السؤال
السلام عليكم ورحمة الله..
أنا أم لأربعة أطفال أكبرهم 15 سنة، وأصغرهم 6سنوات، 3 ذكور وبنت، مشكلتي في أن ابني الثالث 10 سنوات كان يلعب على الآيباد مع أخته الصغرى فشاهدا صورا إباحية عن طريق الخطأ فطلب من أخته أن لا تخبرني حتى لا أمنعهما من اللعب عليه مرة ثانية ثم والبارحة بعد يومين عادت صاحبة الست سنوات وشاهدت فديو إباحي وحدها فرأت أبشع ما يمكن لبنت في سنها رؤيته.
البيت والحمد لله مستقر الولدان الأكبران الحمد لله موفقان الثالث أعاني معه بعض الصعوبات لكنه غير سيء وفلذة الكبد الأخيرة حبوبة وحنونة وكل من حولي يغبطني لكرم الله علي في أولادي لكن ولأول مرة أحس بانهيار ودموعي لا تتوقف وألجأ إلى الله بأن يهون علي ما أنا فيه وأن لا يؤاخذني على إهمالي للأمانة التي وضعها بين يدي ثم عليكم توجيهي إلى ما يجب علي فعله لأنني لا أستطيع التفكير.. وبارك الله فيكم..
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
أما بعد.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
نرحب بكِ وندعو الله سبحانه وتعالى أن يصلح حالك ويوفقك لما يحبه ويرضاه، كما نشكركِ على حسن ظنكِ بموقعنا الكريم، وأسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق في الرد على رسالتك.
"أبناؤنا فلذات أكبادنا؛ هم زينة الحياة الدنيا" قال تعالي: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، فهم نعمة تستحق الشكر، وفي نفس الوقت هم مسؤولية رعايتهم وتربيتهم على مكارم الأخلاق واجب على الوالدين، قال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾، قال - صلى الله عليه وسلم -: (علموا أنفسكم وأهليكم الخير)، وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته)، وقال أيضا: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ، أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته).
أما حين التفريط والإهمال في تربية الأبناء والتغافل عن حركاتهم وسكناتهم.. أين يذهبون؟ ومن يصاحبون؟ وماذا يشاهدون؟ وماذا يفعلون؟ فالمحصلة ستكون والعياذ بالله بائسة وكارثية، وسينفرط العقد من يد الوالدين فتكون العاقبة ضياع وعصيان.
لهذا – ابنتي الكريمة – يجب استشعار الخطر الشديد على أبنائك؛ ليس على دنياهم فقط ولكن على دينهم أيضا، لأن مشاهدة تلك الأفلام لها أثر مدمر على الدين والمروءة والخلق الكريم، بل تشجع على محاكاة هذه المناظر وارتكاب الفواحش، خصوصا وأن أبناءك الذكور في مرحلة المراهقة. وجميل منك المبادرة بالاستشارة للعلاج، خصوصا وأنت كما فهمت من رسالتك تعيشين في مجتمع بعيد عن تعاليم الإسلام وعن ما تعارف عليه من العادات الشرقية التي تتميز بالتحفظ، ولهذا أطلب منك إتباع هذه النصائح:
أولا: الدعاء للأبناء؛ فدعاء الوالدين لا يرد بإذن الله تعالى كما قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد لولده، ودعوة المسافر) أخرجه الترمذي في سننه. فالدعاء سلاح المؤمن.
ثانيا: عليك بالتحدث لابنك وإخباره أنك سعيدة لأنه أخبرك بما رأى من مشاهد وصور سيئة، وأنك تعلمي تماما أنه لم يسعى لاستجلابها، بل هي نزلت على جهازه بطريق الخطأ (شاهد صورا إباحية عن طريق الخطأ) وأنك واثقة تماما من أخلاقه، وأنك بعلمك هذا لم تغيري نظرتك له، لأن هذه المناظر لم يسع هو إليها، وإنما عرضت دون إرادة منه.
واحذري أن تتعاملي مع أبنائك بشدة كأن تضربي أحدا منهم أو توبخيه أو تحرميه من استخدام الآيباد لأن هذا الأسلوب سيأتي بنتائج عكسية تجعل الأبناء يزداد حرصهم على مزيد من مشاهدة هذه المناظر وسيجلب لديهم حب الفضول في معرفة المزيد عن هذا العالم السيئ.
