ومضة تربوية
إنها حالة من اللاوعي قد أصيبت بها عقول أولئك , فلم يدرك أحدهم أنه يمارس تضليلا متعمدا لأبناء أمته سواء تم بشكل مباشر أو غير مباشر , وأنه يرتكب حماقة تجاه قضيته الكبرى وقضية أمته الجريحة , وانه يواقع تجهيلا بالغا لها , في وقت يراد منه – وهو المثقف المتعلم – ان يساهم في نهضتها وحمل هم قضيتها , ونشر قيمها وشرعتها المقدسة ...
هذا أبو المعالي الجويني يقول في آخر حياته: "لقد خضتُ البحرَ الخِضَمَّ، وخلّيت أهلَ الإسلام وعلومَهم، ودخلتُ في الذي نهوني عنه، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته؛ فالويل لابن الجويني! وها أنا أموت على عقيدة أمي، ويُروَى أنه قال: على عقيدة عجائز نيسابور". وقال مرةً لأصحابه: "لا تشتغلوا بالكلام، فلو أني عرفتُ أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلتُ به"
فالزواج ولادة جديدة للإنسان رجلاً كان أو امرأة: وولادة الإنسان لها ظروفها ومتطلّباتها، ورعايتها الخاصّة ولقاحاتها، وشروطها الذاتيّة والموضوعيّة، لاستمرار الحياة الآمنة الكريمة.. وإلاّ نفقد الوليد، أو يكون معوّقاً مشوّه الخلقة، فنعضّ أصابع الندم، ويتحوّل الفرح إلى مأتم..
رأيتُ ما رأى الناس مما أصاب اللاجئين في مخيم الزعتري وعرسال وغيرهما من العواصف الثلجية فتذكَّرت هذه القصة التي وقعتْ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأردتُ تذكير إخواني بها، فإن الذكرى تنفع المؤمنين
تعتبر المرأة وقضاياها محور من محاور الصراع في العالم، يصورها البعض على أنها مظلومة، مسلوبة الحقوق، لم تعط حظها من العيش السعيد، لم تخرج كما تحب، ولم تعمل كما تشاء، لم تتسنم مراكز قيادية في الحياة، لم تثبت ذاتها، ولم تبرز شخصيتها، لم تستثمر طاقاتها، إلى آخر القائمة التي تشعر
يجب أن تكون لدينا تصورات واضحة تجاه هؤلاء القادمين , الذين سيتولون – رغما عنا – دفة قيادة المجتمع عن قريب , كيف إذن سيكون شكل ذلك المجتمع مع هذا الكم الثقيل من اليأس والتيه وضعف الإيمان ؟!
تتصف تلك اللحظات بعدة مواصفات من أهمها شعور بتكدس القلب على ما فيه , وعدم القدرة على الوصف لما يستشعر به الإنسان في نفسه , وتكاسله عن أداء الطاعات , وشعوره بثقل النوافل , بل والفرائض في بعض الأحيان , مع افتقاد النشاط للاستغفار , وافتقاد القدرة على استحضار القلب فيه , بل قد يمتد ذلك الى سوء الخلق مع الوالدين والمقربين , والرغبة
كل فترة , يطرقنا خبر مؤلم , تطوف بنا أزمة , أو ملمة , تزورنا الأحزان والآلام , تقع بنا المصائب , ترزؤنا التبعات والمسئوليات .
ربما ثقلت علينا فناءت بحملها ظهورنا وأوشكنا على الانكسار, وربما صدمتنا فألقت بنا على جانب السير بلا حراك .
وإذا كنا قد قصرنا في إعطاء هذه العبادة حقها في أيام الرخاء والدعة , وفاتنا بذلك تحصيل وعد رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن يفعل ذلك بقوله : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالكَرْبِ فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَّخَاءِ ) . سنن الترمذي برقم 3382 , فلا أقل من الاستمرار في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى دون سأم أو يأس من الاستجابة , ونحن في أشد الحاجة لهذه العبادة في أيام الكرب والشدة والابتلاء التي نعيشها
والشدائد ايضا كاشفة لقيمة المرء أمام نفسه , فيعلم من نفسه كم هو صادق مع نفسه ومع ربه , وهل هو مدع لايلبث أن ينكسر في المشكلات وينقلب على عقبيه فيها أم أنه صادق مع نفسه واضح معها , ويعلم قدر ثقته في مبادئه وقيمه , ويعلم مكامن الخلل عنده وأماكن الثغرات في شخصيته .
تنْبعِث صحوة توقِظُ الضَّمير الإنساني من غَفْلتِه .. وتُعيد للحياة شُعْلتَها وبريقَها السَّاطِع .. وتفتح قنوات جديدة تجري فيها المياه العذْبَة ..
