- هذه هي أسباب تركيز المنصّرين على إندونيسيا.<BR>- التطور الاقتصادي في بلادنا سيخدم الدعوة الإسلامية لتقاوم التنصير.<BR>- بعد كفاح سنوات طويلة انتزعنا حق الحجاب في المدارس والجامعات.<BR>- الصحوة الإسلامية الإندونيسية تقلق العلمانيين.<BR><BR><BR><BR>أجرى الحوار: السيد أبو داود<BR><BR><BR>إندونيسيا دولة إسلامية كبرى فهي أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان الذي يتجاوز مائتي مليون نسمة، ومن حيث المساحة أيضاً. استطاعت إندونيسيا يوما أن تصبح أحد النمور الاقتصادية، ولكن مؤسسات التنصير العالمية تركز على هذه البقعة الإسلامية.<BR> وعن هموم التنصير في هذا البلد الإسلامي، وكذلك هموم العمل الإسلامي، كان لنا هذا اللقاء مع طيب محمد مزين (رئيس المجلس الإندونيسي الأعلى للدعوة الإسلامية).<BR><BR><font color="#0000FF">لماذا تركز مؤسسات التنصير العالمية على إندونيسيا؟</font><BR>ترجع ضراوة التنصير في إندونيسيا لعدة أسباب: جغرافية، وتاريخية، وثقافية وسياسية.<BR> فمن الناحية الجغرافية تتكون إندونيسيا من حوالي سبعة عشر ألف جزيرة تملأ المساحة بين قارتي آسيا واستراليا ما يجعل السفر والتنقل بين هذه الجزر بالمواصلات الحديثة يستغرق ساعات طويلة وربما أياماً، والجزر المترامية البعيدة التي لا ترتبط بشبكة مواصلات جيدة مع باقي الجسد الإندونيسي يركز عليها المنصرون ويضغطون عليها فتنهار بسرعة حيث هناك العزلة والانفراد، ويصبح من الصعب إنقاذها في حالة تعرضها لخطر يهدد دينها.<BR> وقد أدرك المنصرون، بدهائهم ذلك، فركزوا حملتهم على إندونيسيا وهي أشد تركيزاً في الجزر البعيدة. وكان لقرب إندونيسيا نسبيا من أمريكا واستراليا والفلبين أثره في تسهيل مهمة المنصرين في الوصول إليها حيث لا يفصل بينها وبينهم إلا بحار يمكن قطعها مباشرة دون أية عوائق جغرافية وسياسية.<BR><BR>أما عن الأسباب التاريخية فإن إندونيسيا – مثل العديد من دول العالم الإسلامي -تعرضت لحملة عسكرية استعمارية كبيرة للسيطرة عليها ونهب ثرواتها وقد قام بهذا الدور هولندا بعد البرتغال وإسبانيا وكذلك إنجلترا بصورة مؤقتة. وقد ساعدت هذه الدول عمليات التنصير بكل ما تملك.<BR>وكمثال لذلك فإن منطقة تيمور الشرقية كانت محافظة إندونيسية، ومع أن إندونيسيا قد حصلت على استقلالها عام 1945 فإن البرتغال عادت إلى تيمور الشرقية متشبثة بها فبقيت وحدها دون إندونيسيا تحت الاستعمار البرتغالي الصليبي حتى عام 1974 حين وافق البرتغاليون على حق تقرير المصير لشعب تيمور، ولكنهم خلفوا وراءهم حكومة ذات أقلية شعبية مما أدى إلى نشوب حرب أهلية لم تلبث أن انتهت باتحاد الأحزاب كلها في تيمور من أجل الانضمام إلى إندونيسيا. وفي عام 1976 وتحت ضغط المقاومة تم إجراء استفتاء عام فقرر الأهالي الانضمام إلى إندونيسيا لتصبح المحافظة رقم 27، لكن الغرب، والكنائس الغربية، عملوا جاهدين حتى اقتطعوا هذا الجزء الغالي من الجسد الإندونيسي.