انهيار الشيوعية لا يعني صلاحية الرأسمالية
14 شعبان 1429
د. محمد مورو
مع الانهيار السريع والدرامي للشيوعية والتفكك المأساوي للاتحاد السوفيتي السابق استغل الغرب الفرصة وقدم أطروحته التي تقول إن النظرية الوحيدة الصحيحة في هذا العالم هي الرأسمالية الليبرالية ( المتحررة من القيود )، واقتصاد السوق .
 
وتكاتفت أجهزة الإعلام في أمريكا وكذا الدوائر الفكرية والاستراتيجية لاختراع نظرية أو أيديولوجية جديدة، لتعطي هذا الكلام بعدا فلسفيا وحضاريًا، وقدمت نظرية تقول إن تاريخ البشرية قد انتهى عند بلوغه أقصى تطوره السياسي والفكري وذلك بوصوله إلى الليبرالية الرأسمالية الأمريكية أو الرأسمالية في صورتها الأمريكية وكانت تلك الفكرة قد بدأت بمقال لكاتب أمريكي الجنسية ياباني الأصل هو: " فرانسيس فوكوياما " ثم توسع فيه فأصدر كتابًا يحمل هذه الفكرة ويدلل عليها تحت عنوان: نهاية التاريخ والرجل الأخير "، وبالطبع وجدت هذه الفكرة وهذا الكتاب من يروج له بواسطة قوى الإعلام الأمريكية الجبارة كأيديولوجية جديدة وتفسير جديد للتاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العالم على العالم كله أن يعتنقها أو يخضع لها .
 
وكان الاقتصاد الأمريكي روستو قد وصل إلى نتيجة قريبة من تلك التي وصل إليها فوكوياما إلا أنها لم تحظ بمثل هذا الانتشار الذي حظيت به نظرية فوكوياما لأن النظرية الأخيرة ظهرت في وقت ملائم لها ووجدت من الأجهزة الأيديولوجية والعسكرية الأمريكية من يروج لها .
 
و(الرئيس الأمريكي الأسبق) ريتشارد نيكسون يقرر أن انهيار الشيوعية يعني أن الحل الوحيد المتاح والصالح أمام البشرية هو الرأسمالية الليبرالية في صورتها الأمريكية، بل إنه حتى يرفض الاشتراكية الديموقراطية وينعى على هؤلاء الذين ما يزالون يحلمون بها أو يطبقونها أو يروجونها .
 
يقول ريتشارد نيكسون في كتابه (الفرصة السانحة) : " ويوجد خطر حقيقي بالنسبة لأوروبا في أن تتحول بعد عام إلى دولة اشتراكية ديمقراطية، وأن تتدخل الحكومات في الأسواق التجارية، وهذا هو أحد الأسباب التي من أجلها يجب أن توجد أمريكا في أوروبا والعالم أجمع لكي تحول دون ذلك التحول، إن التزامنا تجاه الحرية والسوق الحر، يحتم علينا أن نقاوم القوى التي تحاول أن تجعل أوروبا تعود إلى الخلف " .
 
إذن فغير مسموح بغير الرأسمالية الليبرالية، والسوق الحر، أو الرأسمالية على النمط الأمريكي، فليست الشيوعية فقط هي المرفوضة بل أيضـًا أي شكل من أشكال الاشتراكية .
 
وخلاصة الأمر أن القوى الإعلامية الأمريكية تروج الآن لمقولة أن الرأسمالية هي النموذج الصحيح الوحيد وانه غير مسموح بأي نمط آخر غير الرأسمالية في صورتها الأمريكية والسؤال يقود إلى سؤال آخر وهو: لماذا انهارت الشيوعية ؟ وهل كان ذلك بفضل ضغط النظام الرأسمالي اقتصاديـًا وإعلاميًا عليها ؟ وهناك سؤال ثالث يطرح نفسه وهو: هل بعد انهيار الشيوعية هل تصلح الرأسمالية كبديل ؟
 
