استهلال: لن تكون مواد المرصد الإعلامي -هذه المرة- متنوعة مثلما هي خطتنا الأصلية وما التزمناه في المواد السابقة، فسوف نخصصها لقضية كبيرة الأهمية شغلت المجتمع السعودي ووجدت صداها في مختلف الأوساط الإسلامية في شتى أرجاء العالم، لما تعنيه المملكة العربية السعودية لكافة المسلمين –ونعني أكثريتهم الساحقة وهم أهل السنة والجماعة-، فهي مهبط الوحي ومنطلق الرسالة الخاتمة، وهي البلد الوحيد الذي يتخذ من كتاب الله عز وجل ومن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم –رسميا وشعبيا-تتخذ من الوحيَيْن دستورا ينظم جميع شؤون الدولة والمجتمع، وإذا وُجِدت أخطاء فلا تتجاوز وقائع هنا وهناك، في الجانب التنفيذي وليس رفضا للحكم الشرعي أو استهانة به-لا قدّر الله-.
القضية التي صدمت السعوديين والمسلمين المتابعين لمجريات الأمور في البلد الريادي في العالم الإسلامي، بدأت بمقالتين لاثنين من الكتبة طَعَنَا في قطعيات دينية معلومة من دين الإسلام بالضرورة، فلما سئل فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك عما نشره الكاتبان في صحيفة سيارة، فأفتى بلزوم محاكمتهما أمام القضاء الشرعي، وأوضح أن قائل هذه المقولات يكفر بما أُنزِل على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، ويجب على القاضي أن يستتيبه فإن أصرّ مع انتفاء الموانع وجب قتله.
وهنا ثارت أقلام أغيلمة العلمانية متدثرين بأكذوبة حرية الفكر، في خلط متعمد بينها وبين حرية الكفر!!وافتروا على الشيخ الجليل وقوّلوه ما لم يقلْه.
وقبل أن نعرض نوعا من التوثيق-مع أقل قدر ممكن من التعليقات الضرورية-ينبغي لنا تسجيل الملاحظات الجوهرية الآتية:
1- أن المجتمع السعودي ليس معتادا على مثل هذه المقولات الكفرية الرهيبة بحكم بنيته وتكوينه وطبيعة ممارسة السلطة فيه.
2- أن التشكيك الساقط في الثوابت الشرعية يأتي متزامنا مع أشرس هجمة صليبية على الإسلام ومقدساته ورموزه(يكفي التذكير بالرسوم الدانمركية الحقيرة وإعادة نشرها في 17 صحيفة هناك، وكذلك الفيلم الهولندي التافه...).!!
3- أن كل الممارسات العلمانية السابقة كانت تتحايل –زعموا- بالتسلل من خلال قضايا خلافية يحرّفونها عن مواضعها، ولم تبلغ بهم الوقاحة حدود التهجم على القطعيات!!
4- أن هذا النهج التضليلي أفلس في المجتمعات العربية التي فُرِضَ عليها التغريب القهري عشرات من السنين، فكيف يظن هؤلاء أن يتم تسويق الكفريات في المجتمع السعودي الذي لم تتدنس أرضه بالاستعمار الصليبي الذي ابتُلِيَتْ به أكثر ديار المسلمين الأخرى.
5- أن هذه الفئة الضالة المضلة تدعم عمليا الفئة الضالة إذ تروّج الأخيرة لانحرافاتها مستدلة بما ينشره التغريبيون المسيطرون على منابر إعلامية مهمة يحتكرونها ويمررون فيها رأيهم الأحادي مع طمس الموقف الشرعي الذي يمثله علماء المملكة المعروفون والموثوق في علمهم وسلوكهم-نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا-.
