أنت هنا

الكنيسة والتحرش الجنسي.. الرقم أكبر يا بابا الفاتيكان
24 ربيع الثاني 1429
الشيخ حمود بن غزاي الحربي

الصرخة التي جأر بها بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أمام أساقفة أمريكا.. وهو يقيم قداساته المختلفة على أرض الولايات المتحدة الأمريكية التي زارها هذا الشهر، كشفت عن حقيقة مرة تعيشها الكنائس والباباوات والقسس والرهبان والراهبات في أمريكا فأكثر من أربعة آلاف كاهن يمارسون الشذوذ الجنسي مع الأطفال في الكنيسة أو خارجها!!! أمرٌ مؤلمٌ حقا وهو مبعث عار عميق لكل نصراني.ولكن المتابع لواقع المجتمع الأمريكي بالذات يدرك أنه يعيش منذ السبعينيات الميلادية تلك المآسي التي تحدث عنها البابا الآن، "سويجارت" القس الأمريكي الأشهر في أمريكا الذي يعرفه الأمريكان أكثر مما يعرفون أبناءهم وكان في نظرهم نموذجاً للطهر والعفة والبراءة, ويوزع برنامجه الأسبوعي للوعظ في مائة دولة وتضم جماعته مليونين ونصف عضو في أمريكا وأربعة عشر مليون عضو خارج أمريكا وبعد كل ذلك يسقط في أحضان غانية في أحد الفنادق لتسقط معه كل قيم الكنيسة الكاثوليكية،ويكتفي باعتذار لمحبيه يوم الأحد في مسرحية تناقلتها وسائل الإعلام الأمريكية وعلقت عليها في حينها.
وقبله سقط"جيم بيكر" قس آخر تعلق قلبه بسكرتيرته في كنيسة نيويورك فطاردها حتى أوقعها في غرامه وقادها إلى حجرة في فندق حيث أمضيا معا بعض الوقت.
وإذا أردنا أن نتجاوز صرخات البابا السادس عشر ومعرفة حقائق ما يجري بين الرهبان والراهبات من الزنا واللواط قبل ثلاثين سنة من الآن فما علينا إلا أن نرجع إلى صحفهم ومجلاتهم ففي تحقيقات بارعة نشرتها (الديلي ميل) عام 1970م ذكرت أن الإحصائيات تدل على أن ما يقرب من ثمانين بالمائة من الرهبان والراهبات ورجال الكنيسة يمارسون الزنا وأن ما يقرب من أربعين بالمائة منهم يمارسون الشذوذ الجنسي!!!هذا في أمريكا أما في فرنسا فإن"رتشيلو" الكاردينال الفرنسي المشهور كان مصابا بمرض الزهري!!! ونشرت مجلة النيوزويك في 1/7/1974م أن أحد كبار كرادلة فرنسا مات وهو في أحضان إحدى العاهرات في باريس!!!وفي بريطانيا: أعادت سلطات التحقيق البريطانية القبض على قسيس منحرف جنسياً كان قد أدين مسبقاً في عشر حالات اعتداء واغتصاب على ثلاثة غلمان كانوا يخدمون في الكنيسة التي يرعاها القس المبجل.
وكشفت التحقيقات عن تهم أخرى وجهت للقسيس المحترم الذي كان يتعمد مد يديه وخلع صديرية نساء الكنيسة ينتزعها عنوة عن صدورهن (السوتيان) ويصدر تعليقات سخيفة على حجم أثداء نساء أخريات أثناء خدمته الكهنوتية وعمله في التنصير!!
والأدهى من ذلك عندما يتحول الشذوذ الجنسي من عمل قبيح إلى تشريع مباح فقد قالت مجموعة (شبيبة المسيح) التي تتخذ من جنيف مقرا لها أنها ليست مكلفة بمراعاة الوصايا العشر وأن هذه الوصايا – التي جاءت في شريعة موسى – بالنسبة لها قد انتهت إلى الأبد وكذا قالت مجموعة (أبناء الرب) إن الخوف من الزنا لم يعد له مكان وإن عمليتي اللواط والسحاق مباحتان في شريعتهم مادامت تتم في جو من الحب كما يقول (ديفد جاكس) المتحدث باسم المجموعة.