ثالثا: عليك بمصاحبة أبنائك والتقرب إليهم ومصادقتهم، وعمل حوارات معهم عن مشاكلهم وعلاقتهم بأصدقائهم والحديث معهم عن المخاطر الناتجة عن مشاهدة الصور والأفلام السيئة، خصوصا الأبناء في سن المراهقة، كما يجب متابعتهم وملاحظتهم ورصد أي سلوك أو تغير يطرأ عليهم.
رابعا: وضع برامج مفلترة وحماية للمواقع الإباحية على الأجهزة التي تتصل بشبكة الإنترنت، كما يجب أيضا تشفير القنوات الفضائية الإباحية التي تدعو إلى الرذيلة وتبعد الناس عن الفضيلة، فهذه القنوات أثرها بالغ الضرر على الجميع كبارا وصغارا، فهي تنتج جيلا مسخا مهزوزي الشخصية لا يفرق بين الخطأ والصواب، وبين النافع والضار.
خامسا: تقوية الجانب الإيماني لدى الأبناء، وإشعارهم بمراقبة الله عليهم في كل وقت، وتفقد أحوالهم في الصلاة، فإن كان فيهم أحد مقصر في صلاته، فعليك بتشجيعه وحثه على المواظبة، وشجعي أبنائك البنين على الصلاة جماعة في أقرب مسجد لديكم، فقد بين الله تعالى أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فمن أقام الصلاة كما أمر الله نهته بلا ريب عن الفحشاء وعن المنكرات، فهذا أمر لابد منه.
سادسا: غمر الأبناء بالحب والعواطف والاحتضان، فالجفاء وإخفاء المشاعر يجعل الأبناء يشعروا بالجوع العاطفي في حين أنهم في أمس الحاجة للعاطفة أكثر مما كانوا في سني حياتهم الأولي، لذلك على الأم والأب عدم إخفاء مشاعر الحب لأبنائهم بحجة أنهم كبروا على ذلك.
سابعا: إشغال وقت فراغ الأبناء بما يفيدهم، مثل الرياضة وحفظ القرآن وتعلم علوم الكمبيوتر وممارسة الهوايات المختلفة التي تعزز الثقة بالنفس وتشغل وقتهم بالمفيد.
ثامنا: إسماعهم بعض الأشرطة الإسلامية التي تذكرهم بالله والجنة والنار وغير ذلك، وتحفيظهم الأناشيد التي تعزز لديهم الفخر بانتمائهم لهذا الدين العظيم.
تاسعا: إن كان الأب مقصرا في تربية أبنائه ومتابعتهم، أن يعيد النظر في علاقته بهم، ويراجع قربه منهم، ويتلمس احتياجاتهم، وأقصد هنا الاحتياجات النفسية وليس المادية، وتفقد مستواهم الدراسي، والمساهمة في حل مشاكلهم مع الأم، والبحث لهم عن بدائل مفيدة يشغلون بها أوقاتهم.
عاشرا: تفقد أصدقائهم أخلاقهم وسلوكياتهم، فقومي الأخطاء والثناء على القويم، وجميل منك –ابنتي الحبيبة – أن توجهي لأصدقاء أبنائك دعوة للعشاء وتجلسي معهم وتحاوريهم لتتعرفي على مفردات حديثهم وأخلاقهم وطبيعة أسرهم ومدى ارتباطهم بالدين الإسلامي. فالحوار مع الأبناء وأصدقائهم يقوي جسور التواصل بينك وبينهم فتدركي السيء منهم لتصلحيه وتقوميه أو تبعديه عن أبنائك إن كان مستعصيا على التقويم.
أحد عشر: توعية الأبناء الذكور أن مشاهدة الأفلام السيئة ضار بالصحة؛ فهو يسبب: انخفاض التركيز والتحصيل الدراسي ويضعف الذاكرة، ويسبب التخلف الدراسي، كما يجعل الطالب أكثر عرضة للنسيان، ويسبب الأرق وقلة النوم، والسرحان الدائم، والشعور بالإرهاق، والخمول، والكسل، والميل للعزلة، والابتعاد عن الرياضة، والإرهاق الذهني، الذي يصاحبه عادةً عصبية في المزاج، وسرعة الغضب، والاستثارة، والشعور بصداع شديد ومتكرر، إلى جانب الاكتئاب المستمر.
وفي الختام.. نسأل الله عز وجل أن يشرح صدوركم وأن ييسر أموركم وأن يفرج كروبكم وأن يهدي أبنائكم وأبناء المسلمين جميعا، ونحن في انتظار جديد أخبارك فطمئنينا.