نص الفتوى:
ونبدأ بالسؤال الذي وُجّه إلى الشيخ البراك وهو: فضيلة الشيخ/ عبدالرحمن بن ناصر البراك سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد شاع في كثيرٍ من الكتابات الصحفية جملةٌ من المخالفات الشرعية المصادمة لأحكام الشرع المطهَّر. وفي الفترة الأخيرة تجاوزت تلك الكتابات إلى المساس بقاعدة الدين ومفاهيمه الكبرى. فقد نشر بجريدة الرياض عدد (14441) مقالةٌ بعنوان: (إسلام النص، وإسلام الصراع)، قرَّر كاتبها أن من التشويه والتحريف لكلمة (لاإله إلا الله) القول باقتضائها الكفر بالطاغوت ونفي سائر الديانات والتأويلات، أو أن معناها: (لا معبود بحقٍ إلا الله). ونشر بالجريدة نفسها في العدد (14419) مقالةٌ بعنوان: (الآخر في ميزان الإسلام) قرَّر كاتبها أن الإسلام لا يكفِّر من لا يدين به إلا إذا حال بين الناس وبين ممارسة حرية العقيدة التي يدينون بها. وزعم أن دين الإسلام ـ خلافاً لرأي المتشددين ـ لا يكفر من لم يحارب الإسلام من الكتابيين أو من أتباع العقائد الأخرى، بل عدَّهم من الناجين.
وبرفق السؤال صورة من المقالتين المذكورتين. فما قولكم في ذلك حفظكم الله.
جواب الشيخ:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
الحمدلله . فإن من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامةٌ للبشرية كلها، بل للثقلين الجنِّ والإنسِ. فمن لم يقرَّ بعموم رسالته فما شهد أن محمداً رسول الله، مثل من يقول: إنه رسولٌ إلى العرب، أو إلى غير اليهود والنصارى. ومقتضى عموم رسالته أنه يجب على جميعِ البشر الإيمان به واتباعه. سواءٌ في ذلك الكتابيون اليهود والنصارى، أو الأميون وهم سائر الأمم. قال ـ تعالى ـ: (فإن حاجُّوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعنْ. وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم. فإن أسلموا فقد اهتدوا. وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصيرٌ بالعباد). وقال ـ تعالى ـ: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً). وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وكان النبي يبعث إلى قومه خاصةً، وبعثت إلى الناس عامةً). وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عليه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة؛ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ. ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلتُ به إلا كان من أصحاب النار).
ومن هذا الأصل أخذ العلماء أن من نواقض الإسلام اعتقادَ أن أحداً يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فمن زعم أن اليهود والنصارى أو غيرهم أو طائفةً منهم لا يجب عليهم الإيمان بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، ولا يجب عليهم اتباعه، فهو كافرٌ وإن شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وبهذا يتبين أن (من زعمَ أنه لا يكفرُ من الخارجين عن الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، إلا من حاربه)، أو زعم (أن شهادة ألا إله إلا الله لا تقتضي الكفر بما يعبد من دون الله، والبراءة منه ومن عابديه، ولا تقتضي نفيَ كلِّ دينٍ غير دين الإسلام مما يتضمن عدم تكفير اليهود والنصارى وسائر المشركين) فإنه يكون قد وقع في ناقضٍ من نواقض الإسلام. فيجب أن يحاكم ليرجع عن ذلك. فإن تابَ ورجع، وإلا وجب قتله مرتداً عن دين الإسلام، فلا يغسَّل ولا يكفَّن، ولا يصلى عليه، ولا يرثه المسلمون. فنعوذُ بالله من الخذلان وعمى القلوب، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
وإن من المؤسف المخزي نشر مقالاتٍ تتضمن هذا النوع من الكفر في بعض صحف هذه البلاد المملكة العربية السعودية؛ بلاد الحرمين. فيجب على ولاة الأمور محاسبة هذه الصحف على نشر مثل هذا الباطل الذي يشوِّهُ سمعة هذه البلاد وصورتها الغالية. وليعلم الجميع أنه يشترك في إثم هذه المقالات الكفرية كل من له أثرٌ في نشرها وترويجها من خلال الصحف وغيرها، كرؤساء التحرير فمن دونهم كلٌ بحسبه. فليتقوا الله وليقدروا مسؤوليتهم و مقامهم بين يدي الله. نسأل الله أن يهديَ الجميع إلى صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه عبدالرحمن بن ناصر البراك.
