<font color="#0000FF">من الصعب أن نتحدث عن جردة حساب للسنوات الأربع التي قضتها المقاومة العراقية في مناهضة المحتل من دون أن نطلع على وجهة نظر هيئة علماء المسلمين في العراق، التي تحظى بتقدير بالغ في الوسط السني في العراق وعند كثير من المسلمين خارجه، لذا التقينا بالشيخ الدكتور د.محمد بشار الفيضي الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين وعضو الأمانة العامة للهيئة، لاستجلاء الحالة العراقية عن كثب، ورؤية الواقع العراقي والإقليمي والدولي من خلال عدسته هو، والتي أوضحت بدورها، أن المقاومة العراقية لم تزل بعد فتية وقادرة بعون الله وتوفيقه على إلحاق الهزائم تترا بالغزاة وأعوانهم، حيث عملياتها في الأخير تدل على اختراقات استخبارية فائقة وجهوزية عالية وقدرة نوعية على الفعل والتأثير، مستفيدة من خبرات وفرها عملها القتالي المتنوع. وهذه المقاومة إذن قد بلغت نقطة تتوجب عندها أن تفكر بتوحيد فصائلها، مبدياً تفاؤلاً كبيراً بهذا الخصوص ـ فيما عدا بعض الفصائل التي ارتأت اتخاذ منحى منفرداً ـ، وأن هذه المقاومة لا يخشى عليها من تضاعف القوات الموالية للاحتلال وهي تقاتلها إلى جوار دولتي الاحتلال الكبريين: الولايات المتحدة وإيران ـ اللتين اعتبر حلفهما هناك مقدسا وأبديا لا تعكره إلا المشكلة النووية التي اعتبر د.الفيضي أن السماح الأمريكي لإيران بامتلاك السلاح النووي "دونه خرط القتاد".<BR>وفي ذهنية الهيئة تستقر قناعة حول دور جديد تؤديه الهيئة في المرحلة الحالية، كشف عنه خلال هذا اللقاء، فإلى نص الحوار: </font><BR><BR>أجرى الحوار: أحمد جاسم<BR><BR><font color="#ff0000">* بعد أربع سنوات من المقاومة، كيف تقومون عملها؟ </font><BR>من دون شك، المقاومة اليوم أكثر قوة، وأكثر تنظيما، وهذا ما يفسر عجز قوات الاحتلال عن إضعافها، وقد ذكر قادة أمريكيون أن العمليات لها زادت بنسبة كبيرة في الأشهر الأخيرة.<BR>كما غدت المقاومة أكثر خبرة في التعاطي مع التحركات العسكرية لقوات الاحتلال، والتعامل مع آلياتها الحربية.<BR><font color="#0000FF">إن إسقاط تسع طائرات في ثلاثة أسابيع، وإحداث تفجير يحيل المدرعات الأمريكية إلى ما يشبه قطع الورق، وتفجير مخازن عتاد لأكبر قاعدة في بغداد، كل ذلك وغيره مؤشر على أن المقاومة غدت اليوم أكثر قدرة على مواجهة العدو، وإلحاق مزيد من الخسائر به.<BR>كما أن استهداف مؤتمر بغداد، الذي نقل موقع الاجتماع له بسرية كاملة إلى وزارة الخارجية، بصواريخ أرض أرض، وصدور بيان من قبل الجهة المنفذة يقول إن منصتنا كانت لها القدرة على توجيه 28صاروخا إلى المنطقة بما يجعل الموقع بمن فيه قاعا صفصفا، لكننا لم نفعل حفاظا على جهات حضرت بنية إصلاح الأوضاع ـ وربما عنت وفد الجامعة العربية ـ وقيام جهة أخرى بالهجوم على أكبر سجن في مدينة الموصل، وإطلاق سراح 200سجين تقريبا، من دون حدوث أي اشتباكات تذكر، في كل ذلك دلائل على أن المقاومة على الصعيد الاستخباراتي غدت متفوقة أيضا. </font><BR><BR><font color="#ff0000">* هل تعتقدون بأن المقاومة العراقية هي أفضل حالا الآن على الرغم من الخطط الأمنية المتوالية ضدها، وآخرها خطة أمن بغداد؟