26 محرم 1436

السؤال

السلام عليكم..
لدي ٣ أطفال بنت ١٢ سنة، وأخرى ٨ سنوات، وولد سنتان مشكلتي مع ابنتي عمرها ٨ سنوات حساسة جدا، تلتزم بالأوامر والقوانين مني ومن معلماتها، شديدة الخوف من الحشرات والظلام، والأصوات المرتفعة، لدرجة الفزع والبكاء، وتخاف من أشياء غريبة مثل فتحة التصريف الموجودة في البانيو، تعرضت لمواقف مثل تركها في الروضة لمدة ٨ ساعات بسبب ظروف عملي عندما كانت بعمر ٣ سنوات ونصف لمدة سنة فكرهت بعدها الخروج من المنزل وكرهت المشاوير الطويلة، وتعرضت لموقف عندما كنا عند أحد الجيران فلعبوا في الظلام (بنات جارتي وأختها) ففزعت وأخذت تبكي، تعرضت لموقف آخر عندما كانت تلعب مع ابنة جارتي وأُغلق عليهم الباب فأخذت تبكي بشدة وتخبرني بأنها تحبني كثيرا وتقول لا تتركيني للأبد بعكس ابنة جارتي التي لم تهتم وكانت تضحك وتلعب فتولد لديها الخوف من إغلاق الأبواب..
أيضا أعاني من قلة شهيتها للطعام وتأكل أصناف محدودة جدا وترفض تجربة أي أكل جديد وتختلق الأعذار مثل ألم البطن حتى لا تأكل عند أكل بعض أصناف الطعام التي لا تحبها لا ترفض ولكن تبدأ بالبكاء لأنني أحيانا أطلب منها أن تأكل ما يوضع لها وأهددها أحيانا بتوبيخها وضربها أمام الآخرين بالرغم من اختلاطها كثيرا بأطفال آخرين إلا أنها لا تغار منهم ولا تحاول مجاراتهم في الأكل وبسبب ذلك تعاني من مشاكل في الأسنان الدائمة بسبب نقص الكالسيوم وتعاني من إمساك ومشاكل جلدية مثل الصدفية والثآليل..
مؤخرا شاهدت مقطع فيديو لأطفال غزة مع أختها وبنات أختي اللاتي يكبرنها ويصغرنها بالعمر فتأثرت وأخذت تبكي وبالمقابل لم تتأثر الأخريات وفي الليل لم تستطع النوم بسهولة وكان نومها مضطربا أيضا وأخبرتني أن سبب بكائها أنها تذكرت المقطع الذي شاهدته وفي اليوم التالي أصبحت لا تأكل وفي يوم أمس رفضت وجبة العشاء ونامت ثم استيقظت وخرجت من الغرفة وكنت نائمة فاستيقظت وطلبت منها أن ترجع فرجعت وأخذت تبكي فطردتها ثم خرجت وأخبرتها أنها لم تستطع النوم بسبب قلة الأكل وشددت شعرها وهددتها ووبختها وقارنتها بالأطفال الآخرين وطلبت منها عدم الخوف مثلهم وأن تأكل جميع الوجبات مثلما يأكلون..
للأسف أعترف أني استخدمت معها أساليب خاطئة ولكن كنت أعاني من قلة النوم في اليوم السابق بسبب أخيها ثم أجبرتها على أكل الخضار وهي لا تحبه، ثم سألتها عن سبب بكائها فقالت إنها ترى أحلاما مزعجة وفي اليوم التالي وعند الاجتماع للأكل تأخرت وعند جلوسها للأكل أخذت تبكي مما لفت انتباه الجميع لها سألتها عن السبب فلم تجب فسحبتها وأخرجتها وحدها فهدأت وأكلت ولكن بعد أن عنفتها أمامهم وصلني أنها أخبرت الأطفال الآخرين أنني أعذبها في الليل أريد أن ترشدوني لطريقة التعامل معها؟
ماذا أقول لها لتهدئتها بعد المقطع الذي رأته؟ وكيف أعوضها عن ما فعلته لها من تهديد. وتوبيخ وكيف أعيد لها ثقتها بنفسها وكيف أخفف من خوفها وحساسيتها لا أدري كيف ستواجه الحياة مستقبلا بهذا الضعف في شخصيتها..

