حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (3/3)
2 صفر 1430
عماد بن صالح الغامدي

 

حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (1/3)

حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (2/3)

حماية المدنيين في الفقه الإسلامي (3/3)

 

الفصل الثالث: (حماية أموال المدنيين الحربيين)

وفيه تمهيد ومبحثان:
تمهيـد: (التعريف بأموال المدنيين الحربيين وبيان أنواعها)
(المراد بالأموال):
الأموالُ لغةً: جمع مال، وهو في الأصل ما يُملك مِنَ الذَّهَبِ والفضَّة، ثم أُطلق على كلِّ مايقتنى ويُملَك من جميع الأشياء، وأكثر ما كان يُطلق عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثرُ أموالِهم، وسميَّ المال مالاً؛ لميل النفوس إليه(1).
والمراد بالمال في الفقه: ما يميل إليه طبع الإنسان مِنَ الأعيان والمنافع المباحة بلا حاجةٍ مطلقاً(2).
(فالأعيان المباحة): جمع عين، وهي كل جِسم أبيح نفعه واقتناؤه مطلقاً فخرج المحرم من الخنزير، والخمر، والميتة ونحو ذلك. و(المنافع المباحة) هي فائدة مأخوذة من الأعيان. (بلا حاجة) احترازاً من كلب الصيد ونحوه مما هو للحاجة. (مطلقاً) أي إباحة الأعيان والمنافع في كل حال، فلا تختص إباحتها بحال دون أخرى(3).فما كان مباحاً من الأعيان، والمنافع يسمى (مالاً) وما كان محرماً كالخمر، والخنزير، والميتة فإنه يخرج من وصف (المال) وهذا بالنسبة للمسلم. فالمال بالنسبة له (مُتَقَوَّم) وهو: (المباح) شرعاً، و(غير مُتَقَوَّم) وهو: (المحرم) شرعاً(4).
المراد بأموال المدنيين الحربيين في هذا الفصل:
أولاً: (حماية مال المدني الحربي في الإسلام)
كما سبق بيانه، لا يعتبر الإسلام المحرم مالاً، وليس له قيمة يُتَقوم بها، فبالتالي يخرج من نطاق حماية الإسلام مال المدني الحربي المحرم(5)، ومال المدني الحربي المباح هو محل النظر والدراسة في هذا الفصل.
ثانياً: (حماية مال المدني الحربي في القانون)
سننظر –إن شاء الله- في جميع ما يملكه المدني الحربي من الأشياء، بغض النظر عن حرمته، أو إباحته؛ لأنَّ الحلَّ والحرمة هنا بالنسبة للشريعة الإسلامية، ولا يَرد هذا في القانون الدولي(6).
والمراد بحماية أموالهم:
(منعُها من الإتلاف والاستيلاء).
والإتلاف لغةً هو: مصدر للفعل أَتْلَفَ و تَلِفَ، وهو: الهلاكُ، والعطبُ، والفناء في كلِّ شيء(7).
وفي اصطلاح الفقهاء، بنحو ما في اللغة، قال الكاساني(8): "استهلاك الشيء إخراجه من أن يكون منتفعاً به منفعةً موضوعة له مطلوبة منه عادةً"(9).
والاستيلاء لغة يطلق على الأخذ،وهو: حوز الشيء وتحصيله، تارةً بالقهر كقوله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} (البقرة: من الآية255).
وتارةً بالتناول كقوله تعالى: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ}(10) (يوسف: من الآية79)
والمراد بالاستيلاء هنا: أخذُ مالِ العدو غنيمةً، والغنيمة عند الفقهاء: " ما أخذ من مال حربيٍ قهراً بقتال، وما ألحق به"(11)
فخرج بـ(الحربي) ما يؤخذ من أموال أهل الذمة، من جزية، وخراج ونحوه، وخرج بـ(قهراً بقتال) الفيء، وهو: ما رحلوا عنه وتركوه فزعاً، وخرج كذلك ما يؤخذ من العشر، إذا اتجروا إلينا ونحوه.
وقوله بـ(وما أُلحق به) أي: بالمأخوذ بقتال كفدية الأسرى، وكهدية الحربي لأمير جيشٍ أو غيره بدار الحرب(12).
أنواع أموالهم:
هناك تقسيمان لهذه الأموال وهما على النحو التالي:
 الأول: تنقسم أموالهم من حيث الإباحة والتحريم إلى: محرمة، وسبق أنها تخرج من نطاق الحماية شرعاً، وإلى مباحة وهي محل الدراسة.
الثاني: تنقسم من حيث استخدامها في الحرب إلى قسمين:
 الأول: (أموال مستخدمة في القتال)(13).
وهذه خارجة عن نطاق البحث إذ هي متعلقة بأموال الحربيين المقاتلين (غير المدنيين)، وهذه الأموال لا خلاف في مشروعية إتلافها، والاستيلاء عليها لأنَّ لها علاقة مباشرة بالحرب(14)، وسواء كانت عامَّة أو خاصَّة(15)، والأمر كذلك في القانون الدولي(16).
الثاني: (أموال غير مستخدمة في القتال)
وتنقسم بحسب ملكية الأفراد إلى قسمين: عامَّة، وخاصة(17).
فالعامَّة: المَملْوكَة للدولة، ويتصرف فيها ولي الأمر وفق المصلحة، أو الأموال التي تتولى إدارتها(18)، وبالتالي يكون نفْعُهُ للمدنيين الحربيين وغيرهم من المقاتلين(19)، وذلك مثل المنشآت النفطية (الموارد الطبيعية)، والمطارات، والطرقات (المرافق العامة)، وأموال الوقف، وأموال الجمعيات..
والخاصَّة: ما يكونُ مُلْكها مقصوراً على أفراد معينين، كالدور، والدَّواب من الإبل والخيل.. ومثلها حديثاً المراكب من السيارات، التي هي لأفراد بعينهم، ويشمل هذا ما كان مملوكاً لشخص واحد، أو مملوكاً لعدة أشخاص كالشركات والقطاعات المملوكة لأشخاصٍ مدنيين، وليستْ مملوكة للدولة، ولا تتولى إدارته(20). وبهذا تكون الأموال غير المستخدمة في القتال (العامَّة والخاصَّة) هي مناط البحث في حكم إتلافها، والاستيلاء عليها. والله المستعان.

المبحث الأول: حمايةُ أموال المدنيين الحربيين العامَّة غير المستخدمة في القتال في الإسلام.
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: حِمايةُ أَموال المدنيين الحربيين العامَّة غير المستخدمة في القتال
المال العام هو: (ما كانت ملكيته للناس جميعاً أو لمجموعة منهم، ويكون حق الانتفاع لهم، دون أن يختصَّ به أحد معين، أو يستغلَّه لنفسه)(21).
 وهذه الأموال تعتبر مالاً لجميع (الحربيين) سواءً كان مقاتلاً أو غير مقاتل إذ أنَّها في الأصل ملك للدولة، وما كان كذلك فإنه يكون ملكاً عاماً للجميع، والفقهاء لم يفرقوا في أدلتهم بين الأموال العامة والخاصة، وهذه التفرقة لم ترد إلا عند المالكية وبعض الحنابلة، كما سيأتي بيانه - إن شاء الله.

ويمكن تقسيم أموال الحربيين من حيث الاستفادة منها في الحرب إلى قسمين(22):
الأول: (ما كانت موضوعة للحرب)، أي: أنَّها مُعَدَّة ومهيأة للقتال. ولكنَّها لم تستخدم فيه، وذلك كالسيوف، والدروع، والمجانيق، والموانئ، والمطارات الحربية، والطائرات، والسفن وغيرها مما هو مُعَدٌّ للقتال ولكنَّه لم يستخدم فيه.

الثاني: (ما كانت موضوعة لغير الحرب)، أي: أنَّها مدنيَّة معيشية، وهي غير مستخدمة في الحرب، وذلك مثل المزارع، والدُّور، والأبنية، والأنعام من البقر
والغنم والإبل..(23) ومثلها حديثاً: خزاناة المياه، وآبار النفط، ومصافي تكريره، والطائرات، والسفن المدنيَّة..(24)

(حكم هذه الأموال)
الأول: (ما كانت موضوعة للحرب)
(أ‌)  حكم إتلافها: إذا كانت الحاجة داعية إلى إتلافها، واقتضت ظروف الحرب ذلك، فإنَّه لا خلاف في جواز ذلك(25). وقالوا: إذا كانَ يُتَوصل إلى هزيمتهم بقتل بهائمهم جاز ذلك(26).
(ب‌)  حكم الاستيلاء عليها: لا خلاف بين الفقهاء في جواز الاستيلاء عليها. والفقه الإسلامي لا يفرق بين ما كان موضوعاً للحرب وبين غيره، في حال الظفر بالعدو(27)، ولا بين العقار والمنقول، فالكلُّ غنيمة للمسلمين(28)، حيث إنَّ الغنيمة _ كما سبق ذلك – أموال الكفار التي أخذت قهراً..، ولفظ المال يشمل المنقولات و العقارات.

الثاني: (ما كانت موضوعة لغير الحرب)
 حكم إتلافها: اختَلفَ العلماء في جواز إتلافها حالَ الحربِ، وذلك إذا لم يُرْجَ حصولها للمسلمين، مع اتفاقهم على جواز تركها عند المصلحة أو إذا رأى الإمام ذلك(29).
واتفاقهم على عدم جواز إتلافها في حالةِ الظفر وإذعان العدو أو استسلامهم(30)؛ لأنه إتلاف محضٌ للمال، وهو غَنيمةٌ للمسلمين، ولا يجوز هلاك شيء من المال بلا انتفاع أصلاً كقتل الدَّابة بلا سبب موجب، وهذا من العبث(31).

والخلاف في غير هذه الأحوال على أقوال:
القول الأول:
لا يجوز إتلاف هذه الأموال مطلقاً سواءً كانت شجراً أو ثمراً، أو زرعاً (جماداً) أو كانت حيواناً. وهو قول أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- والأوزاعي(32)، واللَّيث بن سعد(33)، وأبي ثور(34).
 وهو رواية عن الإمام أحمد(35).
القول الثاني:
أنَّه لا يجوز إتلاف هذه الأموال إذا كانت شجراً أو زرعاً أو ثمرا (جماداً)، ولا يجوز ذلك في الحيوان. وهو قول عند المالكية(36)، وقول الشافعية(37)، ورواية عن الإمام أحمد وهي الأظهر(38)، وقول ابن المنذر(39)، وابن حزم الأندلسي(40).
القول الثالث:
يجوز إتلاف الشجر، والثمر، والزرع ونحوه (الجماد)، وكذلك الحيوان.
وهو قول الحنفية(41)، وهو القول الصحيح عن المالكية، وقال بعضهم: إنَّ الإتلاف مندوب(42).
الأدلـة
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
الدليل الأول: (من الكتاب)
قول الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (البقرة:205)
وجه الدلالة:
أنَّ العموم في الآية يشمل جميع أنواع الفساد في الأرض ومن ذلك التخريب، والتحريق (الإتلاف) للحيوان(43)، والشجر، والزرع.
ونوقش هذا الدليل بما يلي:
أنَّ المقصود بالإهلاك في الآية ما كان إتلافاً لسبب الظلم وهو الكفر والمعاصي فيكون بذلك هلاك النسل والحرث حيث يمسك الله القطر من السماء، وكذلك النفاق يؤدي إلى الفرقة والاختلاف ووقوع القتل(44).
أو يكون المقصود الإهلاك المحض المجرد عن الفائدة، لا لمصلحةٍ وإنما هو ظلم وعدوان(45)، وهذا خارج محل النزاع إذ أنَّ الإهلاك المحض لا يجوز، وهو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال "(46).
 ومحل النزاع هو: (أموال الكفار الحربيين المدنيين العامَّة غير المستخدمة في القتال)

الدليل الثاني: (من السنة)
قوله صلى الله عليه وسلم: " من قتل صغيراً أو كبيراً، أو أحرق نخلاً، أو قطع شجرة مثمرة، أو ذبح شاةً لإهابها لم يرجع كفافاً(47) "(48).
وجه الدلالة:
ورد النهي فيه صراحةً عن إهلاك وتخريب الأموال والحيوان، وهذا عام يشمل أموال المسلمين وغيرهم(49).
ونوقش بأمرين:
الأول: أنَّ الحديث ضعيف.
الثاني: على فرض صحته فإنَّه يُحمل على غير حال الحرب، التي يكون في إتلاف هذه الأموال مصلحة للمسلمين(50). وبذلك يكون الاستدلال به - كالآية السابقة - خارج محل النزاع.

الدليل الثالث: (من الآثار)
(1) استدلوا بوصية أبو بكر –رضي الله عنه- ليزيد بن أبي سفيان –رضي الله عنه- عندما بعث جيوشاً إلى الشام. وفيها: " ولا تقطعنَّ شجراً مثمراً، ولا تخربنَّ عامراً، ولا تعقرنَّ شاةً، ولا بعيراً إلا لمأكلةٍ. ولا تحرقنَّ نحلاً، وتغرقنَّه(51)، ولا تغلل ولا تجبن.."
وفي رواية: " ولا تغرقنَّ نخلاً –بالخاء المعجمة – ولا تحرِّقنها، ولا تعقروا بهيمة، ولا شجرة تُثمر"(52)
وفي رواية: " لا تُخربوا عمراناً، و لا تقطعوا شجرةً إلا لنفع، ولا تعقرنَّ بهيمة إلا لنفع، ولا تحرقنَّ نخلاً، ولا تغرقنَّه.."(53).
وجه الدلالة: دلَّت وصية أبي بكر –رضي الله عنه- صراحة على النهي عن التخريب، والتحريق، وجميع أوجه الإهلاك للمال من (حيوان) أو (جماد) لغير نفع، وكان هذا حال الحرب(54)، فدلَّ على عدم جواز إتلاف أموال المدنيين الحربيين العامة غير المستخدمة في القتال.

ونوقش الاستدلال بالوصية بما يلي:
أ‌) ضعف هذه الوصية للإرسال في سندها.
الجواب: أنَّه بمجموع طرقها يصح بها الاحتجاج، والمرسل مقبول عند بعض أهل العلم خصوصاً إذا كان الإرسال من كبار التابعين، وسبق بيان ذلك.
 ب) أنَّ أبا بكر –رضي الله عنه- أمر بترك إتلاف أموالهم، وهو أمر مباح؛ لأنه لا حاجة لذلك وهذا من باب المصلحة و السياسة التي يراها في الحرب، وهذا جائز(55)؛ لدلالة قوله تعالى: { أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ} (الحشر: من الآية5)، ولم يقطع - صلى الله عليه وسلم - أيضاً نخل خيبر مع قطعه لنخل بني النضير وكل ذلك حسن(56).
 ج) أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنَّ المسلمين سيظهرون على كنوز كسرى وقيصر، "ولتُقسَّمنَّ كُنُوزهُما فِي سَبيلِ اللهِ"(57)، فنهاهم عن إهلاك ما يكون غنيمة للمسلمين من قطع شجر، وإحراقِ النخل، وتخريبِ ما يبقى لهم(58).
 د) أنَّ الحجة في قول الله تبارك وتعالى وقول رسوله -صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا لا يصح الاحتجاج بقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع مخالفته لما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم(59).
(2) رُوي عن ابن مسعود(60)- رضي الله عنه – " أنَّه قدم عليه ابن أخيه في غزوةٍ غزاها، فقال: لعلَّك حرَّقت حرثاً؟ قال: نعم، قال لعلَّك غرَّقت نحلاً؟ قال: نعم، قال لعلَّك قتلت امرأةً؟ قال: نعم، قال: لتكن غزوتك كفافاً "(61).
وجه الدلالة:
عدم جواز تحريق الحرث، وتغريق النحل (إتلاف أموال الحربيين غير المستخدمة في القتال)؛ لما في ذلك من الإثم، وهذا مقتضى نهي ابن مسعود – رضي الله عنه(62).
نوقش:
أنَّه لا حجة في أحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم(63)، وما ورد من النهي فإنَّه يُحمل على الإتلاف المحض الذي لا مصلحة وراءه(64).

الدليل الرابع: (من المعقول)
أنَّ هذا المال لا ضرر فيه على المسلمين، ولا نفع سوى غيظ الكفار، والإضرار بهم فلا يجوز قطعه، أو تخريبه؛ لأنه إتلاف محض، وهو محظور غير جائز(65).
نوقش:
أنَّ دعوى الإتلاف المحض مردودة؛ لتحقق المصلحة في إتلاف مالهم؛ لما في ذلك من الإغاظة التي يترتب عليها هزيمتهم نفسياً، والإتلاف فروع بدليل آية اللينة ثمَّ تختم الآية بذكر العلة وهي: {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}(66) (الحشر: من الآية5)، وهناك أدلة أخرى في عدم جواز إتلاف الحيوان أرجأتها إلى أدلة القول الثاني.
خلاصة هذه الأدلة:
من خلال ما سبق أجد أنَّ هذا القول يمنع من إتلاف مال العدو العام غير المستخدم في القتال؛ لعدم وجود مصلحة ونفع للمسلمين من هذا الإتلاف مطلقاً ويقال في هذا: أنَّ الأمر يرجع إلى ظروف كل حرب وما تقتضيه المصلحة، فإن وجدت جاز الإتلاف، وإن لم توجد جاز تركه، وهذا وفقاً لما قرره ابن حزم من أنَّ أبا بكر أمر بترك الإتلاف اختياراً حيث إنَّه مباح(67). ومرجع هذا إلى ما تقتضيه سياسة الإمام الشرعية.

