24 ربيع الثاني 1434

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله..
أرجو من الله ثم منكم إفادتي فأنا في حيرة وحزن..
أختي الصغرى لها حساب في (التويتر والفيس بوك) لكن أرى أنه لا يصلح لها فهي تضع بعض الصور غير مكتملة الملامح للنساء وبعض صور الغرب وتسهر على جهازها ولا تتركه ولاحظت أنها بدأت تقلد الغرب فهل إذا أخبرت أخي عنها وعن ما تفعله من وضع صور وغير ذلك يعتبر نميمة؟! لأني أخاف أن أطالب يوم القيامة لماذا سكت عنها!! وأخي هو من يتحكم بالإنترنت عندنا ونصحت لها لكن لا فائدة..
أرجوكم أفيدوني..

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد..
مرحبا بكِ وسط أهلكِ وأحبابكِ، ونشكر لكِ ثقتكِ وندعوكِ دوما للاتصال بنا وتصفح موقعنا ونسأل الله أن يدبر لكِ أمركِ، ويصلح لكِ شأن أختكِ، ويكتب لكما السعادة ويعينكما علي طاعته.
ابنتي الحبيبة.. في البداية نشكر لكِ حرصكِ علي أختكِ واهتمامك بشأنها؛ وقلقكِ من طول الوقت الذي تقضيه أمام شاشة الكمبيوتر لتصفح عالم الإنترنت، كما نشكر لكِ توجهكِ إلينا لطلب النصيحة، ونسأل الله سبحانه وتعالى العون والرشاد.
كان يجب علي كل أسرة قبل أن تسمح بدخول الإنترنت واستخدام أبنائها له؛ أن تقوم بوقايتهم من أخطاره، كما تقوم بحملات التطعيم ضد الأمراض الفتاكة، فالإنترنت قد تعددت أخطاره حتى بات كالخلايا السرطانية إن تمكنت من جسد لا تتركه إلا حطاما.. ليس معنى كلامي رفض هذه التقنية الحديثة على الإطلاق، ولكن فوائدها الجمة لا ينكرها مبصر.. فقط نحتاج حماية فلذات الأكباد من أخطار لا يرونها، وآفات لا يدركون شرها، ومكائد تحاك لهم حتى يكونوا على وعي ويقظة وفهم واقتناع تام بما هو صالح وما هو طالح.
ذكرتِ – ابنتي الفاضلة – ذكرتِ أن أختكِ الصغرى (لها حساب في التويتر والفيس بوك) بالطبع شأنها شأن غالبية الشباب، فلا ننكر عليها ذلك أبدا، ولكن في هدوء وبالحوار معها يجب عليكِ أن تعلميها بالضوابط الشرعية لاستخدام شبكة الإنترنت عموما ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصا، فإسلامنا لا يحرمنا من مواكبة التطور واستخدام التقنيات الحديثة أبدا، بل هو يريدنا كمسلمين أن تكون الريادة لنا ونكون على رأس الأمم، وفي نفس الوقت هناك ضوابط ألزمنا بها لحفظنا وسلامتنا وحتى نكون في منأى من أي ضرر أو انحراف قد يحدث لنا.
لهذا يجب عليكِ وبرفق أن توطدي علاقتكِ بأختكِ وتقيمي بينكِ وبينها صداقة متينة ، بحيث تجعليها تبوح لكِ بمكنونات صدرها، وتستشيرك في أدق أمورها؛ بحيث تكون نصائحكِ لها غير مباشرة، وإياكِ أن تكوني معها كالواعظ الآمر، أو كالمصلح الناصح، أو كالمعلم مع تلميذه؛ بل كوني معها الصدر الحنون الذي يكتم الأسرار فلا ينشرها أبدا، والذي يستر العيوب ولا يفضحها حتى تأنس بكِ وتؤمنكِ علي أسرارها فتكوني أنت أول من تلجأ إليه عند الحاجة، وأول من تسترشد برأيها عند الحيرة وأول من تثق بها عندما تختلط عليها الأمور.