وفي الحقيقة فإن الشيوعية لم تسقط بسبب الضغط الاقتصادي الرأسمالي عليها ولا بسبب الإعلام الرأسمالي أو اقتناع الشعوب التي كانت تعيش تحت الحكم الشيوعي بأن الرأسمالية أفضل، إن الشعوب التي ثارت على الشيوعية وأسقطتها لم تفعل ذلك بهدف الحصول على الرأسمالية، إن تلك الشعوب ثارت على الشيوعية لأن الشيوعية نظام فاسد في أصله الفلسفي وفي تفسيره للتاريخ وفي منهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أي أنها سقطت من داخلها لأنها أفلست على المستوى النظري والتطبيقي، إن أحدا خارج الكتلة الشيوعية لم يكن يحلم بهذا الانهيار السريع والمدوي للشيوعية وحتى في الناحية الإعلامية فإن الشيوعية ظلت إلى آخر لحظة متفوقة على الرأسمالية وتجد من يقتنع بها من خارج السور الحديدي للدول الشيوعية أي من هؤلاء الذين لم يعرفوا فسادها لأنهم لم يعيشوا تحت حكمها، ولعل هذا الأمر يعترف به ريتشارد نيكسون نفسه في كتابه " الفرصة السانحة " يقول نيكسون:
 
" منذ حوالي اثنين وثلاثين عامًا قال لي خروتشوف في موسكو بشيء من الصلف سوف يعيش أحفادك في ظل الشيوعية، فأجبته قائلاً : سوف يعيش أحفادك في حرية وقد كنت متأكدًا في ذلك الوقت من خطأ ما قاله خروتشوف ولكني لم أكن متأكدًا من صحة ما قلته أنا " – أي أن نيكسون لم يكن متأكدًا من قدرة الرأسمالية على إقناع الشعوب التي تعيش في ظل الشيوعية بأن الرأسمالية صالحة، وإن كان متأكدا أن الشيوعية فاسدة .
 
وإذا بحثنا عن سبب خارجي لسقوط الشيوعية وانهيارها، انه بالتأكيد لم يكن بريق الرأسمالية ولا بريق القيم الغربية برمتها بل كان في جزء كبير منه يعود إلى الإسلام وبريق الفكر الإسلامي، الذي كان هو الوحيد القادر على المنازلة الفكرية أمام الشيوعية والتصدي لها والصمود الأيديولوجي لها، وبالتالي فان انهيار الشيوعية لا يعني صلاحية الرأسمالية، بل يعني صلاحية الإسلام والأيديولوجية ( العقيدة والنظرية ) الإسلامية .
 
وقد تبدو هذه نقطة غريبة على البعض، ولكن دعنا نستشهد برجل من أهلها وهو نيكسون أيضـًا ... يقول نيكسون في كتابه " الفرصة السانحة ": " لقد وقف الإسلام بصلابة ضد الشيوعية أقوى مما وقفت المسيحية ضدها، ولقد كان للوازع الديني في الدول الإسلامية أكبر أثر في عدم تغلغل السوفييت في العالم الإسلامي " .
 
إذن كان هناك سبب أيديولوجي خارجي لسقوط الشيوعية وهو الإسلام والمبادئ الإسلامية، وليس هذا فحسب بل وإذا كان هناك ضغط سياسي وعسكري خارجي أدى أو أسهم في إسقاط الشيوعية فقد كان أيضـًا للمسلمين وللجهاد الإسلامي الأفغاني دور فيه، ونستدعي أيضـًا نيكسون للشهادة، على طريقة وشهد شاهد من أهلها يقول نيكسون: " إن شجاعة واستبسال المقاومة الأفغانية كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى انهيار الإمبراطورية السوفيتية" .
 