أدلة القول الثاني
أولاً: (من الكتاب)
أ) قوله جلَّ وعلا: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (الحشر:5)
وجه الدلالة:
يبينه سبب نزول الآية فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: " حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة(68)، فنزلت:{مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ...}"الآية(69).
وفي بعض الروايات عند المفسرين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما حرق النخل وقطعها شق ذلك على اليهود، فقالوا: "يا محمد ألست تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر وقطع النخل؟ وهل وجدت فيما أنزل عليك إباحة الفساد في الأرض؟" فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد المؤمنون في أنفسهم حتى اختلفوا، فقال بعضهم: لا تقطعوا مما أفاء الله علينا. وقال بعضهم: اقطعوا لنغيظهم بذلك. فنزلت الآية بتصديق من نهى عن القطع وتحليل من قطع من الإثم، وأخبر أنَّ قطعه وتركه بإذن الله – سبحانه وتعالى(70).  
وفي هذه الآية مع ما ورد من سبب نزولها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على جواز إتلاف وإهلاك أموال الحربيين العامة غير المستخدمة في القتال من تحريق، وقطع، وتخريب لأشجارهم وثمرهم وغير ذلك، مما يَعُمُّ نفعه لكل الكفار الحربيين من (مدنيين) ومقاتلين.
وفي هذا إغاظة لهم، وكبت لشرهم، وقطع لِقُوَّتِهِم، وكيدٌ لهم، وإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعاً، مقصودةٌ عقلاً(71).
المراد باللِيْنَة
أُختُلِف في المراد بها، والصحيح أنَّها: (النخلُ كلُّه إلا العجوة والبرني)؛ لأنَّ أهل اللغة يصححون ذلك فاللينة وزنها لونة واعتلت على أصلها فآلت إلى (لِيْنَة) فهو: لون فإذا دخلت الهاء كُسِر أولها(72).
واعترض على الاستدلال بالآية: أنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - لا يُعارض فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لأنَّه عَلِم نسخ ذلك الفعل منه صلى الله عليه وسلم؛ إذ لا يجوز أن يُخالفه مع علمه بفعله وقد نهى عن ذلك وعمل به أئمة المسلمين(73). أو أنَّ هذا خاص ببني النضير فلا يُقاس عليهم غيرهم(74).

والجواب من وجهين:
الوجه الأول: قال الإمام الشافعي – رحمه الله -: " فإن قال قائل: قد ترك في بني النضير. قيل: ثم قطع بالطائف، وهي بعد هذا كلِّه، وآخر غزاةٍ لقي فيها قتالاً " أ. هـ(75)
فبطل بذلك دعوى التخصيص لبني النضير وبطل النسخ كذلك.
الوجه الثاني: ما سبق في الجمع بين فعله صلى الله عليه وسلم ووصية أبي بكر، من أنَّه ربما ترك ذلك سياسة منه؛ لأنَّه رأى أنَّ المصلحة تقتضي ذلك، والترك جائز. أو أنَّه علم أنَّها تصير للمسلمين فتركها فائدة لهم.
ب) أنَّ من العون عليهم والقوة قطع أشجارهم، وتحريق نخيلهم، وفي هذا يقول الباري جلَّ شأنه: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (الأنفال: من الآية60)(76)
ج) أنَّ من المشروع في حق الكفار إغاظتهم(77)، والنيل منهم(78)، والله سبحانه يقول في ذلك: {وَلا يطئُوْنَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ} (التوبة: من الآية120)، وفي إتلاف أموالهم في غير حال الحرب تحقيق لهذه الآية(79).

ثانياً: (من السنة)
أ) ما سبق في سبب نزول آية اللينة، فعن ابن عمر – رضي الله عنهما– قال: "حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير وقطع، وهي البويرة. فنزلت {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ...}"الآية
وهذا الحديث دلَّ على جواز إتلاف مال الحربيين العام غير المستخدم في القتال كيداً لهم، وإغاظةً، وكبتاً لشرهم، وقطعاً لقواهم(80)، ووهناً لهم.
ب) عن جرير بن عبد الله البجلي(81) – رضي الله عنه – قال: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تريحني من ذي الخلصة(82) - وكان بيتا في خثعم يسمى الكعبة اليمانية – قال: فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أَحمَس، وكانوا أصحاب خيل، وقال: كنت لا أثبت على الخيل، فضرب على صدري، وقال: اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً. فانطلق إليها فكسرها وحرَّقها. ثم بعث على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره، فقال رسول جرير: والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجوف أو أجرب. قال: فبارك في أَحمَس ورجالها خمس مرات"(83).

وجه الدلالة:
في هذا الحديث الدلالة على المبالغة في نكاية العدو، وذلك بإتلاف أموالهم العامة حتى ولو لم تكن تستخدم حال الحرب؛ لما فيه من قهرهم وإغاظتهم.

ج) عن عروة بن الزبير(84) – رحمه الله: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عند حِصن الطائف فحاصرهم بضع عشرة ليلة وقاتلته ثقيف بالنبل والحجارة، وهم في حصن الطائف، وكثرت القتلى في المسلمين وفي ثقيف، وقطع المسلمون شيئاً من كروم ثقيف ليغيظوهم بذلك. قال عروة: وأقرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين حين حاصروا ثقيف أن يقطع كلَّ رجلٍ خمس نخلات، أو حبلات من كرومهم"(85).

وجه الدلالة:
دلّ الحديث على مشروعية إهلاك أموال الحربيين ولو لم تستخدم في القتال؛ لما في ذلك من الخزي والنكاية فيهم وهذا ما حصل في حصار النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطائف، فعندما أَرسلت ثقيف على المسلمين سكك الحديد محماة بالنار وخرج المسلمون من تحتها، ورمت المسلمين بالنبلِ فقتلوا منهم رجالاً، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع أعنابهم، فوقع الناس فيها يقطعون، أغاظ ذلك الكفار من ثقيف فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يدَعها لهم والرحم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "إنِّي أدعُها للهِ والرحم"(86).
وقيل أنَّ بني الأسود طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها لنفسه ولا يقلعها، فكف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم(87).

ثالثاً: (القياس)
استدلوا بالقياس على عدم الحرمة لأنفسهم، فإذا أُثبت هذا فإنَّه لا حرمة لأموالهم؛ لأنَّ حرمة الأموال لحرمة أربابها، وما كان وسيلة إلى قتلهم، فهو جائز وليس ذلك بأولى من قتل نفوسهم(88).

رابعاً: (المعقول)
أنَّ هذا الإتلاف مما تقتضيه المصلحة، وهي عدم التَّقوي على القتال، وإضعاف شوكتهم، وذلك بغتلافها ومنع انتفاعهم بها، وهذه مصلحة جائزة وغرض صحيح جائز شرعاً ومقصودٌ عقلاً، حتى يجيبوا داعي الله(89).
وأما أبرزُ أدلة (الشافعية والحنابلة) في منع إتلاف الحيوان من أموال العدو لغير ضرورة فهي كما يلي:
أولاً: الأحاديث التي تنهى عن قتل الحيوان إلا لمأكلة، فمنها:
أ) قوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقها سأله الله عز وجل عن قتله. قيل يا رسول الله ما حقُها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها فيرمي بها "(90).
وجه الدلالة:
دلَّ الحديث على أنَّ كل ذي روح من الحيوانات لا يقتل لغير منفعة الأكل؛ لأنَّ له روح يألم بالعذاب ولا ذنب له، يختلف الأمر عن إتلاف ما لا روح له(91).
نوقش:
بأنَّه يحمل على الإتلاف المحض للحيوان الذي ليس فيه منفعة و لا فائدة، وفي إتلاف حيوانهم منفعة الإغاظة، والنكاية، وكسر الشوكة(92).
يُجاب عن ذلك:
 أنَّ الغاية لا تبرر الوسيلة ولا تكون إلا بما هو مقرر شرعاً، فالنكاية بالعدو وإغاظتهم تكون في حدود ما قرره الله ورسوله؛ ولذلك لا يُغاظون بما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم تدعُ ضرورة أو حاجة لهذا الإتلاف(93).

 ب) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما – قال: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النحلة والنملة والصُّرَد(94) والهدهد "(95)، وورد كذلك النهي عن قتل النحل في وصية أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – وفيها: "ولا تحرقن نخلاً، ولا تغرقنَّه ". وكذلك بوصية ابن مسعود السابقة، وفيها: "لعلَّك غرقت نحلاً؟ قال نعم...ثم قال له: لتكن غزوتك كفافاً " أي: خالية من الآثام.

وجه الدلالة:
أنَّ النحلة وغيرها من الحيوانات لا يجوز قتلها لأجل إغاظة المشركين بدليل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدم جواز قتلها، وغيرها يكون مثلها في الحكم(96).
نوقش:
 أنَّ هذا يعمل على الإتلاف المحض المجافي للمصلحة، والمصلحة هنا إغاظة العدو والنكاية به، فيجوز ذلك والله سبحانه يقول: {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ}(97) (التوبة: من الآية120)
والجواب:
 يُرَدُّ عليهم بنحو ما سبق حيث إنَّ إغاظة المشركين تكون في نطاق المشروع والثابت من الشريعة، ولا يُغاظون بما هو ممنوع. ولو أنَّ المسلمين سبوا نسائهم وولدانهم وأدركهم الكفار ولم يشكوا في استنفاذهم إياهم من المسلمين لم يجز قتلهم مع أنَّه أغيظ لهم وأنكى من قتل دوابهم فليس كل ما قطع المنفعة بالنسبة لهم وبلغ غيظهم حِلٌ لنا فما حل لنا منه فعلناه، وما حُرِّم علينا تركناه، وما شككنا فيه أنَّه يحل أو يحرم تركناه(98).

ثانياً:
احتجوا من الآثار بقول أبي بكر – رضي الله عنه – ليزيد بن أبي سفيان - رضي الله عنه -: " ولا تعقرنَّ شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة.."
حيث أنَّ أبا بكر – رضي الله عنه – نهى عن إتلاف الحيوان من أموال العدو في غير حال القتال، و لا يعرف له في ذلك في ذلك مخالف من الكتاب، ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قتل حيواناً، ولا مخالف من الصحابة في ذلك، فإتباع أبي بكر في ذلك هو الحجة(99)، وأيضاً فإنَّ قول الصحابي حجة إذا ظهر له مخالف ويقدم على القياس، ويخص به العام(100).
نوقش:
أنَّ هذه الوصية ضعيف و لا يصح الاحتجاج بها.
الجواب:
أنَّ هذه الوصية بمجموع رواياتها يصح الاحتجاج بها، وعلى فرض ضعفها فقد أيدها الإجماع المنقول عليها(101). ومن ثمَّ فإنَّ الحنفية والمالكية استدلوا بها على عدم جواز قتل النساء والصبيان والرهبان والشيوخ..(102)
 
ثالثاً: واستدلوا بالفرق بين الحيوان وبين الشجر ونحوه (الجماد):
حيث إنَّ الحيوان له حرمتان: الأولى: لمالكه، والثانية: لله تعالى، فإذا أُسقطت حرمة المالك؛ لكفره بقيت حرمة الخالق - عز وجل - في بقائه؛ ولذلك يمنع من إجاعته، وعطشه، وتعذيبه، بخلاف الأشجار، وإغاظة العدو ليست مسوغاً لإتلاف الحيوان(103).
ونوقش من وجهين:
الأول: أنَّ الروح الزائدة في الحيوان لا تزهق إلا لمنفعة ومصلحة وهي إغاظة العدو والنكاية فيهم؛ فلذلك جاز إتلافها(104).
والجواب:
يجاب على ذلك بنحو ما سبق أنَّ الإغاظة لا بد أن تكون في حدود الشرع، ومن ثَمَّ فإنَّ الحيوان يقتل لأحد معنيين: أحدهما: ما كان فيه ضرر لضرره. وما كان فيه منفعة الأكل، وحَرُمَ أن تعذب التي لا تضر لغير منفعة الأكل، فإذا ذبحنا غنم المشركين في غير الوضع الذي نصل فيه إلى أكل لحومها، فهو قتل بغير منفعة، وهم يتقوون بلحومها وجلودها. وإن قال قائل: أنَّ في ذبحها قطع لقوتهم وقطع للمنفعة لهم فيها للحياة. قيل: قد تنقطع المنفعة عنهم بذبح أبنائهم، ونسائهم وشيوخهم، والرهبان. وذلك أنكى، وأكثر إغاظة لهم. وهو لا يجوز، ومن هنا فليس كلُّ ما قطع المنفعة عنهم وأغاظهم أصبح جائزاً لنا(105).
ولذلك فإنًَّ من إغاظتهم الغدر بهم، وخيانتهم، ونتخذ أي سبيل يوصل إلى النكاية بهم، ومع هذا فإنَّه لا يجوز فالوسيلة لها حكم الغاية، والغاية لا تبرر الوسيلة.
الخلاصة:
من خلال أدلة من أباح (الحنفية والمالكية) إتلاف مال الحربيين الأعداء العام غير المستخدم في القتال. أجده قد تمسك بأمر وهو (إغاظة العدو) واعتبرها مسوغاً لإتلاف أموالهم، خصوصاً لما في الإغاظة من الأثر النفسي في العدو.
ومن منع (الشافعية والحنابلة) مِنْ ذلك تمسك بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتلاف الحيوانات لغير أكلها، وأنَّ الحيوان يفارق الأموال الأخرى كالشجر وغيره (الجماد) من أموال العدو، فيجب أن يحترم؛ لأنَّ له روح. ونَصَّ على أنَّ الإغاظة لا تكون إلا وفق ما قرره الشرع المطهر، والإغاظة لا ترتقي إلى أن تكون مسوغاً لإتلافها، فمن الأمور التي تكون أكثر إغاظة لهم قتل نسائهم، وصبيانهم، والغدر بهم، وخيانتهم، وهي مع ذلك لا تجوز، وكذلك إتلاف حيواناتهم.
ومبدئياً فإنَّ هذا القول تمسك بالدليل وهو الأقرب عندي للصواب، وعند وجود الحاجة إلى إتلافها يرجع الأمر إلى الحاكم من باب السياسة الشرعية.
(تنبـيه)
نص الشافعية والحنابلة على جواز إتلاف الحيوان عند الحاجة والضرورة.
وذكروا بعض الأحوال:
1) في حالة المقاتلة عليها، واحتجنا لدفعهم والظفر بهم.
2) في حال الخوف من الاستفادة منها في القتال مستقبلاً وذلك كالخيل.
والدليل على هذين الحالين:
أنَّ الحيوان هنا كالآلة للقتال، وقتل بهائمهم يتوصل به إلى هزيمتهم، فجاز لنا إتلافها. وإذا جاز لنا قتل النساء والصبيان عند التترس وفي حال البيات، فالحيوان أولى. وورد ذلك في سير الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – من غير نكير.
 3) في حال غنيمة المسلمين للحيوان وخافوا أن رجع إلى الكفار ضرر عليهم، فيجوز إتلافها دفعاً لهذه المفسدة، ومغايظةً لهم(106).
ونصَّ ابن حزم - رحمه الله – في المحلَّى على جواز عقر الخنازير(107).
وهذه الحالات هي سبقت الإشارة إليه من أنَّ أموال الحربيين تنقسم إلى:
مستخدمة في القتال فيجوز إتلافها، وغير مستخدمة في القتال وتنقسم إلى قسمين:
الأول: ما كانت موضوعة للحرب، ويمكن الاستفادة منها في القتال، فيجوز إتلافها، وذلك كالخيل وهو ما نصَّ عليه الشافعية.
والثاني: ما كانت موضوعة لغير الحرب، وذلك كالزرع، والشجر، والإبل، والبقر، والغنم، وينقسم إلى قسمين: عام، وخاص وهذا هو محل الخلاف. والله أعلم.

أدلة القول الثالث على جواز إتلاف أموال الحربيين من مدنيين ومقاتلين العامة غير المستخدمة في الحرب: سواءً كانت حيواناً أو جماداً.
الدليل الأول: قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (الحشر: الآية 5).
وجه الدلالة:
حيث إنَّ المقصود من الآية إغاظة العدو، وحرق نخلهم، ومتاعهم، وكذلك إتلاف حيواناتهم حتى لا يتقووا بها على المسلمين(108).
ونوقش:
أنَّ إتلاف الشجر ونحوه (الجماد) ثبت في القرآن والسنة، وأما الحيوان فقد ورد فيه نهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يذبح إلا لمأكلة(109).
الدليل الثاني: قوله جلَّ وعلى: {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ }(التوبة: من الآية120)، حيث إنَّ إغاظة الكفار مشروعة، وتحصل بإتلاف أموالهم من زرع، وشجر، ونخل وغير ذلك (جماد) كما سبق ذكره، وكذلك بإتلاف حيواناتهم، وهذا من أبرز ما استدلوا به.
نوقش:
سبق ذكره وهو أنَّ الإغاظة لا تكون إلا وفق حدود الشرع(110).
الدليل الثالث: أنَّ إتلاف أموالهم من شجر، ونخل، وزرع، وحيوان، ومتاع، هو من العون عليهم والقوة، والله – عز وجل –يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ }(111) (الأنفال: من الآية60).
نوقش:
قال الشافعي – رحمه الله – بعدما نقل هذا الدليل: " أما كلّ ما لا روح فيه فلا بأس أن يحرقه المسلمون، ويخربوه بكل وجه؛ لأنَّه لا يكون معذباً، إنما المعذب ما يألم بالعذاب من ذوات الأرواح، وقد قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموال بني النضير وحرَّقها، وقطع من أعناب الطائف وهي آخر غزاة غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي فيها حرباً، وأما ذوات الأرواح فإنْ زعم أنَّها قياس على ما لا روح فيه فليقل للمسلمين أن يحرقوها، كما لهم أن يحرقوا النخل، والبيوت، فإن زعم أنَّ المسلمين ذبحوا ما يذبح منها فإنه إنَّما أُحل ذبحها للمنفعة: أن تكون مأكولة "(112) أ.هـ رحمه الله.