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته ثم عمل حسنة فانفكت حلقة، ثم عمل أخرى فانفكت الأخرى حتى يخرج إلى الأرض) صحيح الجامع
إن مشاهد الأطفال المؤلمة وهم صرعى أو مصابون أثناء الحرب الأخيرة على غزة تجعل المرء يشيب من هولها وبشاعتها، مشاهد تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى كلمات أو مقالات لتعبر عن حجم ألمها ومعاناة أصحابها ومن ورائهم آباؤهم وذويهم الذين نجوا من القصف الصهيوني؛ لتتضاعف المعاناة إن لم يكن نجا منهم أحد ويصير الطفل يتيماً مريضاً وحيداً.
فهل سألنا أنفسنا يوماً ونحن نلاعب أطفالنا ونبتهج بابتساماتهم ونخرج بهم إلى الحدائق والمنتزهات وملاهي الأطفال؛ من للطفولة الغزاوية في ظل هذه المعاناة الفلسطينية مع المحتل الصهيوني؟.
وهل سأل كل واحد منا ماذا قدم لهؤلاء المنكوبين ومنهم اليتيم، والمريض، والساعي على أمه الأرملة، وجميعها حالات وجوبية الكفالة في الشريعة الإسلامية. هل فكرت المنظمات الإغاثية والخيرية الإسلامية في وضع مخطط إغاثي وتنموي خاص بالطفولة الغزاوية وحدها إضافة إلى المشروعات الإغاثية والتنموية الأخرى؟.
أليس محرجاً لنا ونحن نمتلك هذه الطاقات والإمكانيات الإغاثية والخيرية الكبرى أن يقوم معظمنا بالاكتفاء بإشراف الأمم المتحدة على إنفاق المعونات العربية، وبنائها للمدارس التي صارت ملاجئ لسكان قطاع غزة والتي لم تسلم هي الأخرى من القصف الصهيوني؟.
ونتساءل لماذا لا تفتح في المؤسسات والجمعيات الخيرية المنتشرة في ربوع العالم العربي والإسلامي ما يمكن أن نطلق عليه (خط إنتاج خيري) يكون خاصا بالطفولة الغزاوية بحيث توجه التبرعات العينية والمادية مباشرة لإغاثة ورعاية وعلاج وكفالة وتنمية أطفالنا في غزة؟.
ونتساءل أيضاً لماذا لا تسعى المؤسسات الاجتماعية الناشطة في ميادين الطفولة إلى تبني فكرة إنشاء وقفية ضخمة ينفق ريعها لصالح الطفولة الغزاوية على كافة مستويات الاحتياجات الطفولية؟.
وفي ظل المؤتمرات المتكررة التي تعقد لمناقشة قضايا اجتماعية -كثير منها فرعي ولا يقع على سلم أولويات احتياجات الأمة الإسلامية- أليس من حق الطفولة الغزاوية أن تعقد لها المؤسسات الإسلامية النشطة في ميدان المؤتمرات مؤتمراً موسعاً يناقش كافة أوجه وصور معاناة واحتياجات تلك الطفولة الغزاوية الحزينة وآليات تخفيفها وإشباعها؟.
إن مثل هذا المؤتمر إذا تم في القريب العاجل إن شاء الله وبحضور ممثلين من غزة وداعمين من العالم الإسلامي؛ وخبراء في مجال الطفولة والعمل الخيري والإغاثي والتنموي؛ أحسب أنه سيتولد منه عدد غير قليل من المشروعات العملية التي ستخفف كثير من معاناة الطفولة الغزاوية.
أعلم أن هناك مساع مشكورة لعدد غير قليل من المؤسسات الإسلامية في مجال الإغاثة على الأراضي الفلسطينية وفي مجال القوافل الإغاثية وإعادة الإعمار، لكن حديثي الآن منصب على الطفولة الغزاوية واحتياجاتها الملحة التي من المحزن أن يبرز النصيب الأكبر إعلامياً في الاهتمام بها إلى منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة والتي تتحرك بأموالنا ويحصل منسوبوها على رواتبهم من أموالنا العربية، وفي الواجهة يذهب حصاد الرعاية والعناية إلى الأمم المتحدة والصليب الأحمر.
إن كل واحد منا بحسب موقعه وإمكانياته سواء الوظيفية أو المادية لو جلس مع نفسه قليلاً وأعطى للطفولة الغزاوية بعض الاهتمام والتفكير العملي لبرزت إلى السطح الكثير من المساهمات العملية التي قد تخفف من معاناتهم وآلامهم واحتياجاتهم المتعددة؛ فتلك الاحتياجات لا تقف عند حدود الرعاية الصحية أو إشباع احتياجات المأكل والملبس والمسكن وفقط، فهؤلاء الأطفال مؤهل أن يكون من بينهم موهوبون بحاجة إلى الاكتشاف، ومتفوقون دراسياً بحاجة إلى مزيد من الرعاية العلمية ليكون منهم الطبيب والمهندس والكيميائي والمعلم وغيرها من المهن التقنية النافعة للأمم والأوطان، فهل نفعلها ونجلس دقائق بعد الانتهاء من قراءة هذه الكلمات لنفكر بهدوء ونتساءل ماذا يمكنني أن أقدم للطفولة الغزاوية الآن؟.