غرة ربيع الأول 1429هـ.
وقفة علمية شُجاعة:
وفي مواجهة حملة التضليل المنظمة لتحريف حقيقة ما جرى، اضطر عشرون من أبرز العلماء في المملكة العربية السعودية إلى إصدار بيان يضع الأمور في نصابها ويجلّي طبيعة فتوى الشيخ البراك. فقد أكد العلماء العشرون أنّ هذه الفتوى قد دلّ عليها كتاب الله و سُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم ; و قرّرها أهل السُّنّة والجماعة , وهي أمرٌ مجمعٌ عليه بين علماء المسلمين ومعلومٌ من الدين بالضرورة وليس لأحدٍ من الناس أن يشكك فيه .
وكلام شيخنا واضح بإيكال الأمر وإسناده إلى ولي الأمر استناداً إلى عبارته بوجوب محاكمته، ولما عرف وشاع واستفاض من منهجه وما ربّى عليه تلامذته.
ومن بين العلماء الموقعين على البيان كل من أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي -الدكتور محمد بن سليمان البراك -الدكتور عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف -الدكتور محمد بن عبدالعزيز المسند -الشيخ / محمد بن أحمد الفراج ....
موقف الشيخ الفوزان:
ومكانة فضيلته في المسيرة العلمية المعاصرة أكبر من الحديث عنها.فهو عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء، ومما ورد في بيانه الرائع:
(....يريد هذا الكاتب أن يبطل مدلول لا إله إلا الله الذي هو الكفر بالطاغوت والإيمان بالله كما قال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} والمدلول الذي وضحه الله تعالى بقوله: {إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون. ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون . بل جاء بالحق وصدق المرسلين} وقال عن الكفار {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلهاً واحدا إن هذا لشيء عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم} وقال سبحانه عن البراءة من المشركين فيما ذكره عن إبراهيم الخليل عليه السلام: {ولم يك من المشركين} وقال عن محمد صلى الله عليه وسلم: {وما أنا من المشركين} وقال سبحانه عن المسلمين: {ولا تكونوا من المشركين . ومن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً} وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار .ما تعبدون من دونه إلا أسماءً سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم} وقال سبحانه عن المخالفين لهذا الدين: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد} وأمر بقتالهم فقال سبحانه: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وأمر بالبراء منهم فقال سبحانه {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) وكل هذا يبطله الكاتب ويعتبره تشويها بجـرة قلم...). وخلص فضيلة الشيخ الفوزان إلى أن مسعى هذا الكاتب وأشباهه لا شك خائب وخاسر، متمثلا بقول الشاعر:
كناطح صخرة يوما ً ليوهنها *** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
فهذا دين الله الذي بعث به رسله من أولهم إلى آخرهم وتكفل بنصرته فقال سبحانه: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} ..
الشيخ الراجحي يفضح جهالات أبا الخيل:
فقد قال: لقد اطلعت في جريدة الرياض اليومية الصادرة يوم: الأحد 6 ذي الحجة 1428هـ - 16 ديسمبر 2007م - العدد 14419. للكاتب المدعو: يوسف أبا الخيل؛ فساءني ما يسوء الغيورين من أهل الإيمان, حيث إنني رأيت أنه يورد ما تشابه من النصوص ويستند عليها حتى لا يكفر ما يسميه الطرف الآخر من غير المسلمين.
وأضاف:إن آيات تكفير من لا يدين بدين الإسلام قطعية الثبوت والدلالة لا تحتمل الخوض فيها، فرسالة محمد ناسخة لكل شريعة سابقة، فمن لم يَدِنْ بدين الإسلام الذي جاء به محمد فهو (كافر).