<BR><BR>أما بالنسبة للأسباب الثقافية فقد تبين بعد دراسة متأنية أن عمليات التنصير تبلغ أشدها حين يستشري الجهل وحين يعيش الناس حياة أقرب لحياة الحيوان، ففي بعض الحالات يعيشون عراة كما ولدتهم أمهاتهم في غابات نائية وجزر متفرقة تفترسهم الأزمات والمجاعات والأمراض مع الجهل الكامل بالإسلام وإن كانوا يحسبون من ناحية الإحصاءات على الإسلام وهؤلاء يمكن بمجهود بسيط وبقليل من الطعام والدواء تحويلهم إلى ما يريده المنصرون.<BR><BR>ومن حيث الأسباب السياسية فإن الحكومة الإندونيسية تقوم على عدم التمييز بين الإسلام وغيره من الديانات، ومن ذلك منح إجازة رسمية للبوذيين والهندوس في أعيادهم على ندرتهم. وأما أعياد النصارى فتدق لها الطبول وتتوقف الأعمال وتتم الدعاية الصاخبة لهذه الاحتفالات في كل وسائل الإعلام حتى يظن الجاهل أن البلاد كلها من المسيحيين برغم أنهم أقلية نادرة.<BR> وهذه الدعاية تعطي صورة غير واقعية عن قوة التنصير وكفاءته. بل إن الدولة تسلك طريقا غير عادل بين المسلمين والنصارى في مساعداتها الخاصة بالعبادات.<BR><BR><font color="#0000FF">إذا كان غير المسلمين أقليات نادرة، فلماذا يتم التضخيم فيهم والإغداق عليهم بالمساعدات؟</font><BR>هذا بالتأكيد راجع لضغوط منظمات التنصير وحكوماتها، فالإحصاءات الحكومية الرسمية رغم أنها لا تعلن حقيقة ظلم المسلمين كاملة، تقول: إن أماكن العبادة لغير المسلمين إنما تبنى بأموال المسلمين، وكذلك الكتب الخاصة بغير المسلمين تطبع من أموال المسلمين.<BR>فإحصاء 1997 يقول إنه تم بناء 2300 مسجد في كل أنحاء إندونيسيا بينما شهد نفس العام بناء 203 كنيسة بالإضافة إلى 200 معبد للطوائف الأخرى، أي أن دور العبادة لغير المسلمين 503 وهي نسبة 1 – 4.5 للمسلمين.<BR> مع العلم بأن عدد السكان 200 مليون منهم 20 مليوناً غير مسلمين والباقي مسلمون، فتكون النسبة 1: 10 بينما يحصلون على ربع نسبة المسلمين وهذا ظلم صارخ للمسلمين.<BR>وكذلك الحال في الكتب والمطبوعات غير الإسلامية، ومنها يتضح أن ربع الميزانية الخاصة ببناء أماكن العبادة والكتب الدينية يعطى للأقليات غير الإسلامية رغم أنهم لا يتجاوزن 1/10 عدد السكان.<BR><BR><font color="#0000FF">باستثناء التنصير، ما هي أهم المشكلات التي يعاني منها المسلمون في إندونيسيا؟</font><BR>نعاني أساسا من الجهل بتعاليم الإسلام، وهذه مشكلة خطيرة لأن معرفة الإسلام معرفة جيدة ستدعم الإسلام في إندونيسيا وستقطع الطريق على الذين يستغلون ذلك؛ فإن كان المسلم الإندونيسي ليس محصنا تحصينا كافيا، فمن السهل على غيره أن يستغله، ومن السهل عليه هو شخصيا أن ينخدع، لكننا الآن بصدد زيادة أعداد المدارس والمعاهد الإسلامية وأماكن تحفيظ القرآن.<BR> وربما مع هذه الزيادة تترسخ الهوية ويعرف المسلمون نوايا أعدائهم والأبواب التي يتسللون منها لتنصيرهم، كما أن لدينا مشكلة الفقر، وهي ليست في الموارد وإنما في طريقة استغلال هذه الموارد الطبيعية.<BR>ورغم أن التطور الاقتصادي الذي حدث عندنا مذهل فهناك تفاوت كبير بين الطبقات ومازال كثير من الإندونيسيين لم يتمتعوا بمنجزات التنمية، وكثير من المسلمين يقبعون في الطبقات الدنيا وبالتالي تكون ضغوط التنصير عليهم شديدة.