لو نظرنا إلى كثير من الناجحين المؤثرين أصحاب الإنجازات , لوجدنا أنه ليس من مهما في حياتهم ابدا متى بدؤوا ولا ما هي ظروف بداياتهم , بل المهم والأكثر تأثيرا أنهم بالفعل استقرت قلوبهم ونفوسهم وعقولهم في حالة تآلفية مع ما يريدون إنجازه .
كل يوم يفجؤنا الموت بفجيعته , فتبكي منا العيون وترتجف القلوب , ويشتد بنا الخوف من الموت , ويستشعر كل منا قرب لحظة النهاية ..
ثم ندفن ميتنا ونعود أدراجنا , وتبدأ دموعنا في الجفاف , وتبدا حياتنا في العودة إلى سابق حالها , غفلة , ونسيان للحظة اللقاء !
ولا ننسى أن الرغبة في التجديد تبدأ من الداخل لتضفي على الوجه ملامح مطمئنة ونفسًا هادئة ووجه باشًا وروحًا تحتذي برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي لم تكن حياته يومًا بلا مسئوليات ولكنه تحمل من أعباء الدعوة ما تنوء به الجبال؛ ومع ذلك لم يكن إلا باسمًا لينًا بعيدًا عن الفظاظة أو الرتابة أو اليأس فهو من قال: "أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق". رواه مسلم.
الراحلون من حولك يكثرون , كل يوم صديق يرحل , جار يرحل , قريب يرحل , كلهم كان الأمر بالنسبة لهم غير متوقع ولا معد له , وكثير منهم كان يرتب لحياة طويلة , بعضهم كان يكتب عقد شراء عقار وآخر كان يعد لحفل زفاف وآخر كان يعد لقضية نزاع على مال موروث , وغيره كان قد اشترى ثوبا جديدا ليلة رحيله !
كثيرا ما يتردد على الأسماع شكوى كثير من المسلمين من ضيق الصدر واكتئاب النفس وانقباض القلب , ناهيك عن انعدام البركة في الرزق المادي الذي يكدر صفو حياة كثير من الأسر , فمن المعلوم أن الرزق مكتوب ومعلوم , ولكن ما يفتقده غالبية الناس هو البركة في ذلك الرزق , ناهيك عن فقدان الرزق الروحي المعنوي الذي قد لا يسترعي انتباه كثير من المسلمين , بينما هو في الحقيقة أهم وأخطر من الرزق المادي لو فقهوا .
لحظات الصالحات هي أحسن لحظات الحياة , بل هي الحياة الحقة التي يعيشها الصالحون , فليس لهم في الدنيا ثمة سعادة إلا في رضا الله سبحانه وابتغاء مرضاته , سواء أكان ذلك عبادة مأمورة أو علما ينتفع به أو إصلاح في الأرض أو دعوة خير وصلاح .
إن قوة الندم كلما قويت وقوي الاعتراف بالذنب كلما أحرقت آثار ذلك الذنب في قلب المرء , ومن ثم صار تذكر الذنب يصحبه الندم , وصعب عند ذلك تكرار الذنب , إذ الندم والاعتراف يمنعان معاودته .
فلا بد أن يكون المسلم يقظا مستحضرا نية طلب مرضاة الله وتنفيذ أمره والطمع بثوابه بصيامه وقيامه , ولعل ذلك هو سر تذكير وتركيز الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث الصيام على "إيمانا واحتسابا" .
وقد ورد اسم الله الرقيب في القرآن ثلاث مرات : في قوله تعالى " وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" المائدة , ، وقوله تبارك وتعالى
ليكن الهدف الأول في حياتنا هو العمل على طاعة الله ورضوانه. وكذلك تدريب أنفسنا على معالجة أمورنا بنظرة إيجابية وأن نكون أنفسنا لا غيرنا وألا نتظاهر بما ليس فينا لنيل إعجاب الآخرين لما يسببه ذلك من كبت
إنني أتحدث عن عاطفة جياشة , لا ترتبط بشأن دنيوي مباح , بل برغبة في كسب الثواب والأجر من الله سبحانه في كل وقت وحين , تلك العاطفة مصدرها القلب العامر بالإيمان , والمضاء بنور التوحيد , والنابض
أنها العوائق المؤثرة التي تكبل الأقدام عن الإقدام , والتي تضعف القلوب عن الوقوف بقوة وثبات في مواجهة الباطل , وهي التي تجعل أحدنا يتأخر حين يتقدم غيره , ويجبن حين يقتحم غيره المفاوز لا يهاب ولا يخشى إلا الله , وهي التي تجعل أحدنا يضع عشرات المعاذير والأسباب لتبرير موقفه المتخاذل عن نصرة الحق الذي يعلمه يقينا والتي ربما