ومن الآيات التي تدل على ذلك قوله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} [آل عمران: 85]، قوله تعالى: {إن الدين عند الإسلام}، وقوله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار)، وخص اليهودي والنصراني لأنهم أكثر الأديان انتشارا في عهده، ويدعون أتباعهم لكتاب منزل، ويدعون التوحيد...
وهذه مغالطات في بعض الآيات وقع فيها الكاتب منها استدلاله بقوله تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} على أن هؤلاء باقون على الحياد، فالآية في بيان أن من انتمى إلى (الإيمان) بالله ورسوله محمد، وهم كانوا على دين سابق، فإنه لا خوف عليهم ولاهم يحزنون.
- إن لفظة (كافر) ليست لفظة اصطلاحية مبتكرة, بل هي لفظة قرآنية محكمة لا لبس فيها, ولا شبهة بين علماء المسلمين, وكلمة كافر ليست خاصة باليهود والنصارى فقط, بل هي لفظة تطلق على كل من لم يبتغ غير الإسلام دينا كالبوذي، والهندوسي، والمجوسي، والشيوعي ناهيك عن اليهودي والنصراني؛ بل حتى على من يدعي الإسلام وهو يمارس ناقضا من نواقضه معلوما من الدين بالضرورة كالبهائي والقادياني وغيرهم.
كما أنه قد جاء صريحا قول الله في آيات صريحة في تكفير اليهود والنصارى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} و {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} والآيات كثيرة.
قال ابن كثير(1/471):وقوله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام} إخبار منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته فليس بمتقبل كما قال تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} الآية. وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام: {إن الدين عند الله الإسلام}.
التعاون على الإثم والعدوان:
كشف الشيخ وليد الرشودي مؤامرة علمانية وضيعة لجمع توقيعات لدعم أكاذيبهم في حيق الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى، وذلك عبر مقالة جريئة موثقة، قال فيها:
يتفق العقلاء جميعاً على أن البلد منذ أحداث سبتمبر الشهيرة وهو يمرُّ بمرحلةٍ استثنائيةٍ حرجةٍ لها وضعها الخاص. لكن هناك من يتصور ويريد أن يستمر هذا الوضع الاستثنائي إلى الأبد، لأنه قدرته على التنفس في ظل الأوضاع المضطربة أكثر منها في أوقات الهدوء والاستقرار.
وقد نما لعلمي قبل ليالٍ حديثٌ عن سعي محمد سعيد الطيب وآخرين _أتحفظ على أسمائهم _ لإصدار بيان _وصلتني مسودته_ وجمع التواقيع عليه من أجل تأييد كاتبي جريدة الرياض بعد صدور فتاوى علمية بينت أن كتابتهما فيها ما ينقض الإسلام ويبطله.
محمد سعيد الطيب كان يوماً من الأيام من مؤيدي التيار الناصري البائد، وقد احترقت أوراقه مع أفول شمس ذاك التيار قبل بضعة عقود. لكن يبدو أنه لم يستوعب الدرس السابق، ويريد الآن أن يكرِّر الغلطة نفسها.
لكن مع مجموعة جديدة من الأسماء التي تصغره، والتي ليس لها تجربة كتجربته. هذه المجموعة من الناس لم تستوعب إلى الآن طبيعة البلد الذي تعيش فيه، حيث يخلط بعضهم بين متطلبات فترات الاضطراب والتأزم السياسي المؤقت، وبين القيم و المفاهيم الضاربة بأطنابها في عمق مجتمعنا المحافظ المتدين.
