8 شعبان 1437

السؤال

زوجي لا يبالي بمشاعري ولا أحاسيسي، يهجرني في الفراش لأتفه الأسباب ولا يكلمني لمدة 15 يوما أو شهر رغم أنه أحيانا هو الظالم ولا يعترف بظلمه أو أن يعتذر رغم أنه أهانني كثيرا ووصل أن ضربني وتركت البيت ولم يرجعني حتى رجعت وحدي لأجل أولادي فهم صغار وتركتهم يبكون ولا أريد أن تربيهم امرأة أخرى، أنا متزوجة منذ13سنة لم يقل لي أحبك أبدا أو أي كلمة أخرى تناقشت معه في الأمر قلت له اكذب حتى علي لكنه لم يفهم أني أحتاج لعاطفته كنت أقول له أحبك لكن الآن لم أعد أقولها لأنها لا تعني له شيئا أنا التي تراضيه إذا تشاجرنا وأنا التي تطلب السماح وأنا التي تترجاه لكن هو أبدا ما فعل اي واحدة من ذلك، أنا أخاف الله وأقول أتركها على الله لكن منذ أن ضربني وسبني وهو دائما يسبني وقال كلاما لو كانت امرأة أخرى لتركته لكن أنا خفت على أولادي من الضياع خاصة كلهم صغار فالكبير 10سنوات وأنا لدي 5 أطفال أنا أهان كل يوم حتى عندما عدت من بيت أهلي لم أكلمه لأنهم قالوا لي إذا لم يكلمك لا تكلميه لم أكلمه 20 يوما كن الأولاد أصابهم الملل كل يوم ماما لماذا لا تكلمي بابا وعندما أقول لهم اذهبوا له هو يردوا بأنهم يخافون منه بعد تفكير ذهبت إليه وقلت له تكلم لأجل الأولاد لكنه رفض سكت وانتظرت أياما أخري وكتبت له رسالة لكنه لم يفهم بعد أيام صممت أن أكلمه كلمته فكلمني فرح أبنائي لكنني مهمومة ومحطمة نفسيا هو لا ينظر حتى في وجهي الكلام بيننا سؤال وجواب ولا يناديني وإذا أراد شيئا يبعث أولاده، أنا لا أريد الطلاق رغم أنني مدمرة، أنا لا أفكر في نفسي كامرأة لأنني أتألم ويبدأ قلبي يوجعني، أنا لم أعش أي لحظة رومانسية حتى وإن غيرت أو جددت أو حاولت إنشاء جو لهذا، فلا يكون الرد سوى الاستهزاء أو اللامبالاة وعندما أخبره بما كان يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام مع أزواجه يقول لست أنا مثل الرسول ولا أنت مثل أزواجه، أحسب نفسي أني مطيعة له لا أخرج حتى أستأذن، لا أذهب إلى مكان لا يرضيه، أنا كتاب مفتوح أمامه، أراعي الله في تعاملي معه، أصابتني أمراض عدة من معاملته، صراحة لم أكن أشكو لأحد لكن الآن كي أفضفض على نفسي أصبحت أحكي للجيران ولأقاربه، أنا يئست فعندما أقول له من يعطيني الحب والحنان غيرك أنت زوجي الآن صدقوا هو في غرفة وأنا في غرفة منذ أكثر من شهر هو قاسي القلب فأنا منذ بداية زواجي وأنا أعاني منذ20يوما من الزواج كنا نتحدث فقلت له بعفوية كلامك تافه فغضب وثار فوجئت وتأسفت واعتذرت وترجيته بأني لم أكن أقصد أي شيء لكنه لم يكلمني 15 يوما تخيلوا وأنا بعيدة عن أهلي ولا جيران لي هو يجلس مع أمه ويتسامر ويسهر معها وأنا وحدي وكل ليلة أتوسل إليه وأرجوه حتى أني قبلت قدمه لأني فعلا أحببته أنا لا أعرفه قبل الزواج فزواجي تقليدي أنا تزوجت20سنة لا أنكر أنه ليس بخيلا وهو يخرجني إذا كان لديه فراغ لكن من ناحية علاقتنا فهو يعتبرني زوجة تقوم بالأعمال وواجباتها وتربية الأبناء فقط حتى عندما أقول له تعال نم بجانبي يقول لي لديك أولادك أنا عمري 32 سنة، المهم أريد حلا أنا الآن قررت أن أتكلم معه لأجل الأولاد لكن لا أريده لأنه أهانني وحطمني كثيرا لا أخفي عليكم رغم قراري هذا فأنا أبكي كل يوم وأتعذب دائما أشعر بالإهانة دوما لأني كنت دوما أريد رجلا يحبني ويقدرني ويحترمني، أنا لا أريد الرومانسية الخيالية كنت فقط أريد أن يعاملني مثلما قال الرسول طرحت عليه مواضيع لقراءتها وبرامج لمشاهدتها وأحاديث للرسول وللعلماء لكن دون جدوى، أريد أن تساعدوني للانتصار علي نفسي ورغباتي فقط.. أعتذر عن الإطالة وعن طرح الموضوع دون ترتيب لأني مشوشة.. آسفة.

