د.الفيضي: تأثير "الصحوات" على المقاومة محدود.. ماذا أعدت دول الخليج لـ"الطائفيين".. لن نجير موقفنا ضد مبادئنا
29 ربيع الأول 1429

الأستاذ الدكتور محمد بشار الفيضي (الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق) تحدث لموقع المسلم عن العديد من القضايا الساخنة في العراق، منها ما له علاقة بالصحوات والمقاومة عموماً وتنظيم القاعدة خصوصاً، وتحدث عن مواقف الهيئة إقليميا ومحليا، وحذر من مغبة السكوت عن الطائفية في الخليج.. والعديد من القضايا الأخرى.

*يختزل الإعلام الغربي الصراع إلى "قاعدة" و"صحوة"، فإلى أي مدى أفضت هذه المشكلة إلى الحد من تنامي أو استمرار مشروع المقاومة بالزخم ذاته الذي بدأ به؟

** من الطبيعي أن يقوم الإعلام الغربي بذلك، لأن فكرة وجود مقاومة وطنية بالنسبة للأمريكيين محرجة، فمع وجود احتلال، مؤشر في الأمم المتحدة انه احتلال، فمن الطبيعي أن تكون هناك مقاومة، وهذا يوقع الأمريكيين في مأزق، لكن حينما يقال انه لا وجود لمقاومة، وإنما هناك تنظيم للقاعدة، وهو مصنف عند الدول العظمى وكثير من دول العالم أنه تنظيم إرهابي،وأن ثمة صحوة من أبناء الوطن تقاومه، وأن الأمريكيين يقدمون الدعم لهذا الشعب في معركته ضد هؤلاء، فان هذا سيخرج الأمريكيين من المأزق، بل سيظهرهم بمظهر النبلاء الذين يسعفون الشعوب عند الحاجة، وبذلك ينالون الدعم الدولي بدلا من الملامة، والحق أنهم ليسو نبلاء، فهم من يمارس الإرهاب بحق الشعب، وهم من قتل مئات الآلاف منه،وتسبب في هجرة الملايين، ودمر البنى التحتية وهلم جرا.
أما بالنسبة لتأثيرها على المقاومة، فلا يمكننا الإنكار أن لها تأثيرا سلبيا عليها،لكنه ـ بفضل الله محدود،والشعب بمرور الأيام وكثرة التجارب والحوادث بدأ يميز بين الغث والسمين.

*هل تتوقعون استمرار "ظاهرة" الصحوة؟ وأي نطاق وشعبية وصلت إليه؟ وكيف تقيمون أداءها؟ وهل أنتم راضون عن تعاطي الفصائل المقاومة معها لحد الآن؟ وهل بدأت الصحوة بالتحرش بفصائل من غير القاعدة؟

** ظاهرة الصحوة منذ شهور توقفت عن النمو،بل بدأت بالتراجع على المستوى الميداني والمستوى الشعبي، وذلك لأسباب عديدة، ليس هنا محل بسطها، وبالنسبة لما سميتموه تحرش الصحوة بفصائل من غير القاعدة، فالمعلوم أن تنظيمات الصحوة منذ نشأتها استهدفت فصائل المقاومة جميعا، رغم أن شعارها المرفوع حرب القاعدة، والسبب أنها مشروع أمريكي أعد لضرب المقاومة دون تفريق بين صنف وآخر،وهذا ليس سرا،فالرجل البارز في مشروع الصحوة عبد الستار أبو ريشة، ظهر بتاريخ 19/5/2007م على قناة العراقية في برنامج فرض القانون، وسئل:هل هناك جماعات مسلحة تساندكم في حرب القاعدة، فأجاب:لا..ثم قال لا يوجد شيء يسمى مقاومة أي جماعة مسلحة سوى الجيش والشرطة، إرهابية،والكلام نفسه ردده من بعده شقيقه الذي ورثه في قيادة الصحوة احمد أبو ريشة.
وعمليا استهدفت الصحوة فصائل المقاومة منذ الأيام الأولى لنشاطاتها المسلحة،ويافطة الحرب على القاعدة، هي ذريعة لاستهداف الجميع بدون استثناء.
ولذلك ليس غريبا أن تقوم بعض الفصائل المقاومة باستهداف الصحوات، لأنها هي التي أعلنت الحرب عليها، واستعانت على ذلك بأموال الأمريكيين، ودعمهم.