أحداث سبتمبر، وأنشطة الغلو في العالم كله، وهجماته التخريبية في السعودية خصوصاً، كل هذه العناصر أملت وضعاً استثنائياً اتسم بالتوتر في الداخل، والحرج السياسي في الخارج. وقد كان من واجب العقلاء المخلصين لبلدهم مراعاة هذا الوضع والتعامل معه بحذرٍ شديدٍ، من أجل تجاوز المرحلة بأقل قدرٍ ممكن من الخسائر. وهذا ما التزم به كبار أهل العلم بالبلد، حيث مالوا إلى تهدئه الأمور، والبعد عن تصعيد أي خلافٍ داخلي، حتى يكون تماسك الجبهة في الداخل، موازناً للضغط الخارجي المتزايد.
غير أن هناك من كان له رأيٌ وموقفٌ آخر، ممن وجدوا في الضغط الخارجي الأجنبي فرصةً لا تعوَّض من أجل ابتزاز البلد لطرح وتمرير تصوراتٍ شاذةٍ ما كانوا يستطيعون إعلانها، وما كانت لتجد قبولاً من أحد حين كان البلد في وضعه الطبيعي. لذا رأينا طائفةً منهم يلبسون ثوب الإصلاح، في الوقت الذي يسعون فيه لتأجيج الفتنة أكثر من سعيهم لتسكينها، فكانت كتابات بعضهم تتخذ طابع الهجوم و التصعيد المتواصل دون مراعاةٍ لحساسية الوضع الذي تمر به بلدهم. وقد أغراهم صمتُ العلماء الكبار وصبرهم بالمزيد من التطاول والتعدي حرصاً على الإفادة من جراحات الوطن وآلامه. وقد كان لكتاباتهم الاستفزازية أكبر الأثر في تطويل أمد الأزمة وتأجيج نيران الفتنة..
ومن هنا جاء تصريح وزير الداخلية _وفقه الله_ عن اتصالات مشبوهةٍ بالسفارات الأجنبية، وجاء التعميم لوزارة الإعلام بضرورة منع الصحفيين من التغطية الإعلامية لأنشطة السفارات، إضافةً لتعميم آخر للجامعات يقضي بمنع استقبال الدبلوماسيين دون تنسيق مسبقٍ مع الخارجية. كل هذه الإجراءات كان المقصود منها الحد من أنشطة العاملين في الداخل من أجل خدمة مشاريع العدو عبر سفاراته التي تتمتع بالحصانة الدبلوماسية.
كان هناك ضغطٌ خارجيٌّ عشوائيٌّ، وكان دورُ تلك الفئة الشاذة توجيه هذا الضغط وتركيزه على مفاصل القوة المعنوية في البلد لزعزعتها والقضاء عليها.
على أن عبثَ بعض تلك الفئة لم يقتصر على التهجم على جهات رسمية شرعية، أو هيئات اجتماعية، أو طعن في شرعية النظام الحاكم، بل امتد ليتجاوز حدود المعقول، و ليمس مباشرةً بالقواعد الدينية الكبرى، وهو ما وقع فيه كاتبا صحيفة الرياض قريباً، مما نتج عنه صدور فتوى الشيخ العالم عبدالرحمن البراك، وما تلاها من تتابع التأييد لها من سماحة المفتي، ثم عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان، ثم الشيخ عبدالله بن جبرين، ثم الشيخ عبدالعزيز الراجحي، مع مجموعة أخرى من أهل العلم المتخصصين، الذين هم محلُّ ثقة الناس وقبولهم.
تلك الفتاوى لم تكن نشازاً، فقد صدرت قبلها فتاوى مماثلة من الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالله بن حميد و الشيخ عبدالعزيز بن بازٍ والشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمهم الله ـ ومن دار الإفتاء، وهيئة كبار العلماء بالمملكة. لكن سكوت أهل العلم طيلة السنوات الماضية مراعاةً للوضع الحرج الذي كانت تمر به البلد أغرى بعض المفتونين، فتوهموا أنهم لن يسمعوا إلى الأبد كلمة حقٍّ يقولها فيهم علماء كبار لا يمكن الضغط عليهم من خلال ممارسة التشويه الإعلامي أو الوشاية الأمنية بمحاولة إلصاقهم بالإرهاب أو تنظيم القاعدة. إذ مخالفة أولئك الكبار ـ بل عداوتهم ـ لتلك التوجهات مشهورة معروفة.
غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل ستكون فتيا الشيخ عبدالرحمن البراك ومن وافقه من أهل العلم مؤشراً على أن البلد بدأ يستعيد توازنه ويعود لوضعه الطبيعي، وأنه أخذ في استيعاب وامتصاص تداعيات سبتمبر؟
ربما يكون الأمر كذلك. لكن المقطوع به أن هذه الفتيا تعني أن صبر أهل العلم قد نفذ، وأن التعدي والعبث بأصول الدين قد تجاوز كل حدٍّ، فكان عليهم لازما أن يقوموا بما أوجبه الله عليهم من النصح والتبيين مصداقا لقول الله جل وعلا (لتبيينه للناس ولا تكتمونه) ونصحا للأمة من خطر أولئك القوم وقياما بواجب البيعة التي أعطوها ولي أمرهم من كشف أهل الباطل له ليقوم بواجبه الشرعي تجاه هذا الباطل حماية لدين الناس من التحريف والتعطيل.
هناك من يكره أن يسترد المجتمع عافيته، ولا يحب عودة البلد لحالته الطبيعية الأولى. ومن هنا جاء السعي لإصدار بيان مناقض لفتاوى أهل العلم من أجل المحافظة على الوضع الشاذ، والإبقاء على المكتسبات التي تحققت لهم أثناء المحنة التي مر بها البلد.
لكني على يقينٍ أن حسابات هؤلاء النفر خاطئة تماماً. كما أن حسابات الناصريين القدماء، الذين راهنوا على القوى (التقدمية!)، حين تصوروها قادرةً على قلب المجتمعات (الرجعية!) فباءت محاولاتهم جميعاً بالخسران، وعاد المجتمع لهويته الأولى بصورة أقوى. فالقصة لا زالت تتكرر، لكن قليلٌ من يستوعب الدرس ويفهمه.
كل الذي أرجوه في حالة صدور بيان مناقضٍ أن تأخذ جهة الإفتاء الرسمية دورها المنوط بها، وأن تنتقل من الفتوى الفردية الشفهية، إلى البيان الرسمي المعلن. فهذه هي وظيفتها الحقيقية، وهي التي ستضع حداً للفوضى التي يسعى هؤلاء للمحافظة عليها، وإطالة أمدها. فلا بدَّ من الأخذ بزمام المبادرة والبدء في خطوات عملية لإعادة الأمر إلى نصابه.
والله حافظٌ دينه ومعلٍ كلمته ومظهرٌ أمره ولو كره الكافرون
والحمد لله رب العالمين .
"فزعة" رافضية صليبية ملحدة!!
الحمد لله أن الذين هبوا لمؤازرة فجور بني علمان لم يخرجوا عن الزنادقة والرافضة الذين وصل بهم الحقد على الإسلام تأييد كفريات صريحة-حتى في دينهم المحرف-لمجرد التعبير عن ضغائنهم الحادة على الدعوة السلفية الصافية!!
ففي موقع العربية نت كتب شخص يخفي اسمه جبنه مؤيدا الطامات الكفرية واتخذ لنفسه النكرة الجبانة اسما معبّرا هو"ملحد"!!أما احد مواقع الرافضة المعروفة فقد هبّ لنجدة إخوانه في الإلحاد بقطعيات الإسلام، وكعادة القوم المبنية على دينهم"التقية=الكذب هي تسعة أعشار الدين-بدأ الخبر بالكذب والتزوير، ومن ذلك قول الكذاب الأشِر:(أصدر رجل دين سعودي متشدد فتوى كفر بموجبها كاتبين بارزين محرضا على قتلهلما إن لم يتوبا على خلفية مقالات منشورة لهما بصحيفة الرياض السعودية.