وفي تحقيق حديث ومثير ومطول، كشفت صحيفة (شيكاغو تربيون) الأمريكية في عددها الصادر بتاريخ 29 أغسطس 2007م عن تفاصيل ترشيحات جديدة لمنصب أسقف لابرشية شيكاغو الكبرى التي تشرف على كنائسها التابعة للطائفة الأسقفية الأنجليكانية. وقد أعلن عن ترشح قسيسة تفاخر وتجاهر علنا بأنها سحاقية تمارس الفاحشة مع أنثى أخرى وهي ما تزال تتقلد منصباً كهنوتيا ((رفيعاً)) وتعمل في التنصير!! وقد أكدت القسيسة السحاقية (تريسي ليند) أنه لا غرابة في ترشحها لشغل منصب أسقف كنيسة شيكاغو, إذ قد سبقها إلى هذا المنصب الأسقف المجاهر بشذوذه الجنسي القس المدعو (جين روبنسون)، أسقف نيوهامبشر، عام 2003م، والأدهى من ذلك أنها قالت أن يسوع المسيح (الإله بزعمها) هو من يريد لها أن تترشح لهذا المنصب حتى تخدم عمل الرب الجديد في الكنيسة على حد تعبيرها. وقد رحبت منظمات حقوقية خاصة بالشاذين والسحاقيات بهذا الترشيح واعتبرته مؤشراً إيجابياً على ما وصفته بـ"تطور الكنيسة وتقدمها" صوب تحقيق ما أسموه بالعدالة والمساواة في القيادات الكنسية!!(1)
إن الشذوذ الجنسي والاعتداءات الجنسية من قبل الباباوات والقساوسة على الراهبات والأطفال لم يعد سراً في أمريكا ولا غيرها بل هو واقع لا يمكن أن يحجب بتصريح لبابا الكنيسة,ويكفي المتابع لزيارة بابا الفاتيكان لأمريكا أن يرصد موجة الغضب العارمة التي استقبل بها بابا الفاتيكان من قبل المجتمع الأمريكي فقد استقبل بحشود رفعت لا فتات مكتوبٌ عليها"قساوسة الكاثوليك وحوش!" إشارة إلى تورطه الشخصي في التغطية على جرائم قساوسته الجنسية التي بلغ ضحاياها مئات الآلاف في أمريكا وحدها,وهذه ترجمةٌ مبسطةٌ من "مدونة التنصير فوق صفيح ساخن" لبعض اللافتات التي كتبت وحملها المتظاهرون في استقبال البابا وهي تحمل:عدد من عبارات الاستهجان والتحقير والرفض لبابا روما في أمريكا:((ستذهب إلى الجحيم!)) ((البابا في جهنم!)) ((الإله يكره البابا)) ((البابا منحرف جنسياً)) ((قساوسة الكنيسة الكاثوليكية كذابون)) وقد شنت الصحف الأمريكية هجوماً لاذعاً على زيارة بابا الفاتيكان لأمريكا مثل ما جاء في صحيفة الوشنطن بوست ومما جاء في صحيفة اليو إس توداي الأمريكية الدولية USA Todayمقالٌ بعنوان: ((زيارة البابا تفرح العوام ولكنها لا تمحي مشكلات الفاتيكان)). وأمام هذه الأحداث والواقع المؤلم للكنيسة خاصة وللنصرانية بشكل عام يتذكر الإنسان ماقاله الله تعالى" (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا) الحديد:27.
إن تعاليم الكنيسة المحرفة هي التي فتحت على أتباعها باب الشذوذ الجنسي والانحراف الأخلاقي والسقوط المدمر حتى وصل إلى اغتصاب الأطفال من قبل القساوسة والكهنة!!!والرهبانية التي ابتدعوها هي التي صادمة الفطرة التي فطر الله النفس البشرية عليها,وهي الزواج،ومن نتائج هذا الصدام: فضيحة الانتهاكات الجنسية التي لحقت بالكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة,وفي غيرها ويقابل هذه الرهبنة المبتدعة إباحية جنسية مقدسة نسبوها زوراً وبهتاناً إلى عبدالله ورسوله عيسى بن مريم عليه السلام فسفر كامل في الكتاب المقدس يسمى نشيد الإنشاد مخصص لمتعة الجنس ويقول أحد النصارى: كل عبارات الحب، والعشق, والحركات الجنسية مسموحٌ بها في الكتاب المقدس وباعتراف اللاهوتيين نشيد الإنشاد سفر يحمل معاني وأوصافاً جنسية ولبست رموزاً كما يقول بعض النصارى ولو افترضنا جدلاً أنها رموز ألا توجد رموز أخرى غير هذه الألفاظ الخادشة للحياء حتى يضعها الله في كتاب من المفترض أن يكون مقدساً.
إن مثل هذه التناقضات التي تعيشها الكنيسة وتعاليمها المحرفة, هي التي أسقطت النصرانية في عقر دارها فالنصرانية رغم ماتبذله من انفاق وترصده من ميزانيات وتملكه من امكانيات,ورغم الدعم الظاهر والخفي من قبل دول العالم لها إلا أنها في تراجع وتقهقر,وهذه سنة"ويكون الدين كله لله" التي لن تجد البشريةُ لها تبديلاً ولا تحويلا, (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) يوسف:21.

_______________
(1) يستفاد في فضائح القسس والرهبان من مدونة:التنصير فوق صفيح ساخن.