* هل بات الأهالي في بعض المناطق السنية مرغمين على منح الولاء لمجالس الصحوة المدعومة من الاحتلال؟

** الأهالي كان الله في عونهم، فهم دائما الضحية، قبل الصحوات كان الاحتلال يستهدفهم بالقصف،والمداهمات، والاعتقالات، والحصار، وكانت هناك تنظيمات مسلحة لا تراعي ظروفهم، فتقوم بعملياتها وسط أحيائهم السكنية، فتعرضهم لظلم قوات الاحتلال وردود أفعالهم الهيستيرية، وبعد الصحوات لم يخف الناس ارتياحهم أول الأمر لان الأمريكيين كشفوا عنهم الحصار وقللوا من عمليات المداهمة والاعتقال، وشعر الناس بعودة شيء من الحياة إلى طبيعتها،لكن الناس كانوا يعرفون أن دعاة الصحوة ليسوا في موقع يمكن الوثوق بهم والاطمئنان إليهم، لذلك كان الشعور بالقلق يساورهم دائما.
وبمرور الأيام ظهرت مساوئ الصحوات، وانشغالها بالأموال، وإضرارها بالمجتمع، فظل الناس في وضع لا يحسدون عليه.
* بخلاف عيد الأضحى قبل الماضي الذي استهلته حكومة المالكي بقتل الرئيس العراقي صدام حسين، جرى الإفراج في السابق عن معتقلين، هل باتت حكومة المالكي معنية بتحسين الوضع لشعورها بالضعف أم اطمئناناً إلى أنها انتقلت من حالة الثورة إلى حالة الدولة إن صح التعبير المجازي هذا؟

** حكومة المالكي لم تتغير قط، وهي حكومة طائفية بامتياز، ولابد من التنبيه انه حتى اللحظة لم يطلق سراح أحد، سوى عدد من أبناء الجنوب، ومعظمهم من أصحاب الجرائم، أما الآخرون من الطوائف الأخرى فمازالت الطريق أمامهم طويلة، هناك وعود أن ملفاتهم ستعرض على القضاء لغرض إمضاء العفو.
وأنا أعجب من صيغة السؤال حين يخطر في بال صاحبه أن الحكومة ربما تكون انتقلت من حالة الثورة إلى حالة الدولة، فهذا الوصف ـ فضلا عن كونه لا يصدق على هذه الحكومة من قريب أو بعيد ـ فإنه في تقديري ليس من أجندة هذه الحكومة، فهي معنية بتصفية خصومها والاستئثار بكل شيء، والذي يراقب أداءها وسياساتها يلحظ هذا بوضوح ومن غير عناء.

* إلى أي مدى يمكن أن يسهم التقارب المعلن الآن بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والذي جاوز التنسيق السابق في حشر أهل السنة في زاوية الرضا بالأمر الواقع؟
** بين إيران وأمريكا مصالح مشتركة، وقد شهدت المعركة على أرض العراق تنسيقا بينهما على هذه المصالح، يثير القشعريرة في الأبدان،ولكن هناك بين الطرفين أشبه بالحرب الباردة، بشأن تقاسم النفوذ،ومن تكون له حصة الأسد في المنطقة، وأنا اعتقد أن الأمر لن يفضي إلى تواصل بينهما، وان القطيعة آتية.
أما الزعم بأن ذلك أدى إلى حشر أهل السنة في زاوية الرضا بالأمر الواقع، فهو يصدق على الساسة السنة فقط، وليس على المكون نفسه، الذي لم يعد يعترف بتمثيل الساسة السنة له.
أما المقاومين فهم يلحقون بالعدو كل يوم خسائر فادحة، ومازالت المعركة قائمة، ولم تحسم بعد، حتى يقال إن هناك رضا بالأمر الواقع.