وقد يقول قائل: إن الصمود الأفغاني كان بسبب المساعدات الأمريكية ... وهذا قول يفتقر بالطبع إلى الجدية فإذا لم تكن هناك مقاومة واستشهاد واستبسال وإرادة فولاذية للمجاهدين فإن تلك المساعدات لم تكن تفيد شيئـًا، ثم إن الحقيقة المعروفة تقول إن أمريكا لم تقدم مساعدات حقيقية للمجاهدين الأفغان، ونيكسون أيضـًا يعترف بذلك يقول نيكسون: " وعندما قام الجيش الأحمر بغزو أفغانستان عام 1979 كان رد فعلنا رمزيًا فقد رفضنا مشاركتهم في الألعاب الأوليمبية وأوقفنا صفقة حبوب للاتحاد السوفيتي وأرسلنا بعض الأسلحة التي عفا عليها الدهر للمقاومة الأفغانية " .
 
إذن فقد كان انهيار الشيوعية ليس بسبب صلاحية الرأسمالية ولا بريقها الأيديولوجي ولا حتى ضغطها السياسي أو العسكري، بل إن انهيار الشيوعية في حد ذاته يحمل في طياته عدم صلاحية الرأسمالية وفسادها أيضـًا مثل الشيوعية تمامًا، لأن كلاً من الشيوعية والرأسمالية قد خرجتا من نفس الأرضية الثقافية، وهي الأرضية الثقافية للحضارة الغربية، وبالتالي فان فشل أحد الإفرازات وثبوت فساده يعني ضمنا فساد الأرضية الثقافية وفساد كل إفرازاتها .. يقول المؤرخ الإنجليزي أرنولد توينبي مؤكدًا أن كلاً من الشيوعية والرأسمالية تخرجان من نفس الأرضية الثقافية: " إن المنافسة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة على زعامة العالم ، وبين الشيوعية والمذهب الحر بالتالي على اجتذاب ولاء البشرية هو موضوع نزع عًائلي داخلي داخل أسرة المجتمع الغربي " .
 
ونصل الآن إلى السؤال الهام والخطير بعد انهيار الشيوعية وهل تصلح الرأسمالية لقيادة المسيرة البشرية ؟
 
وهذا يجعلنا نناقش الرأسمالية في أصلها النظري وفي تطبيقاتها، وأصل الرأسمالية أنها إفراز طبيعي للحضارة الغربية، تلك الحضارة التي أفرزت الفاشية والنازية والصهيونية والشيوعية، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن يكون مصير الرأسمالية مثل مصير باقي أخوتها إن شاء الله، لأنها نشأت مثلهم من نفس الأرضية الفاسدة .
 
إن الجهاز الإعلامي الغربي عمومًا والأمريكي خصوصًا يقدم لنا الرأسمالية كتطور طبيعي داخلي في المجتمع الغربي، فهل هي حقا كذلك ؟ والجهاز الإعلامي الغربي يقول لنا إن الرأسمالية نجحت في أن تحقق العديد من الإنجازات في العالم الغربي بحيث أصبح مستوى دخل الفرد في المجتمعات الرأسمالية مقارنًا بالمستويات الموازية في كثير من بلدان العالم الثالث ما لا يقل عن عشرين إلى أربعين ضعفا في الغالب .
 
والحقيقة أن الرفاهية التي تعيشها دول الشمال الرأسمالي لم تكن بسبب الرأسمالية بل بسبب نهب ثروات الشعوب الأخرى واسترقاق أهلها وأن الرأسمالية ذاتها نشأت لتكون أداة هذا النهب، ولنستمع في هذا الصدد لشهادة الأستاذ منير شفيق في كتابه: " الإسلام في معركة الحضارة " ..
 