الدليل الرابع: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حرَّق نخل بني النضير وقطع.. وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم إغاظة للعدو، ونكاية بهم، فإذا كان هذا هو القصد من الإتلاف فجاز كذلك إتلاف الحيوان من أموالهم(113).
نوقش: الاستدلال بالقياس بين النخل والشجر والزرع (الجماد) وبين ماله روح من الحيوان قياس مع الفارق، حيث إنَّ الحيوان له معاملة تختلف عن غيره، وله حق للمالك وقد سقط هنا، وحق لله تعالى باقي، وقد سبق كلام الشافعي – رحمه الله – في ذلك حيث قال: "فإن زعم أنَّه قياس على ما لا روح فيه فليقل للمسلمين أن يحرقوها كما لهم أن يحرقوا النخل، والبيوت.."(114).
الدليل الخامس: استدلوا بالقياس في جواز إتلاف الحيوان من أموال الحربيين، وقد وردت لهم عدة أقيسة في هذه المسألة، وهي على النحو التالي:
القياس الأول: قياس الحيوان من أموالهم على أنفسهم بجامع عدم الحرمة لها من الشرع حيث أهدر الله دمائهم(115).
يُجاب عن ذلك من وجهين:
الوجه الاول: المنع، حيث إنَّ القياس يعارض نصاً، ولا يصح القياس مع مخالفته لنص صريح(116)، وهو عدم جواز إتلاف الحيوان إلا لمنفعة لأكل، ومنفعة إتلافها لإغاظة العدو غير معتبرة؛لأنَّه لا يغاظ الأعداء إلا بما شرعه الله ورسوله(117).
الوجه الثاني: التسليم على فرض جواز القياس، فإنَّه مع الفارق، حيث إنَّ الحيوان هنا لا ذنب له وهو يألم بالعذاب(118)، ولا يستحقه هنا إلا الكافر الحربي المعاند، بل قد وصف الله تعالى الكفار بـ{إنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}(119) (الفرقان: من الآية44)، وأيضاً فإننا نُهينا عن قتل بعضهم كالنساء، والصبيان، والشيوخ، والرهبان وغيرهم ممن لا يقاتل، فكذلك نُهينا عن إتلاف الحيوان من أموالهم إلا في حال القتال(120).

القياس الثاني:
نقله الشافعي - رحمه الله - رداً على مَنْ قال به، وقد سبقت الإشارة إليه، وهو: قياس الحيوان من أموال الحربيين على النخل، والزرع، والشجر (الجماد) بجامع إغاظة العدو، والنكاية به، وكسر شوكتهم(121).
ورُدَّ عليهم: بأنَّ القياس مع الفارق، إذ لو جاز ذلك " فليقل للمسلمين أن يحرقوها كما لهم أنْ يحرقوا النخلَ والبيوتَ، فإنْ زعم أنَّ المسلمين ذبحوا ما يذبح منها فإنَّه إنما أُحل ذبحها للمنفعة أن تكون مأكولة"، وهذه هي أبرز الاستدلالات التي وردت في المسألة.
الراجح:
من خلال النظر في الأدلة يظهر لي ترجيح القول الثاني بجواز إتلاف الأموال العامة للحربيين من مدنيين ومقاتلين وإن لم تستخدم في القتال، ولم تكن موضوعة للحرب سوى الحيوان من أموالهم. وذلك لما يلي:
1) وُورد النص الصريح في جواز الإتلاف، وهو فعله - صلى الله عليه وسلم، ثم نزل القرآن بتأييده: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} (الحشر:5)، وبالتالي يتبين ضَعْفَ قول الأوزاعي، والليث، وأبي ثور في عدم جواز الإتلاف.
وهذا الإتلاف مباح، يفعله الإمام أو قائد الجيش متى ما رأى المصلحة تقتضيه أثناء الحرب، وإن ترك فلا بأس بذلك، ويكون القصد من الإتلاف ذا فائدة كإغاظة العدو، وكَسْر شوكتهم، والنكاية بهم. بخلاف الإتلاف المحض المجرد عن الفائدة، ويكون الإتلاف مقدرٌ بقدرٍ، فلا يُزاد على ما تقتضيه الحال.
ومما يؤكد هذا أنَّ أكثر ما ورد في إتلافه صلى الله عليه وسلم للنخل: ست نخلات. وقيل: أحرقوا نحلة، واقطعوا نخلة. وقيل: قطعوا أربع نخلات(122)؛ لأنَّ الإتلاف الزائد عن الحاجة إهلاك للمال بغير فائدة، وفي حال النصر يصير للمسلمين.
2)  أنَّ العمل على التأثير في نفوس الأعداء ينعكس على نتيجة الحرب؛ لِمَا يسبب من إحباط معنوياتهم، وروحهم القتالية، ومن هذه الأمور إتلاف أموالهم العامة التي تعتبر ملكاً للدولة، إذ أنَّ – ولو لم تكن موضوعة للقتال - من طبيعتها خدمة العمليات الحربية، بشكل أو بآخر، وإتلافها يضعف وينهك العدو. وهذا الأمر كذلك مقرر في قانون الحرب الدولي العام كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى(123).
3)  أنَّ القول بالمنع من إتلاف الحيوان هو من باب تخصيص العام، حيث إنَّ العموم جواز إتلاف أموالهم العامة، أيَّ أموالٍ كانت من بيوتٍ، وزروعٍ، ونخيلٍ..، خُصَّ منها الحيوان؛ لدلالة السنة على المنع من قتله إلا لمنفعة الأكل؛ لأنَّه لا ذنب له، وهو يألم بالعذاب، ولا يجوز إتلافه إلا في حال الحاجة، أو عند الضرورة، وقد سبق بيان ذلك.
وأما قولُ (الحنفية والمالكية) بأنَّ في ذلك مصلحة، حيث لا يُقتَصر الإنتفاع من الحيوان على الأكل، فيمكن تحقيق الانتفاع منه بإتلافه إغاظةً للعدو، وهو أمر مطلوب شرعاً، والحاجة داعية إلى ذلك.
فإنَّني أجد أنَّ هذا القول حصر جواز إتلاف الحيوان في أمر واحد وهو (إغاظة وإضعاف العدو) وهي مصلحة معتبرة في نظره، وهي تشبه إتلافها حال المقاتلة، إذ لا فرق.
وأما قول (الشافعية والحنابلة) فإنَّه نظر إلى الدليل، وجعل المصلحة في إتباع ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم، ولا يغاظ العدو إلا بما شرع الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك منع من الإتلاف إذ أنَّ الغيظ قد يحصل بأمر آخر غير إتلاف الحيوان.
الخلاصة:
يظهر لي والله أعلم – أنَّ قول (الشافعية والحنابلة) هو الأقرب للصواب؛لأنَّه يدعمه الدليل من السنة. وكذلك قول أبي بكر – رضي الله عنه. فإتلاف الحيوان لمجرد الغيظ للأعداء لا يصح اعتباره في مقابلة هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ خصوصاً أنَّه لم يرد عنه - صلى الله عليه وسلم أنَّه أتلف حيواناً، وإنما ورد عنه إتلاف غيره من النخل، والزرع، والشجر، وليس هذا جمود على النص ولكنْ للفارق بين ما له روح وما ليس له روح، وبالتالي تكون هذه المصلحة ملغاة.
أما إذا دعت ضرورة أو حاجة حال القتال، أوبعده لإتلاف الحيوان ويتوصل بذلك على هزيمتهم، أو دفع ضرر علينا فلا شك في جواز ذلك، خصوصاً إذا كان الحيوان مما يستعان به على القتال(124)، وهذا أمر يقدره الإمام من باب السياسة الشرعية.
والله – تعـالى – أعـلم

المطلب الثاني: (حماية أموال المدنيين الخاصة غير المستخدمة في القتال)
تعرض فقهاء المالكية وبعض فقهاء الحنابلة إلى هذه المسألة، وقرروا حمايةَ مالِ مَنْ لا يقاتل كالنساء، والصبيان، والشيوخ، والرهبان، والأُجرَاء وغيرهم ممن اعتزل القتال، وهذا في حال التحقق مِن أنَّ المال لهم(125).
ولكنَّهم اختلفوا في مقدار ما يترك لهم على أقوال عندهم:
القول الأول: أنَّ كلَّ من لا يقاتل لا يؤخذ من مالهِ شيء ولو كثر.
ودليل ذلك عندهم القياس: كما أنَّه لا يعترض إلى نفسه، فكذلك لا يتعرض لا يتعرض ماله إلى ماله(126)، وهو ظاهر مذهبهم.
القول الثاني: إنْ كانَ المال يسيراً تُرِك، وإن كان قليلاً لا يترك(127). وهو قول قريب من القول الثالث.
القول الثالث: إن كان المالُ كثيراً أُخذَ منهم، ويُترك لهم قَدْر ما يعيشون به من أموالهم (كالبقرة، والغنيمات، والبغلة، والنخيلات، وما يقوم به معاشهم)؛ تجنباً لموتهم. والمعنى: أنَّه يترك لهم الكفاية فقط.
 ودليل هذا القول: أنَّ الأصل أخذ المال والنفس فيؤخذ ما زاد عن الحاجة وهذا القول هو الأكثر عند المالكية، وقول الحنابلة(128).
وفي حال عدم وجود مالٍ لهم، يؤخذ من أموال الكفار ويعطى لهم، فإن لم يكن للكفار مال وجب على المسلمين مواساتهم(129).
وأما المذاهب الأخرى فالأصل عندهم عدم قتلهم، ولكن ما حكم أموالهم؟ وهل يخالفون المالكية في ذلك؟
الذي يظهر لي هو عدم المخالفة، حيث يمكن أن يُخَرَّج هذا القول على قولهم بعدم جواز قتلهم؛ لأنَّ المقصد من الإتلاف لأموالهم سواءً كانت عامة أو خاصة هو إضعاف العدو، وقطع لقوتهم، ودفع الضرر عن المسلمين، وإغاظة لهم، وفي حال ترك شيء لغير المقاتلين (المدنيين) يعيشون به لا يُعارض هذه المقاصد، حيث لا ضرر بها على المسلمين، ولا تحقق قوة لهم، بل إنَّ في تركها إبقاء لحياتهم؛ لأنَّ أخذ جميع أموالهم يؤدي إلى موتهم وهلاكهم وهو ممنوع، فإذا ثبت لهم حرمةٌ في أنفسهم، فتثبت لهم حرمة في أموالهم(130).
والأقرب للصواب من أقوال المالكية هو القول الثالث القائل بترك شيء يعيشون به قدر كفايتهم ويؤخذ الباقي، وهذا الذي تقتضيه حال الحرب، فإنَّ في إبقاء الأموال الكثيرة في حوزتهم لأنَّها ملك لغير المقاتلين، قد يضر بالمسلمين، ويمكن للعدو أن يتقوى بها، ويستفيد منها تحت غطاء المدنيين.
ويجوز للإمام الأخذ بالقول الأول ويترك لهم جميع أموالهم، متى ما رأى المصلحة تقتضي ذلك من باب السياسة الشرعية(131)؛ لأنَّ المسألة اجتهادية ولا يوجد نص صريح فيها ولا يمكن أن نوجب للإمام العمل بهذا القول مطلقاً، وإنما يختلف الأمر من حال إلى حال، والله – تعالى - أعلم.

المبحث الثاني: (حماية أموال المدنيين الحربيين غير المستخدمة في القتال في القانون الدولي)
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: (حماية أموال المدنيين الحربيين العامة غير المستخدمة في القتال)
تنقسم الأموال العامة غير المستخدمة في القتال إلى قسمين:
الأول: (الأموال المنقولة) وهي على نوعين:
أ‌)  (الأموال الموضوعة للحرب)
قرر القانون الدولي جواز الاستيلاء ومصادرة كل ما يصلح من الأموال المنقولة للاستخدام في العمليات العسكرية بطريق مباشر أو غير مباشر، وذلك مثل النبيذ والخمر وغيره مما يعطى للجيش المحارب، سواءً كان ذلك من أسلحة، أو ذخائر أو مستودعات دون التزام الآخذ بإعادتها، أو التعويض عنها.
وهذا وفقاً لما قررته المادة الثالثة والخمسون من لائحة الحرب البرية (لاهاي) حيث نصت على ما يلي: "إنَّ الجيش الذي يحتل إقليماً لا يمكنه إلا أن يحجز الأموال العينية، و السندات، والقيم المستحقة الأداء التي تقود إلى الدولة حصراً، وكذلك مستودعات الأسلحة، ووسائط النقل، والمخازن، ومستودعات التموين، وبشكل عام كل ملك من أملاك الدولة يكون من طبيعته خدمة العمليات الحربية.."(132)

ب‌) الأموال الموضوعة لغير الحرب:
من خلال المادة السابقة (الثالثة والخمسين) يتضح ما يلي:
أولاً: عدم جواز الاستيلاء أو مس الأموال العينية التي لا تستخدم في الأعمال الحربية(133).
ثانياً: أجاز القانون الاستيلاء على النقود والسندات والقيم المستحقة الأداء لتلك الدولة(134).

الثاني: (الأموال العقارية)
قررت لائحة الحرب البرية (لاهاي) في المادة الخامسة والخمسين ما يلي:
"لا تعتبر دولة الاحتلال إلا كمديرة، ومنتفعة بالنسبة للأبنية العامة، والعقارات، والغابات، والمستثمرات الزراعية التي تقود ملكيتها للدولة المعادية.."(135) فلا يجوز الاستيلاء على أرض بلد محتل، وإنما تجوز إدارتها والانتفاع بها دون تملكها(136).
وهذا خلاف ما كان مقرراً قديماً في القانون الدولي من انتقال ملكية عقارات الدولة إلى الفاتحين، وكون الفتح طريق من طرق التملك، واكتساب الاختصاصات الدولية، ثمَّ أُلغي هذا الأمر حديثاً، وأصبح من المقرر عند أغلب شُرَّاح القانون الدولي عدم إدخال الفتح - "وهو استيلاء دولة عنوة على إقليم تابع لدولة أخرى" - ضمن الطرق المشروعة لاكتساب ملكية الأقاليم، ويعتبرونه من قبيل السرقة بين الدول. وهذا في حال كون الفتح ليس الغرض منه استرداد إقليم سبق اغتصابه من الدولة المستردة فلا ينطبق عليه الحكم(137).
و لا يزال بعض شراح القانون الدولي القانون الدولي يذهب إلى اعتبار الفتح بصفة عامَّة من وسائل اكتساب الملكية الإقليمية، فينتقل إلى الدولة الفاتحة(138).
وهذا القول يتوافق مع الشريعة الإسلامية،حيث يعتبر الفتح طريقاً لتملك المسلمين للأقاليم، وتصبح تحت مُلكهم وسيطرتهم.
ومِن ثمَّ فليس المقصد من الجهاد في الإسلام الاستيلاء على الأموال، وإنَّما المقصود الأعظم منه هو إعلاء كلمة الله تعالى، والذب عن الملة، والغنائم تابعة، أي: أنَّ الغنائم نتيجة تترب على الحرب، ويتملكها المسلمون بالأحراز، فهي أمر واقع كمجرد طريق لإضعاف العدو، ومعاقبته، وتعويض ما أنفق على القتال؛ لأنَّهم لم يكونوا يتقاضوا أجراً، ويأخذون معدات القتال كالخيل والزاد من عندهم، فإعطاؤهم من الغنائم يعتبر تعويضاً لهم. ومن أعرض عنها فقد جرَّد قصده للغرض الأعظم(139).
والله - سبحانه وتعالى - يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} (النساء:94)
فلا نحكم بكفر من نطق بالشهادة طمعاً وطلباً لعرض الدنيا وهي هنا المغانم بل نتحرى حاله، والله سبحانه وتعالى عنده مغانم كثيرة مِن رزقه و فواضل نعمه فهي خير لكم، وقيل المراد: الجنَّة(140).
وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:"الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل لذِّكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه فَمَنْ في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"(141).
فالمقصد هو الإسلام والطاعة لله - عز وجل – وفي استيلاء المسلمين على أرضهم نشر لدين الله، ورفع لراية التوحيد؛ ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أنْ لا إله إلا الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا منِّي دمائهم وأموالهم إلا بحقها ".
 
المطلب الثاني: (حماية أموال المدنيين الحربيين الخاصة غير المستخدمة في القتال)
القاعدة الأصلية في القانون الدولي هي: (عدم جواز الاستيلاء على الأموال المملوكة للأفراد، أو مصادرتها، أو نهبها، سواءً كانت منقولة أو عقارية)(142).
واستثني من هذه القاعدة جواز الاستيلاء على بعض أموال الأفراد الخاصة في حال الضرورة لسد حاجة الجيش، مع دفع ثمنها، أو الالتزام بالتعويض عنها(143).
وهذه القاعدة - كما سبق - قالت بها المالكية وبعض الحنابلة، وهو قول ضعيف، والقول الآخر وقال به الأكثر: أنَّ أموالهم تؤخذ ويترك لهم ما يعيشون به. وبالتالي لا تعارض بينها وبين ما تقرر في الفقه الإسلامي، ويجوز للإمام ترك الأموال الخاصة بالأفراد متى ما رأى المصلحة في ذلك من باب السياسة الشرعية؛ لأنَّ الحرب في الاصطلاح الحديث تتحملها الحكومات، ولا تقع على عاتق الشعوب خلافاً لما كان مألوفاً من أنَّ الحرب كفاح بين شعبي الدولتين، ثمَّ أُلغي هذا الأمر؛ ولهذا فلا مانع من الأخذ بالتفرقة بين أموال العدو العامة والأموال الخاصة بالأفراد(144)، أمَّا العقار فيدخل تحت ملك المسلمين كما سبق بيانه.
والله تعالى أعلم.