* الاضطرابات الحاصلة في البحرين ألم تقلقكم بشأن حركات التمرد ذات الطابع الطائفي في الخليج؟

** يقلقنا أي مشروع له أبعاد طائفية، سواء كان في الخليج أو في غيره، لان المراد من هذا المشروع تفتيت العالم الإسلامي، وإيقاد صراع دموي بين طوائفه، لو حدث لا سمح الله، فان ثمة برنامجا لأمريكا ومن على شاكلتها لمده بالوقود، ليبقى أمدا طويلا.
ومن المؤسف أن إيران متوافقة مع الغرب في هذا المشروع، وتسعى له سعيا أعمى، وتظن أنها ستكون الرابح في المحصلة.
نعم .. يقلقنا ذلك، ومن جانبنا نبذل جهدا غير اعتيادي، للحيلولة بينه، وبين أن يرى النور، ولكن السؤال ألا يقلق ذلك دول الخليج نفسها، وماذا أعدت له.

* ما حصل لفضيلة الأمين العام للهيئة.. ما حصل للهيئة.. ما حصل للشيخ الدليمي، إلام يقود تفسيركم للتعاطي الأمريكي مع الرموز والهيئات السنية؟

** أمريكا تنزعج من الرموز الدينية التي تقف حجرة عاثرة في طريقها، وهي تكن للهيئة بغضا شديدا، وقد استهدفت كثيرا من أعضائها بالقتل والاعتقال .
هي من جانب لا تريد أن تسمع أي صوت يعارض وجودها، ومن جانب آخر هي لا تريد أن تبقي لهذا المكون ـ الذي جاءت بالأساس لتهميشه و تهشيمه ـ أي رمز يمكن ان يكون سببا في تقوية بنيانه.

* ما مدى تأثر هيئة علماء المسلمين بإغلاق مقرها؟

** لا يوجد أي تأثير، بل يمكن أن نقول أن الذي حدث هو العكس تماما،فالقاعدة الفيزيائية المشهورة تقضي بأن لكل فعل رد فعل يساويه في القوة ويعاكسه في الاتجاه،وهذا ما حدث بالضبط، فقد نشط أعضاؤنا، في كل الفروع، وتنامى عطاؤهم، وازداد أضعافا، والمتابع لنا على الصعيد السياسي والإعلامي لا يجد فتورا في مسيرتنا منذ ساعة الإغلاق وحتى اللحظة.

* ماذا عن كركوك في فكر الهيئة ومواقفها في ظل ما يكتنف هذه المدينة من مخاطر؟

** كركوك مدينة تمثل أطياف العراق جميعا، تشبه عندنا بالعراق الصغير، وليس لها حل في الأفق إلا أن تبقى كذلك، وأي عبث في مصيرها ستكون له نتائج لا تحمد عقباها، وقد شبه تقرير بيكر هاملتون قضية كركوك ببرميل البارود، وأعتقد ان صاحبي التقرير لم يخطئا في التقدير.
نحن لدينا فرع هناك، ونتواصل من خلاله مع أهل المدينة، وتربطنا بالعشائر العربية، وشخصيات كردية روابط وثيقة، وسنقف دائما إلى جانب الحل السلمي الذي يجنب المدينة وأهلها أي فتنة طائفية أو عرقية _بإذن الله_ .

* يقودنا السؤال السابق إلى الحديث عن جهد الهيئة الجامع لكل أطياف التركيبة العراقية؛ فهل نجحت الهيئة في نشر أفكارها وجذب المؤيدين لخطها في الجنوب بشيعته وسنته والشمال بأكراده وتركمانه وعربه؟

** بفضل الله، جهود الهيئة بهذا الصدد بدأت تشهد ثمارا، وعلى سبيل المثال لاقت الرسالة المفتوحة إلى وجهها الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، إلى العشائر العراقية، وقد عقد إثرها، واستجابة لندائها عدد من زعماء العشائر في الجنوب العراقي مؤتمرا عشائريا، أعلنوا فيه تلبيتهم لنداء الشيخ الضاري، وخرج المؤتمر بتوصيات تتفق تماما والطروحات التي تتبناها الهيئة .
وللهيئة علاقات وثيقة مع عشائر كردية،متفقة وإياها في الاتجاه ذاته، وأي فرصة ستتاح لاجتماع القوى العراقية، المناهضة للاحتلال سيفاجأ الجميع بحجم هذه الاجتماع كما ونوعا.