<BR><BR><font color="#0000FF">إذا كان التنصير على هذا القدر من الخطورة فما هي جهود المنظمات الإسلامية في مواجهته؟</font><BR>نتيجة لجهود ومخططات التنصير تنصر بعض المسلمين تحت ضغط المعاناة والحاجة، ولم يتنصروا عن اقتناع، وهذه أهم نقطة في الموضوع، فلا المسلم الذي ينصرونه يقتنع بالنصرانية ولا المنصرون مقنعون في كلامهم، هذا هو وجه العملة الأول.<BR>أما الوجه الثاني فهو أن هناك الكثيرين من النصارى وغير النصارى يدخلون في الإسلام. وعموما، فإن الأحوال الاقتصادية في إندونيسيا تتحسن وهذا سيفيدنا – إن شاء الله – في مجال الدعوة حيث سيتخلص المسلمون من الفقر الشديد والحاجة المهلكة.<BR>ونحن الآن نقوم بتحليل كامل للأوضاع وتكثيف الجهود لإعادة من تنصروا للإسلام، فالإسلام مقنع بطبيعته وسهولة عقيدته ويناسب تماما الفطرة الإنسانية. لكننا – كمنظمات إسلامية – نحتاج إلى عون مادي وفني من إخواننا المسلمين القادرين، وفي النهاية فلن يستطيع المنصرون تحقيق مآربهم رغم ما ينفقونه من أموال وستبقى إندونيسيا مسلمة _إن شاء الله_.<BR><BR><font color="#0000FF">ما هو حجم الإمكانيات المتاحة لغير المسلمين في إندونيسيا؟</font><BR>المشكلة كما قلنا في التنصير ومنظماته والذين يتعاونون مع الأقلية النصرانية وقد استغلوا الظروف واستطاعوا إقامة مؤسسات تجارية وصناعية وإعلامية وتعليمية وصحية وملاجئ كثيرة في كل مكان وخاصة في أماكن تواجد المسلمين الفقراء، حتى لا يجدوا إلا ملاجئهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم فيذهبوا إليها، واستطاعوا شراء مساحات كبيرة من الأراضي، وساعدهم كل ذلك صعود النصارى المتعصبين إلى مراكز استراتيجية في الدوائر الحكومية بمختلف مستوياتها.<BR><BR><font color="#0000FF">هل استفادت إندونيسيا في تقدمها الاقتصادي من الإسلام؟</font><BR>نعم نستفيد وفي طريقنا لاستفادة أكبر، ومنذ سنوات أقيم المؤتمر العالمي للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في إندونيسيا وبالتحديد في مصنع "نوستنارا للطائرات" وهذا له مدلوله وهو الربط بين العلوم والتكنولوجيا وما ورد في القرآن والسنة مع محاولة أن يتأثر العلماء والمفكرون بما في الإسلام وما يمكن أن تشكله الرؤية الإسلامية والمرجعية الإسلامية من ضبط للمنهج العلمي الذي يهدف في النهاية إلى خدمة الإنسانية ولا يعمل على تدميرها، يحافظ على البيئة ولا يستنزفها. والمرجعية الإسلامية في هذا الصدد في غاية الأهمية ولا يوجد مثيل لها في النظريات والأيدلوجيات العالمية.<BR><BR><font color="#0000FF">ماذا عن الصحوة الإسلامية في إندونيسيا؟ وهل تعاني من تشرذم وتفرق؟</font><BR>الصحوة موجودة ومظاهرها متعددة من حيث تمسك الشباب بتعاليم الإسلام وانتظامهم في حلقات لقراءة وحفظ القرآن وفي انتشار الحجاب الذي هو في ازدياد مستمر، وقد كان ممنوعا على طالبات المدارس والجامعات، ولكن بعد سنوات من المحاولات والضغط سمحت به الحكومة.