التطبيق العملي في الوقت الحاضر لمبدأ حماية أموال المدنيين الحربيين:
لم تراعِ القوات الأنجلو أمريكية هذا المبدأ في حربها على العراق مطلقاً، سواءً كان هذا في الأموال العامة أو الخاصة. أمَّا بالنسبة للأموال العامة فقد قامت بتدمير البنية التحتية سواءً كان هذا فيما يتعلق بمحطات توليد الكهرباء، أو محطات توليد الوقود، أو المياه، وقامت كذلك بتدمير المتاحف الأثرية و تركها للصوص.. بل إنَّ بعض الأمريكان شاركوهم في السلب والنهب(145).
 ولم تكتف بذلك فواصلت التعامل باستخفاف مع حضارة العراقيين. فاتخذت مدينة (بابل الأثرية) قاعدة عسكرية لها. وقد أفاد تقرير لمتحف بريطاني نشرته صحيفة (جارديان) البريطانية السبت 15-1-2005م أنَّ: "المركبات العسكرية الأمريكية والبولندية سحقت أرصفة أثرية يزيد عمرها عن 2600 عام في مدينة بابل التي تعد مهداً للحضارة ومقراً حدائق بابل المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة". وأنشأ القادة العسكريون الأمريكيون قاعدة في مدينة بابل في إبريل 2003م بعد غزو العراق، وسلموها لقوة تقودها (بولندا) بعد ذلك بخمسة أشهر(146).
وعقب الاحتلال أعلنت أمريكا أنها ستقوم بإعادة إعمار البلاد وتحسين أوضاعها؛ لتكون نموذجا لدول المنطقة. وبعد مرور عامين من الاحتلال كان الواقع شيئا آخر. فالدَّمار الذي أحدثته آلة الحرب الأمريكية لم يتم إصلاحه، وخاصة البنية التحتية؛ فالكهرباء متوفرة يومياً ولكن لساعتين فقط، والوقود ارتفعت أسعاره عشرة أضعاف ما قبل الحرب. أمَّا البطالة فقد وصلت إلى معدلات مرتفعة بلغت (60%)، يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه التقرير السنوي (لمنظمة الشفافية العالمية) الذي صدر في فبراير 2005م عن أنَّ: معظم الأموال المتوقع إنفاقها في عمليات بناء العراق لم تنفق بعد(147).
وأمَّا أموال العراقيين المدنيين الخاصة فقد طالها من الاعتداء ما طالها، فقد اتهمت لجنة حقوق الإنسان في العراق السبت 14-6- 2003 قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني بـ(اغتصاب العشرات من نساء وأطفال العراق) و(قتل مئات العراقيين) بعد اعتقالهم، كما أكدت اللجنة أنَّ (القوات الأمريكية والبريطانية هدمت منازل مواطنين عراقيين، بحجة البحث عن مقاومين، مشيرةً إلى أنَّها سجلت أكثر من ثلاثمائة حالة هدم لمنازل تعود لمدنيين عراقيين(148).

الفصل الرابع: (حماية المدنيين الحربيين قضائياً)، وفيه تمهيد ومبحثان:
تمهيد: (قيام الإسلام على أساس العدل بين الناس في كل الأحوال)
المراد بالعدل: العدل لغةً: لفظ يقتضي المساواة، أي: ضد الجَوْر وهو الميل، وهو، ما قام في النفوس أنَّه مستقيم. وهو أيضاً: الحكم بالحق، ومن أسماء الله – سبحانه وتعالى – العدْل، وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم. ولا يقتضي العدل المساواة من كل وجه، وإنما المراد: المساواة في المكافأة، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وعلى هذا النحو قول الله- تبارك وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (النحل: من الآية 90) والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه، والشر بأقل منه(149).
والعدل اصطلاحاً: " الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط "(150)والعدالة في الشريعة: "عبارة عن الاستقامة على طريق الحق بالاجتناب مما هو محظور دينياً"(151).والعدل في القضاء بين الناس:"هو فصل الحكومة على ما في كتاب الله - سبحانه وتعالى – وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – لا حكم بالرأي المجرَّد"(152) وهذا هو المراد في قوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: من الآية 58) فإنَّ العدل هو إتباع حكم الله المِنَزَّل(153).
لا يتسع المقام لبسط الكلام في بيان العدل في الإسلام، فالكلام فيه يطول، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، ولكن ما يهمنا الآن هو العدل في القضاء بين الناس جميعاً. قال الباري – جلَّ وعلى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} (النساء:58)، هذه الآية - كما يقول أهل العلم- من أمهات الأحكام تضمنت جميع الدين والشرع؛ حيث إنَّ العموم في الآية عمومان: عموم لجميع الناس، قليلهم وكثيرهم، قريبهم وبعيدهم، الفاجر والولي، والعدو؛ لأنَّ اللفظ عام في الآية. وعموم لجميع الأمانات ومن هذه الأمانات ومن هذه الأمانات: (العدل بين الناس في الحكم) سواءً كان ذلك في الديار، أو الأعراض، أو الأموال قليلاً كان ذلك أم كثيراَ..(154)
وبهذا يكون العدل مع الكفار من سمات هذا الدين العظيم، بل من أساسياته وأركانه، فإنَّ الجهاد شرع لإقامة الحق بين الناس وفق ما أنزل الله، ولإخراجهم من الظلم العظيم الذي هو: الشرك، كما يقول الله – سبحانه وتعالى: { لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}(155) (لقمان: من الآية13)، ويحصل هذا بإعلاء كلمة الله – سبحانه وتعالى(156).
 ولم يفرق الفقهاء بين المسلم والكافر(157) في المعاملة القضائية، فالكل له حق الرجوع إلى القاضي ليفصل ويحكم بينهم وهذا أمر واجب؛ لأنَّ على القاضي أن يدفع الظلم بإنصاف المظلوم ورد الظالم عن ظلمه، وهذا بالإجماع(158).
ويكون الحكم بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (المائدة: من الآية42)، والقسط: حكم الله الذي أنزله على نبيه وهو العدل(159).
ولقوله تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}(صّ: من الآية26).
 ولقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (المائدة: من الآية49).
ولقوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء: من الآية58)، فالعدل قِوَام الدِّين والدنيا(160).
قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: "فأعلم الله نبيه – صلى الله عليه وسلم – أنَّ فرضاً عليه وعلى مَن قبله والناس، إذا حكموا أن يحكموا بالعدل، والعدل: إتباع حكمه المنزَّل"(161).
ووجوب العدل بين الكفار لا يقتصر على مَن لا يقاتل (المدنيين) بل يشمل كذلك المقاتلين؛ ولهذا قال أهل العلم في قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8)، قالوا: المراد بـ{تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} إعطائهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة، وليس المراد العدل، فإنَّ العدل واجب فيمن قاتل، وفيمن لم يقاتل(162).
وبرُّ المؤمن لأهل الحرب سواءً كانت بينه وبينهم قرابة نسب، أو لم تكن قرابة ولا نسب غير مُحرَّمٍ ولا منهي عنه، إذا لم يكن في ذلك ضرر على الإسلام والمسلمين، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، أي: "المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم، فيبرون من برهم، ويحسنون إلى من أحسن إليهم"(163).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن – عز وجل – وكلتا يديه يمين، الذين يعدِلُون في حكمهم وأهليهم ما وَلُوا"(164).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حكمتم فاعدلوا، وإذا قلتم فأحسنوا، فإنَّ الله - عز وجل – محسنٌ يحب المحسنين"(165).
وقال – صلى الله عليه وسلم: "سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل..."(166) الحديث.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رجمه الله -: "الجزاءُ في الدنيا متفق عليه أهل الأرض؛ فإنَّ الناس لم يتنازعوا في أنَّ عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة؛ ولهذا يروى: الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة"(167).
ولهذا نصر الله أمة الإسلام على غيرها من الأمم لما كانت متمسكة به، آخذة بأحكامه، مهتديةً بأخلاقه. قال رِبعيُّ بن عامر(168) - رضي الله عنه – لقائد الفرس في معركة القادسية لمَّا سأله ما جاء بكم؟ فقال: "الله ابتعثنا لنخرج مَن شاء مِن عبادة العباد إلى عبادة الله، ومِن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومِن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه؛ لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومَن أبى قاتلناه أبداً حتى نقضي إلى موعود الله. قالوا: وما موعود الله؟ قال: الجنَّة لمن مات على قتال مَنْ أبى، والظَّفر لمَنْ بقي"(169).
وبهذا يتبين لنا مكانة ومنزلة العدل بين الناس، الذي جاءت به الشريعة الإسلامية العادلة.
وقبل استعراض الكلام في المبادئ التي ينبغي مراعاتها في محاكمة غير المقاتلين (المدنيين)، نُعَرِّف الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي.
أولاً: الجريمة في الشريعة الإسلامية هي: " محظورات شرعية زجر الله – تعالى – عنها بحدٍ أو تعزير"(170).
والمحظورات إما أن تكون فعل أمرٍ منهي عنه، أو ترك فعل واجبٌ فعله، ولا بد أن تكون المحظورات منصوص عليها في الشريعة الإسلامية، فلا جريمة بدون نص.

ثانياً: الجريمة في القانون الوضعي هي: (عملٌ يُحَرِّمه القانون ويعاقب على فعله، أو عمل يقضي به القانون ويعاقب على تركه)(171).
وبالتالي يظهر لنا أنَّ الجريمة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي لا يصدق عليها مسمى جريمة إلا إذا تقررت عليها عقوبة(172).
تنبيه: المبادئ التالية في معاملة المدنيين الحربيين قضائياً يُعمل بها بعد احتلال البلد.
 
المبحث الأول: (المبادئ القانونية التي تناولها قانون الحرب الدولي بشأن حماية المدنيين)، وفيه مطالب:
المطلب الأول: (مبدأ عدم سريان قوانين لعقوبات بأثر رجعي)(173)
لمَّا كان من حق الدولة المحتلة أن تفرض قانوناً أو ما يسمى بـ (دستور البلاد) وتنص فيه على الجرائم والعقوبات المحددة لها، قُيِّد سريان هذه العقوبات بعدم جواز إقامتها على أفعال حدثت قبل صدور القانون، وهذا مبدأ من المبادئ الأساسية و الجوهرية، وتقرره جميع التشريعات الجنائية(174).
وقد نصت اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب والموقعة عام 1949م على هذا المبدأ في المادة الخامسة والستين فقالت: "لا تصبح قوانين العقوبات التي تفرضها دولة الاحتلال نافذة إلا بعد نشرها وإحاطة جميع السكان علماً بها بلغتهم الأصلية، ولا يكون لها أثر رجعي"(175).
وكذلك نصت المادة السابعة والستون على ما يلي: "لا تطبق المحاكم إلا القوانين التي كانت ساريةً قبل وقوع المخالفة.."(176).
وبالتالي فلا يجوز للدولة المحتلة أن تعاقب شخصاً أو تحاكمه على فعل لا يعد جريمة وقت حدوثه، وقرر القانون الدولي هذا المبدأ ليقطع الطريق أمام استبداد سلطات الاحتلال التي تحاول الانتقام من أشخاص تحت غطاء القانون، وتوقع عليهم عقوبات القوانين لم تكن نافذة المفعول وقت ارتكاب الفعل(177).
وهذا المبدأ من المبادئ المقررة عالمياً، وتضمنه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الموقع سنة 1948م في مادته الحادية عشرة، الفقرة الثانية، حيث نصَّ على ما يلي: " لا يُدان أي شخصٍ من جرَّاء أداء عملٍ أو الامتناع عن أداء عملٍ إلا إذا كان ذلك يعتبر جريمة وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب. كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة"(178).
وكذلك قررت الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية، والموقعة عام 1966م هذا المبدأ في المادة الخامسة عشر(179).

المطلب الثاني: (مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة)
هذا المبدأ قررته اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب، وذلك في المادة السابعة والستين، حيث نصَّت على ما يلي: "لا تطبق المحاكم إلا القوانين التي كانت سارية قبل وقوع المخالفة، والتي تكون مطابقة للمبادئ القانونية العامة، وعلى الأخص المبدأ الذي يقضي بأن تكون العقوبة متناسبة مع الذنب.."(180)
وكذلك قررته في المادة الثامنة والستين، حيث ذكرت أنَّ مدَّة الاعتقال أو الحبس لا بد أن تكون ملائمة للذنب المقترف(181).
والداعي إلى تقرير القانون الدولي لهذا المبدأ هو ما حدث في الحرب العالمية الثانية من توقيع عقوبات قاسية على السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، ووصلت في بعض الأحيان إلى القتل، وذلك نظير أفعالٍ أو مخالفات بسيطة مثل: الاستماع إلى إذاعة الأعداء، أو الإضراب عن العمل..(182)
وبالتالي عدم تقرير التناسب بين العقوبة والجريمة من الظلم الذي يجب على دولة الاحتلال أن تُزيلَه، وتراعي أثناء إيقاع العقوبة تناسبها مع الذنب أو الجُرم الذي اقترفه.

المطلب الثالث: (مبدأ شخصية العقوبة)
نصَّت اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين في المادة الثالثة والثلاثين، الفقرة الأولى على ما يلي: "لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً بالعقوبات الجماعية.."(183).
وقررت لائحة الحرب البرية (لاهاي) هذا المبدأ كذلك في المادة الخمسين، فقالت: " لا توقع عقوبات عامَّة مالية أو غيرها على السكان بسبب حوادث فردية لا يمكن اعتبارهم مسؤولين عنها بالتضامن"(184).
ويقرر هذا المبدأ عدم جواز إيقاع العقاب على شخص لم يقترف الذنب، ولم يساهم فيه، بأيِّ شكل من الأشكال.
والقانون الدولي يقرر هذا المبدأ؛ لما تقوم به سلطات الاحتلال من توقيع عقوبات جماعية لأشخاص مدنيين أبرياء، على سبيل الانتقام من أعمال قام بها أشخاص آخرون، كأعمال الفدائيين، فتقوم سلطات الاحتلال بالاعتقال الجماعي، والقيام بعمليات التعذيب لهم، وكذلك إعدامهم، وهم لا شأن لهم في ذلك(185).

المطلب الرابع: (تقييد عقوبة الإعدام)
لمَّا كانت هذه العقوبة أقصى العقوبات على النفس، وتمس حق الإنسان في الحياة، قرر القانون الدولي تقييد استخدام هذه الوسيلة لعقاب، ولا توقع هذه العقوبة إلا وفق هذه القيود وتتلخص فيما يلي:

القيد الأول: لا تقرر هذه العقوبة إلا على مرتكبي الجرائم التالية(186):
‌أ)  الجاسوسية:
وقد عرفت لائحة الحرب البرية (لاهاي) المراد بالتجسس، وذلك في التاسع والعشرين، وهو:" الشخص الذي يجمع، أو يسعى لجمع المعلومات سراً، أو تحت حجج شريفة، في منطقة عمليات أحد المتحاربين، بُغية إيصالها إلى الطرف الخصم"(187)
فعند ثبوت تجسس أحد المدنيين، ونقله للمعلومات فإنَّه يجوز إيقاع عقوبة الإعدام عليه، بعد محاكمته(188).
‌ب) كجرائم التخريب الخطيرة ضد المنشآت العسكرية التابعة لدولة الاحتلال.
‌ج)  الأفعال التي يترتب عليها وفاة شخص أو أكثر (جرائم القتل العمد).

القيد الثاني: أن تكون عقوبة هذه الحالات بمقتضى التشريع الذي كان سارياً في الأراضي المحتلة قبل بدء الاحتلال(189).
وهذا القيد تحفظت عليه الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة (بريطانيا) وكندا، ونيوزيلندا، وهولندا، واحتفظت لنفسها بحق توقيع الإعدام(190).

القيد الثالث: لا يجوز إصدار حكم بإعدام شخص محمي إلا بعد توجيه نظر المحكمة بصفة خاصة إلى أنَّ المتهم ليس من رعايا دولة الاحتلال، وغير ملزم بواجب الولاء نحوها(191).
هذا الأمر له نظر فيه إلى الظروف المحيطة بالجريمة، من كون الشخص من رعايا هذه الدولة، أو لا؛ لأنَّ الشخص الذي احتل بلده يكون مشحوناً بشعور من الكراهية تجاه المحتلين، فينبغي من القضاة مراعاة هذا الجانب، وعدم الحكم عليه بالإعدام مباشرة(192).

القيد الرابع: لا يجوز بأيِّ حال إصدار حكم بإعدام شخص محمي تقل سِنُُّهُ عن ثمانية عشر عاماً وقت اقترافه للمخالفة(193).
هذه هي أبرز القيود على عقوبة الإعدام في القانون الدولي، حسب ما ورد في المادة الثامنة والستين من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين وقت الحرب.

المطلب الخامس: (عدم جواز القبض على الأشخاص المدنيين أو محاكمتهم بسبب أفعال أو أقوال سابقة على الاحتلال)
قررت هذا المبدأ اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين، وذلك في المادة السبعين، حيث نصت على ما يلي:
" لا يجوز القبض على الأشخاص المحميين، أو التحقيق معهم، أو الحكم عليهم بواسطة دولة الاحتلال من أجل ذنوب اقترفوها، أو آراء عبروا عنها قبل الاحتلال، أو في خلال فترة انقطاع مؤقت له، فيما عدا الإخلال بقوانين تقاليد الحرب"(194).
والسبب في تقرير هذا المبدأ ما حصل خلال الحرب العالمية الثانية من تصرفات انتقامية ضد الأشخاص الموجودين في الأراضي المحتلة، حيث يتم القبض عليهم، وحبسهم في السجون، ومحاكمتهم نظير أفعال صدرت منهم قبل نشوب العمليات الحربية وانتهائها، ولم تفرق بين الأشخاص الذين كانوا يفعلون ذلك تأدية لواجبهم الرسمي، باعتبارهم مسؤولين في الدولة، وبين الأشخاص الذين كانت تصرفاتهم بوحي من آرائهم الشخصية، فالكل كان محلاً للاعتقال والمحاكمة(195).
ولكن هناك استثناء ورد على هذه القاعدة وهو: إذا كانت هذه الأفعال تعدُّ انتهاكاً لقوانين و أعراف الحرب. وذلك مثل استخدام الأسلحة الممنوعة، والتصرفات الوحشية ضد الأسرى، وتعذيب المعتقلين..أي صورة من صور الانتهاكات لقوانين وأعراف الحرب؛ لأنَّ هؤلاء لا يستحقون هذه الحماية. وهم يعرفون دولياً بـ (مجرمي الحرب)(196).

