28 شعبان 1426

السؤال

السلام عليكم .<BR>تزوجت من زوجة من أسرة شديدة البعد عن الله التزمتُ والحمد لله بعد زواجي منها مباشرة، و زوجتي شديدة البعد عن الله بحكم ما زرع فيها أهلها، هم يعارضوني في كل شيء ويؤثرون عليها كثيراً مما يعوق هدايتها واستماعها لنصحي، طلقتها بعد أن تعبت كثيراً في المحاولة معها لمدة سنتين، لكن ارتباطها الشديد بأهلها أعاق ذلك، لدي منها طفل رضيع أخشى عليه منهم، أعلم بأن فيها خيراً كثيراً، مستعد لردها قبل العدة والصبر عليها، ولكني أخشى أن أحمل وزرها بحكم قوامتي، فهل حقاً أحمل إثم أفعالها بالرغم من محاولتي معها أن رددتها؟ أفيدوني بأسرع وقت أرجوكم قبل انتهاء العدة.<BR>

أجاب عنها:
جمّاز الجمّاز

الجواب

الحمد لله رب العالمين, وبعد: نرى لك إرجاعها قبل نهاية العدة, ورجعتك إليها يحصل بقولك: راجعتكِ أو راجعتُ زوجتي فلانة, أو بجماعها, أو كلاهما معاً, ويحتسب عليك طلقة إن كانت هذه هي الطلقة الأولى كما هو الظاهر في سؤالك, ولم يبقى لك إلا طلقتان، وهذا الكلام إذا ثبت طلاقك لها كما في السؤال. ونقترح عليك إعادة المحاولة مرة أخرى في سبيل إصلاحها, ولعل طلاقك لها, قد أعطاها درساً هو آخر الدواء _إن شاء الله_. ومتى كنت جاداً, فعليك بالتالي: 1. استعن بالله عز وجل, ولا تعجز, وفوض أمرك إلى الله, وادعه دائماً أن يسددك ويوفقك ويُصلح زوجك وذريتك, فالدعاء سلاح غفل عنه الكثير. 2. إذا أرجعتها, فأشعرها بحبك لها, وأنك راغب فيها, وامدحها بصفات هي فيها. 3. اطلب منها أن تتعاون معك, وأن أمنيتك الوحيدة في الدنيا هي هدايتها واستقامتها. 4. خلصها من صديقات السوء, وأبدلها بصديقات طبيات خيرات, يرتبطن بها من خلال معرفتك بزملائك الأخيار؛ لأن تأثير المرأة على المرأة, أقوى من تأثير الرجل على المرأة, ولو كان زوجها أو والدها. 5. لا تجعلها عند أهلها كثيراً, كن لها في مقام أهلها, أشعرها أنك جزء منها, اجلس معها كثيراً، اسمع منها كثيراً تبادل معها الأحاديث كثيراً, مرضها إذا مرضت, أخدمها إذا احتاجت. 6. لا يكن لديها فراغ, اشغلها بما يعود عليها بالنفع (قراءة + كتابة + حياكة + صنعة) واهتم أن يكون ذلك في تخصصها أو ميولها, ولا تتخلى عنها, ساعدها وشجعها. 7. اخرج عن بيتك الحرام (مقروءاً + مسموعاً + مشاهداً) واستبدله بالحلال مهما كانت الظروف والأحوال, والآن توافرت وسائل التسلية الحلال. 8. حاول أن تسكن قريباً من أناس مستقيمين متدينين, وابتعد عن السكنى قرب أهلها أو أماكن تخشى فيها على دينك وأخلاقك. 9. عاملها بلطف, لا تكن قاسياً في الأمر والنهي, لا تفتش عن كل صغيرة, لا تسأل عن كل تافه, لا تفهم منك أنك متشدد تريد كل شي لا غبار عليه, ارضَ باليسير, فسوف تجني الكثير الكثير, ولو بعد حين. 10. لا تقصر عليها في أكلها وشربها أو ملبسها أو زياراتها, ابذل ما تقدر عليه بالمعروف, وسِّع عليها للمصلحة التي ترجوها, ولو كان الأفضل تركه. 11. صح عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "لا يفرك مؤمن مؤمنة, إن كره منها خلقاً رضي آخر", يعني لا تُبغض الزوجة إن كرهت منها خلقاً فلها حسنات كثيرة وأخلاق جميلة, وهذا أصل في المعاملة والعشرة الزوجية, وهي كذلك لو كرهت منك خلقاً رضيت بأخلاق أخرى حميدة. 