3 ربيع الثاني 1434

السؤال

أنا فتاة عمري 24 قبل شهرين تواصلت مع ابن عمي عن طريق (الفيس بوك) وهو متزوج منذ 5 سنين ولديه طفلان وأخبرني أنه كان يريد الزواج بي وتمناني زوجة له ولكن كانت هناك مشاكل بين والده ووالدي واضطر للزواج بأخرى بناء على طلب من والدته لأنها أجبرته على الزواج وأخبرني أنه ليس سعيدا معها وطلب يدي للزواج وقال إنه سيعدل بيني وبينها وحالته المادية تسمح بأن يفتح بيتين أنا صليت صلاة استخاره وأنا مرتاحة جدا للموضوع ولكني قلقه من موقف والدي تجاه الموضوع ولأني لا أريد أن ابني سعادتي على تعاسة زوجته ولكنه إنسان على خلق ومرتاحة جدا له ولكني امتنعت عن الكلام معه عن طريق (الفيس بوك)! لأن هذا الشيء هذا حرام ولكنني أتمناه زوجا لي وأنتظر ردكم.. وشكرا..

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أهلاً وسهلاً بك على صفحات موقعنا، وأسأل الله أن ييسر لكِ أمركِ ويرزقك الزوج الصالح الذي يكون عونا لك علي طاعته وتسعدين معه في الدارين.
ابنتي الكريمة.. الزواج رحلة عمر، ولابد لرفيق هذه الرحلة أن تكون لديه مواصفات ومؤهلات تجعلكِ تشعرين بالاطمئنان لحسن الاختيار، كما لابد من تحكيم العقل قبل العاطفة والموازنة بين السلبيات والإيجابيات، لأن الفتاة العاقلة تخطط لمستقبلها وتفكر جيدا قبل الإقدام علي أمر هام كالزواج، ولا تجازف بعمرها لمجرد شعورها بأن هناك من فكر يوما الزواج منها (أخبرني أنه كان يريد الزواج بي وتمناني زوجة له)!
ابنتي الحبيبة.. ذكرتِ أنك تواصلتِ مع ابن عمكِ ( قبل شهرين) عن طريق (الفيس بوك) وأخبركِ أنه كان يريد الزواج منكِ منذ خمس سنوات، فماذا كان فاعلا حتى يحقق ما يتمناه ويظفر بالزواج منكِ؟! لا شيء! فهو أخبركِ أنه اضطر للزواج بأخرى بناء (علي طلب والدته) فهي (أجبرته علي الزواج) من فتاة أخري! ومع احترامي لأمه ولرغبتها؛ إلا أنني أجده بمنتهي البساطة تخلي عنكِ دون أي محاولة منه لإقناع والديه، أو حتى محاولة الوفاق بين والده ووالدكِ من باب إصلاح ذات البين التي حثنا الإسلام وبشدة علي إذابة الخلافات بين المسلمين عموما وبين الأخوة خصوصا.
هذا الشاب أراه ضعيف الشخصية ومواقفه الحياتية تبدو سلبية إلي حد كبير، بدليل أنه وقف موقفا سلبيا حين رأي وجود شقاق بين والده وأخيه، فلم يحاول الإصلاح بينهما، كما أنه كان سلبيا أيضا حين رغب في الزواج منكِ ولم يدافع عن حقه واختياره في قضية هامة في حياته وهي اختيار من يرغبها كزوجة ويراها تناسبه. ثم يبادر بالزواج من أخري دون محاولة منه لإقناع والديه والتمسك برغبته والدفاع عن وجهة نظره.
والآن وبعد مضي خمس سنوات علي زواجه يكتشف أنه (ليس سعيدا)!! ويتواصل معكِ عن طريق (الفيس بوك)!
فهل (الفيس بوك) هو الوسيلة المناسبة لطلب يدك؟!
ستقولين لي: إنه يريد معرفة رأيي في الزواج منه؛ هل أوافق أم لا؟
أقول لكِ: ما قيمة موافقتكِ طالما هناك اعتراض من الأسرتين؟ هذا الاعتراض عمره أكثر من خمس سنوات، فهل تتوقعين أن ترضي الأسرتان عن هذه الزيجة بعد أن تزوج وأصبح له زوجة وطفلين؟!
وعلي فرض موافقة الأسرتين علي هذا الزواج، هل زوجته علي علم برغبته الزواج؟ وهل هي توافق علي أن تشاركها أخري زوجها؟ أم ستطلب الانفصال؟

ولو وافقت زوجته في البداية، هل أنتي واثقة أنه لن يتخلي عنكِ عند أول منعطف تتعرض له حياتكما ويقف موقفا سلبيا كما فعل من قبل؟ في الغالب ستكونين أنتي الضحية؛ لأن الأولي هي أم الأبناء واختيار أمه ولها مكانة ومنزلة بحكم العشرة، أليس كذلك؟
التعدد جائز والقرآن جاء بمشروعية تعدد الزوجات، يقول سبحانه وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}. ولكن أدعوكِ لتحكيم العقل ودراسة كافة المخاطر التي تحيط بهذا الزواج، فلا تجازفي بعمرك كله من أجل تجربة احتمالات الفشل فيها أكبر كثيراً من احتمالات النجاح، فلا تتعجلي وأنت ولله الحمد ما زلت صغيرة وأمامك فرصاً كثرة بإذن الله، اقطعي علاقتكِ به، وانتظري شابًّا ملتزمًا يتقدَّم لخطبتِك، يحفظكِ، ويحفظ دينكِ وحياءكِ.
وفي الختام.. أسأل الله سبحانه وتعالي أن يمن عليكِ بزوج صالح يسعدك ويعينك علي طاعة الله ونحن في انتظار جديد أخباركِ فطمئنينا عليكِ.