أجاب عنها:
د. أحمد فخري

الجواب

أهلا وسهلا بالأخت الكريمة الفاضلة..
يولد الإنسان ولديه خوف من الأصوات المرتفعة الضوضاء والخوف من السقوط من الارتفاعات وبقية المخاوف لدى الإنسان مكتسبه من البيئة التي يعيش فيها..
الأخت الفاضلة واضح من رسالتك أن ابنتك تعانى مخاوف متعددة ومركبة بسبب أحداث ومواقف بيئية وبسبب أسلوب التنشئة القائم على الضرب والشد والتهديد والوعيد أمام الآخرين وأشعر من رسالتك أنك تشعرين بأن لك دور في مخاوف ابنتك بسبب عدم وعيك بالأسلوب الأمثل في التعامل مع مخاوفها وقلقها بسبب التنشئة والتفرقة في التعامل ويفضل في مثل هذه الحالات أن يتم زيارة الاختصاصي النفسي لتقييم الحالة والمتابعة معه لفترة من الوقت لتغيير الصور الذهنية لدى ابنتك التي تتكون من المخاوف ومشاهد الرعب والفزع والقصص المخيفة وبث روح الثقة بنفسها لذا فزيارة الاختصاصي على درجة كبيرة من الأهمية ولكن هناك بعض السلبيات وبعض الإيجابيات التي يجب أن تضعيها في الحسبان عند التعامل مع ابنتك بناء على الأسس العلمية الصحيحة للتنشئة وتعديل السلوك لدى ابنتك ومن تلك الإرشادات والأساليب النفسية والسلوكية ما يأتي:
-الابتعاد كل البعد عن مشاهدة الأفلام والمشاهد المؤلمة أو المخيفة أو التي بها عنف حيث قمنا بدراسة لمدى تأثير تلك المشاهد على الطفل فوجدنا أن مشاهد العنف تولد عنف لدى الطفل في تعاملاته اليومية والخوف يؤدي إلى مزيد من المخاوف وتظهر في شكل كوابيس وأحلام مفزعة.
-العقاب ليس المقصود به العنف مع الطفل بل العقاب في التربية وعلم النفس هو الحرمان من الأشياء التي يحبها الطفل لمدة من الوقت أو إلغاء النزهة الأسبوعية حسب مقدار وحجم الخطأ مع شرح سبب العقاب وطريقته ومدته والنهي كل النهي عن العقاب البدني لأنه يحطم شخصية الطفل ويجعله يخاف من العقاب البدني مع تكراره إذا غاب المعاقب من أمامه..
-الابتعاد عن المقارنة بين الطفلة وبين من هم في سنها وعليك أن تعلمي أن لكل فرد شخصيته وإمكاناته وقدراته العقلية المختلفة عن الآخر وطريقته في التعامل بها حسب ما تم تنشئته عليها..
- مشاركة الطفل في أحزانه والتعرف عليها والاستماع لتلك المخاوف وعدم السخرية منها أو توبيخه أو معايرته سواء بشكل منفرد أو أمام الآخرين حتى لا تتسبب في الإحباط والاكتئاب الذي يصيب الطفل..
-تشجيع الطفلة من خلال كليمات الثناء والشكر والترحاب على ما تقوم به حتى لو بسيطا دون إفراط أو تفريط حتى نشعرها بقيمتها وأهمية ما تقوم به.
-حدوتة قبل النوم من أهم اساليب التعلم غير المباشر فهي تكون وجدان الطفل ومشاعره ومعتقداته ويتم من خلالها البناء القيمي للطفل اشتري بعض القصص التي بها الموعظة والأخلاق وقصص الصالحين والأنبياء فكلها بها عبرة وبها اطمئنان للطفلة..
-الابتعاد عن المواقف التي بها عدوان سواء لفظي أو يدوي داخل البيت والتخلي عن تلك الأساليب في التربية كقاعدة داخل المنزل.
-التعبير عن مشاعرنا بعضنا لبعض داخل المنزل مع احترام وتقدير ومشاركة كل عضو داخل الأسرة لمشاعره شيء يضفي الراحة والسكينة والأمان ويعلم الأطفال تأكيد الذات والثقة بالنفس.
- تحديد الأدوار داخل الأسرة حسب قدرات وإمكانات كل فرد من أفراد الأسرة لابد من مشاركة الكل في إعداد السفرة للطعام وفي ترتيب المنزل وتنظيف الغرفة بحيث يتعلم الكل المشاركة والتعرف على دوره داخل نطاق العائلة وواجباته ومسؤولياته وهذا يشعر الطفلة بأهميتها ويرفع من ثقتها بنفسها خاصة لو تم الثناء والشكر على ما تقوم به من دور.
-الأعمال المشتركة واللعب مع الأطفال يجلب السعادة لكل أفراد الأسرة ويشيع جو من السرور وبالبهجة وليس هذا فقط بل يعمل على زيادة الثقة بالنفس والشعور بالأمن والمحبة والفكاهة داخل الأسرة مما يرفع المناعة النفسية لدى الأسرة.
-التشجيع على ممارسة الرياضة والهوايات الفنية والتشجيع عليها وتوفير الوقت المخصص لممارستها يرفع من الثقة بالنفس وينعكس على الحالة النفسية والتخلص من الطاقة السلبية لدى طفلتك.
الأخت الفاضلة أتمنى لك ولابنتك المزيد من الصحة والعافية والخير وعليك بالتقرب إلى ابنتك وإضفاء الحنان والأمان بلمسة بكليمة رقيقة بحضن دافئ وحان بحكايات رقيقة ومسلية بها العبرة والموعظة الحسنة ابتعدي عن العقاب والتخويف في أسلوب التعامل معها حتى تشعريها بالمحبة وبالجو الآمن الهادئ وعليك أن تطمأني أن الأطفال أسهل في التشكيل والتعديل والتغيير والتكيف مع الأساليب الجديدة فكوني على ثقة وأمل وإصرار وعزيمة في نجاحك في تعديل مخاوف وسلوكيات ابنتك وبناء ثقتها بنفسها..
تمنياتي لك ولطفلتك الكريمة بكل الخير والصحة والسعادة
في انتظار تواصلك معنا لنطمئن على ما توصلت إليه.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..