ومضة تربوية
مع كل ما سبق يجب الأخذ بأسباب الجبر والنصر, فالإيجابية صفة المؤمن , والتوكل ينافي التواكل والسلبية , وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من هم وحزن مقعد عن العمل والإنجاز , فعلو الهمة تجاه الآخرة هو سبب من اسباب الصلاح والإصلاح , قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها " صحيح الجامع
إنها نعمة بالغة من الله سبحانه الرحيم لعباده المؤمنين الصادقين , فليصلحوا قلوبهم وليستحضروا صالح نواياهم وعندئذ تتضاعف قيمة الأعمال ويصبح العمل الصغير في أعين البعض عظيما عند الله . يقول ابن المبارك : " رُبَّ عمل صغير تُعظِّمه النيّة، ورُبَّ عمل كبير تُصغِّره النيّة" .
يكثر في حديث الناس ذكر " الزمن الجميل " , ولو تتبعت هذه الكلمة في حكايات الناس في مواقع التواصل , وفي كتاباتهم , ومحادثاتهم , لوجدتها تدور حول وصفهم لزمن الذكريات المؤثرة عندهم , فتارة يتحاكون عن الفن أو الغناء , وتارة يتحاكون عن أثمان الأشياء , وتارة يتحاكون عن أيام سهولة الخدمات .. وغيرها
لا شك أن الدعاء في الإسلام عبادة من أعظم العبادات , وطاعة مستحبة في كل الأوقات , وكيف لا و الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول عن الدعاء بأنه هو العبادة , ففي الحديث الصحيح عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الدعاء هو العبادة ) ثم قرأ { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } . صحيح ابن ماجة للألباني برقم/3818
والعلاج التربوي الأمثل عند ورود الظن السىء على قلب المؤمن أن يدفعه قدرما شاء , وأن يتأوله بالأعذار قدرما يستطيع ويمكن , وأن يستعيذ بالله منه , وأن يتذكر البراءة الاصلية لصاحبه , ويذكر من حسن صفاته , ومن جميل أفعاله السابقة . قال ابن قدامه : متى خطر لك خاطر سوء على مسلم، فينبغي أن تزيد في مراعاته وتدعو له بالخير، فإن ذلك يغيض الشيطان ويدفعه عنك. وإذا تحققت هفوة مسلم ، فانصحه في السر
وقال قتادة : في تفسير قوله تعالى " قد أفلح من زكاها " . قد أفلح من عمل خيرا زكاها بطاعة الله عز وجل . وقال أيضا : قد أفلح من زكى نفسه بعمل صالح .
فهل يمكن لمسلم بعد كل ما سبق أن يفوت على نفسه هذه الغنيمة العظيمة ؟! التي جعل الله تعالى أداءها والالتزام بها في فصل الشتاء أسهل بعد ساعات طويلة من النوم تكفي للاستيقاظ للقيام وحضور الصلاة التي تجتمع فيها ملائكة الليل وملائكة النهار .
علاج ذلك أمران , أولها القناعة بما آتاك الله , والرضا بما قسمه لك , وثانيها النظر في شأن الدنيا لمن هو أقل منك , وفي شأن الآخرة لمن هم أعلى منك ..وهذا لا ينافي
هؤلاء إذا صادقتهم أمنت , وإذا صحبتهم سلمت , وإذا خلفتهم على ما تثمن حفظوك فيه , وإذا استشرتهم نصحوك بما يحبون , لا يحسدوك ولا يستكثرون عليك نعمة , ولا يغتابوك ولا ينتقصوك , ولا يخادعوك ولا يمكرون عليك , ولا يغشوك , بل يكونون لك الردء والظهر , والمعين , فتصحبهم صحبة خير عميم , وتسير معهم في طريق مستقيم .
البداية والمبادرة دائما ستصدر منك أنت , ومنك وحدك , لذا فلا , فلا تنتظر التشجيع من أحد , فكل الناس ينتظرون التشجيع منك أنت , ولا تنتظر الثناء من أحد , بل اكتف بالإجادة , فالإجادة اساس الإنجاز , والناس لا يحترمون أحدا كما يحترمون أصحاب الإنجازات .. فابدأ
قال مالك بن دينار : " رَحِمَ اللهُ عَبداً قالَ لنفسِهِ كلَّ ليلةٍ : أَلستِ صاحبةَ كَذا ؟! ألستِ صاحِبةَ كذا ؟! ثُمَّ ذَمَّها ، ثُمَّ خَطَمَها ، ثُمَّ أَلْزَمَها كِتابَ الله وَكانَ لها قائِدا ً"
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنعم الله على عبد نعمة ، فقال : الحمد لله ، إلا كان الذي أعطي - يعني : من هدايته للحمد - أفضل مما أخذ"- رواه ابن ماجه .
والناس دوما بحاجة إلى ذاك القلب الشجاع الصلب , فلكأنهم يبحثون عنه كلما مرت بهم صعوبة أو حلت بهم نازلة , يفتشون عنه في الوجوه , ويعرفونه في لفظات القول وخطوات السلوك ولمحات الأعين , فهو المتفائل عندما يحيط اليأس بالناس , والمقدام بينما التراجع يكون عميما , ورابط الجأش إذ الإحجام يكسو الخطا .