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أهلا وسهلا بك في هذا الموقع المتميز، وحقيقي قرأت رسالتك مرات عديدة، وشعرت بمعاناتك وحيرتك ودعوت الله لكِ أن يبدل ألمك وعذابك راحة وفرجا قريبا بإذن الله تعالي.
ابنتي الحبيبة.. مشكلتك التي تعانين منها، تعاني منها الكثيرات غيرك، وهي علي الأرجح إما نتاج البيئة التي نشأ فيها زوجك والتي ترعرع بداخلها وهو يري الأب القاسي الذي يتعامل مع الأم بالضرب والسب والإهانات، ورغم أنه كان يستنكر فعل أبيه وهو صغير، إلا أنه قد ورث هذا الطبع دون أن يدري، فكان نسخة كربونية من أبيه، فكما يقولون من شابه أباه فما ظلم. أو أنه نتاج تربية سيئة مغلوطة تفرق بين الولد والبنت في كل شيء، بل تجعل البنت كائنا دونيا حقيرا، ليس له حقوق ولكن خلق فقط لخدمة الذكر سواء كان أخا أم أبا أم زوجا. هذه الموروثات ربما كانت سببا لأفعال زوجك.
أو ربما كان زوجك قد وجد منك بعض الإساءات في بداية الزواج، فأراد أن يضع حدا فاصلا حتى لا تتمادي، فاعتاد علي هذا الأسلوب بعد أن وجده هو الأجدى في التعامل معكِ، واعذريني يا ابنتي فرسالتك قد احتوت علي عبارتين تبين ذلك. الأولي ذكرتها عن بدايات الزواج حيث قمتِ بإحراجه بعبارة قاسية (كلامك تافه) ورغم أنك لم تقصدي معناها، واعتذرتِ عنها، إلا أنها كانت لها وقع شديد علي نفسه جعلته يغلق كل أبواب التفاهم بينكما، ويضع حاجزا نفسيا لعدم تكرار هذا الخطأ. كذلك أجدك في بداية رسالتكِ ذكرت عبارة وقفت أمامها وهي (رغم أنه أحيانا هو الظالم) مما يوحي لي بأن الظلم قد يقع منك بصفة مستمرة، أما زوجك فأحيانا يكون هو الظالم.. هذا ما سطرته يدك، ولهذا كنت أود معرفة السبب الذي جعله يضربكِ، راجعي نفسكِ فربما دون قصد تقومين بما يغضبه.
علي العموم – ابنتي الكريمة – القسوة في المعاملة بين الزوجين مرفوضة شكلا وموضوعا، ولن أطلب منك أن تحاولي تغيير قناعاته بترك هذه الطباع، لأنها قد تأصلت لديه وانطبعت علي شخصيته، فهذه المحاولات إن تمت ونجحت ستؤتي ثمارها على المدى البعيد، ولكن ما أنصحك به هو الآتي:
1 – توجهي إلي الله سبحانه وتعالي مقلب القلوب، واسأليه أن يلين قلب زوجك، اسأليه أن يرزق زوجك الخلق الحسن وأن يعطف قلبه عليكِ، كما عليك أن تسأليه المغفرة والعفو والعافية في الدنيا والآخرة، كذلك اسأليه صلاح الحال. وأكثري من الاستغفار والحوقلة، ولا تغفلي عن قيام الليل، فسهام الليل لا تخطئ، ادعي لنفسك وأولادك وزوجك بالصلاح والهداية.. واطلبي من الله أن يقويك ويرشدك ويعينك.
