12 ربيع الأول 1438

السؤال

السلام عليكم..
أنا فتاة ليس لي في الحياة غير أمي وجدتي.. أمي وأبي منفصلان ولا أرى أبي مطلقا، وأخي يدرس في الخارج، أعيش في خوف دائم من أن يأتي اليوم والعياذ بالله الذي أفقد فيه أحدا منهما من لي غيرهم في هذه الحياة، أنا انطوائية جدا، وأعاني من الرهاب الاجتماعي ولا أستطيع أن أكف عن التفكير فيما يمكن أن يحدث لي إن حدث هذا أحيانا كثيرا عندما أنظر إليهم أبكي لخوفي من فقدانهم، أنا لا أكون أنا غلا معهم، لا أدري ماذا أفعل؟

أجاب عنها:
د. أحمد فخري

الجواب

أهلا وسهلا بالأخت الفاضلة..
تحياتي لك ونشكرك على ثقتك الكبيرة في موقعنا..
الأخت الفاضلة ندعو الله عز وجل أن يحفظ أمك وجدتك من كل سوء ويبارك الله فيهما وفيكم جميعا..
من الواضح من رسالتك أنك تعانين من الوحدة والانعزالية وهذا ما جعلك في حالة من الرهاب الاجتماعي ويصاحب ذلك القلق الاستباقي للأحداث وتخيل مواقف وأحداث تشعرك بعدم الأمن النفسي والخوف ودائما نجد أن الإنسان المنعزل الذي لديه وقت فراغ كبير ولا يمتلك التغيير في حياته وبناء وصناعة الأحداث وتحقيق الآمال والأهداف نجده عرضة للآفات والأمراض والاضطرابات النفسية والسلوكية، لأن الإنسان خلقه الله سبحانه وتعالى ليعمر في هذه الحياة ويغير من واقعه الأليم ويصنع أحداث حياته والتفاؤل والنظرة الإيجابية للحياة من أساسيات ديننا الحنيف، ولكن إذا أصبح محتوى تفكيرنا سلبيا تصبح مشاعرنا سلبية يملأها الخوف والرعب والقلق والاكتئاب ونصبح منعزلين منسحبين من واقعنا وتصبح دائرة الأمان لدينا محدودة بالأشخاص المقربين لدينا وليس لدينا أمان داخلي ولا ثقة في إمكاناتنا، لذا عليك أيتها الأخت الفاضلة بالبحث عن تغيير أسلوب العيش الذي تعيشين ولتحيين حياة جديدة بها من الأمل والطاقة الإيجابية والتفاؤل هو ما يملؤها وإليك بعض الإرشادات والتكنيكات العلاجية النفسية والسلوكية والمعرفية لتمدك بطريق البداية ومن تلك الإرشادات ما يأتي:
- في البداية لابد من إدارة وقتك بشكل سليم مبني على الإيجابية والانخراط في المجتمع الكبير لتحقيق ذاتك والاعتماد عليها لتشعري بالثقة في نفسك في البداية ثم بمن حولك فعليك بوضع مجموعة من الأنشطة المتنوعة كجدول أعمال يومي وعليك باتباع الخطط لتنفيذ الجدول ومتابعة الخطط لتنفيذه والتغلب على العقبات التي تحول دون تنفيذه وفي نهاية كل أسبوع عليك بمكافأة نفسك على إنجاز المهام والأهداف الموضوعة ولو بنسبة 60 %
-التعرف على إمكاناتك الشخصية من خلال كتابة مهاراتك الإيجابية وصفاتك الشخصية وتنميتها وكتابة السلبيات التي تشعرين بها في شخصيتك ووضع خطة للتخلص منها ومتابعة تلك المهام .
- صقل شخصيتك ببعض المهارات من خلال تطوير ذاتك مهنيا وتعليميا وفكريا وكتابة ما يلزمك من تطوير لذاتك من خلال المحاضرات وورش العمل ومراكز التدريب للذهاب لتطوير نفسك ذاتيا وعمليا حتى يتم بناء ثقتك بنفسك.
- تدريب نفسك على تخطي حاجز الخوف من الآخرين من خلال منع الصوت الداخلي الذي يحث على الانسحاب من مقابلة الناس واستبدال هذا الصوت بصوت آخر إيجابي واثق يحثك على الإقدام والتقابل مع الآخرين بكل ثقة وإيجابية ويتم ذلك من خلال جلوسك في غرفتك وتخيل موقف اجتماعي وتخيل نفسك بالشكل الذي ترغبين به في الظهور أمام الناس وعليك بتمثيل الدور بإتقان وثقة وكرري المشهد مرات ومرات حتى تتمكنين من أداء الدور ثم ما عليك إلا تتبعي الدور التمثيلي خارج غرفتك مع أهلك أو المقربين منك ثم مع أفراد المجتمع وعليك أن تضعي في ذهنك أن المهارات والتعامل مع الناس مهارة مكتسبة نكتسبها من خلال الاحتكاك بالآخرين وتصحيح أخطائنا فعليك بالمحاولة واكتساب تلك المهارة بالانغماس في المشاركات والتفاعل البناء مع الآخرين.
- ممارسة هوايات وأنشطة مع من تحبين وتكوين علاقات اجتماعية إيجابية يجعلك تثقين بنفسك وبقدراتك وتعتمدين على نفسك وهذا يشعرك بالاطمئنان والأمن النفسي مما ينعكس على حالتك النفسية..
الابتعاد عن الجلوس بمفردك والقيام بأعمال وأنشطة ترفع وتطور من إمكاناتك الشخصية والمهارية هي السبيل للقضاء على أفكارك السلبية وتمتعك بقدرتك على فعل الأشياء حفزي نفسك بالعبارات الإيجابية والتفاؤل..
-تعلمي إيقاف الأفكار السلبية واستمتعي باللحظة الحالية واتركي الغيب لله وحده وكوني على ثقة أن القادم أفضل ما دام بيد المولى جل جلاله.
- الصلاة والدعاء والاستغفار الجانب الإيماني والطريق إلى الله من أكثر الطرق التي تشعرك بالأمان والاطمئنان النفسي ويجعلك مطمئنة أن المستقبل بيد الله عز وجل..
ابنتي العزيزة اعلمي أن التفاؤل بالخير والإيجابية في التعامل مع الحياة والعمل الدؤوب والسعي والإنتاج هي الطريق الأمن للوقاية من الأمراض والمخاوف النفسية..
تمنياتي لك بكل الخير والصحة والسعادة والاطمئنان وراحة البال وفي انتظار تواصلك معنا باستمرار للرد على أسئلتك بكل مهنية..