المطلب السادس: ضرورة توفر ضمانات المحاكمة القانونية
لضمان تحقيق العدالة القضائية أثناء سير المحاكمة التي تجري على المدنيين، نصت اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحرب في المادة الحادية والسبعين على ما يلي: "لا يجوز للمحاكم المختصة التابعة لدولة الاحتلال إصدار أي حكم، إلا إذا سبقته محاكمة قانونية.."(197) ونصت المادة السابعة والأربعين بعد المائة على المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، ومنها: " تعمد حرمان شخص من الحقوق لخاصة بالمحاكمة الصحيحة القانونية المنصوص عليها في هذه الاتفاقية"(198).
وهذا المبدأ أقره القانون الدولي، وجميع التشريعات في كل الدول المحضرة، وذلك من أجل ضمان توافر الإدارة السليمة لمرفق القضاء(199).
حيث ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة العاشرة، والحادية عشرة على الضمانات التي يجب أن تراعى عند محاكمة أي إنسان، وهي:
1) حق كل إنسان متهم بجريمة في محاكمة عادلة، مستقلة، نزيهة، وعلنية.
2) كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً.
3) يجب تأمين الضمانات الكافية للدفاع عن كل متهم عند محاكمته(200).
وكذلك ورد ذكر هذه الضمانات القانونية في الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية في المادة التاسعة(201).

والخلاصة:
إقرار القانون الدولي للمحاكمة العادلة لأيِّ إنسان، ويُقر القانون الدولي هذه الضمانات للمدني أثناء الاحتلال الحربي، وقد فصل هذه الضمانات في المادة الحادية والسبعين والثانية والسبعين من اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب(202).

المطلب السابع: (حق المعاملة الحسنة للمتهمين أو المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية)
 
هذا المبدأ من المبادئ الأساسية والرئيسية التي نص عليها القانون الدولي عموماً، وقانون الحرب خصوصاً، حيث نصت المادة السابعة والعشرين على هذا الحق، كمبدأ أساسي في الاتفاقية، والنص كما يلي: "للأشخاص المحميين في جميع الأحوال حق الاحترام لأشخاصهم، وشرفهم، وحقوقهم العائلية، وعقائدهم الدينية، وعاداتهم، وتقاليدهم، ويجب معاملتهم في جميع الأوقات معاملة إنسانية، وحمايتهم بشكل خاص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السِّباب والتعريض العلني، وتُحمى النساء بصفةٍ خاصة من الاعتداء على شرفهن وعلى الأخص هتك العرض، والاغتصاب، أو أيِّ نوع من الاعتداء المشين، مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بحالتهن الصحية والسن والجنس، ويعامل جميع الأشخاص المحميين، بنفس الاعتبار بواسطة طرف النزاع الذي يكونون تحت سلطته دون أي تمييز ضار يرجع سببه على الأخص إلى العنصر أو الدين أو المعتقد السياسي"(203).
فهذه المادة نصت على هذا الحق، مع شيء من التفصيل فيه، وهذا المبدأ واضح لا غموض فيه.
وكذلك فصلت المادة السادسة والسبعين من الاتفاقية السابقة في هذا الحق(204).
وحقُّ المعاملة الحسنة للإنسان أقرَّهُ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سواءً كان متهماً، أو محكوماً عليه بعقوبة مقيده للحرية، وذلك في المادة الخامسة، حيث نصت على ما يلي:
"لا يُعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطَّة بالكرامة"(205).
 وبهذا فلا يجوز للدولة المحتلة أن تعامل المتهمين والمحكومين معاملة سيئة، لا تراعي كرامتهم البشرية.

المبحث الثاني: (بيان سبق الشريعة الإسلامية للمبادئ القانونية التي نص عليها قانون الحرب الدولي) وفيه مطالب:

المطلب الأول: (عدم سريان العقوبات بأثر رجعي)

هذه القاعدة من القواعد الأساسية المتقررة في الشريعة الإسلامية، وسبقت التشريعات الوضعية بحوالي ثلاثة عشر قرناً، فالله - سبحانه وتعالى - يقول في مُحكَم كِتَابِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}(الاسراء: من الآية15) فأبطل الله العقاب على جميع الناس، ولا يؤاخذهم بشيء إلا بعد إرسال الرسول إليهم؛ ليبلغهم أمره ونهيه – سبحانه وتعالى، وهذا من كمال عدله، وتمام نعمته، فالله - جلَّ وعلا – لا يعذب أحداً حتى يسبق إليه مِن الله خبرٌ أو يأتيه من الله بينة.
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (الأنعام:131)، فالله لا يعاقب أحداً حتى يبعث إليهم رسلاً تنبئهم على حجج الله عليهم وتنذرهم عذاب الله يوم المعاد، ولم يكن ليأخذهم غفلة فيقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير(206).
وأيضاً يقول الله عز وجل:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}(النساء: من الآية165)، فلا حجة لأحد أن يَرُدَّ عقابَ الله ويقول: لولا أَرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك من قبل أن نَذِِلَّ ونَخْزَى(207).
فهذه الآيات تورد معنى واحد وهو: (لا عقوبة إلا بعد وُرود النص وبلوغ الحجة)
ولا تتعدى العقوبة إلى أفعال وقعت قبل ورود النص، وفي هذا يقول الأصوليون: "لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود الشرع"(208)، ويقول الفقهاء أيضاً: " الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم"(209).
والمعنى من هاتين القاعدتين أنَّ الشخص لا يعاقب على فعل لم يكن وقت حدوثه محَرَّماً، أو يُعَد جريمةً، (فلا جريمة ولا عقوبة بلا نص)(210) ، ولم يرد في الفقه الإسلامي بحثٌ لمبدأ الرجعية في العقوبات، ولكن عند تتبع نصوص الأحكام الجنائية الشرعية نجد أنَّ هذا المبدأ معمول به، ولا يَتسعُ المقام لذكر جميع هذه النصوص، وإنَّما نمثل ببعضها:
‌أ)  الزنا: حرِّم في أولَّ الإسلام وكانت عقوبته مخففه، وهي: الحبس في البيوت والإيذاء؛ لقوله تعالى:{وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}(211) (النساء:15).
 ثم نُسخ بعقوبة أشد(212)، وهي: الجلد والرجم؛ لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}(النور: من الآية2)، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني فقد جعل الله عليهن سبيلاً الثيب بالثيب والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ثم رجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة "(213).
ولو كان التشديد في العقوبة له أثرٌ رجعي لطبقت على الجرائم التي وقعت قبل تشديدها، وبالتالي لم يكن لهذه العقوبة أثرٌ رَجعِي(214).
‌ب)  السرقة: جعل الله – عز وجل – القطع ليد السارق؛ حيث يقول تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (المائدة:38)، ولم يَرِد أنَّ هذه العقوبة طبقت على سرقة وقعت قبل نزول الحكم، وبالتالي لم يكن للعقوبة أثرٌ رجعي(215).
‌ج)  نِكاحُ زوجة الأب: من الأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلامية تحريم نكاح زوجة الأب، حيث يقول الحَكيمُ العَليمُ: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً} (النساء:22).
ولهذا الحكم جانبان: الأول: جانب مدني، والثاني: جنائي. فأما المدني فكان له أثر رجعي وهو التفريق بين الأزواج الذين سبق لهم أن تزوجوا زوجات أبائهم وليس معنى (إلا ما قد سلف) إقرارهم على ما في أيديهم(216).
وأما الجنائي فليس له أثر رجعي، فلم يعاقب أحدٌ ممن نكح زوجة أبيه قبل نزول الآية وهو معنى قوله تعالى { إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ }(217)
ولكن هناك استثناءان على مبدأ عدم سريان العقوبة بأثر رجعي، هما:
الأول: قد يكون أثرٌ رجعي في الجرائم الخطيرة التي تمس الأمن العام والنظام العام. وذلك مثل: قذف زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ومثل الحرابة.
والثاني: وجوب الرَّجعِية إذا كانت العقوبة أصلح للجاني(218).
وذلك مثلا: كَكون العقوبة السابقة أشدُّ بعد صدور الحكم فإنَّه يعاقب باللاحقة، أو كانت العقوبة السابقة أخف فإنَّه يعاقب بها.
وبهذا يتبين لنا سبق الشريعة الإسلامية لجميع القوانين الوضعية، التي تنص على هذا المبدأ، وعند النظر إلى تاريخ حدوثه نجده تقريباً في سنة 1789م عند قيام الثورة الفرنسية، ثم انتقلت القاعدة إلى القوانين الوضعية الأخرى(219).
وكما سبق من أنَّ سبب ذكر قانون الحرب الدولي لهذه القاعدة؛ ما كان يحدث من ظلم تحت غطاء القانون، فيعاقب المحتل أشخاصاً على فعل لم يكن وقد حدوثه محرماً، فضلاً عن كونها جريمة لها عقوبة سابقة ثم تغيرت العقوبة(220).
وذلك مثل ما حصل بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث حاكمت الدول المنتصرة زعماء الدول المغلوبة وقوادها وحكامها، حُكم عليهم بعقوبات مختلفة ما بين قتل و حبس وأعمال شاقة..بسبب أفعال لم تكن تعتبر جرائم لا في قانون البلد المنتصر، ولا المنهزم و لا في القانون الدولي، وهذا عمل بمرجعية القوانين لم يسبق له نظير(221).
وأما استثناء رجعية الأحكام الجنائية إذا كانت الجرائم خطيرة تتعلق بالأمن العام أو المصلحة العامة، فقد نص عليه القانون الدولي واعتبره، فحَاكم مجرمي الحرب نظير ما ارتكبوه من جرائم، دون تطبيق مبدأ (عدم سريان قوانين العقوبات بأثر رجعي)؛ لأنَّهم لا يستحقون أي حماية من أي قانون وطني أو دولي(222).
وأما اِسْتثناء رجعية الأحكام الجنائية فيما هو أصلح للمتهم فهو أمر معترفٌ به في كلِّ القوانين الوضعية تقريباً(223).

المطلب الثاني: (مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة)
العقوبات في الإسلام إما مقدرة أو محددة (المنصوص عليها) شرعاً. وإما غير محددة ويترك للإمام السلطة في تقديره، وهو ما يعرف بـ(التعزير).
وهذا التقسيم في حدِّ ذاته دلالة على العمل بمبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة؛إذ أنَّ العقوبات المنصوص عليها وضعها الله – سبحانه وتعالى – على أفعال لها ضرر على الإنسان نفسه، وعلى مجتمعه المسلم من حوله. وتحديد الله- عز وجل – لها يختلف عن أي تحديد وتقدير من البشر، فهو العليم بأحوال عباده وما يصلحهم، حكيم في أوامره وأحكامه، والمسلم يجب عليه أن يُسَلِّم ويُذعن لِمَا أمر به ربه – سبحانه وتعالى، ويؤمنْ بأنَّ حكم الله أحسَنُ من أيِّ حكم كان {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(224) (المائدة: من الآية50)، فلنأخذ مثلاً عقوبة القتل قصاصاً على مَن قتل نفساً بغير حقٍ ظلماً وعدواناً؛ لقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}(225) (البقرة: من الآية 178) ثم يقول الله في الآية التالية معللاً هذا الحكم: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة:179)، أي: أنَّ تشريع القصاص فيه حياة لكم؛ حيث تحقن بذلك الدماء، فإنَّ من عرف أنه مقتول إذا قتل، لا يكاد يصدر منه القتل، وإذا رأى الناس القاتل مقتولاً انزجروا، وانكفوا عن القتل وفي ذلك حياة لنا، ونكَّر سبحانه (الحياة)؛ لإفادة التعظيم والتكثير، وهذه الحكمة لا يُدرِكُها إلا أصحاب العقول السليمة(226).
وأيضاً من الأمثلة على التناسب بين العقوبة والجريمة في تشريع العليم الحكيم، ما ورد في حد الزنا من الجلد والتغريب للبكر، والرَّجم للمُحْصَّن(227)، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "..البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرَّجم"(228)، والجلد والرجم في الزنا بالإجماع(229)، وأما الجلد مع الرجم فمنسوخ؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزاً ولم يجلِدُه(230).
ومن هنا فقد خص الله هذا الفعل بأشنع العقوبات وأغلظها وهو القتل بالرجم للمحصن؛ لما يترتب على فعله من المفاسد العظيمة، فهو "منافي لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب، وحماية الفروج، وصيانة الحرمات، وتوقي ما يوقع في أعظم العداوة والبغضاء بين الناس، مِن إفساد كل منهم امرأة صاحبه، وبنته، وأخته، وأمه"(231).
ثم إنَّ الله منع أن تأخذ المؤمنين رأفة في الزاني، فلا بد من إقامة الحد عليه، والله أرحم منكم، وأعلم بما يصلح العباد والبلاد، ومع هذا أمر إقامة الحد على الوجه المطلوب(232).
والمقصود مما سبق بيان مدى تناسب العقوبة المقدرة للجريمة في الشريعة الإسلامية.
 والمؤمن الصادق يجب عليه التسليم والانقياد لشرع الله، ولو لم يعلم العلة أو المصلحة، قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (النور:51)، فالله - عز وجل - جعل ذلك من صفات المؤمنين، ودلَّ على أن من دعي إلى ذلك فعليه الإجابة بالقول والفعل، والله لم يشرع الأحكام عبثاً،بل كل أحكامه هي عين الحكمة، {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(233) (المائدة: من الآية50)
الخلاصة:
أنَّ مبدأ التناسب بين العقوبة والجريمة مقرر في الشريعة الإسلامية قبل أن يعرفه أهل القانون بأكثر من ثلاثة عشر قرناً، فالعقوبات جميعاً هي: "تأديب استصلاح وزجر، تختلف باختلاف الذنب"(234)، فالعقوبات المقدرة قد راعت مصلحة المجتمع الإسلامي كَكُل في حفظ الضروريات الخمس له، فقررت عقوبة القتل لمن اعتدى على النفس؛ حفظاً للأنفس، وقررت عقوبة الرَّجم للزاني المحصن والجَّلد لغير المحصن؛ حفظاً للأعراض، وقرت عقوبة الجَّلد لمن شرب الخمر؛ حفظاً للعقول، وقررت عقوبة السَّرقة؛ حفظاً للأموال، وقررت عقوبة القتل لمن ارتد عن الإسلام؛ حفظاً للدين.
وأما العقوبات غير المقدرة يختلف التأديب والزجر فيها بحسب عظم الذنب، وكذلك بحسب الفاعل، فقد ذكر الفقهاء أنَّه لا يجوز للقاضي أن يعزر بغير المناسب للجرم(235).
بل إنَّ الشريعة الإسلامية فرَّقت بين عقوبة البغاة والمحاربين بسبب اختلاف في القصد، فأهل البغي يقصدون الإصلاح ويخرجون على الإمام بتأويل سائغ، وقطاع الطريق يقصدون الإفساد، فشُددت العقوبة في حقهم(236).

المطلب الثالث: (مبدأ شخصية العقوبة)
راعت الشريعة الإسلامية هذا المبدأ فلا يعاقب المرء على شيء إلا إذا كان من عمله، ولا يسأل عن الجريمة إلا فاعلها، ولا يؤخذ أحدٌ بجريرة غيره مهما كانت درجة القرابة أو الصداقة، وقد قرر القرآن الكريم هذا المبدأ في آيات كثيرة، فمنها: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}(237) (الأنعام: من الآية164)، حيث إنَّ الله عز وجل قرر مسؤولية الفرد عن عمله دون غيره وذكر هذا المعنى في نظائر ذلك من الآيات كقوله تعالى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} (الأنعام: من الآية164) وقوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (البقرة:134)، فكل كسبٍ من ثواب وعقاب يتحمله صاحبه، ولكن قد تقع بعض المسؤوليات التي تعتبر جماعية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، وحماية النفس والأهل من العذاب، وهذه لا تعارض هذا المبدأ؛ لأنَّها تعتبر من مسؤولياته تجاه جماعة المسلمين، فكما يجب عليه أن يصلح نفسه، فكذلك يجب عليه أن يصلح غيره(238)، وهذا لا يعارض شخصية العقوبة.
وأيضاً قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسؤولية الشخصية للعقوبة فقال: "لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه"(239).
فإن قيل لِمَ كانت دية الخطأ على العاقلة – وهو أمر متواتر – مع أنَّ المقرر أن لا يؤاخذ أحد بذنب غيره؟
قِيل: أنَّ الآية نفت (أنْ يؤخذ الإنسان بذنب غيره)، وأمَّا تحمل الدية من العاقلة ليس فيه مؤاخذة لهم بذنب الجاني، ولكن دخلت العاقلة؛ معاونةً ومواساةً له، كما أوجب الله في أموال الأغنياء حقاً للفقراء من غير إلزامهم بذنب اقترفوه، ومثل ذلك: صلة الأرحام، وبر الوالدين، وهي أمور شُرعت للمواساة و المؤآخاة بين المسلمين(240).

المطلب الرابع: (تقـييد عـقوبة القـتل)

هذا التقييد نص عليه (كما سبق) القانون الدولي خشية استخدام السلطة المحتلة لهذه العقوبة بطريقة سيئة؛ لأنَّ من حقها أن تفرض أحكاماً جنائية على السكان وقد تصل العقوبة إلى حدِّ القتل، وهذا كما وقع في الحرب العالمية الثانية من قتل أشخاص بسبب استماعهم لإذاعة أعدائهم، أو أنَّهم أضربوا عن العمل(241).
أما هذه العقوبة في الشريعة الإسلامية فهي في الأصل مقيدة بضوابط وأحكام لا بد للحاكم مراعاتها، ولا يجوز له أن يهملها. وعقوبة القتل في الإسلام إما أن تكون مقررة أو مقدرة بالنص الشرعي أو تكون غير مقدرة فيجوز للحاكم فيها القتل تعزيراً إذا دعت الضرورة والمصلحة لذلك(242).
فأمَّا عقوبة القتل المقدرة فقد وضعها الله – عز وجل – لجرائم خطيرة، وعلاجها يكون بذلك، وهي قليلة محصورة، ففي جرائم الحدود: الزنا، الحرابة، والردة، والبغي. وفي جريمة القصاص جُعِل القتل عقوبة لجريمة القتل العمد. وكما سبق في باب التعزير لم تُفرض عقوبة القتل إلا إذا دعت الضرورة والمصلحة لذلك، ولا يوجد في الشريعة الإسلامية تقرير للقتل بسبب تافه، أو غيرُ مناسب له، وهذه ميزة انفردت من حين نزولها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وأيُّ مقارنة بينها وبين القوانين الأخرى التي تدعي الرحمة وهي تقر القتل لأتفه الأسباب كالاستماع إلى إذاعة العدو!
ثم لننظر مدى إسراف القوانين الوضعية في هذه العقوبة، حيث كانت إلى أواخر القرن الثامن عشر تقرها بشكل كبير، فالقانون الإنجليزي – مثلاً - يعاقب بالقتل على مائتي جريمة، والقانون الفرنسي يعاقب بالقتل على مائة وخمس عشرة جريمة.
وقد قامت عدة محاولات بعد القرن الثامن عشر لإلغاء عقوبة القتل، ولكنها باءت بالفشل، فكل الدول الكبرى تقر بهذه العقوبة، ويعتبرونها وسيلةً صالحةً لمقاومة الإجرام واستئصال المجرمين(243).
وهذا يدلُّ على سبق الشريعة الإسلامية لتقرير هذه العقوبة، وكذلك لها السبق في تقيدها بجرائم وشروط معينة لها خطر يختلف عن غيرها.