12. اخرج بها فتنزها في أماكن محتشمة, وأشبع ما لديها من تطلعات, لا تجدها إلا عند أهلها (نزهة + أكل وشرب + ولائم + أحاديث محددة + لقاء بقريبات لها). 13. اجعل لتطبيق هذا العلاج مدة شهرين أو ثلاثة واصبر على ما يصدر منها عن مخالفات ومنكرات, وحاول أن تخفف منها في سبيل إصلاحها, ولا يضرك ما فعلت هي, استمر في العلاج. 14. إذا لم ينفع شيء مما سبق, فابحث عن رجل صالح, أو امرأة صالحة من أهلك أو أهلها, ليعظوها ويذكروها بالله _عز وجل_. 15. إذا أعيتك الحيل, ورأيت أنك بذلت جهداً كبيراً من أجل إصلاح زوجتك, ولم ينفع شيء استخر الله _عز وجل_ واطلب الخيرة. 16. الاستخارة أن تصلي ركعتين نافلة, كالنوافل المعتادة, وبعد التشهد وقبل السلام, تدعو بدعاء الاستخارة المشهود الصحيح: (اللهم إني أستخيرك بعلمك, وأستقدرك وأستعينك بقدرتك, وأسألك من فضلك العظيم, فإنك تقدر ولا أقدر, وتعلم ولا أعلم, وأنت علام الغيوب, اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (بقاء زوجتي فلانة معي واستمرار الحياة معها) خير لي في ديني ومعاشي ومعادي وعاقبة أمري وآجله, فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه, وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وآجله, فاصرفه عني واصرفني عنه, واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به). واقرأ ما شئت في الركعتين, ولا يسن سوراً معينة, وصلِّ صلاة الاستخارة مرة واحدة, وبعدها افعل ما بدا لك, انشرحت نفسك له أو لا, فإن فيه الخير لك, لو كنت تعلم هذا. 17. اعلم أن دينك وصلاح ذريتك, أعز عليك من زوجتك وأخلاقك وأخلاق ذريتك أغلى عندك من كل شيء. 18. إن قدّر الله لك فراقها, فليكن تركك لها لوجه الله _عز وجل_, تخشى الإثم من استمرارها معك, وأنت قادر على مفارقتها, وهي مصممة على المعصية, إذ إنه لا يجوز لك اتخاذها زوجة وهي بهذه الصورة من اقتراف المعاصي, وأنت تجد غيرها, وإنك إن أبقيتها وهي على ذلك, فسوف تعض أصابع الندم, ولو بعد حين. 19. قد يكون ذلك صعباً عليك؛ لأنك ترى أن زوجتك ليس مثلها أحد في جمالها أو حسن منطقها, أو جودة لباسها عليها أو ... ولكن خذها: سوف تتزوج بامرأة أخرى تفوق زوجتك هذه, جمالاً وحسن منطق وحسن أدب, وحسن سيرة, وصاحبة خدمة وخير زوجة لخير زوج. وسوف تحمد الله _عز وجل_ على ما أنزل بك من مصيبة, وإنها كانت خيراً لك وأنت لا تعلم, وهذا معنى قوله _صلى الله عليه وسلم_ فيما صح عنه "إنك لن تدع شيئاً لله _عز وجل_ إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه". وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.