وردّاً على استفتاء طالب الشيخ عبد الرحمن البراك في فتواه بمحاكمة كل من عبد الله بن بجاد العتيبي ويوسف أبا الخيل واستتابتهما وإن لم يرجعا عن قولهما كانا بحكم المرتدين.
وفي تحريض صريح على القتل أشار إلى وجوب القتل بتهمة الردة "فلا يغسل ولا يكفَّن ولا يصلى عليه ولا يرثه المسلمون".).
وبالطبع فليس في الإسلام مصطلح "رجل دين" بل هو مصطلح كَنَسيّ محض لكنه يصلح للرافضة فالمرجعية التي تنطق باسم المعصوم المزعوم تشبه البابوية لدى النصارى!!
ولذلك استعملت وكالة رويترز-وربما كان مراسلها نصرانيا أو من عبيد التغريب-استعملت المصطلح ذاته وروجت للأكاذيب نفسها فضلا عن ادعائها الوضيع مهنيا أن العلماء العشرين الذين انتصروا لدينهم "مرتبطون"بالشيخ البراك، فقالت في تقرير لها من الرياض:
الرياض - رويترز
أعلنت مجموعة من رجال الدين السعوديين تأييدهم لفتوى أصدرها عالم زميل لهم، قال فيها إن كاتبين سعوديين يستحقان القتل إذا لم يتراجعا عن آرائهما التي جعلتهما مرتدين.
وقال الشيخ عبد الرحمن البراك (75 عاما)، وهو أحد أكبر رجال الدين في المملكة، في فتوى نادرة الأسبوع الماضي إن الكاتبين لا بد من محاكمتهما بسبب "المقالات الكفرية" المنشورة في صحيفة الرياض، وإعدامهما إذا لم يتوبا....
وأصدرت مجموعة من 20 من رجال الدين المرتبطين بالبراك بيانا الثلاثاء يطلبون من الله العون في مواجهة "الهجمة الشريرة" التي يشنها الليبراليون من خلال "المعتقدات الملوثة"....
وأكد العلماء أن تصريحات الشيخ البراك واضحة من حيث وضع الأمر بيد السلطات حينما قال إنه يتعين أن تكون هناك محاكمة.
كذاب عكاظ!!
وفي جريدة عكاظ كتب المدعو سلطان العامر فإذا به يهرف بما لا يعرف ويأتي بالعجب لمجرد الكذب والانتصار لباطل "إخوانه"وأشباهه.فهذا المريض الأخرق يسخر من مصطلح"منافق"بالرغم من وروده في عشرات من النصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة في القرآن الكريم وفي السنة المطهّرة!ويشكك في أمانة واستقامة السلك القضائي في البلاد، لأنه يقيس قضاة الشرع الحنيف على سادته أصحاب المكاييل المزدوجة.ولم يكن هذا الكويتب أمينا فهو يزعم أن الكاتب المصري الراحل خالد محمد خالد حوكم عندما نشر كتابه(من هنا نبدأ) الذي دعا فيه إلى علمنة الإسلام، مع أن هذا ليس له وجود إلا في مخيلة هذا الكذوب غير الذَّكور، بل تم تلميع خالد حينئذ وتمت رعايته رسميا!!وأكمل العامر انعدام أمانته عندما تجاهل أن خالد محمد خالد كان أصدق منه مع نفسه فقد تراجع عن خطئه في كتاب(الدولة في الإسلام)الذي نُشِر في عام 1984م، وأوضح خالد فيه صراحة أنه كان على خطأ في موقفه السابق من تحكيم الإسلام في شؤون السياسة وغيرها من المناشط الحياتية، وأن مصدر عوجه القديم قياسه الإسلام على النصرانية المحرّفة التي ليس لها شريعة مستقلة!!