المطلب الخامس: (عدم جواز معاقبة المدنيين أو محاكمتهم بسبب أفعال أو أقوال سابقة على الاحتلال)
أساس هذا المبدأ يرجع إلى مبدأ آخر (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص) حيث إنَّ الشَّخص المدني يفعل أشياء قبل الاحتلال لا تعدُّ جريمة، ثم بعد الاحتلال تعتبر جريمة وفقاً للقانون الوطني الجديد(244).
والشريعة الإسلامية لا تعاقب شخصاً قبل ورود النص الشرعي، وعلمه به، وهذه قاعدة أساسية متفق عليها، كما قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (الاسراء: من الآية15)؛ ولذلك لا يتم معاقبة المدنيين الذين أصبحوا تحت حكم المسلمين على جرائم سبقت ذلك؛ لعدم التزامهم آنذاك بحكم الإسلام، فلا نص شرعي يحكمهم في ذلك الوقت، ولكن بعد دخولهم تحت حكم المسلمين يجب عليهم الالتزام بأحكامهم في الجملة خصوصاً فيما يتعلق بحقوق العباد(245). ويرجع هذا المبدأ كذلك إلى مبدأ آخر هو (عدم سريان العقوبة بأثر رجعي) فلا يعاقب المدنيون على أفعالٍ أو أقوالٍ لم تكنْ جريمة وقت حدوثها حتى عند المحتلين، ثم تعتبر بعد ذلك جريمة ويعاقب على فعلٍ وقع قبل الاحتلال.
وبعد هذا فقد نص القانون الدولي على جواز معاقبة الأشخاص المدنيين على أفعال سابقة للاحتلال إذا كانت تخل بقوانين الحرب الدولية، وذلك – كما مثَّلوا – استخدام بعض الأسلحة والذخائر التي تبيد البشرية..، وأطلقوا عليهم مصطلح (مجرمي الحرب)(246).
هذا الاستثناء - فيما يظهر لي – فيه خلط واضح؛ إذ أنَّ الذين يساهمون في الأعمال الحربية، ويحملون السلاح في وجه العدو يعتبرون (محاربين) لا مدنيين، وبالتالي يخرجون مِن نطاق حماية المدنيين، ويكون الاستثناء في غير محله.

المطلب السادس: (ضرورة توفر ضمانات المحاكمة العادلة)
ذكرت في مقدمة هذا الفصل أن العدل في الإسلام يكون بين جميع الناس، كما قال تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}(النساء: من الآية58) والله سبحانه وتعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرَّماً كما في الحديث القدسي: "يا عبادي إنِّي حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مُحرَّماً فلا تظالموا.."(247).
فالإسلام دين العدل والرحمة، ولا ينكر هذا إلا جاهلٌ، أو معاند مستكبر، ولو أردنا أن نستعرض ضمانات عدل الإسلام في القضاء لطال بنا المقام(248)، ثم إننا نجد سبق الإسلام لكل القوانين الوضعية التي ظهرت حديثاً تطالب بالعدل، والنزاهة في القضاء، وتتهم أحكام الشريعة الإسلامية بأنَّها غير واقعية، وغير عملية، ولا تتجاوب مع واقع الحال اليوم، ومن العبث أن يتمسك بها في عصر تغيرت فيه الأحوال!(249)
ويكفينا رداً على هذا وأمثاله قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(المائدة: من الآية50)، فلا أفضلَ ولا أحسن من شريعة رب العالمين(250)، نزلت شابةً، كاملةً، منتضمة غير متعارضة، لم تكن مجموعة قواعد وأعراف متفرقة ثم تكونت، ولا ناقصة ثم اكتملت، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً}(251) (المائدة: من الآية3).
ومن أمثلة سبقِ الإسلام لغيره من القوانين في باب القضاء ما يلي:
أولاً: (حق المحاكمة العادلة)
هذا الأمر سبقت الإشارة إليه وهو العدل بين الناس في كل الأحوال، وضرب المسلمون أروع الأمثلة في الدلالة على العدل في القضاء(252)، ونص الفقهاء على آداب وأخلاق يجب على القاضي مراعاتها؛ لتحقيق العدل بين المُتَحَاكِمَيْن(253).

ثانياً: (المساواة بين الخصمين)
يجب على القاضي أن يساوي بين المُتقاضيين، وإن اختلفا في الدين، أو في الغنى والفقر، أو المكانة الاجتماعية، فيجب عليه أن يسوي بينهما في جميع مراحل الدعوة،في الدخول والخروج عليه، والسلام، والكلام، والنظر، والجلوس، ولا يقبل هدية من أحدِهما أو دعوة خاصة..إلخ من أوجه المساواة(254).
ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب – رضي الله عنه –: "إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقضِ للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي"(255).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أُبْتُلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لفظه، وإشارته، ومَقْعَدِه"(256).

ثالثاً: (الأصل في المتهم البراءة)
هذه القاعدة أساس في القضاء يجب على القاضي أن يعمل بها، وهي في الأصل قاعدة فقهية مشهورة عن الفقهاء، هي: "الأصل براءة الذمة"(257)، فمن حق المتهم أن يتمسك بها، فالأصل البراءة من المطالبة؛ حتى لا يستبد ظالم بأموال الناس، ولا دمائهم، وإنَّما لا بد أن يستند في دعواه إلى إثبات شرعي؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم: "لو يُعطى الناسُ بدعواهم لادَّعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"(258).
فهذا الحديث دل على أنَّ الأصل عدم شغل الذمة، فلا يكفي في شغلها – مثلاً – شاهد واحد ما لم يعتضد بآخر، أو يمين المدَّعِي، فدل على أنَّ العبرة بقول المدَّعى عليه لموافقته الأصل(259).

رابعاً: (حق المتحاكمين في الإثبات والدفاع)
هذا الحق ذكرته من باب: (ذكر الخاص بعد العام) وهو داخل في معنى المساواة بين الخصمين، فعلى القاضي أن يعطي كل خصم حقه في الكلام والدفاع عن نفسه، ولا يحكم لأحدهما حتى يسمع من الآخر كما سبق ذلك قريباً. وكذلك لا يحكم القاضي حتى يسمع بينة المدَّعِي، فإن لم يكن له بيِّنة، فاليمين على المدَّعى عليه؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحاكم إليه الرجل الحضرمي قال له: "ألك بيِّنة؟ قال: لا، قال: فلك يمينه"(260) الحديث.
وأيضاً من صور سبق الإسلام لغيره من القوانين الوضعية في باب القضاء ما سبق بيانه من مبادئ في هذا الفصل وهي (عدم سريان القوانين الوضعية بأثر رجعي) و(التناسب بين العقوبة والجريمة) و(شخصية العقوبة).

المطلب السابع: (المعاملة الحسنة للمتهمين والمحكوم عليهم)
هذه القاعدة من الصَّعبِ الإحاطة بجميع جوانبها، والكلام فيها يطول، ولكنَّ المقصود الإشارة إلى سَبْقِ الإسلام لها، وعملِه بها.
فبالنسبة إلى المتهم فقد أقرَّ الإسلام المعاملة الحسنة للمتهم، حتى مع القول بجواز ضربه(261)، فلا يُسلَب منه حق إنسانيته، فيحرم من الطعام والشراب، أويهان، أويُضرب ضرباً مبرِّحاً، أويُقذف..إلخ؛ لأنَّ المتهم ليس بمأمون عند تعذيبه أن يقر على نفسه كذباً، فالإسلام لا يعتبر أصلاً الإقرار، والاعتراف الناجم عن الإكراه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه"(262)، ولم يرد دليل صحيح يبيح تعذيب المتهم، أو يسلبه حقوقه المقررة شرعاً(263).
وكذلك فإنَّ المحكوم عليه يستحق حسن المعاملة أثناء العقوبة، يدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمّأ تلفظ أحد الصحابة بسوء في حق المحدودة: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وَجدْت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله؟"(264).
فدل الحديث على أنَّه لا يزاد على العقوبة المقررة، وأنَّ العقوبة لا تسوغ سب الجاني، وأهانته، وإذلاله؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحَسِنُوا القتلة.."(265) الحديث.
يقول النووي - رحمه الله - في قوله - صلى الله عليه وسلم "فأحسنوا القتلة": "عامٌ في كل قتيل من الذبائح والقتل قصاصاً، وفي حدٍ ونحو ذلك، وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة في الإسلام" أ. هـ(266).

والخلاصة:
أنَّ الإحسان مقررٌ في الشريعة الإسلامية في كلِّ شيء حتى مع البهائم، فهو بحق دين الرحمة والكرامة يعجز كل البشر أن يأتوا بمثله.
والله – تعالى - أعلم
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