يقول الأستاذ منير شفيق: " يجري التركيز النظري عند الحديث عن ولادة الرأسمالية على اعتبارها مرحلة في سياق تاريخي متتابع تحكمه قوانين داخلية في المجتمع، ولكن هذه مسألة لا تنطبق على المجرى الفعلي للتطور التاريخي، أي لا يصعب الإثبات أن عملية العنف الخارجي والتوسع والنهب التي مارستها أوربا قامت قبل ولادة الرأسمالية، ولم تقم لتلبية حاجة قوى إنتاج رأسمالية أصبحت تلح عليها لممارسة العنف والنهب والتوسع ضد الخارج، إن الصورة في أوروبا تقول إن الرأسمالية ظهرت لتلبي الحاجة الناشئة عن النجاح الذي أصابه العنف والتوسع والنهب الخارجي، فهي أصبحت ممكنة ومتاحة لا نتيجة تراكم داخلي نبع من تطور قوي الإنتاج وإنما جاء نتيجة تراكم جاء من النهب الخارجي ومن ثم سمح التراكم بتطوير قوى الإنتاج وأحداث تراكم داخلي مرتبط به ومضاف إلى التراكم الأساسي الذي جاء ويجيء من عملية العنف والتوسع والنهب . إن مجيء المجتمع الرأسمالي بعد الإقطاع أو على أنقاضه لا يؤدي إلى الافتراض تلقائيا بأنه تطور طبيعي في أحشاء المجتمع الإقطاعي لأن مجيء حدث بعد حدث في التاريخ لا يعني بالضرورة وجود رابطة سببية بينهما، وإنما ينبغي أن تدرس الأسباب الحقيقية لحدوث الواقعة الجديدة، ومن ثم يثبت إن كان هذا التتالي نتاج تطور طبيعي أم نتاج عوامل لا علاقة لها بتطور تلقائي داخلي في الحديث السابق .
 
وتؤكد الوقائع التاريخية أن ممارسة الإقطاع الأوروبي للتوسع والنهب والعنف كان أسبق من تطور قوي الإنتاج الرأسمالي أو البرجوازية في داخله، ومن ثم من إلهام جدًا تحديد أيهما أسبق أو تحديد أيهما كان سببا لوجود الآخر، وهنا تطرح الفكرة القائلة ممارسة العنف والتوسع والنهب من الخارج هي التي ولدت الحاجة إلى تطوير قوى الإنتاج وساعدت عليه، فعندما وجدت أوروبا نفسها قد توسعت في عدد من الأقطار الأفريقية والآسيوية والأمريكتين بدأت ترى العالم كله قابلا للوقوع الكامل في قبضتها، الأمر الذي جعلها بحاجة إلى نظام ديناميكي ( فاعل ومتحرك ) نشط قادر على اكتساح العالم كله والسيطرة عليه، وهذا ما جعل أوروبا تعيد صياغة نفسها في البوتقة الرأسمالية بما يخدم هذا الوضع الجديد ولآفاقه المستقبلية، قد يقول قائل ولكن التوسع الخارجي والنهب والعنف هي أمور وجدت في مجتمعات عديدة في التاريخ ولم تتطور إلى رأسمالية ولكن هذا القول مردود عليه، لأن حدوث التوسع هنا عاش مع تطور محدود للعلوم قد وصله العالم في ذلك الوقت وقد ساعد على استقبال الحاجات الجديدة واستخدامها في تطوير أدوات الإنتاج، فضلاً عن السمات الخاصة الأساسية للأرضية التي قام عليها النمط المجتمعي الحضاري الأوروبي تاريخيًا، مثل سمة الملكية الفردية والطبقية وما لعبته من دور عبر المراحل المختلفة ويقود هذا إلى عدم صحة القول بتطور طبيعي للرأسمالية من أحشاء الإقطاع، وإنما تصبح الرأسمالية نتاج حالة عالمية تكونت في ظرف استثنائي سمح لأوروبا أن تنجح في اجتياح العالم بالقوة، ومن ثم هي الابنة الشرعية لهذا الشرط العالم ي ولا تستطيع أن تستمر إلا بإعادة توليده باستمرار، أي بإعادة السيطرة على العالم بالعنف وتحقيق أقصى درجات النهب وأقصى درجات الأرباح، ومن ثم سيطرة قلة من الدول المتصارعة فيما بينها على العالم كله ونهبه والمضي في هذا الطريق حتى النهاية .
 
