السؤال
ما هي الأسس التي ينبغي أن نربي عليها أبناءنا بحيث نستطيع مواجهة تغيرات هذا العصر؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:
فتربية الأبناء مسؤولية عظيمة، وعمل صالح كريم، إذ به تصلح المجتمعات، وتقوّم الأخلاق، وهناك أسس ثابتة عبر الأزمنة، وهناك أسس أخرى تناسب كل مرحلة.
أما الأسس التي لا تتغير فهي التربية على العقيدة الإيمانية، والتوحيد الخالص، ونقاوة القلب بالإخلاص لله سبحانه وتعالى، والتربية على الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح وهو منهج الوسطية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}.
فهذه – ومثالها - أسس لم تتغير من زمن النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين إلى اليوم، (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، و(كان خُلُقُه صلى الله عليه وسلم القرآن).
وهناك ما يمكن أن نسميه أسساً متغيرة وهي تختلف باختلاف الواقع ومعطياته، بشرط أن تكون جميعها واقعة تحت المقاصد الشرعية الصالحة مما أمر به الشرع الحنيف..
وهناك نقاط:
1- أن يربي أبناءه على تعبيدهم لله، وأن يراقبوا الله في كل تصرفاتهم، قبل مراقبته هو.
2- يجب أن يكون الأب قريباً جداً من أولاده يلتقي معهم ويشاورهم ويتحبب إليهم ويتفقدهم، وهذا مهم للغاية، فقدته كثير من البيوت.
3- استخدام أسلوب الحوار، والإقناع، ففي السابق كنا لا نعرف الحوار مع الآباء إلا نادراً، وقد تغير الواقع، ويجب أن نفتح صدورنا لأبنائنا للحوار وسماع ما لديهم، وإجابتهم برحابة صدر وتفهم، ونتعامل مع عقولهم لا مع أبدانهم.
4- المتابعة، فهناك معطيات أو صوارف تتجاذب أبناءنا الآن، كالإعلام المتدفق والأفكار الهدامة، والجواذب ذات البريق.. ويجب أن نتابع أبناءنا متابعة قريبة لنبين لهم الصواب وننير لهم السبيل.
5- إعطاء صورة القدوة: فهناك من يعطي قدوة سيئة لأبنائه سواء في عبادته أو في طريقة تربيته وأخلاقه ومعاملته.
وعلى كل مربٍّ أن يعرف أن تقصيره في حق الله ليس تقصيراً محصوراً عليه إنما هو تقصير ممتد إلى أبنائه وأهله.
6- الاهتمام بقضية العدل بين الأبناء، فالأب يجب أن يعدل مع أبنائه لأن قضية العدل من أقوى وسائل التربية وقد لاحظت أن البعض من الأبناء يشكو من الظلم الذي يجده مع إخوانه، وتفريق والده بينهم عن قصد أو غير قصد، وهذا يُحدث نفوراً ويُحدث انحرافاً أحياناً.
7- على الوالد أن يتفقد أبناءه مالياً فلا يكثر المال عليهم ولا يقلله، فيعتدل بين ذلك فلا يقلل عليهم فيضطرون إلى غيره أو تنكسر نفوسهم، ولا يزيدهم فيتعلمون الرفاهية والإسراف إلى غير ذلك.
8- من حسن التربية أن يُعَلِّم الأب أبناءه إتقان عمل ومهارة بذاتها، مع تيسير طريق الدراسة والعلم، فتعلم المهارات يبني الشخصية ويقويها.
9- يلحقهم أيضاً بحلق التحفيظ والمجالس العلمية الحسنة الوسطية، وكثير من الذين وقعوا في الغلو اختاروا لهم أصحاباً أو ورطوهم أو أصدقاء سوء.
10- وأخيراً على الأب أن يدعو ربه لأبنائه دعاءً كثيراً صادقاً أن يحسن نباتهم، وليحذر من الدعاء عليهم مهما فعلوا وقصّروا وأخطؤوا في حقه، ففي الحديث عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم رواه مسلم.. والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.