________________
(1) ينظر مادة (مَوَل) في النهاية في غريب الأثر: الجزري: 3/ 372، 373. والقاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص1059. ولسان العرب: ابن منظور: 11/635.
(2) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/497. والمهذب: الشيرازي: 2/280. وكفاية الأخيار: الحسيني الدمشقي: ص484. وكشاف القناع: البهوتي: 3/152. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/326. والمنثور: محمد الزركشي: 13/186. والحنفية يقصدونه على الأعيان دون المنافع فيقولون:" مايميل إليه طبع الإنسان ويمكن ادخاره إلى وقت الحاجة منقولاً كان أو غير منقول " ينظر المبسوط: السرخسي: 27/31. وحاشية ابن عابدين: 7/10. ومجلة الأحكام العدلية: علي حيدر: ص31.
(3) ينظر شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/121. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/326.
(4) ينظر التعريفات: الجرجاني: ص52. وأنيس الفقهاء: القونوي: ص201. والمبسوط: السرخسي: 13/23. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/279، 8/123.
(5) ينظر مسألة ضمان المسلم للمال غير المتقوَّم (المحرم) في البحر الرائق: ابن نجيم: 8/140. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 5/233. والمبسوط: السرخسي: 11/68. والمحرر في الفقه: عبد السلام ابن تيمية: ص363. وكشاف القناع: البهوتي: 4/133. ودليل الطالب: مرعي الحنبلي: ص153. وينظر إتلاف المسلم الخمرَ والخنزيرَ على الحربي في روضة الطالبين: النووي: ص1809.
(6) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: علي العشماوي: ص 272.
(7) ينظر لسان العرب: ابن منظور: 9/18.والقاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص 794. ومختار الصحاح: الرازي: ص33.
(8) أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني بالسين المهملة، وورد بالشين المعجمة، ملكُ العلماء، علاء الدين الحنفي، مصنف البدائع الكتاب الجليل، تفقه صاحب البدائع على محمد بن أحمد بن أبي أحمد السمرقندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه، وزوجه شيخُه ابنتَه الفقيهة العالمة فاطمة، فقال الفقهاء فى عصره: "شرح تحفته وزوجه ابنته" وأرسل رسولاً من ملك الروم إلى نور الدين محمود الزنكي بسبب مسألة: هل المصيب واحد أو لا؟ ومن مصنفاته "بدائع الصنائع" وَ "السلطان المبين في أصولِ الدين" توفي في حلب سنة سبع وثمانين وخمسمائة - رحمه الله. ينظر الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية: ابن أبي الوفاء القرشي: 2/244. وتاج التراجم: ابن قطلوبُغا: ص 327. وطبقات الحنفية: ابن الحنَّائي: ص 234.
(9) بدائع الصنائع: 7/242.
(10) ينظر مادة (تَلِفَ) في مفردات القرآن: الأصفهاني: ص 67. ولسان العرب: ابن منظور: 3/471، 472.
(11) ينظر شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/50. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/274، 275. وورد نحوه عند بعض فقهاء المذاهب الأربعة. ينظر وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/190.وحاشية ابن عابدين: 6/224.ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/568. والشافعية لا يقصرون الغنيمة على ما أخذ قهراً، بل يضيفون ما استولى عليه المسلمون بعد الهزيمة وتركوه. ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1155.ومغني المحتاج: الشربيني: 4/269.
(12) ينظر شرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/50. وحاشية الروض المربع: ابن قاسم: 4/274، 275.
(13) ينظر تقسيم الشيخ حسن أبو غدة –حفظه الله- لأموال الحربيين المستخدمة وغير المستخدمة في القتال، وتفصيله فيها في كتابه قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: ص 22، 23.
(14) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1809.ومغني المحتاج: الشربيني: 6/72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 144.
(15) والخاصة مثل سَلَبِ القتيل وهو في اللغة: (الاختلاس). تنظر مادة (سَلَبَ) في القاموس المحيط: الفيروز آبادي: ص97. ولسان العرب: ابن منظور: 1/471. والسلب بمعنى المسلوب هو: (أخذُ ما عَلى القتيل من ثياب، وسلاح مِن درعٍ، ومغفر، وسيف، ورمح، وقوس، والنشاب (النبل) ونحو ذلك، وكذلك يَشمل ما عليه من حلي). ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/186. وحاشية ابن عابدين: 6/262. والثمر الداني: الآبي: ص 419. وروضة الطالبين: النووي: ص1158. ومغني المحتاج: الشربيني: 4/270. وغاية البيان شرح زبد ابن رسلان: محمد الرملي:ص370.ط. دار المعرفة، بيروت.وكفاية الأخيار: الحسيني:ص 504. ط. دار الخير، دمشق، الأولى: 1994م،ت. علي عبد الحميد بلطجي. والمغني: ابن قدامة: 13/72. والإقناع الحجاوي: 2/89.
(16) تنظر المادة (53) من لائحة الحرب البرية (لاهاي) الموقعة عام 1899م. وينظر حقوق المدنين تحت الإحتلال الحربي: العشماوي: ص271- 274. حيث أقر القانون جواز الاستيلاء على الأموال المستخدمة في أراضٍ حربية، كالذخائر والأسلحة، ووسائل النقل من سيارات وطائرات وسفن..
(17) وهذا التقسيم يشمل ما هو مقرر في الفقه الإسلامي، والقانون الدولي العام، كما سيأتي – إن شاء الله.
(18) حيث يكون مخصصاً لمجموع أفراد الأمة، أو لجماعة معينة، ويكزن الانتفاع منها حسب الحاجة، والإدارة تتولاها الدولة، أو من قبل مجموعة أفراد تحت إشراف الدولة. ينظر حرمة المال العام: حسين شحاته: ص 20.
(19) ينظر المرجع السابق، وحقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 271.
(20) ينظر المرجع السابق حرمة المال العام.والمرجع السابق حقوق المدنيين: ص 413-415.
(21) ينظر حرمة المال العام: شحاته:ص 19.
(22) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 22، 23.
(23) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 143.
(24) ونحو هذا التقسيم ما ورد في المغني لابن قدامة: 13 / 143، 144. حيث قسم جواز عقر الدَّواب إلى حالين: (حال الحرب) فيجوز ذلك بغير خلاف. و (غير حال الحرب) فلا يجوز ذلك على الراجح عنده. لأنَّ هذه الدَّواب لا يُقال: إنَّ طبيعتها حربيَّة، أو غير حربيَّة فهي تستخدم لهذا ولهذا، ومثلها حديثاً الطائرات، والسيارات، والسفن..
(25) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/31. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/162. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. ومواهب الجليل: ابن الحطاب:4/551. والذخيرة: القرافي: 3/238. وروضة الطالبين: النووي: ص1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/72. والمغني: ابن قدامة: 13/144، 146. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 48. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 319. وحكى ابن تيمية الاتفاق بين العلماء في جواز الإتلاف عند الحاجة ينظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 406.
(26) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 144. وصرَّح به بعضهم بعدم جواز بيعهم ما فيه تقوية لهم على الحرب كالحديد والخيل.. ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 218.
(27) وأما مال الفيء وهو ما يحصل للمسلمين من غير إيجاف خيل، ولا سير ركاب، فإنْ كان (عقاراً) فيكون ملكاً للمسلمين جميعاً، وينتقل الملك إلى بيت المال، والفقهاء يعبرون بـ(أنَّها تصير وقفاً)، والمعنى: أنها لا تكون غنيمةً تُخمَّس. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/187. وحاشية ابن عابدين: 6/223. والذخيرة: القرافي: 3/243. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/568، 569. وروضة الطالبين: النووي: ص1154. ومغني المحتاج: الشربيني: 4/268. والإقناع: الحجاوي: 2/108. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/69. وإن كان (منقولاً) فالجمهور قضوا بوقْفه على المسلمين ويفعل الإمام ما فيه الأصلح، وخالف الشافعية في ذلك فنصوا على تَخمِيسِه كالغنيمة دون وقْفه على المسلمين. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/187. والبحر الرائق: ابن نجيم:5/89. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 99.وروضة الطالبين: النووي: ص 1150. ومغني المحتاج: الشافعية: 4/259.والإقناع: الحجاوي: 2/113. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/75.
(28) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 2/400. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 190. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/ 89. وتبيين الحقائق: 3/ 248. وفتح القدير: ابن الهمام: 5/ 469. والكافي: ابن عبد البر: ص 214، 216. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 99، والذخيرة: القرافي: 3/ 343، 344. وروضة الطالبين: النووي: ص 1150، 1155. ومغني المحتاج: 4/ 269. وغاية البيان شرح زبد بن رسلان: الرملي: ص 307. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 3/50. والإقناع: الحجاوي: 2/ 95.
(29) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 87. والمبسوط: السرخسي: 10/ 31. وحاشية ابن عابدين: 6/ 210. وأحكام القرآن: الإمام الشافعي: 2/ 44. والأم: الإمام الشافعي: 4/ 258= = والمهذب: الشيرازي: 2/ 234. وأحكام القرآن: الجصاص: 5/ 317. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/551. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 355. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(30) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص1809. و مغني المحتاج: الشربيني: 6/72. وحواشي الشرواني: / 246.
(31) ينظر حاشية ابن عابدين:6 / 120. 7/ 10،11. والقوانين الفقهية: ابن جزي: ص 100. روضة الطالبين: النووي: ص 1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 169. حيث نصَّ على عدم جواز إتلاف شيء مما غنمه المسلمون إذا لم تكن مصلحة.
(32) هو العالم المجتهد، شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، عبد الرحمن بن عمرو بن يَحْمُد الدِّمشقي، أبو عمر، الحافظ المحَدِّث الفقيه، ولد ببعلبك سنة ثمانٍ وثمانين، وتربى يتيماً فقيراً في حجر أمه، تعجز الملوك أن تؤدب أولادها أدبه في نفسه، وكان أفضل أهل زمانه، من فقهاء أهل الشام، وقرَّائهم، وزهادهم، له مذهب مشهور عمل به فقهاء أهل الشام وفقهاء الأندلس ثم فَنِيَ، مات سنة إحدى وقيل سبع وخمسين ومائة، رحمه الله تعالى. ينظر صفوة الصفوة: ابن الجوزي: 4/ 255- 259. وسير أعلام النبلاء: الذهبي: 7/ 107- 134. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 1 / 178 – 183. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 3 / 380 – 232
(33) هو الإمام الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام، عالم الديار المصرية ومفتيها، الليث بن سعد بن عبد الرحمن، أبو الحارث الفهمي، مولى خالد بن ثابت، ولد في مصر سنة أربعٍ وتسعين وهو الأصح، كان فقيهاً، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، ذكياً، مات في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة، رحمه اله تعالى. ينظر سير أعلام النبلاء: الذهبي: 8/ 136-163. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 4/ 581- 585. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص 95. طبقات الفقهاء: الشيرازي: ص 75.  
(34) الإمام الحافظ، المجتهد، الحجة، إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور الفقيه البغدادي، ويكنى بأبي عبد الله، وأبو ثور لقب، ولد في حدود سنة سبعين ومائة، كان فقيه أهل بغداد ومفتيهم في عصره وأحد الأعلام المحدِّثين= =المتقنين بها، من أئمة الدنيا علماً وفقهاً، وورعاً، وفضلاً، صنَّف الكتب، وفرع على السنن وذبَّ عنها، أخذ الفقه عن الشافعي وغيره، مات سنة أربعين بعد المائتين. ينظر سير أعلام النبلاء: الذهبي: 12 / 72، 73. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 1/ 140. و الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء: ابن عبد البر: ص 107. و طبقات الشافعية: ابن شهبه: 2/ 55، 56.
(35) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 209.وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. والمنهاج شرح صحيح مسلم: النووي: 12/ 277، 278. وفتح الباري: ابن حجر: 6 / 191. والمغني: ابن قدامة: 13/ 144، 146. والمبدع: بن مفلح: 3/ 319.
(36) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1/343. والذخيرة: القرافي: 3/ 239.
(37) ينظر الأم: الإمام الشافعي: 4/ 257. وروضة الطالبين: النووي: ص 1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 71.
(38) ينظر المغني: ابن قدامة: 13/ 146. والكافي: ابن قدامة: 4/ 269. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 319 – 321. وتنظر هذه الأقوال في سنن الترمذي: 4/ 104.
(39) الإقناع: 2/ 466، 467.
(40) المحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(41) ينظر: الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 83. والسير: الشيباني: ص 110. والمبسوط: السرخسي: 10/ 32. و بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 165. وفتح القدير: ابن الهمام: 5 / 476.
(42) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 3/ 429. أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. الشرح الكبير: الدردير: 2/ 180، 181. و الذخيرة: القرافي: 3/ 239، 340. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 356. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 551.
(43) ينظر المبسوط: السرخسي: 10/ 31. والمغني: ابن قدامة: 13/ 143. كشاف القاع: البهوتي: 3/ 48. والمبدع: ابن مفلح: 3/319.
(44) يوضح هذا ما ورد في سبب نزول الآية حيث قيل: أنَّها نزلت في قوم تكلموا في السرية التي أُصيب بها الرسول صلى الله عليه وسلم بالرجيع، حيث قالوا: "يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا، لا هم قعدوا في بيوتهم ولا هم أدَّوا رسالة صاحبهم " فأنزل الله الآية. أخرجه الطبري في تفسيره: 2/312. عن السُّدِّي مرسلاً. وينظر تفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 1/ 564. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 3 / 21، 22. وفتح القدير: الشوكاني: 1 / 264، 265.
(45) ويوضح هذا أيضاً ما ورد في سبب نزول الآية حيث قيل: إنَّها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأظهر له الإسلام، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه، وقال: إنَّما جئت أُريد الإسلام، والله يعلم إنِّي صادق، وذلك قوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} (البقرة: من الآية204)، ثمَّ خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم فمرَّ بزرع لقومٍ من المسلمين وحمر،فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله الآية. أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: (2/ 313) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا إهلاك وفساد بغير مصلحة بقصد التخريب. وينظر المراجع السابقة.
(46) رواه البخاري: 2/ 59. ومسلم: 3/ 1341. ح (593). والإضاعة المنهي عنها هي ما أنفق في غير وجهه المأذون فيه شرعاً سواءً كانت دينية أو دنيوية؛ لأنَّ في هذا قيام لمصالح العباد وإضاعته يُفَّوت ذلك. ينظر فتح الباري: ابن حجر: 10 / 500. ولهذا بوَّب البخاري رحمه الله لهذا الحديث بقوله " باب ما ينهى عن إضاعة المال وقول الله تعالى:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}". وأمَّا إهلاك مال الحربي المدني (العام) فهو مأذون فيه شرعا كما سيأتي - إن شاء الله- وبهذا يخرج عن محل النزاع.
(47) الكفاف: هو الذي لا يكون يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه، وهو نصب على الحال، وقيل: المراد الكف عن الشر. وقيل: بمعنى النيل منه.والمراد: خاليأ من الإثم. ينظر النهاية في غريب الأثر: الجزري: 4/ 191. ولسان العرب: ابن منظور: 9/ 306.
(48) رواه الإمام أحمد في مسنده: 5/ 276.وسنده ضعيف؛ لأنَّ فيه راوٍ لم يُسمَّ، ومن رجاله ابن لهيعة وفيه ضعف. ينظر مجمع الزوائد: الهيثمي: 5/ 317. وقد أورد الشيخ الفاضل أبو غدة –حفظة الله- هذا الحديث بلفظ " منْ قتل عصفوراً صغيراً أو كبيراً..." ولم أجده بهذا اللفظ في المسند، ولا عند من نقله كالهيثمي. ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: ص31. والمرجعان السابقان.
(49) أشار إلى الحديث ابن قدامة في المغني: 13/ 143.
(50) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 30.
(51) وردت في بعض نسخ الموطأ (تفرقنَّه) بالفاء المعجمة، ولا معنى لها كما ذكر الدكتور بشار عواد معروف في تحقيقه للموطأ: 1/ 577. ولهذا فإنها لا تدرج ضمن الألفاظ المنقولة، ينظر قضايا فقهية معاصرة: أبو غدة: ص33.
(52) سنن البيهقي الكبرى: 9/ 85. ح (17904).
(53) المرجع نفسه: 9/ 90. ح (17929)
(54) ينظر استدلال هذا القول بالوصية في المبسوط: السرخسي: 1/ 31. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1/ 343. والمغني: ابن قدامة: 13:/ 143، 144. وينظر فيمن أورده وأجاب عنه في فتح القدير: ابن الهمام: 5/477. والمدونة: مالك بن أنس: 3/ 8. والاستذكار: ابن عبد البر: 5/ 31. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(55) ينظر الأم: الشافعي: 7/ 356. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213. وسنن البيهقي: 9/ 85. وأشار ابن القيم إلى جواز قطع الشجر إذا كان ذلك يضعفهم، ويغيظهم وأنكى فيهم، متى ما رأى الإمام ذلك. ينظر زاد المعاد: 3/ 503.
(56) ستأتي إن شاء الله هذه الأدلة فيما بعد.
(57) رواه البخاري: 3/1102. ح(2864). ط. دار ابن كثير، بيروت، 1407هـ، ت مصطفى البغا. ورواه مسلم:4/2237. ح(2918). ط، دار إحياء التراث، بيروت، ت محمد فؤاد عبد الباقي.
(58) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 87. وفتح القدير: 5/ 477. والمبسوط: السرخسي: 10 / 31. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/ 8. والإستذكار: ابن عبد البر: 5/ 31.
(59) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.

