حينها أن عقد مثل هذا اللقاء هو نوع من التدخل في الشئون الداخلية لمصر، وزادت الضغوط على قيادات النادي من هنا وهناك، وارتفعت الأصوات تنادي برفض اللقاء، حتى لا يفهم الأمر على أنه استفزاز للسلطة، فرأت قيادات النادي رفض اللقاء، حفظاً على شعرة معاوية في العلاقة بيننا وبين الحكومة.<BR><BR>وبالفعل أرجأنا إجراء أي مقابلات حتى تهدأ الأمور، ويخف الاحتقان، وعندما عرض علينا وفد المفوضية الأوروبية، عقد لقاء مع قيادات النادي، قلنا لا مانع بعد عرض الأمر على الجمعية العمومية للقضاة، ووضعنا عددا من الضوابط للالتزام بها خلال اللقاء، سبق أن تحدثنا عنها في السؤال السابق، وقد التزم النادي بما قطعه على نفسه من وعد بعدم التحدث في الأمور الداخلية للبلاد والشئون الخاصة بعلاقة القضاة بوزارة العدل.<BR><font color="#ff0000"> فماذا دار في اللقاء الذي جرى بين النادي والوفد الأوربي؟</font><BR>اللقاء كان مفتوحاً، وباللغة العربية، وزيادة في الشفافية دعونا ممثلين عن الحكومة، وسأرسل لك نسخة كاملة من اللقاء مسجلة على أسطوانة مدمجة ( سي دي)، هم استفسروا عن صلاحية القضاة للتفتيش على أقسام الشرطة، وقد أوضحنا لهم أن قانون الإجراءات الجنائية يعطى رجال النيابة العامة سلطة التفتيش على أقسام الشرطة، لضبط وقائع التعذيب أو حجز المواطنين دون وجه حق، وبينا لهم أن مطلبنا الوحيد في هذه النقطة هو أن تصبح السجون تابعة لوزارة العدل بدلاً من وزارة الداخلية.<BR>ثم تحدثوا عن الإشراف القضائي، وقد بينا لهم أن مصر من بين 3 دول في العالم كله تعترف– بحكم الدستور- بالإشراف القضائي على الانتخابات، كما أن الدستور يقر بأن باستقلال القضاء، فالمادة 88 من الدستور تؤكد حق الإشراف القضائي على الانتخابات، ومطلبنا الوحيد في هذه النقطة هو أن يكون الإشراف كامل وشامل.<BR><font color="#ff0000"> عفوا سيادة المستشار.. هل التزم الوفد الأوربي بالضوابط الموضوعة، ولم يتحدث في الموضوعات الشائكة ؟ </font><BR>** في الحقيقة أثناء الحوار حاول الوفد الأوربي، أكثر من مرة، التحدث في الكثير من المشكلات والتطرق إلى القضايا الخلافية، لكننا لم نجاريهم، وطلبنا منهم الالتزام بالضوابط المتفق عليها، وكل شيء مسجل، بالصوت والصورة، غير أنني أود أن أوضح لك أن كل شيء معروف، فوسائل الإعلام بأنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية تنقل كل ما يحدث في مصر، وفي كل بلاد الدنيا.<BR>وقد كانوا حريصين على معرفة العيوب الموجودة في قانون الاستقلال القضائي، لكن قيادات النادي أكدت للوفد الأوربي أنها لن تقف أبداً في موقف الشاكي، أما عن المشاكل فهي منشورة بالتفصيل في وسائل الإعلام المصرية والعالمية، لكن أثناء الحوار انقلبت الدفة،....<BR><font color="#ff0000">(مقاطعاً).. عفوا سيادة المستشار.. ماذا تعني بعبارة "انقلبت الدفة"؟!</font><BR>** أعني أن الحوار انقلب، وأصبح وفد المفوضية في موضع الاتهام، حيث تحدثنا معهم عن تقاعس الاتحاد الأوربي، وسكوته عن الممارسات اللإنسانية لقوات الاحتلال الأمريكي في العراق وأفغانستان، وقوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان.<BR>وقلنا لهم إن الاتحاد الأوربي صاحب نفوذ حقيقي في العراق وفلسطين، وبعض دوله إما محتلين أو داعمين للاحتلال، وقلنا لهم ماذا قدمتم للقضاة في العراق....، وهكذا تحول الحوار إلى محاكمة للمفوضية الأوربية.<BR><font color="#ff0000"> وماذا عن البرامج التي قدمها الوفد للقضاة؟ </font><BR>قلنا لهم تفضلوا لو عندكم برامج اعرضوها، وقد قدموا للنادي عرضاً يشمل على برامج مشتركة للتدريب، من خلال استقبال القضاة المصريين، سواء في زيارات فردية أو جماعية للتدريب في المحاكم الأوربية، كما أبدوا استعدادهم تقديم مساعدات فنية للنادي، لدعم جهوده في استقلال القضاء، وذلك انطلاقا من توجهات المفوضية لدعم القضاء المستقل في الكثير من دول العالم، ونحن لم نوافق على أي عرض، وإنما طلبنا منهم مهلة لدراسة الأمر، ومناقشته في مجلس إدارة النادي، قبل الموافقة عليه أو رفضه.<BR><font color="#ff0000"> البعض يعتبر أن مثل هذه اللقاءات تمس هيبة الدولة واستقلالها.. فما ردكم؟ </font><BR>** بداية أود أن أؤكد لك أن واجبنا هو المحافظة على الثقة في القضاء المصري، وأيضا المحافظة على الدولة وهيبتها وكرامتها، ونحن لم ولن نسمح لأي أحد كائنا من كان أن ينتقص من سيادة الدولة أو استقلالها أو أن يمس هيبتها، ونحن نحاول أن ندافع عن بلدنا ونسعى لتحسين صورتها بالطريقة التي نراها مناسبة.<BR>عندما وافقنا على مقابلة وفد المفوضية الأوربية كان ذلك انطلاقاَ من رغبتنا في الدفاع عن صورة القضاء المصري، وقضاة مصر، وتصحيح صورة مصر لدى الخارج، فمعلوم أن القضاء الضعيف هو أول باب ينفذ منه التدخل الأجنبي في شئون البلاد.<BR><font color="#ff0000"> فلماذا إذن هذه الحملة التي شنتها الصحف الحكومية ضدكم؟ </font><BR><BR>** ما نشر في الصحف الحكومية كان محاولة للتشكيك في القضاة، وتشويه صورتهم أمام الرأي العام المصري، خاصة بعد مواقفهم المعروفة من الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث رفضوا تزييف إرادة الشعب، وأيضاً كنوع من العقوبة لهم على مطالبتهم بإصلاح واستقلال القضاء.<BR><BR>فهل تعتقد أن هذا هو سبب الخلاف بين القضاة والسلطة التنفيذية ممثلة في شخص المستشار ممدوح مكي وزير العدل؟<BR>** ليس هناك سبباً آخر، فنحن منذ 3 سنوات وجمعياتنا العمومية مفتوحة ومعلنة ومنقولة على الهواء مباشرة، فليس عندنا أسرار نخفيها ولا شيء نخجل منه، فالشفافية مبدؤنا الذي عاهدنا الله عليه، والشفافية لا تتجزأ، ومن حق المواطنين أن يطمئنوا على أوضاع القضاء في مصر، والتستر على الأوضاع الخاطئة الموجودة في القضاء جريمة، ثم إن كشف العيوب والأخطاء نوع من التطهر والتوبة المحمودة.<BR><font color="#ff0000"> البعض يتهم النادي بتصعيد الموقف ضد الحكومة بهدف إحراجها؟ </font><BR>** القول بأن النادي يصعد ضد الحكومة هو قول مغلوط، وغير صحيح، فالنادي يقوم بدور مجلس الحكماء، الذي يضبط الإيقاع، للرد على استفزازات الحكومة، والحكومة من جهتها لا تكف عن استفزاز القضاة، أم النادي فقراراته وتصرفاته حتى الآن – حفاظاً على الاستقرار- هي مجرد ردود أفعال، ونحن لم نتخذ قراراً بالتصعيد وتوتير الأجواء.<BR>والحقيقة التي ربما لا يعلمها الكثيرون أننا معشر القضاة المطالبين بالإصلاح مضارين من هذه الأجواء المحتقنة، ونتمنى أن تكون علاقتنا مع الحكومة "سمن على عسل"، <BR>فنحن في علاقتنا مع السلطة نحرص على شعرة معاوية!<BR><font color="#ff0000"> عفوا... هذا كلام طيب، ولكن.. ماذا قدمتم لإثبات حسن النية؟</font><BR>** وجهنا نداءً لمعلي الوزير عندما كان رئيساً للجنة العامة للإشراف على الانتخابات الرئاسية، وناشدناه بوضع ضوابط لإشراف القضاة على اللجان الانتخابية.<BR>نحن الذين سعينا لمجلسي الشعب والشورى، لعرض مطالبنا، وشرح وجهة نظرنا، ودعونا نواب الحزب الوطني للتعرف على مشروعنا لإصلاح القضاء، وقلنا لهم إن استقلال القضاء عمليا لن يتم إلا بالاستقرار والاستقلال عن الحكومة.<BR><font color="#ff0000"> تحدثت كثيراً عن استفزازات الحكومة للقضاة، فهل من الممكن أن تذكر لنا جانباً من هذه التصرفات الاستفزازية؟ </font><BR>** استفزازات الحكومة للقضاة كثيرة لا تحصى، ويكفي أن أذكر لك منها على سبيل المثال:-<BR>1- استبعاد أكثر من 1500 قاض من الإشراف على الانتخابات الرئاسية، وإصدار تصريحات تشكك في نزاهتهم وصلاحيتهم!. رغم انه من غير المنطقي استبعاد كل هذا العدد في وقت تدعي فيه الحكومة عدم إمكانية تنفيذ قاعدة" قاض لكل صندوق"، بحجة نقص عدد القضاة!!<BR>2- إقدام الحكومة على تقديم اثنين من نواب رئيس محكمة النقض للمحاكمة لمجرد أنهما صرحا بوجود خلل في العملية الانتخابية، وكان الواضح للجميع انه قرار سياسي وهذه سابقة في تاريخ القضاء.<BR>3- إقدام الحكومة على إحاطة دار القضاء بقوات الأمن، ومنع القضاة من الدخول في سابقة لم يحدث لها مثيل.<BR>4- قيام حشود من قوات الأمن المركزي باحتلال المحكمة في يوم محاكمة القضاة.<BR>5- الاعتداء على قاض بالضرب، والسحل في الشارع على مشهد ومرأى من الجميع.<BR>6- قامت الحكومة بمحاصرة النادي مالياً، بقطع الموارد المالية عنه، لممارسة الضغوط على القضاة.<BR>7- توجيه الحكومة عبارات تنال من سمعة القضاة، وهيبة القضاء، عبر وسائل الإعلام، وفي تصريحات مستفزة.<BR>8- أغلقوا مبنى دار القضاء العالي أمامنا عندما قررنا أن نقف على سلم الدار، تعبيراً عن اعتراضنا على سياسة الحكومة في التعامل مع القضاة.<BR><font color="#ff0000"> في تقديركم ... ما سبب هذه الاستفزازات؟</font><BR><BR>** لا أجد سبباً لهذه السلسلة من الاستفزازات سوى ما يؤكده الوزير في جلساته الخاصة من أنها رسالة، وأنه مكلف بتوصيلها للقضاة، وان هذه الرسالة هدفها كسر وقهر إرادة القضاة، ولكننا نقول للوزير: لن ننحني أبداً تحت أي ظرف، ولن تنكسر إرادتنا.<BR><font color="#ff0000"> البعض يرى أنكم لم تستثمروا فرصة تعيين المستشار ممدوح مرعي وزيراً للعدل، ولم تقتربوا منه؟ </font><BR>** هذا أيضاً كلام غير صحيح، فعندما عُين المستشار ممدوح مرعي وزيرا للعدل، هنأه مجلس إدارة النادي، وطلب مقابلته، لكن معالي الوزير رفض مقابلة القضاة، والاستماع إلى مشاكلهم وآرائهم، بدلاً من السعي إلى مقابلة أعضاء مجلس إدارة نادي القضاة، وهو الجهة الوحيدة التي اختارها جموع القضاة للتعبير عن آرائهم والدفاع عن مصالحهم، وهو المكان الذي شرفه الملك فاروق وكل رؤساء وحكام مصر بالزيارة.<BR><font color="#ff0000"> في اعتقادك.. لماذا تصر الحكومة على الإبقاء على انتداب القضاة للعمل بالوظائف الاستشارية بالسلطة التنفيذية؟</font><BR><BR>** أعتقد أن الحكومة ترفض إلغاء موضوع انتداب القضاة للعمل بالوظائف الاستشارية بالسلطة التنفيذية، لتبقي على سلاح الإغراءات المالية للقضاة، لتتمكن من السيطرة عليهم، فعندنا قطاع ليس بالقليل من رجال القضاء ممن يرغبون في الانتداب للوظائف الاستشارية في السلطة التنفيذية، وأنا واثق من أن هناك من يريدون للفساد أن يستمر.<BR><font color="#ff0000"> وماذا ستفعلون لو أصر الوزير على موقفه ورفض مقابلة القضاة؟ </font><BR>** لن نتوقف عن طرق أبواب السلطة التنفيذية، طلباً للحوار، ورغبة في المناقشة الهادئة، لمصلحة مصر، وإذا أصر الوزير على إغلاق الباب في وجوهنا، سنطرق باب الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء، بصفته الرئيس المباشر لوزير العدل، وإذا تعذر علينا هذا، فليس أمامنا سوى رئيس الدولة ليؤدي واجبه الدستوري في الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية.<BR><font color="#ff0000"> وماذا يمكن أن يحدث لو لم تصغ الحكومة لصوت العقل والحوار؟</font><BR><BR>** أولاً نحن نسعى لتعريف المسئولين بأهمية التحاور والتفاهم مع رجال القضاء، وإذا كنا نتحدث بصوت هادئ، فبيننا أصوات كثيرة تطالب بمواقف أكثر حدة وأكثر عنفاً، ولكننا في النادي نضبط إيقاعنا، ونرفض الردود العنيفة، ونسعى جاهدين لتجنب إشعال الموقف وحدوث ما لا يحمد عقباه.<BR><BR> <BR><br>