</font><BR>نعم ..إنها اليوم أفضل حالا، والخطط الأمنية لم تنل منها شيئا، لأنها سرعان ما غيرت تكتيكها، وقد قال أحد القادة الأمريكيين معلقا على موقف المقاومة من خطة أمن بغداد: إن المسلحين أوقفوا عملياتهم، وهم يرقبون الأحداث عن كثب، ليتعاملوا معها بما يناسبها.<BR><BR><font color="#ff0000">* تتناثر الأخبار بشأن توحيد فصائل المقاومة العراقية الرئيسية بخلاف ما يسمى "دولة العراق الإسلامية" في الأنبار، فهل تتوقعون نجاح المقاومة في توحيد أجندتها السياسية والعسكرية معا؟</font><BR>على الرغم من أن "شبحية" المقاومة كانت أحد العوامل المهمة التي ساعدت على مضيها قدما في الأداء، والحيلولة دون اختراقها، وتطويقها من قبل العدو، فإن كثيرا من المخلصين لهذا البلد يرون أن الوقت قد حان لتوحيد الفصائل الكبرى للمقاومة، لأسباب ليس هنا محل بسطها.<BR>ونتوقع أن تكتسب هذه الخطوة نجاحا، لأن الفصائل العراقية ـ باستثناء من ذكرتم ـ متقاربة في أهدافها السياسية، والتباين الملحوظ بين أجندتها، حله ليس صعبا.<BR><BR><font color="#ff0000">* كلما تطلع بعض الساسة من السنة إلى تغيير الولايات المتحدة الأمريكية سياستها تجاه الإيرانيين وحلفائهم في العراق خاب ظنهم مرة أخرى مع استراتيجية جديدة لا تخالف القديمة، في هذا الصدد، هل تعتقدون بأن التحالف الأمريكي- الإيراني صار أبديا في العراق؟</font><BR>التحالف الأمريكي -الإيراني تحالف استراتيجي، وتغيير الاستراتيجيات لا يحدث بين عشية وضحاها ..وأمريكا تجل هذا التحالف وتقدسه، وتتمنى أن يكون أبديا لأسباب يطول شرحها، لكن الملف النووي لإيران عكر صفو هذا التحالف، ومن الممكن أن يفسده في هذه المرحلة، ولو أن إيران مستعدة للتخلي عن ملفها النووي، فإن أمريكا مستعدة لإصلاح الأمور.<BR><font color="#0000FF">أذكّر بما قالته مؤخرا كوندوليزا رايس: إن إيران إذا أوقفت تخصيب اليورانيوم فإننا مستعدون للتحاور معها في أي شيء يخطر ببالها ..لنتأمل: أي شيء يخطر في بالها. </font><BR>إن أمريكا ما دامت في موقعها كقوة عظمى فلن تتخلى عن هذا التحالف، ولن تفرط به، نعم ..قد تضطر في هذه المرحلة إلى تجميده، لكنها قطعا ستعود له في أقرب فرصة تتاح لها ..وعلى العرب أن يفهموا هذا ..ولا يحسبوا أن مزيدا من الخضوع لأمريكا سيمنحهم الأولوية في التحالف معها.<BR><BR><font color="#ff0000">* هل الوقت لا يسير في مصلحة المقاومة مع ازدياد قوة القوات الموالية لكل من الولايات المتحدة وإيران، واستمرارها في التسلح والتجنيد؟</font><BR>حتى اللحظة الوقت يسير في مصلحة المقاومة، وازدياد القوات الموالية لمن ذكرتم غير مقلقة، لأنها زيادة كمية وليست نوعية، بمعنى أننا نشهد قوات يصدق فيها وصف النبي صلى الله عليه وسلم :"غثاء كغثاء السيل"، ونحن على يقين أنه يوم أن تخرج قوات الاحتلال من العراق، فإننا لن نجد صمودا لهذه القوات أمام ضربات المقاومة.