2 – يحب أن تعلمي أن تحملك لزوجكِ وقيامك بواجباتك نحوه هو باب من أبواب الجنة، فهل تودين دخول الجنة؟
3 – مهما بدر من زوجك من إهانة أو تعصب، كوني هادئة ومتماسكة تماما، وكأنك لا تسمعي شيئا، واحذري الرد عليه أو مناقشته فيما يتحدث به عند غضبه، لا تجادليه ولا تناقشيه، واحذري أن تنظري له بحدة، بل ابتسمي وقولي له: سأتحدث معك عندما تهدأ، وإياك والبكاء أو التوتر أو أن يراكِ ضعيفة أو خائفة أو ذليلة، فبعض الأزواج للأسف الشديد يستمتع عندما يري الزوجة في موضع ذلة ومسكنة.
4 – أولادك هم رأس مالك، أحسني تربيتهم علي مكارم الأخلاق، وعوديهم علي أداء العبادات، اقرئي كتباً في تربية الأبناء.. وتابعي نموهم وتعايشي مع مشاكلهم، فابنك ذو العشر سنوات قد دخل مرحلة المراهقة وهذه المرحلة تحتاج متابعة ومعايشة ومصاحبة، ركزي معه ومع باقي أولادك، واشغلي كل وقتك بهم، وتناسي همومك وأحزانك ومشاكلك مع زوجك تماما.
5 – ركزي مع أبنائك وحاولي أن تقضي معهم كل أوقاتك، احتضنيهم وقبليهم وتفنني في إسعادهم والعبي واضحكي معهم، واستذكري لهم دروسهم.
6 – احذري أن تتركي بيتك لأي سبب، وليكن هدفك هو أن تعيشي لأجل أطفالك الخمسة، وحاولي أن تشعريهم بالاستقرار والأمان حتى يشبوا أسوياء النفسية.
7 – اعلمي أن الحياة الزوجية ليست حبا وعاطفة فقط، فحاولي أن تقللي هذه الاحتياجات، ولا تطلبي من زوجك كلمات الحب والعاطفية، مادام ذلك غير مجد، ولتؤجلي ذلك حتى ينصلح الظرف بينكما.
8 – استعيدي ثقتك بنفسك، اهتمي بمظهرك وحياتك، ولا تظهري أمام زوجك بالانكسار أو الذل، بل كوني دائما مبتسمة بشوشة، وأشعريه أن مساعيه لنشر العبوس بالبيت قد باءت بالفشل.
9 – إذا تحدث معك زوجكِ بهدوء أنصتي له جيدا، بل اجلسي إن أراد، وتحاوري معه بكل هدوء دون عصبية، ولا تنس الابتسامة دائما علي وجهك، وأشعريه أنك تقدرينه وتحترميه ولا تكثري من الأسئلة التي تزعجه أو العبارات التي تستفزه مثل: هدئ نفسك، لا تتوتر، أعصابك، فمثل هذه العبارات تشعل غضبه.
10 – ضعي في متناول يده بعض الكتيبات أو الأشرطة التي تتحدث عن الدين المعاملة، وأن من كرم الرجل حسن تعامله مع زوجته، وأن الكريم الذي يكرم المرأة، واللئيم هو الذي يهينها "خيركم خيركم لأهله" وغيرها من الكتيبات التي تتحدث عن أسس الحياة الزوجية ووضع المرأة في الإسلام.
11 – احذري – ابنتي الكريمة – من الشكوى للجيران أو الأقارب، أو إفشاء سر زوجك لأي أحد، فإن فعل هذا يتنافى مع الإسلام، وما أمر به رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم، فإن أحسست بحاجة إلي الفضفضة وبث الشكوى فاكتبي شكواك في ورقة واحتفظي بها لبعض الوقت ثم مزقيها بعد ذلك، أو يمكنك أن تبثي شكواك إلي إحدى الأخوات التي تتسم بالعقل والحكمة وكتمان الأسرار، واحذري أن تجعلي حياتك وأسرار بيتك وزوجك مشاعا للآخرين، حتي لا تكون أسرارك علي ألسنة الناس.
12 – في حالة إحساسك بالهم والحزن، أسرعي بالوضوء والصلاة، وبثي شكواك للحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، فهو وحده مقلب القلوب، وهو وحده مفرج الهم والغم.
وفي الختام.. أعانك الله وفرج عنك ما أنت فيه وجبر كسرك ورزق زوجك وجميع المسلمين حسن الخلق والصبر، ونحن في انتظار جديد أخبارك فطمئنينا عليك.