* ماذا عن نشاطكم الرسمي خارج العراق والتقاء الأمين العام كبار المسؤولين في بعض الدول العربية؟ هل لمستم جدوى من خلال هذه اللقاءات في شأن دعم تطلعات العراقيين في الاستقلال والتحرر؟

** نشاطنا الرسمي لم يتوقف بفضل الله، والتواصل مازال قائما في هذا المجال،وقد لمسنا جدوى في هذه اللقاءات، وأحسسنا بوجود رغبة عربية مشتركة بين معظم قادة الدول العربية على ضرورة دعم العراق، في سبيل الحصول على وضعه الطبيعي قبل الاحتلال، لكن ـ للأمانة نقول ـ لم نلمس حتى هذه اللحظة تحركا ميدانيا، ونحن نتفهم تخوف البعض من التدخل في ملف تمسك به دولة عظمى، لكننا نعتقد أن ذلك وحده ليس عذرا، وبإمكان الدول ـ في تقديرنا ـ أن تفعل شيئا، بأساليب عديدة، تجعلها في مأمن مما تحذره، وأمامهم إيران نموذجا فاق التوقعات في التدخل السلبي، وصل حدا أن يقوم الرئيس الإيراني بزيارة إلى العراق في ظل الاحتلال، ما نخشاه أن يهب العرب للتدخل في الشأن العراقي بعد فوات الأوان.
ومازلت اذكر حديثا لي مع بعض المسؤولين في دولة عربية، طلبنا منهم أن يتحركوا لتقديم إسناد سياسي وإعلامي للقوى المناهضة للاحتلال، فكانوا يقولون: سننظر في الأمر، وسنبذل جهدنا، فالتقيتهم مرة أخرى وسمعت منهم الوعود ذاتها،فقلت لهم اسمحوا لي أن أروي لكم هذه الطرفة، قالوا تفضل:قلت:كان البرفسور س يدرس طلبته في كلية الطب، فسأل احد تلاميذه بابني إذا كان لديك مريض يشكو من الأعراض المرضية الفلانية، فماذا تعطيه من الدواء،قال الطالب: أعطه الشراب الفلاني،قال البروفسور أحسنت،فما كمية الجرعة التي يأخذها؟ قال الطالب ملعقتي طعام، فتفاجأ البروفسور وقال للطالب اجلس، تذكر الطالب أنه أخطأ وأن الجرعة قوية فقال أستاذ أنا آسف يجب أن أعطيه نصف ملعقة شاي، فنظر الأستاذ إلى ساعته فقال يا بني: إن مريضك قد مات منذ ستين ثانية، فقلت لهم معلقا أن ما نخشاه يا سادة أن تهبوا للنصرة بعد أن يكون مريضنا قد مات.

*هل تعتقدون بأن حرصكم على ألا تفقدوا أي طرف وأن تكونوا هيئة جامعة قد أفضى إلى خسرانكم لبعض مكتسبات الهيئة على خلفية الموقف من تنظيم القاعدة الذي لم تدينوه بشكل صريح واعتباركم إياه جزءاً من المقاومة، أم أن للتضييق عليكم أسبابه الموضوعية الأخرى؟