كما أنصحكِ - يا قرة العين – أن لا تخبري أي أحد بما تشاهدينه من تواصلها المستمر علي الإنترنت أو بسهرها الدائم أمام شاشة الكمبيوتر، حتى ولو كان الذي تريدين إخباره هو أخيكِ، فأنت لا تعلمين مقدار ردة فعله عندما يعلم بذلك، فربما تصرفه يحكمه الغضب والتهور ما يدفعه لعقابها فتبدأ في العناد والتمادي، وحتى لو كان أخوكِ صبورا حكيما فسوف تفقد أختك ثقتها فيكِ ولن تحاول مشاركتك في مشاكلها أو خصوصياتها بعد ذلك أبدا..
لذلك أنصحكِ ابنتي الكريمة أولا أن تقومي بتعميق معاني الإيمان في نفسها؛ فتستشعر مراقبة الله سبحانه وتعالى لها في سرها وعلانيتها، ولهذا فهو سبحانه وتعالى شاهدها وسامعها يعلم مع من تتحدث؟ وماذا ترى وتشاهد؟ وماذا تكتب؟ وماذا تنقل؟ ولتعلم أن كل إنسان محاسب "مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ".
ثم تفقدي معها صلاتها، هل هي مواظبة عليها في أوقاتها؟ فإن كان هناك أي تقصير، فبالنصيحة الهادئة وبالهدية الجميلة وبالمصاحبة تستطيعي أن تأخذي بيديها لطريق الصلاح {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} ولا تنس الصبر معها حتى تحققي ما تريدين (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا). فلا شك أن تقوية الإيمان وطاعة الرحمن ستكون لها الحصن من أي انحراف أو مجرد التفكير في فعل أي معصية.
ابنتي المؤمنة.. مهم جدا أن تشاركي أختكِ اهتمامها، فهي كما ذكرتِ مهتمة بمواقع التواصل الاجتماعي؛ فلماذا لا تسجلي لنفسكِ صفحة وتنضمي لصفحتها لتشعريها بوجودك معها، ثم تتعاونا سويا علي نشر المواضيع الهادفة وتتناقشا مع الآخرين في الأحداث التي تدبر لأمتنا المسلمة، وكيف أن الغرب يحاول بث سمومه التغريبية لهدم القيم والأخلاق الإسلامية، وإشاعة الفوضى غير الأخلاقية بين شباب المسلمين، وفكرا سويا كيف يكون لكما دورا في شرح بعض القضايا التي تكون ملتبسة علي الكثير؛ ثم اجعليها تستشعر معكِ قيمة الدعوة إلي الله، وكيف يمكن لهذه التقنية الحديثة أن تستخدم في ذلك.. فقط اعلمي أنه عندما ينمو الرقيب الداخلي والوازع الديني سيكون التواصل عبر الإنترنت نافعا ومثمرا، في هذا الوقت ستجد أختك البديل الوضاء الذي سيجعلها تنبذ محاكاة الغرب (بدأت تقلد الغرب) وتعود لفطرتها الغضة النقية من جديد. ابنتي الغالية.. نقطة مهمة يجب الانتباه لها؛ وهي وضع جهاز الكمبيوتر في صالة البيت حتى يكون استخدامه على مرأى من الجميع؛ فإن رفضت فحاولي إقناعها بأن هذا الأمر لسلامتكما معا؛ فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وأن وجوده في الغرف المغلقة يشكل خطر، فإن رفضت فيمكنكِ أن تسري لأخيك بهذا الطلب من باب الوقاية فقط لا أكثر، واحذري أن تخبريه بأي شيء قد لاحظتيه على أختكِ حتى لا تفقد ثقتها فيكِ. كما أنصحكِ أن تخاطبيها بكل احترام أمام الجميع وتمتدحي أي تصرف حميد تقوم به، وتركزي على الجوانب الإيجابية حتى تتأصل في شخصيتها. كما أنصحك بمصاحبتها عند الخروج ومن المفيد أن تشتركا سويا في دار لتحفيظ القرآن الكريم، أو الذهاب لسماع درس ديني أو محاضرة ثقافية، أو ممارسة هواية مفيدة كالرسم، أو رياضة كالمشي أو تعلم فنون الطهي وغيرها، المهم استثمار الوقت بما هو نافع ومفيد لها وللآخرين.
وفي الختام.. لا تنس الدواء الناجع ألا وهو الدعاء لأختك ولبنات المسلمين كافة أن يحفظ أعراضهن ويبعد عنهن رفيقات السوء ويجنبهن مزالق الفتن ما ظهر منها وما بطن.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.