<BR>وهناك حرص من الشباب على تخطف الكتاب الإسلامي. وبالتأكيد توجد خلافات بين فصائل الصحوة الإسلامية ولكنها ليست حادة بالصورة الموجودة في الدول العربية. والمتعامل مع الصحوة عندنا يلاحظ أن هناك قدرا جيدا من التنسيق بين الجماعات العاملة في مجال الإسلام. كما أن الصحوة عندنا تحاول أن تأخذ خبرات الآخرين كي لا تقع فيما وقعوا فيه من أخطاء؛ ولهذا فإن أخطاءنا بسيطة وأسلوبنا غير عنيف، وبدأنا نهتم بالمجالات التي يهتم بها المنصرون فنبني المستوصفات والمدارس والمعاهد الإسلامية ونتفاعل مع الناس على المستوى الاجتماعي.<BR><BR><font color="#0000FF">هل هناك تضييق على الإسلاميين والدعوة الإسلامية؟</font><BR>الوضع أفضل الآن عن أيام سوكارنو وسوهارتو، حيث كنا نخاف من الإعلان عن تحركاتنا كإسلاميين أو حتى إظهار الرموز الإسلامية، فقد بقيت الحركة الإسلامية والإسلاميين لعقود على هامش الحياة في المجتمع الإندونيسي لعقود، بسبب سياسات عدد ممن كانوا في حكم الرئيسين من النصارى والعلمانيين، في تلك الأيام لم يكن لدينا مجال للعمل الإسلامي والدعوي، وكانت عملية إشاعة الثقافة الإسلامية صعبة للغاية حتى مطلع عقد التسعينيات، وكانت حملات القمع والسجن للإسلاميين على أشدها. <BR>أما الآن فنحن في جو تنافسي ساخن، الجميع يتحرك ويعمل سواء الشيوعي أو الإسلامي، فعلى سبيل المثال فإن المجلات الإسلامية واليسارية والخليعة كلها تباع، فالساحة مفتوحة للجميع.<BR>لكن ما يقلق هو أن الولايات المتحدة تدعم المنظمات غير الحكومية المعادية للإسلام باسم دعم قضايا حقوق الإنسان بمئات المليارات من الروبيات، وتبرر ذلك بأنه من أجل الدفاع عن القضايا الإنسانية. <BR><BR><font color="#0000FF">ماذا عن حجم العلمانية والتيار التغريبي في إندونيسيا؟</font><BR>التيار العلماني في إندونيسيا ينطلق من مقولة أن الدولة المثالية هي الدولة العلمانية، وينظرون للنموذج الأمريكي على أنه النموذج الأمثل، وهم يتحدثون عن المبادئ الخمسة والدستور، قائلين: إن ذلك مؤسَّس على أن الدولة تكفل حرية الاعتقاد والممارسة لكل الأديان الرئيسية، وأن الدين مؤسسة خاصة وليست من مهام الدولة؛ ولذلك لا تقوم الدولة بالاهتمام بالمؤسسات الدينية لأي دين كان، والدولة تحترم كل الأديان بدون تفضيل، وتعطي نفس الحقوق والامتيازات والضمانات والتسهيلات للجميع بدون تفضيل، وليس من مسؤولية الدولة أن تدعو الناس لدين معيّن أو تجبرهم على اعتقاده أو تركه أو الالتزام بتعاليمه، وتعارض الدولة كل عمل أو تحرك يثير مشاعر الغضب عند أصحاب دين معين، بل إن للمواطن الحق ألا يلتزم بالدين الذي يعتنقه حسب إرادته وليس للدولة الحق في التدخل في حياته. <BR><BR>ولأن العلمانيين يرصدون نمو الصحوة الإسلامية، وأن الإسلام بدأ يعود إلى الحياة العامة في إندونيسيا، من خلال مظاهر معينة مثل انتشار الحجاب في المؤسسات العامة والجامعات، ومن خلال تصاعد الوعي بتطبيق الشريعة في قضايا الأحوال الشخصية، وحرمة زواج المسلمة من غير المسلم، ومن خلال تكثيف الدعوات الخاصة بإحياء المحاكم الدينية، نتيجة ذلك كله بدأ العلمانيون يرددون مقولة إن تأسيس دولة دينية يعني ضعف كيان الدولة وهيبتها. <BR><BR><br>