** نعم ..نحن نحرص على أن تكون الهيئة جامعة للعراقيين جميعا، لا تستثني في حساباتها أحدا، ويوم حاولت جهات أن تجعل منا هيئة للسنة فقط رفضنا، وحاولت جهات أخرى أن تجعلنا لصنف العلماء رفضنا أيضا.
نحن للعراقيين جميعا، وقبل ذلك للمسلمين جميعا،ومن دون شك فان هذا الاتجاه أفقدنا مكتسبات كثيرة، لكن هذا لم يكن ليفت في عضدنا لأن طموحنا في مكسب تحرير العراق، والمحافظة على وحدته، ورفع الظلم عن أبنائه جميعا من غير تفريق بين طائفة وأخرى أو عرق وآخر.
أما بالنسبة للموقف من تنظيم القاعدة، والذي حاول الكثير من أعدائنا النيل منا بسببه، فهو حين يصدر من عدو ليس غريبا، فالعدو يسعى للنيل منك بأي ثمن، ويحاول جاهدا أن يستدرجك إلى مواقف تصب في مصالحه،ولذا هو لا يرضى منك إلا موقفا واحدا،هو إعلان الحرب على القاعدة، لأن هذا يخدمه خدمة جليلة، فهو من جانب يدفع عنه الإحراج أمام العالم، ويوحي به أنه في العراق ليس من اجل الاحتلال وسرقة الثروات، والهيمنة على المنطقة، بل من اجل محاربة تنظيم مصنف عالميا على انه إرهابي، وهو يقف إلى جانب الشعب العراقي في محاربة هذا التنظيم الذي يستهدفهم، والدليل أن هيئة علماء المسلمين هي من أعلن الحرب عليه.
وهو من جانب آخر يتخذ من هذه المظلة ذريعة لتصفية المقاومة، والدليل على ذلك: حيث ظهرت مشاريعه في حرب القاعدة مثل الصحوات وغيرها تم تصفية المقاومة كلها، وهذا من مكر العدو وخبثه.
ونحن لسنا مثل غيرنا، لسنا سذجا، ولسنا عملاء،وبالتالي لن نمنح المحتل هذه الفرصة، ولن ثلج له صدرا.
وحين يصدر من صديق،أو مسلم فهذا المثير للغرابة، لأننا هيئة شرعية، لا نخضع لإملاءات المحتل،ولا لضغوط حكومات، بل نصوغ مواقفنا من قواعد شرعية، وبالتالي حين نريد أن نقف من القاعدة موقفا صحيحا، فيجب أولا أن نعرف أن القاعدة ليست لها جماعة براية معروفة تقف في طرف معلوم من جبهة المعركة مثل الخوارج مثلا، وخرجوا على الإمام، حتى يمكنك أن تصوغ موقفا منهم، إنما هم جماعات مبثوثة هنا وهناك، يصعب حصرها، والتعامل معها بشكل مباشر، لذلك نحن والحالة هذه نرصد الفعل، فإذا كان مما ينطبق عليه وصف المقاومة وصفناه به، وإذا كان مما ينطبق عليه وصف الإرهاب أو الجريمة وصفناه بهما، بغض النظر عن الفاعل.
لقد امتدحنا الذين يفجرون أنفسهم ليضربوا دبابة أمريكية أو يستهدفوا جنودا محتلين، وقد وقع فعل ذلك من تنظيمات للقاعدة، فهل تريد منا أن نقول أن هذا إرهابا مادامت القاعدة فعلته، ولو فعله غيرها من أبناء الوطن فهو عملية بطولية، كيف نفعل ذلك، وعلى أي أساس من الشرع، نصدر مثل هذا الحكم، إنه عمل جليل، من أي طرف مسلم قام به، وصاحبه شهيد، وله جنة الخلد إن شاء الله.
وذممنا في الوقت ذاته أفعالا طالت أبرياء، ليس لها مبرر شرعي، وسميناها إرهابا،أو جرائم يندى لها الجبين، وقد تبنت تنظيمات للقاعدة بعضا منها،فلم نغير حكمنا فيها، ولو فعلتها فصائل مقاومة عراقية، لبقي الحكم في حقهم واحدا.
هذا هو ميزاننا في التعامل مع الأحداث، وهذا الذي ندين الله به، وبهذا الصدد، لاتهمنا ضياع المكتسبات، المهم عندنا رضاء الله أولا، وتحرير بلدنا ثانيا.
* كيف ترون أوضاع الشعب العراقي المعيشية الاقتصادية والتعليمية والصحية؟

** العراق في أسوء أحواله على هذه المستويات، ولو تحدثنا ليل نهار لن نستوعب حجم المأساة التي يعاني منها الشعب العراقي، وأعتقد ان من المفيد بهذا الصدد التعريج على إحصائيات تكشف حقيقة الوضع المأساوي في العراق،وحتى لا أثقل عليكم، سأكتفي بإحصائيات التدهور لعام 2007م وهي إحصائيات مأخوذة من منظمات عالمية متخصصة،وهي لا تمثل إلا جزء يسير من الحقيقة،وبخصوص بعض الملفات فقط
وهذه المعلومات نصوص مختارة من تقرير أعده قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين.

أولا: القتل
أعلنت مجموعة (ايراك بودي كاونت) المستقلة، التي تضع إحصائيات عن ضحايا العنف في العراق، إن (24) ألف مدني عراقي قضوا في 2007، بسبب أعمال العنف في العراق، بضمنها أعمال عنف تنسب للقوات الأمريكية ومجموعات شبه عسكرية.
وبحسب تقرير نشرته المجموعة، التي تبني معلوماتها من مقارنة أخبار وسائل الإعلام والمشارح والمستشفيات والمنظمات غير الحكومية وغيرها، إن العراق شهد في العام 2007 ما بين (22 ألفا و586 قتيلا) و(24 ألفا و159 قتيلا) بين المدنيين.
وأعربت المجموعة عن أسفها لكون الأمن ''بقي في مستوى متدن بشكل رهيب'' في معظم مناطق البلاد. وأضاف التقرير ''تشكل السنة بالنسبة لنحو 24 ألف مدني عراقي ولأسرهم وأصدقائهم، مأساة مدمرة بانعكاسات لا يمكن تلافيها''.