<BR><BR><font color="#ff0000">* ما الذي تنتظرونه من القمة العربية، وأي أفق لحل عربي يعزز موقف السنة في العراق، لا سيما العرب منهم؟ </font><BR>ننتظر عزما وإصرارا على حل المشكلة العراقية ..<BR>ننتظر شجاعة في مصارحة أمريكا بأنها ترتكب حماقات سيكون ثمنها غاليا على الجميع .<BR>وفي الوقت ذاته، نحن نخاف من هذه القمة.. <BR>نخاف أن تتمخض عن أنصاف حلول ..<BR>للأسف، هناك من زعماء الدول العربية من يهمه أن يتوصل إلى حلول ترضي الإدارة الأمريكية, وتجعلها ممتنة منه، تدين له بالفضل، من دون أن يفكر بحلول جذرية، تستأصل المشكلة برمتها، وتريح العراق والمنطقة.<BR>ومن هنا ننبه الدول العربية كلها بالقول: إن أي حل يتجاهل الأسباب الحقيقية للمشكلة لن يكون حلا. بمعنى آخر: أي حل يتجاهل خروج الاحتلال ـ ولو بجدولة ـ ويتجاهل إلغاء العملية السياسية، وما تمخض عنها من ثمرات غير شرعية كالدستور ونحوه، لن يكون حلا، وسيضع قادة الدول العربية في موقع محرج أمام العراقيين وشعوبهم. <BR><BR><font color="#ff0000">* رفضتم من قبل التقسيم الأمريكي العشوائي للعراق على أسس لا هي عرقية خالصة ولا مذهبية، لكن، ألا ترون أن هذا هو الذي تكرس في النهاية؟ </font><BR>إذا أردنا أن نتوخى الدقة، فنحن رفضنا "المحاصصة" الطائفية والعرقية، جملة وتفصيلا، ورأينا فيها إضعافا للبلاد تمهيدا لإحكام القبضة عليها من قبل المحتل لعقود من الزمان.<BR>لكننا قلنا: إن هذه "المحاصصة"، فضلا عن كونها مرفوضة، تمت بصياغة غريبة لا نظير لها في العالم، لتحقيق هدف آخر من خلالها؛ هو إضعاف السنة العرب تحديدا، وعزلهم عن إمكانية صنع القرار.<BR>أما القول إن هذا الوضع تكرس في النهاية، فليس دقيقا.<BR>إن المتأمل في الواقع العراقي يجد أن هذا الوضع بدأت علامات للتصدع في بنيته، فانسحاب حزب الفضيلة من الائتلاف، وتبرير ذلك بأنه مل "المحاصصة"، وارتفاع صوت إياد علاوي برفضها، والدعوة إلى اللحمة الوطنية، مع وضوح دعم له من بعض الدول العربية، وقوات الاحتلال، كل ذلك مؤشر على أن فكرة "المحاصصة" فشلت، وأن هناك توجهات لإلغائها أو تخفيف غلوائها، استدراكا للوضع السيئ الذي آلت إليه الأمور في البلد بسببها.<BR><BR><font color="#ff0000">* لماذا عاجل الغرب العراق بضربة استباقية ضد مشروعه النووي، ولم يفعل الشيء ذاته مع إيران؟ </font><BR>سبق أن قلت: إن إيران حليف استراتيجي لأمريكا، أما العراق فلم يكن كذلك، وهذا ما جعل أمريكا تظن بأن التفاهم مع إيران ليس صعبا، فقد كانت تعتقد بأن إيران إذا عوضت عن ذلك بمزيد من النفوذ المذهبي، بالإضافة إلى محفزات أخرى، فستتنازل عن هذا المشروع، ولذا حملها هذا التفكير على التغاضي في وقت سابق عن مشروع إيران النووي، لا سيما أنها كانت بحاجة ماسة إليها في مرحلتي احتلال العراق وأفغانستان .<BR>وقد قدمت إيران كل ما تحتاجه أمريكا منها في هذه السبيل، حتى غدت أمريكا تشعر بأن لإيران يدا بيضاء عليها .