إن مسار تطور الرأسمالية لا يتجه إلى تحقيق الرفاهية والتقدم لكل الشعوب بل لعدد محدود جدا منها " أمريكا وأوروبا "، لأنه كلما تضخمت تلك البلدان أكثر كلما أصبحت أكثر ارتباطا بحالة السيطرة والنهب والعنف والتوسع، أي لا تعود قادرة على الكف عن العنف والنهب والسيطرة، انه اتجاه التضخم باستمرار والعنف الأهوج والنهب بلا حدود، والجشع بحده الأقصى " .
 
إذن فالذين يبشروننا بصلاحية الرأسمالية وأنها الكلمة الأخيرة في التاريخ إنما هم يبشروننا في الحقيقة بهيمنة ورفاهية وسيطرة دولة أو مجموعة دول قليلة على العالم كله تقوم فيه بدور النهب والعنف والسيطرة وبالطبع نحن من ضمن الدول والشعوب التي ستكون مادة للنهب والعنف والسيطرة أي الضحية، لأن الرأسمالية لا تستطيع أن تعيش إلا بالنهب الخارجي والعنف والسيطرة .
 
وإذا كان هذا نصيبنا ونصيب الدول المستضعفة عمومًا في عالم الرأسمالية فإن حتى الدول التي ستقوم بدور السيطرة في ظل الرأسمالية سوف تعود فتنهار هي الأخرى، لأنه من المحتوم أن ينتهي هذا العنف والنهب اللانهائي بتدمير نفسه، لأن ما يحدث أمامنا من التضخم في القوة العسكرية وتلويث البيئة وثقب الأوزون والعنف اللانهائي يجعلنا نقول إن هذه الدول الرأسمالية المسيطرة تسير في اتجاه الديناصوري أو اتجاه التدمير الشامل، أنها تدمر كل شيء .. البيئة والفضاء، ولا تسمح لنفسها إلا بالاستمرار نحو التضخم حتى الانفجار .
 
ولكن في ظل هذا ما هو الحل ؟ فلنعد إلى الأستاذ منير شفيق الذي يقول: " إن مصير العالم سيظل مظلما ما دامت تلك البلدان برأسماليتها قادرة على استخدام العنف، أما الأمل ببزوغ فجر جديد، وهذا لا يكون إلا إذا نجحت الثورة في البلدان الإسلامية وفي بلدان أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية من جهة أو دمرت الدول الكبرى نفسها بشكل أو بآخر بحرب أو بدون حرب وأصبحت عاجزة عن المحافظة على سيطرتها وغير قادرة على استعادة تلك السيطرة من جهة أخرى، بل لابد من أن يصل هذا المسار الديناصوري للحضارة الغربية حتى منتهاه، فتصبح أرض تلك الحضارة عطشى إلى الخروج، الجاهلية والظلمات والدخول في عالم النور أي الخروج من عبودية المادة والنهب والقوة والانحلال الأخلاقي والحروب المدمرة حتى للحياة نفسها إلى عالم توحيدي وأحد تتوازن فيه الجوانب العقيدية والفكرية والثقافية والأخلاقية في حياة الفرد والجماعة والبشرية كلها، أي تتغير الغابات المتمثلة في تحقيق أكبر قدر من إشباع الشهوة والحاجات المادية والسلع والقوة والسيطرة على حساب الغالبية العظمى من العالم وعلى حساب فطرة الإنسان وجوهره، وهي تفعل ذلك بينما أصبحت تمتلك مخزونا مروعًا من أسلحة الدمار الشامل خصوصًا النووية والجرثومية والكيماوية، ولا يتوهمن أحد أن ذلك لا يشكل خطرا محدقا، وما وصول تلك الحضارة إلى هذا المخزون الرهيب إلا الدليل على اتجاه مسارها، وعلى جوهرها الهمجي والمتخلف والرجعي وهي العبارات التي طالما استخدمتها هي بحق غيرها من الحضارات ولكنها شديدة الانطباق عليها بالرغم من كل تنظير يخفي تلك الحقيقية الصارخة، وهنا يحق للإسلام أن يطرح نفسه مشروعًا متألقًا أمام هذا الظلم الدامس الذي تنشره الحضارة الغربية "