ثانيا: الاعتقال
بحسب التقرير الفصلي لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق حول حقوق الإنسان، فان أكثر من 37 ألفاً و600 شخص موجودون في المعتقلات الأمريكية والعراقية خلال العام الحالي. وذكر التقرير نقلاً عن وزارة حقوق الإنسان العراقية، أن ثلاثة آلاف من هؤلاء تم اعتقالهم منذ انطلاقة خطة فرض القانون لاستعادة الأمن في العاصمة، منتصف فبراير الماضي.
وأشار التقرير أيضا إلى وجود أقل من 18 ألف شخص في المعتقلات الخاضعة لإشراف قوات الاحتلال بقيادة الولايات المتحدة، وان نحو 10 آلاف معتقل موجودون في السجون الخاضعة لسلطة وزارة العدل، بينما يوجد لدى وزارة الداخلية 5573 معتقلاً و1525 لدى وزارة الدفاع و500 لدى وزارة العمل والشئون الاجتماعية، في حين تعتقل سلطات إقليم كردستان نحو 2200 شخص.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في عمان، عن وجود أكثر من (60 ألف) سجين ومعتقل في سجون ومعتقلات القوات المتعددة الجنسية وتلك التابعة للحكومة الحالية
واعترف المستشار الثاني لوزارة حقوق الإنسان أحمد علاوي: إن أكثر من 45 % من المعتقلين في سجون الحكومة، لا يعرفون سبب اعتقالهم الحقيقي ولم يقبض عليهم في موضع جرم مشهود، ولم يكونوا من المشتبه بهم .
وقال علاوي إنه من بين نحو 50 ألف معتقل في السجون التابعة للحكومة، لم يتم التحقيق إلا مع 2661 معتقل، على الرغم من وجود 44 قاضٍ وخمسة محاكم جنائية، وهؤلاء المعتقلون قضى معظمهم عاماً أو عامين في السجن من دون التحقيق معهم أو السماح لذويهم بزيارتهم

ثالثا: اللجوء
تفاعلت في عام 2007 قضية المهجرين العراقيين بشكل واسع، وباتت هما دوليا أقيمت له العديد من المؤتمرات والاجتماعات الإقليمية والدولية.
وكشفت الأمم المتحدة في تقرير لها هذا العام، أن الأزمة العراقية أدت إلى أكبر نزوح بشري تشهده منطقة الشرق الأوسط، منذ النزوح الفلسطيني إبان حرب فلسطين عام 1948، التي أفضت إلى قيام (الكيان الصهيوني)، وأكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أن نحو (مليونين و250 ألف) شخصا نزحوا من العراق إلى الخارج، استقر منهم نحو 750 ألفا في الأردن، ونحو مليون وربع المليون في سورية، فيما لجأ آخرون إلى دول عربية وأجنبية، منهم 100 ألف في مصر، فضلا عن أعداد غير قليلة في بلدان أخرى عربية وأجنبية، نجوا بأنفسهم من القتل والتهديد والخطف ذي الطابع الطائفي في مناطقهم.