<BR>بالمقابل، كافأت أمريكا إيران على ذلك، فأعطتها خلال السنوات التي مضت فرصا ذهبية لمد نفوذها المذهبي، ليس في العراق فحسب، بل في دول الخليج أيضا.<BR>بيد أن <font color="#0000FF">إيران كانت ترى أن ذلك غير كاف لمجازاتها فيما قدمته لأمريكا، وظلت تتطلع إلى السماح لها بتمرير مشروعها النووي.<BR>وهنا بداية الخلاف. </font><BR>فقد تبين لأمريكا أن إيران لن يقنعها نفوذ مذهبي في المنطقة، أو مجموعة من المحفزات، وأنها مثلها تبحث عن النفوذ السياسي فيها، فضلا عن المطامع الأخرى، وفي مقدمتها الاقتصادية.<BR>في اعتقادي ..لن تسمح أمريكا لإيران بأن تمتلك سلاحا نوويا مهما كلف الثمن، لأن ذلك يعني أمرين: أولهما، أن إيران ستتحول إلى شريك أكبر لأمريكا ـ وليس شريكا عاديا ـ في منطقة الخليج، وهذا دونه خرط القتاد، وثانيهما: أن ميزان "إسرائيل" سيطيش في المنطقة، <font color="#0000FF">ولا أعني أن إيران قد تهاجم "إسرائيل" نوويا، فكثير من المحللين يستبعدون ذلك تماما، لكن "إسرائيل"، هذه الدولة المزروعة قسرا، لديها طموحات في الهيمنة على المنطقة اقتصاديا وسياسيا، والشيء المتميز الذي تتفوق فيه على جيرانها هو امتلاكها السلاح النووي، وهذا يبعث فيها الأمل على تحقيق حلمها يوما ما، فإذا تمكنت دولة أخرى في المنطقة من امتلاك سلاح مماثل، كان ذلك بمثابة سحب البساط من تحت أقدام "إسرائيل"، ومن ثم سلبها هذا الامتياز</font>، فإذا أضفنا إلى ذلك أن إيران تملك قدرة لا تملكها "إسرائيل" على مد نفوذها، لاعتبارات كثيرة، منها الدين والمذهب، بينما "إسرائيل" تشهد عزلة عن محيطها، أدركنا لماذا يراد الحيلولة بين إيران وبين السلاح النووي، فهو أولا وآخرا صراع على النفوذ في المنطقة.<BR><BR><font color="#ff0000">* لا يشاهد العالم الآن زخما إعلاميا كالذي كان يراه للهيئة قبل عام، أو تحديدا قبل المذكرة التوقيفية بحق أمينها العام الشيخ الدكتور حارث الضاري ـ حفظه الله ـ فهل تقلص دور الهيئة فعلا، أم أنكم تديرون سياستكم على نحو آخر لا يضع المسألة الإعلامية في الصدارة؟</font><BR>لا، <font color="#0000FF">أبدا ..لم يتقلص دور الهيئة، إنما لدينا سياسة جديدة، سمتها "العمل بصمت بعيدا عن الأضواء"، سياسة تعد العدة لمرحلة ما بعد خروج قوات الاحتلال من العراق، الذي بات في نظر الهيئة محسوما، ولم يعد سوى مسألة وقت</font>، وهذا يتطلب عملا حثيثا على مستوى الداخل العراقي، لتوحيد الجهود والدفع باتجاه برنامج واحد، وفي ذلك تفاصيل لا يمكن الإعراب عنها الآن، وعلى مستوى الخارج، إذ نحن بحاجة لتهيئة الدول العربية والإسلامية لقبول وضع جديد في العراق، هو من دون شك بحاجة إلى دعمهم ومؤازرتهم، وكلا العملين ـ بطبيعة الحال ـ ليس سهلا .