7 ربيع الأول 1426

السؤال

أنا أدعو الله كثيراًً في أمور الدنيا ولا يتقبل مني؛ مع العلم بأني أشهد الله على كل ما أفعل ولي ظروف صعبة بالعمل، أريد أن يتقبل الله مني دعائي و،أن يغفر لي ويرحمني ويتوب علي .

أجاب عنها:
جمّاز الجمّاز

الجواب

الحمد لله رب العالمين، وبعد: الدعاء من أفضل القربات، قال _تعالى_: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر: من الآية60)، وللإنسان أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة، ويحرم أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم، وكلما كان الإنسان مضطراً، كان أحرى لإجابته، قال _تعالى_: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ" (النمل: من الآية62). وكون الإنسان يدعو كثيراً، هذه علامة على حسن عبادته؛ لأنه أيقن أن هناك رباً هو رب كل شيء ومالكه ومليكه، وإليه المرجع والمآب. وتساؤلك عن عدم إجابة الله لك، تحتمل عدة أمور: أولاً: الاستعجال في الدعاء: صحَّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: «يستجاب لأحدكم ما لم يُعجِّل، يقول: قد دعوت ربي فلم يستجب لي"، فلا تستعجل، اصبر. ثانياً: الدعاء بإثم أو قطيعة رحم: صحَّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم" فاحذر أن تدعو بشيء حرام. ثالثاً: الإقامة على الحرام: صحِّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال في الرجل: "يمد يديه إلى السماء، يقول: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّي بالحرام، فأنى يُستجاب له"، فافهم ذلك جيداً، وفتِّش عن نفسك، أين أنت من الحرام. رابعاً: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: صحِّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم". خامساً: غفلة القلب: صحِّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ" فهل أنت في غفلة عن أمر دينك. سادساً: حكمة ربانية: بأن يصرف الله _تعالى_ عن الداعي من السوء مثل دعوته، أو أن يدَّخر له من الأجر مثلها مع عدم حصول استجابة الدعاء. صحَّ عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "ما على الأرض مسلم يدعو الله _تعالى_ بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو صرف عنه من السوء مثلها" أو في رواية "أو يدّخر له من الأجر مثلها". فاحمد الله _تعالى_ على ما قضى وقدَّر، واعلم أن الخير ما اختاره الله لك. ووصيتي لك أيها الأخ الكريم: أن تنظر في حالك، وأين أنت من الأسباب التي تحول بينك وبين إجابة دعائك، فاجتنبها، وابتعد عنها، واستعن بالله ولا تعجز، واحرص على الدعاء، واجتهد في تحري أسباب إجابته، مثل: 1- الجزم في الدعاء، واليقين على الله بالإجابة. 2- الإلحاح في الدعاء، فأكثرْ منه، ولا تستعجل وتقول: لم يُستجب لي. 3- التوبة ورد المظالم. 4- الدعاء في كل الأحوال، في السراء والضراء، في الرخاء والشدة. 5- الوضوء قبله. 6- استقبال القبلة. 7- رفع اليدين. 8- خفض الصوت واجعله بين المخافتة والجهر. 9- التضرع والخشوع أثناء الدعاء. 10- البكاء في الدعاء. 11- إظهار الافتقار إلى الله _تعالى_، والشكوى إليه من الضعف والبلاء. 12- الاعتراف بالذنب والخطيئة. 13- سؤاله _جل وعلا_ وحده وعدم سؤال غيره. 14- سؤاله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى. 15- عدم تكلف السجع في الدعاء. 16- ترك الدعاء بالحرام. 17- الدعاء بصالح الأعمال. 18- افتتاحه بالحمد والثناء، واختتامه كذلك. 19- تكرار الدعاء ثلاثاً. 20- الصلاة على النبي _صلى الله عليه وسلم_ في الدعاء. 21- اغتنام الأوقات ومختلف الأحوال، والمواضع التي يُستجاب فيها الدعاء، مثل: آخر الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي السجود، وبعد الصلوات المكتوبة، وآخر ساعة بعد عصر يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وفي السفر، وعصر يوم عرفة، وعند إفطار الصائم، وليلة القدر، ونحو ذلك. واللهَ _تبارك وتعالى_ أسألُ لك التوفيق والسداد، وأن يُهيِّئ لك من أمرك رشداً. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. _______________ (1) الجواب الكافي، لابن القيم ص465.