رابعا: الأرامل والأطفال
يؤكد أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، عن وجود (8 ملايين) أرملة عراقية - حسب السجلات الرسمية ـ، وتؤكد سجلات وزارة شؤون المرأة في العراق، وجود (400 ألف) أرملة في بغداد وحدها، وان مابين 90 إلى 100 امرأة عراقية تترمل كل يوم، نتيجة أعمال القتل والعنف الطائفي والجريمة المنظمة والإرهاب. فلا تغيب شمس في العراق إلا وتفجع حوالي 150 امرأة بقتل ولد أو زوج أو أب أو ابنة، فحصاد الموت لا يستثني أحدا في عراقنا الجديد .
وتشكل نسبة الأرامل هذه نحو 65 % من عدد نساء العراق، ونحو 80 % من النساء المتزوجات بين سني العشرين والأربعين، أي سن الخصوبة والإنجاب .
أما فيما يخص الأطفال فقد قال تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إنه خلال عام 2007 " قتل أو أصيب مئات الأطفال بسبب العنف، كما أن المعيل الرئيسي لأسر العديد منهم تعرض للخطف أو القتل ". وبينت دراسة متخصصة للمنظمة في بغداد، أكدته إحصائيات منظمة الصحة العالمية الصادرة في نيسان 2007، إن عدد الأطفال الأيتام في العراق يقدر بنحو 4 ـ 5 ملايين طفل، وتسعمائة ألف طفل معوق. وطالبت الدراسة الأطباء والمستشفيات العالمية بان تخصص بعضا من مشاريعها الصحية لوضع برامج لمعالجة هذه الفئة الكبيرة من أطفال العراق.
وقال مكتب المنسق الإنساني للأمم المتحدة في تقريره في إبريل 2007، أن 400 طفل يصبح يتيما كل يوم في بغداد وحدها بسبب العنف

خامسا: العمل والبطالة
إن مؤشر الدول الفاشلة لعام 2007 المنشور يوم 18/6/2007 اعتبر العراق ثاني دولة فاشلة في العالم في قائمة تتكون من 60 دولة، ويقول تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليوم 11 / 4 / 2007 يقول: إن حياة وكرامة العراقيين تتدهورأن باستمرار تحت الاحتلال. حيث إن خط الفقر يلوح ثلاثة أرباع سكان البلاد، بسبب السياسة الفاشلة التي تسير عليها الحكومات التي تعاقبت منذ الغزو الأمريكي للعراق في أوائل عام 2003.
وتقول إحصائية وزارة التخطيط الحالية الصادرة في مايو/ أيار 2007 إن هناك تسعة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، وأن نسبة البطالة في العراق بلغت 60 % من مجموع اليد العاملة العراقية.

سادسا: الواقع الصحي والطبي
إن الواقع الطبي في العراق مهدد بالانهيار، ففي آخر إحصائية عن الأطباء الذين قتلوا تجاوز العدد 230 طبيب, فيما هاجر قرابة 3000 طبيب إلى خارج القطر، وفي تصريح لنقيب الأطباء لقناة الرافدين ـ كما ذكر التقريرـ انه في كل يوم يقوم بتوقيع أكثر من 25 وثيقة طلب هجرة إلى خارج العراق بسبب الظروف الأمنية المتردية، وأن ما يقارب 300-400 طبيب تم اختطافهم .
وقد صرح وزير الصحة في حكومة كردستان، زريان عثمان إن نحو 1000 طبيب عربي ! من بغداد والبصرة قد نزحوا إلى كردستان تحسباً من الاغتيال .

أما المستشفيات الحكومية الرئيسية (مدينة الطب * اليرموك * الكندي *الكرخ ) التي هي عصب الخدمات الطبية في بغداد فإنها أمست تحت سيطرة المليشيات، فلا يستطيع الكثيرون من العمل فيها أو المراجعة إليها، فان المريض أو الجريح لا يأمن على حياته في تلك المستشفيات.
كما أن المعايير الطائفية التي تعمل بها وزارة الصحة، وصلت إلى حد استثناء محافظات معينة من توزيع الكوادر الطبية، وهذا ما حصل لمحافظتي الأنبار وديالى !! بحجة أنها مناطق ساخنة. ويصف التقرير الواقع الطبي في العراق عامة وفي هذه المناطق خاصة بأنه: يمر بمرحلة التقهقر والتخلف والإهمال المتعمد.
فمدينة الرمادي (750 ألف نسمة) لا يوجد فيها سوى مستشفى مركزي واحد مع بعض المراكز الصحية التابعة لها، وقد تعرضت المدينة والمستشفى للخراب والدمار منذ 3 سنوات،
ومدينة الفلوجة والقرى التابعة لها(600 ألف نسمة)لا تملك سوى مستشفى قديم تعرض للدمار مرتين خلال الهجوم العسكري الأمريكي عليها( نيسان وتشرين الثاني ) 2004، وقد دمرت ردهات وبنايات تابعة لها..هذا غيض من فيض، وما خفي كان أعظم.