<BR>نحن في المرحلة السابقة كنا بحاجة ماسة إلى الإعلام، لدعم المقاومة العراقية، التي جهد الأمريكيون لتشويهها، وخلط أوراقها بأعمال الإرهاب والإجرام، وسلبها الدعم الداخلي والخارجي، من جهة، ولإفشال المشروعات السياسية التي بناها المحتل في ظله على أسس خاطئة، وأراد منها تحقيق مصالحه، وهدر المصالح الكبرى للشعب العراقي، والأمة الإسلامية من جهة أخرى.<BR>ونحن نعتقد ـ وأقولها بتواضع ـ بأننا ربحنا المعركة في هذا الميدان، فالمقاومة اليوم أصلب ما تكون عودا، وسمعتها في أنحاء العالم طيبة، وغدت واقعا مفروضا على من رضي ومن أبى، أما مشروعات الاحتلال فهي تنتقل من فشل إلى آخر، والعراقيون ودول العالم لا يعلقون آمالا عليها، ولذا لم يعد الإعلام من أولوياتنا، إنما العمل المحكم، والمحسوب بدقة، هو ما نعول عليه في هذه المرحلة. <BR><BR><font color="#ff0000">* كثيرا ما نسمع الهيئة الآن تتحدث عن مأساة في قرية عراقية أو ما شابه، ولكننا لم نعد نرى حضورا لافتا في العواصم العربية أو مواقف سياسية بارزة، فعلام يدل ذلك إن كان هذا التصور صحيحا؟</font><BR>الهيئة زارت معظم الدول العربية التي ترى أن بمقدورها أن تلعب دورا إيجابيا في قضية العراق، والحوارات مع هذه الدول كانت بناءة ومثمرة، ويكفي أن هذه الدول صار لديها تصور كامل عن هذه القضية، وأين الخلل، وما هو العلاج الناجع.<BR>بذلك تكون الهيئة قد أدت مهمتها، وألقت الكرة في ملعب هذه الدول.<BR>أما هذه الأيام، فالهيئة بصدد زيارة دول لم تزرها من قبل، وهي ترى أن ثمة فائدة في زيارتها، وإطلاعها أيضا على تفاصيل الملف العراقي.<BR><BR><font color="#ff0000">* لم نعد نسمع عن اغتيالات بالحجم ذاته الذي كنا نسمع به من قبل بخصوص أئمة المساجد والعلماء والخطباء، هل أحجمت الميليشيات عن ذلك أو خفت حدته، أم لم يعد ينال من الإعلام ما كان يناله من قبل؟</font><BR><font color="#0000FF">الجزء الأعظم من هذه الاغتيالات كان يمارسه جيش المهدي التابع للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر.<BR>وقد كان من أجندة الخطة الأمنية الأخيرة استهداف هذا الجيش، باعتباره ذراعا من أذرع إيران الذي يستغل كورقة ضغط على الإدارة الأمريكية في عملية ليِ الأذرع بين كل من أمريكا وإيران بسبب الملف الأمني. </font><BR>وقد تسرب إلى الإعلام، ومن خلال تصريحات مسؤولين عراقيين، أن جهات مسؤولة في الدولة، وفي مقدمتها المالكي، أوعزت إلى قيادات هذا التيار الصدري بالهروب إلى إيران، ومغادرة الخط الثاني منه بغداد، إلى محافظات الجنوب، حتى تنتهي الخطة الأمنية.<BR>وهذا ما حصل ـ فيما يبدو ـ فقلّ مسلسل الاغتيالات، لكنه لم ينقطع، لأن هناك جهات أخرى متورطة فيه.<BR>وفي الأيام الأخيرة، بدأنا نلحظ عودة الجثث المرماة في الطريق، التي عليها آثار التعذيب. والمعلومات المتوافرة لدينا تؤكد أن هؤلاء من المعتقلين السنة في السجون، يتم تصفية عدد منهم كل يوم، وإلقاء جثثهم في الطرقات.<BR><BR><font color="#ff0000">* يرى البعض أن العراق سيكون أول ضربة تفكك الولايات المتحدة الأمريكية، هل تشاطرونهم الرأي؟ </font><BR>ليس بهذه الصيغة، فأمريكا دولة عظمى، وتملك من مقومات القوة ما يجعل الحديث عنها بهذه اللغة أشبه بالوهم، لكن من دون شك، إن خروجها من العراق مهزومة، سيضعف نفوذها في المنطقة إلى حد كبير، وما سيتمخض عن ذلك من تداعيات إذا لم تتم لملمته من قبلها، فمن الممكن أن ينقلب إلى عامل من عوامل كثيرة مفترضة تفضي بالمحصلة إلى تفكك الدولة العظمى، على نحو ما جرى للاتحاد السوفييتي السابق، كما أن ذلك يتوقف على متغيرات كثيرة في المنطقة والعالم .<BR><BR><font color="#ff0000">* وماذا عن إيران؟ </font><BR>إيران ـ كعادتها ـ لا تتعظ من التاريخ، وهي بتحالفها مع ما كانت تسميه من قبل "الشيطان الأكبر"، ولا سيما في حربه الظالمة ـ بكل المقاييس ـ ضد أفغانستان والعراق، خسرت كثيرا، وخسارتها على المدى البعيد أكبر، <font color="#0000FF">ولا أستبعد أن المرحلة الزمنية المقبلة ستشهد إيران فيها عزلة عن العالم العربي والإسلامي. </font><BR>وفي تصريح لي سابق، بينت أن هذا النمط السيئ من التدخل الإيراني ليس جديدا في العلاقات الإيرانية مع الدول الإسلامية، بل هو عادة مستأصلة في هذه الدولة، وهو ما يفسر لنا عجزها عن مد نفوذها إلى العالم الإسلامي طيلة الحقب الماضية، مع أنها تمتلك من الحضارة والتاريخ والمقومات ما يمكنها ـ لو أحسنت التصرف ـ أن تتبوأ موقعا قياديا في هذا العالم.<BR><BR><font color="#ff0000">* كيف تتحركون داخل العراق كقيادات وأنتم على الدوام مستهدفون؟ هل تتمتعون بقدر من الحماية، أم أن طبيعة التوازنات تمنحكم قدرا من الأمن؟ </font><BR>نحن تنقصنا الإمكانات، حتى قياداتنا لا تملك ما تستطيع به أن توفر لنفسها حماية، وكنا نتألم كلما فقدنا ركنا من أركاننا، حين نستشعر ـ مع إيماننا بالأجل ـ أن حوادث من هذا النوع يمكن دفعها بعدد من الحراس يتقاضون بضعة مئات من الدولارات، لذلك نحن نعتمد على وسائل بديلة لحماية أنفسنا، لا أظن من المناسب الكشف عنها.<BR>أما بالنسبة إلى التوازنات، فلا توجد توازنات، لأن <font color="#0000FF">العالم السني دمه مهدور، تستهدفه قوات الاحتلال وأجهزتها القذرة، وتستهدفه الأجهزة الحكومية من حرس حكومي وشرطة، وتستهدفه الميليشيات، وتحرض على قتله عشرات المواقع الطائفية عبر الإنترنت، وعدد ليس بالقليل من الفضائيات الطائفية، فضلا عن تحريض رجال دين طائفيين</font>، يعرف الناس أسماءهم، ويحتفظون لهم بتسجيلات فيديو وصوتية، وما لم يصل أسماع الناس أعظم.<BR>كل هؤلاء يعملون بحرية كاملة، وغطاء من الاحتلال والحكومة، وتمويل من أطراف في بعض دول الجوار ـ للأسف الشديد ـ، وهذا ما يفسر لنا كثرة عدد الذين تم اغتيالهم من أعضاء هيئة علماء المسلمين، والذين أربوا حتى اللحظة على مائتين، فإذا أضفنا علماءنا من غير أعضاء الهيئة، فالعدد يزيد على ثلاثمائة قطعا.<BR><font color="#0000FF">* ولم تشهد الطوائف الأخرى استهدافا لعلمائها على نحو ما جرى لنا، مما يمنح علماءنا شرف الصبر، والتسامي عن الرد بالمثل، وأن باطنهم مثل ظاهرهم، يتمتع بالنقاء، فليس لديهم وجهان. </font><BR><BR><font color="#ff0000">* هل تعاني الهيئة أزمة مالية ـ مثلما يقال ـ تجعلها غير قادرة على التوسع الإعلامي والسياسي بالقدر الذي تطمح إليه؟ </font><BR>هذا صحيح ، ربما إجابتي السابقة توحي بوجود هذه الأزمة. <BR>نحن نقوم بمهام كثيرة، وفي ميادين شتى، وتغطية هذه النشاطات تتطلب نفقات كبيرة.<BR>ولأننا منذ البداية لم نسر في الخط الأمريكي، فرض علينا طوق من الحصار، يشبه حصار شعب أبي طالب، في الداخل والخارج، ولكننا لم نهن، ولم نستسلم ، وانطلقنا في ضوء الإمكانات المتاحة.<BR>وأشهد أننا كنا نتلمس بركات الرحمن، ومنحنا قوة تأثير في مواقف عديدة تعدل قوة دول، واستطعنا بهذه الإمكانات أن نمتد طولا وعرضا في البلاد، وأن ينتمي لهيئتنا أعضاء بالآلاف. أما نشاطنا الدبلوماسي في الخارج، فشيء نحمد الله عليه، فعلى الرغم من الخطوط الحمر التي وضعتها الإدارة الأمريكية علينا في الدول العربية والإسلامية، ولاسيما دول الجوار، تمكنا ـ بفضل الله ـ من كسر هذه القيود، وحققنا إنجازات كبيرة لقضيتنا، قد يأتي الوقت المناسب للكشف عنها.<BR>ونحن الآن بصدد العمل على اختراق أوروبا على مستوى الحكام والشعوب، وتحريك منظمات المجتمع المدني بما يخدم قضايانا جميعها.<BR><font color="#0000FF">ويقينا، لو كانت إمكاناتنا جيدة، لحققنا إنجازات أعظم بإذن الله، واختزلنا الوقت في إخراج العراق من هذا المأزق. </font><BR><BR><font color="#ff0000">* بعد أربع سنوات من الغزو تتحدث الولايات المتحدة عن 3232 تقريبا قتلوا من جنودها، كم تتوقعون أن يكون وصل إليه العدد الحقيقي لقتلى الأمريكيين في العراق؟ </font><BR>هذا العدد المعلن لقتلى الجنود الأمريكيين عندنا يثير السخرية، ولدينا طرفة معبرة يتندر بها الناس، يقولون: إن طيارا أمريكيا جاء لينقل جثث موتى إلى حيث ترسل إلى الخارج في يوم شديد البأس على الأمريكيين، وكانت الجثث تزيد على 50 جثة، وهو في الطريق صدر بيان أمريكي أن الخسائر الأمريكية هي خمسة جنود فقط، فذهل الرجل وهو يرى أن طائرته وحدها تحتوي على خمسين جثة، فقصد مكان الجثث، وخاطبهم: رجاء، الزائد على العدد ينزل من الطائرة !!<BR>وراء إخفاء العدد الحقيقي أسباب، منها، أن في الجيش الأمريكي أعدادا كبيرة دخلوا فيه على أمل أن يحصلوا على الجنسية الأمريكية، وهؤلاء يطلق عليهم فئة الـ (جرين كارد)، هؤلاء تبرم معهم اتفاقات: إن عادوا سالمين يمنحون الجنسية، وإن قتلوا فلا تسلم جثثهم إلى أهليهم، وليس لذويهم الحق في المطالبة بجثثهم .<BR>هذه حقوق الإنسان !!<BR>وهل ثمة أكثر امتهانا للإنسان من هذا التعامل؟!.<BR>أما حقيقة الخسائر الأمريكية، فيصعب إعطاء الرقم الحقيقي لها، لكن لدينا اعتبارات تمكننا من إعطاء أرقام قريبة من الواقع حسب توقعاتنا.<BR><font color="#0000FF">نحن نقدر عدد الذين قتلوا من قوات الاحتلال خلال السنوات الأربع بما يربو على خمسة وثلاثين ألفا، ويبلغ عدد الجرحى ضعفي هذا العدد..والله أعلم. </font><BR><br>