إننا نعايش يوميا تجليات نجومية "وقحة " لا تخفي تحاملها على قيم المجتمع وهويته,وتبدي استعدادا غير مسبوق لتوظيف النجاح الجماهيري في التأليب والتحريض وتغذية أسباب الفرقة والخصام.وما لم تتضافر الجهود للحد من تأثيرات الإعلام الجديد,عبر استعادة مبادئ الهدي الإسلامي في هذا الصدد, فإن صيانة الهوية والقيم والثوابت سيصبح رهانا عسير المنال !
لكن انتبه ايها الابله التائه , إن الايام عليك تدور ..
فالإحسان جزاؤه الإحسان , والخير يعقبه الشكران , والعطاء عاقبته الفضيلة , والرحمة تنبت المحبة , والصدق يجلب البركة , وقول الحق شيمة النبلاء .
وأيامك تدور , فلا عقار سيبقى , ولا أموال ستدوم , ولا مناصب ستستمر .. ولكنها الدائرة المحتومة , كما دارت بمن سبق وبمن سيلحق .
وكما أهملت آلام المرضى سيقض مضجعك شعور الألم , وكما بخلت عن المحتاج سيأكلك العوذ والحاجة , وكما قهرت اليتيم سيقهرك أقرب الناس إليك , وكما سكت عن الحق سيسكت لسانك ويشل جنانك رغما عنك !
قال سبحانه : " أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون " , هذا مثل ضربه الله تعالى للذي كان ميتا في الضلالة ، هالكا حائرا ، فأحياه الله تعالى بالإيمان والتوحيد ، أي : أحيا قلبه بالإيمان ، وهداه له ووفقه لاتباع رسله . ( وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ) أي : يهتدي به كيف يسلك ، وكيف يتصرف ..
فالمؤمنون قلوب طاهرة , تريد الحياة في عالم طاهر نقي , فالأصل عندهم الطهارة والصدق , وهم إنما يحذرون وينتبهون لمن خادعهم أو مكر بهم على كراهة منهم , ولكن فقط لاجتناب الضرر .
وأحق الناس بالاعتذار كبار القوم إذا أخطؤوا وقادتهم إذا زلوا , وعلماؤهم إذا غفلوا , ودعاتهم إذا قصروا , والعائلون إذا كسلوا أو فرطوا , فهؤلاء يكون اعتذارهم نشر للفضيلة وتقويم للمسيرة .
وصاحب البصمة دائما لا يكتفي بتقليد غيره , بل هو لا يفعل ذلك اصلا , إنما هو مبدع متفنن , مبادر متجدد , معتمد على نتائج العلم وآثاره, غير منغلق في التفكير.
كما أنه ليس يربط نفسه ولا حياته ولا عمله بأشخاص ولا مجموعات , بل يصنع نجاحه
مها فرقتنا المصالح الخاصة , ونأت بنا المكتسبات الذاتية , وباعدتنا الغفلة الدنيوية , وغرقت بنا المادة , فإن شعائر الإسلام تجمعنا , تذكرنا بوحدة العقيدة , ووحدة الطريق , ووحدة المصير .
لقد علمنا ربنا سبحانه أن النصرة إنما تأتي بكمال التوحيد والإخلاص فيه لله سبحانه , وان الصبر والثبات على التوحيد هو طريق الانتصار في كل المعارك , " فإن النصر مع الصبر وإن مع العسر يسرا " أخرجه أحمد
إنها أيام صالحات مباركات ينتظرها المؤمنون الصالحون ليخلعوا ربقة الارتباط بالدنيا عنهم ويتحرروا من قيد الشهوة وقيد الأماني البالية، ويسطروا سجلاً من نور، فلا مادية تكسر حاجز الشفافية ولا معصية تدنس الطاعة بل ذكر وخشوع وتوبة وبكاء، فيرون الكون كله حبورا وشفافية، ويمتزج النور
وان تواجه مشكلاتك بنفسك , متوكلا على ربك , ولا تهرب منها , فإن خير طريقة لإنهاء المشكلة مواجهتها وأسوأ طريقة الهروب منها .
وأن تجعل الحكمة والحزم جناحين لك في قراراتك وخطواتك , فالحكيم من يفكر ويتدبر ويتفهم ويختبر ويستبصر موضع الخطى قبل القرار , و الحازم من لا يتردد بعد القرار .
تلك التي لابد أن يدركها وينتبه له كل داعٍ، ومفكرٍ، وصانع رأي، فالاستمرار على نحو واحد وإن كان محموداً في بدايته، فالتأخر عن التحول عنه قد يجر إلى مصيبة.. فماذا لو تأخر موسى عليه السلام؟ أكان يمكن للباطل أن ينكشف في يوم الزينة؟ أكان لفرعون أن ينكسر، ويبدأ عده العكسي سريعاً لمغادرة التاريخ؟
الكتابة الرصينة المنهجية تعاني الآن أشد معاناة , ويعاني أصحابها , وقد يرون أنفسهم غرباء , يستغربهم القراء , وقد يتعرضون للسخرية في بعض الأحيان , تماما كما كان المتحدث باللغة العربية الفصحى يتعرض للسخرية في مصر والمغرب وكثير من البلاد عبر عقود مضت ولا يزال أثرها !