(60) هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن هذيل الهذلي أبو عبد الرحمن حليف بني زهرة، أسلم قديماً وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً و المشاهد بعدها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم وكان صاحب نعليه، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكثير، قال له النبي صلى الله عليه وسلم أول الإسلام: " إنَّك لغلام معلِّم "، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " من سرَّه أن يقرأ القرآن غضاً كما أُنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد " وكان أقرب الناس هدياً، ودلّاً، وسمتاً برسول الله صلى الله عليه وسلم. توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة ثلاث – رضي الله عنه -. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم (5652). وأسد الغابة: ابن الأثير: برقم (3182). والاستيعاب: ابن عبد البر: برقم (1677).
(61) كفافاً: هو الخلو: أي خالية من الآثام.وقد سبق ذلك. و أخرجه سعيد بن منصور في السنن: 2/ 282. ح (2630)، ورجاله ثقات. ينظر معرفة الثقات: العجلي: 2/ 97. وتذكرة الحفاظ: الذهبي: 1/ 269. والكامل في الضعفاء: ابن عدي: 3/ 208
(62) أورد هذا الدليل ابن قدامة في الاحتجاج على عدم جواز تغريق نحل الكفار الحربيين.
(63) ينظر المحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(64) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 39.
(65) ينظر المغني: ابن قدامة: 13 / 146.
(66) ينظر قضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 39، 40.
(67) المحلَّى: 7/ 213.
(68) البويرة كما يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:" بالموحدة مُصَغَّر بورة وهي الحفرة، وهي هنا مكان معروف بين المدينة وبين تيماء، وهي من جهة قبلة مسجد قباء إلى جهة الغرب، ويقال لها أيضاً (البويلة) باللام بدل الراء. فتح الباري: 7/ 423.
(69) رواه البخاري: 2/ 173. ومسلم: 3/ 1365. ح (1746)
(70) ينظر تفسير الطبري: 28/ 423. وأحكام القرآن: الجصاص: 5/ 317. وزاد المسير: ابن الجوزي: 8/ 207. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 18 / 9. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 8/ 61، 62.
(71) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. وأحكام القرآن: الجصاص: 5 / 317. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 18 / 11. والرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 84. والسير: الشيباني: ص 110. والمبسوط: السرخسي: 10 / 31، 32. وبدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 162. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/ 8. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 355. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 551. والأم: الشافعي: 7/ 355. والمهذب: الشيرازي: 2 / 234. والمنهاج شرح صحيح مسلم: النووي: 12 / 277. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2 / 301. والمغني: ابن قدامة: 13 / 147. وكشاف القناع: البهوتي: 3/49. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 406.
(72) ينظر تفسير الطبري: 28 / 33. وأحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 8/61. وزاد المسير: ابن الجوزي: 8 / 208. والإقناع: ابن المنذر: 2 / 466.
(73) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: والأم: الشافعي: 7/ 356. وهذا الإعتراض من الأوزاعي - رحمه الله.
(74) ينظر الموضع السابق في بداية المجتهد.
(75) الأم: 7/ 356.
(76) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: 84. والأم: الشافعي: 7/ 355. والذخيرة: القرافي: 3/ 238.
(77) الغيظ: أشدُّ من الغضب، وهو:الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دَمِّ قلبه. ينظر مادة (غيظ) في مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 619. ولسان العرب: ابن منظور: 7/ 450.
(78) والنيل أصله من نلت الشيء أنال، أي: أَصَبتُ، وهو من قولهم: أمرٌ مَنيل منه، وليس هو من التناول حيث إنَّ التناول أصله من النَّول. والمراد: الإصابة من الكفار بما يؤذيهم من أسرٍ وقتلٍ وهزيمة وغير ذلك مما يؤدي إلى الظفر والغلبة عليهم. ينظر مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 829. ولسان العرب: ابن منظور: 11/ 685. والجامع لأحكام القرآن الكريم: القرطبي: 8/ 263، 264. وزاد المسير: ابن الجوزي: 3/ 515. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 4 / 234.
(79) ينظر المبسوط: السرخسي: 10 / 32. وتبيين الحقائق: الزيلعي: 3/ 244. والتاج والإكليل: العبدري: 3 / 355. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 551. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2/ 301. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 213.
(80) ينظر أحكام القرآن: الشافعي: 2 / 45. وأحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 210. والمبسوط: السرخسي: 10 /31. وبداية المجتهد: ابن رشد: 1 / 343. والأم: الشافعي: 4/ 258. وحواشي الشرواني: 9 / 246. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 321. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213. والإقناع: ابن المنذر: 2/ 466.
(81) هو الصحابي الجليل جرير بن عبد الله بن جابر بن عويف البجلي القسري، وقسر من قحطان، يكنى بأبي عبد الله اليماني، من أعيان الصحابة، أسلم بعد نزول سورة المائدة، وقيل سنة عشر في رمضان، قال جرير: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي. وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " يطلع عليكم من هذا الباب رجل من خير ذي يمن، على وجهه مسحة ملك، فقد كان بديع الحسن، كامل العقل والجمال، مات سنة أربع وخمسين. ينظر تهذيب التهذيب: ابن حجر: 1/ 426- 427. وسير أعلام النبلاء: الذهبي: 2/ 530- 536.
(82) ذي الخلصة: الخلصة: نبات له حبٌ أحمر كخرز العقيق. وذو الخلصة: اسم للبيت الذي كان فيه الصنم، وقيل: اسم لبيت الخلصة، واسم الصنم: ذو ا لخلصة. (فتح الباري: ابن حجر: 8 / 89) وهو صنم لدوس وخثعم وبجيلة. ينظر الفائق:محمود الزمخشري: 1/ 141.ط. دار المعرفة، بيروت، الثانية.
(83) رواها البخاري 2/ 173. ومسلم: 4/ 1926. ح(2476).
(84) هو الإمام الفقيه المحدِّث عروة بن الزبير بن العوَّم الأسدي، أبو عبد الله المدني، ولد سنة ثلاث وقيل أربع وعشرين، كان من بحور العلم، ومِن أعلم الناس بحديث خالته عائشة – رضي الله عنها، وكان صالحاً، صوّاَماً، قوّاَماً، لَم يدخل في شيء من الفتن، وأُبتُليَ بقطع رجله وموت ابنه فصبر، توفي على الصحيح سنة أربع وتسعين، رحمه الله تعالى. ينظر تذكرة الحفاظ: الذهبي: 1/ 62. وتهذيب التهذيب: ابن حجر: 4/ 113- 115. وطبقات الحفاظ: السيوطي: ص 23.
(85) رواه البيهقي في السنن الكبرى: 9 / 84. ح (17896) وذكر قطع أعناب ثقيف ابن هشام في السيرة النبوية: 2/ 410. نقلاً عن ابن إسحاق. والحديث مرسل عن عروة. ورواه أيضاً البيهقي عن موسى بن عقبة المدني مولى آل الزبير. وقال الإمام أحمد بن حنبل: " عليكم بمغازي موسى بن عقبة فإنَّه ثقة ". تذكرة الحفاظ: الذهبي: 1 / 148. وينظر تلخيص الحبير: ابن حجر:4/ 112. والواقعة مشهورة في كتب السيرة ولم أجد من اعترض على الإستدلال بها. والله أعلم.
(86) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 85. والأم: الشافعي: 7/ 355. والسيرة النبوية: ابن هشام: 2/ 410. وزاد المعاد: ابن القيم: 3 / 496، 497.
(87) الموضوعان السابقان في الرد على سير الأوزاعي، والأم.
(88) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7 / 163. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 406. والمبدع: ابن مفلح: 3: 321.
(89) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/ 477. وأحكام القرآن: ابن العربي: 4 / 210. وروضة الطالبين: النووي: ص 1809. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 319. وكشاف القناع: البهوتي: 3 / 48.
(90) رواه الشافعي في مسنده واللفظ له: ص 315. والإمام أحمد في المسند: 2 / 166. ح (6551) والنسائي في السنن الكبرى: 3 /73.. ح (4534). والدارمي في سننه: 1/ 514. ح (1912). والبيهقي في السنن الكبرى: 9 / 86. ح (17 907) والحاكم في المستدرك وصححه: 4/ 261. ح (7574) كلُّهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. ورواه أحمد في مسنده: 4 / 389. ح (19488). وابن حبان في صحيحه: 13 / 214. ح (5894). والطبراني في المعجم الكبير: 7/ 317. ح (7245). كلُّهم عن عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف: 4 / 450. عن قتادة. والحديث صححه الحاكم وأعله ابن القطان بصهيب مولى ابن عامر الراوي عن عبد الله حيث قال: لا يعرف حاله. والحديث مروي من طرق قد صحح الأئمة بعضها. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4 / 154. والسيل الجرار: الشوكاني: 4/ 380.
(91) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 244، 259، 7/ 355. والمهذَّب: الشيرازي: 2/ 241. والمغني: ابن قدامة: 13 / 144. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213.
(92) ينظر قضايا فقهية معاصرة: أبو غدة: ص 86.
(93) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 259. والمهذب: الشيرازي: 2 / 241. والمغني: ابن قدامة: 13 / 144. والمبدع: ابن مفلح: 2/ 320.
(94) نوع من الطيور ضخم الرأس يكون في الشجر، نصفه أبيض و نصفه أسود. ينظر لسان العرب: ابن منظور: 3 / 250.
(95) رواه الإمام أحمد في مسنده / 1 / 347. ح (3242). وأبو داود في السنن: 4 / 367. ح (5267) ط. دار الفكر، ت. محمد محي الدين عبد الحميد.وابن ماجه في السنن 3/ 578. ح (3224).والحديث رجاله رجال الصحيح. قال البيهقي: " هو أقوى ما ورد في الباب ". وصححه النووي. ينظر عون المعبود: العظيم آبادي: 14/ 119. وتلخيص الحبير: ابن حجر: 2 / 275.
(96) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 245، 287. 7/ 355. والمغني: ابن قدامة: 13 / 143. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 319.
(97) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 259. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213. وقضايا فقهية معاصرة في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 90.
(98) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 259. 7/ 356. والمغني: ابن قدامة: 13/ 143. والمحلَّى: ابن حزم:7 / 213.
(99) ينظر بداية المجتهد: ابن رشد: 1 / 344. الأم: الشافعي: 4 / 244. والمغني: ابن قدامة: 13 / 143، 144. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(100) ينظر شرح مختصر الروضة: الطوفي: 3 / 185.
(101) ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 2/ 346. والمحلَّى: ابن حزم: 7/ 214.
(102) ينظر فتح القدير: ابن الهمام: 5/ 453. والمبسوط: السرخسي: 10 / 137. والمدونة الكبرى: الإمام مالك: 3 /7.
(103) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 259. 7/ 355. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 72. والمغني: ابن قدامة: 13 / 143، 144. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 48.
(104) ينظر قضايا فقهية في العلاقات الدولية: أبو غدة: ص 91.
(105) ينظر الأم: الشافعي: 7 / 355، 356. والمحلَّى: ابن حزم: 7 / 213، 214.
(106) ينظر منهاج الطالبين: النووي: ص 137. والسراج الوهاج: الغمراوي: ص 544. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 144، 146. والمبدع: ابن مفلح: 3 / 319. وكشاف القناع: البهوتي: 3 / 48.
(107) المحلَّى: 7/ 213.
(108) ينظر الرد على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص 83، 84. وأحكام القرآن: الجصاص: 5 / 317.
(109) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 244.
(110) ينظر الأم: الشافعي: 4 / 45.، 287. 7/ 355.
(111) الرَّدُ على سير الأوزاعي: أبو يوسف: ص84. والأم: الشافعي: 7/ 355.
(112) الأم: 7 / 355.
(113) يفهم هذا الدليل من عرض الأوزاعي للأدلة على جواز إغاظة العدو بعد ما ذكر قول أبي حنيفة في جواز إتلاف الحيوان من أموال الحربيين الأعداء. ينظر الرد على سير الأوزاعي: ص 83، 85، 86. وأحكام القرآن: الجصاص: 5/ 317.
(114) الموضع السابق في الأم. وينظر مغني المحتاج: الشربيني: 6/ 72.
(115) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 163.
(116) ينظر أصول السرخسي: 2/ 130، 150. وأصول الشاشي: ص 314.
(117) ينظر الأم: الشافعي: 4/ 245. 7/ 356.
(118) المرجع نفسه: 4/ 245.
(119) حيث إنَّ الأنعام مطيعة لله، والكافر غير مطيع ينظر الجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 7/ 274.
(120) المرجع نفسه: 4/ 259.
(121) الأم: 7 /355.
(122) ينظر زاد المسير: ابن الجوزي: 8/ 208.
(123) ينظر المادة (53) من لائحة الحرب البرية (لاهاي) الموقعة عام 1899م في كتاب مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 419.
(124) ينظر روضة الطالبين: النووي: ص 1809. ومغني المحتاج: الشربيني: 6 /72. والمغني: ابن قدامة: 13/ 142، 143، 146. والمبدع: ابن مفلح: 3/ 320.
(125) ينظر الذخيرة: القرافي: 3/ 288.
(126) ينظر المرجع السابق. وحاشية العدوي: 2/ 10.وضعَّف هذا القول الدسوقي في حاشيته: 2/ 177.
(127) ينظر حاشية العدوي: 2/ 10.
(128) ينظر المدونة الكبرى: الإمام مالك: 3/ 6. وبداية المجتهد: بن رشد: 1/ 342. والذخيرة: القرافي:3/ 288. والاستذكار: ابن عبد البر: 5/29. وحاشية الدسوقي: 2/ 177. ومواهب الجليل: ابن الحطاب: 4/ 544. والتاج والإكليل: العبدري: 3/ 351. وحاشية العدوي: 2/ 10.والفواكه الداني: النفراوي: 399. والفروع: ابن مفلح: 6/ 242. وكشاف القناع: البهوتي: 3/ 120. والإنصاف: المرداوي: 4/ 222.
(129) ينظر حاشية العدوي: 2 / 10. وحاشية الدسوقي: 2 / 177.
(130) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 162، 163. وروضة الطالين: النووي: ص 1802، 1809. والمغني: ابن قدامة: 13 / 144 146، 175- 179.
(131) ينظر قضايا فقهية معاصرة: أبو غدة: ص 94.
(132) مبادئ القانون الدولي في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 491. وينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 271، 272.
(133) ينظر الموضع السابق في مبادئ القانون الدولي لإحسان هندي. والمرجع السابق حقوق المدنيين: ص 274.
(134) ينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 830.
(135) المرجع السابق: إحسان هندي: ص 419.
(136) ينظر المرجع السابق لأبي هيف. والمرجع السابق حقوق المدنيين: ص 271. والمرجع السابق لإحسان هندي: ص 382، 383.
(137) ينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 354، 355. ومبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 382، 383.
(138) ينظر المرجع السابق لأبي هيف.
(139) ينظر مغني المحتاج: الشربيني: 6/ 81. وحواشي الشرواني: 9/ 259. وفتح الوهاب: الأنصاري: 2 / 304. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 354.
(140) ينظر تفسير الطبري: 5/ 221. وأحكام القرآن: الجصاص: 3/ 226. وزاد المسير: ابن الجوزي: 2/ 172.
(141) رواه البخاري: 3/ 1034. ح (2655) ط. دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ، ت. مصطفى البغا. ورواه مسلم: 3/ 1512. ح (1904). ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(142) ينظر المادة (46) وَ (47) من لائحة الحرب البرية في مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 418. وينظر القانون الدولي العام: أبو هيف: ص 830. وحقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 418، 419.
(143) المادة (52) من لائحة الحرب البرية. ينظر المرجع السابق: إحسان هندي: ص 419. والمادة (55) من اتفاقية جنيف الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب. ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 130. وينظر المرجع السابق: أبو هيف: ص 830، 831.
(144) ينظر آثار الحرب: الزحيلي: ص 607.
(145) نقلاً من تقرير أعدَّه: أحمد عبد السلام بموقع (إسلام أون لاين) على شبكة الانترنت. بعد مرور عامين على احتلال العراق.
(146) المصدر السابق.
(147) المصدر السابق.
(148) نقلاً من قسم الأخبار بموقع (إسلام أون لاين) على شبكة الانترنت، في 14/6/2003م، تحت خبر بعنوان: (العراق..الاحتلال يغتصب النساء والأطفال).
(149) ينظر مادة (عدل) في مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 551، 552. ومختار الصحاح: الرازي: ص 176. ولسان العرب: ابن منظور: 11/ 430.
(150) التعريفات: الجرجاني: ص 150.
(151) المرجع نفسه.
(152) فتح القدير: الشوكاني: 1 / 606.
(153) ينظر المرجع نفسه. وأحكام القرآن: الشافعي: 2/ 121.
(154) ينظر المرجع نفسه. وأحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 572. والجامع لأحكام القرآن: القرطبي: 5/ 245. وزاد المسير: ابن الجوزي: 2/ 113. وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 148.
(155) ينظر تفسير الطبري: 7 / 255. وزاد المسير: ابن الجوزي: 3/ 77. حيث فسر النبي صلى الله عليه وسلم آية:{ وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } بهذه الآية.
(156) ينظر الوسيط: الغزالي: 7/ 36. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28/ 354.
(157) سواءً أكانَ ذمياً أم مستأمناً.
(158) نقل الإجماع القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: 6/ 176.ونقله أيضاً العظيم آبادي في عون المعبود:9/367. وينظر المبسوط: السرخسي: 5/ 38، 39. والذخيرة: القرافي: 3/ 285. والتنبيه: الشيرازي: ص 239. وروضة الطالبين: النووي: ص 1226. والمغني: ابن قدامة: 13/ 250. وكشاف القناع:البهوتي:3/140.
(159) ينظر أحكام القرآن: الشافعي: 2/ 73. وأحكام القرآن: ابن العربي: 2/ 127.
(160) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 152.
(161) أحكام القرآن: 2/ 121. والأم: 7/ 93.
(162) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 4/ 228.
(163) تفسير الطبري: 28/ 66. وينظر زاد المسير: ابن الجوزي: 8/ 237. وتفسير القرآن العظيم: ابن كثير: 7/375، 8/ 90،91.
(164) رواه مسلم: 3/ 1458. ط. دار إحياء التراث. بيروت. ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(165) رواه الطبراني في المعجم الأوسط: 6/ 40. والهيثمي في مجمع الزوائد واللفظ له: 5/ 197. وقال: رجاله ثقات. وإسناد الحديث حسن؛ لأنَّ فيه محمد بن بلال البصري، وهو صدوق يُغَرِّب، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب: ص 830. وقال ابن عدي في الكامل في الضعفاء: 6/ 133. " وأرجو لا بأس به.."
(166) رواه البخاري واللفظ له: 6/ 2496. ح (6421). ط. دار ابن كثير. بيروت. الثالثة 1407هـ. ومسلم: 2/ 715. ح (1031). ط. دار إحياء التراث. بيروت. ت محمد فؤاد عبد الباقي.
(167) مجموع الفتاوى: 28/ 62، 63.
(168) هو الصحابي الكريم رِبعِيُّ بن عامر بن خالد بن عمرو، كان من أشراف العرب، وسيفاً في الفتوح، أمدَّ به عمر بن الخطاب المثنى بن حارثة، وكان رسول سعد بن أبي وقاص إلى رستم قائد الفرس في وقعت القادسية، وله ذكر في وقعت نهاوند، وكان ممن بنى الفسطاط لأمير تلك الغزوة النعمان بن مقرن، ولاه الأحنف طخارستان بعد فتح خراسان – رضي الله عنه. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة: ابن حجر: برقم: (2679). والبداية والنهاية: ابن كثير: 7/ 43.
(169) المرجع السابق البداية والنهاية: 7/ 43.
(170) الأحكام السلطانية: الماوردي: ص 361.
(171) ينظر التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي: عبد القادر عودة: 1/ 67. ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الرابعة عشرة: 1422هـ
(172) المرجع نفسه.
(173) تنظر هذه المبادئ في حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 441، 442.
(174) ينظر المرجع نفسه.
(175) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 132. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 261.
(176) المرجع السابق: 6/ 133. والمرجع السابق: 1 / 262.
(177) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 446.
(178) موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 12.
(179) المرجع نفسه: 1/ 26.
(180) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 133. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1: 262.
(181) ينظر المرجعان السابقان.
(182) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 451. نقلاً عن مرجع أجنبي هو: jean pictet. Op. cit. p: 341.
(183) موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/251. وورد النص في موسوعة القانون الدولي:(6/ 124): "..لم يقترفها هو شخصياً، تحظر العقوبات الجماعية.."
(184) مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 419.
(185) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 455.
(186) نصَّت المادة الثامنة والستون من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين على الجرائم. ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 133. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 262.
(187) مبادئ القانون الدولي العام في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 417.
(188) نص المادة الثلاثون من لائحة الحرب البرية (لاهاي). ينظر المرجع نفسه.
(189) تنظر المادة الثامنة والستين من اتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين في موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 113 وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 662.
(190) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 458.
(191) الموضعان السابقان في موسوعة القانون الدولي وموسوعة حقوق الإنسان.
(192) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 459، 460.
(193) الموضوعان السابقان في موسوعة القانون الدولي و موسوعة حقوق الإنسان.
(194) الموضع السابق موسوعة القانون الدولي. والمرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: 1/ 263.
(195) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 465.
(196) ينظر مبادئ القانون الدولي في السلم والحرب: إحسان هندي: ص 305 وما بعدها.
(197) موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 134. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1 / 263.
(198) المرجع السابق موسوعة القانون الدولي: 6/ 157.. والمرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان:1/ 295.
(199) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص469.
(200) ينظر المرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 12.
(201) المرجع نفسه.
(202) ينظر موسوعة القانون الدولي: عيسى رباح: 6/ 134. وموسوعة حقوق الإنسان: محمد وفيق: 1/ 263، 264.
(203) المرجع السابق موسوعة القانون الدولي: 6/ 123. والمرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: 1/ 249.
(204) المرجع السابق موسوعة القانون الدولي: 6 / 135. والمرجع السابق موسوعة الإنسان: 1/ 265.
(205) المرجع السابق موسوعة حقوق الإنسان: 1/ 11.
(206) ينظر تفسير الطبري: 8/ 37. والموضع السابق في تفسير القرآن العظيم.
(207) ينظر المرجع السابق: الطبري: 6 / 30.
(208) الإحكام في أصول الأحكام: الآمدي: 1 / 75.
(209) الأشباه والنظائر: السيوطي: 1/ 60. وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل السنة وغيرهم وللفائدة. ينظر التبصرة: الشيرازي: ص 532.
(210) ينظر التشريع الجنائي في الإسلام: عبد القادر عودة: 1 /116، 117. وكذلك قد فصَّل في الشروط الواجب توفرها في الشخص المكلف والفعل المكلف به، والأمر كذلك بالنسبة لجرائم التعزير، فإنَّ العقوبة والجريمة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية فمثلاً (تقبيل الأجنبية) الجريمة: محرمة شرعاً،والعقوبة: أن لا تبلغ أدنى الحدود (خلاف في المسألة) وللاستزادة ينظر المرجع نفسه: 1/ 126 وما بعدها.
(211) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 3 / 41. أحكام القرآن: ابن العربي: 1 / 457. وأحكام القرآن: الشافعي: 1/ 304.
(212) تنظر المراجع نفسها.
(213) رواه مسلم:3/ 1316. ح (1690). ط دار إحياء التراث،بيروت، ت.محمد فؤاد عبد الباقي.
(214) ينظر التشريع الجنائي الإسلامي: عبد القادر عودة: 1 / 262.
(215) المرجع نفسه: 1 / 264.
(216) ينظر أحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 476. وأحكام القرآن: الشافعي: 1 / 182، 183.
(217) ينظر المرجعان السابقان. وتفسير الطبري: 4/ 318. والمرجع السابق التشريع الجنائي: 1/ 263.
(218) للاستزادة في هذه الاستثناءات ينظر المرجع السابق التشريع الجنائي: 1/ 216- 273.
(219) ينظر التشريع الجنائي الإسلامي: عبد القادر عودة: 1/ 118، 273.
(220) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 445.
(221) ينظر المرجع السابق التشريع الجنائي الإسلامي: 1/ 274.
(222) ينظر المرجع السابق حقوق المدنيين: ص 449.
(223) المرجع السابق التشريع الجنائي الإسلامي: 1/ 274.
(224) ينظر تفسير الطبري:6/274. وأحكام القرآن الجصاص:4/99
(225) ينظر تفسير الآية ودلالتها على وجوب القصاص في أحكام القرآن: الجصاص: 1 / 164 -166.وأحكام القرآن: الشافعي: 1/ 271، 277. وأحكام القرآن: ابن العربي: 1/ 89، 90. وزاد المسير: ابن الجوزي: 1/180، 181.
(226) ينظر تفسير الطبري: 2/ 114. وأحكام القرآن: الجصاص: 1 / 196، 197. وأحكام القرآن: الشافعي: 1/ 277. وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: ابن سعدي: ص 67.
(227) المحًّصن: "هو من وطئ امرأته المسلمة أو الذمية أو المستأمنة في نكاح صحيح في قُبُلِها" ينظر الروض المربع: البهوتي: ص 445.
(228) رواه مسلم: 3/1316، ح(1690). ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(229) ينظر مطالب أولي النهى: الرحيباني: 6 / 175، 179.
(230) ينظر الأحكام السلطانية: الماوردي: ص 368. وقصة ماعز- رضي الله عنه - رواها البخاري: 6/ 2502. ح (6438). ط.دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ.ت. مصطفى البغا.ومسلم: 3/ 1319. ح (1692) ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(231) الجواب الكافي: ابن القيم: 220، 221. ط. دار الكتاب العربي، بيروت.
(232) المرجع نفسه ص 240.
(233) ينظر تفسير الطبري:6/274. وأحكام القرآن الجصاص:4/99.
(234) الأحكام السلطانية: الماوردي: ص 386. وينظر تبصرة الحكام: ابن فرحون: 2/ 218.
(235) ينظر المرجعان السابقان. والبحر الرائق: ابن نجيم: 5/ 45. والفروق: القرافي: 9/ 400، 401. وروضة الطالبين: النووي: ص 1772. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 13، 14. وكشاف القناع: البهوتي: 6/ 124
(236) ينظر الفروق: القرافي: 4/ 1306. ط.دار السلام، القاهرة، الأولى: 1421هـ، ت. محمد أمين – علي جمعة.
(237) الوزر: هو الثِّقل، يقال وزَرَه يَزِره إذا حمل ثقله، والمراد به هنا (الذنب). ينظر مادة (وَزَرَ) في مفردات القرآن الكريم: الأصفهاني: ص 867. وأحكام القرآن: ابن العربي: 2 / 300.
(238) ينظر تفسير الطبري: 11/ 178. وأحكام القرآن: الجصاص: 1/ 104. وأحكام القرآن: ابن العربي: 2/ 299-310.
(239) رواه النسائي: 7/ 144. ح (4139)، وإسناده صحيح.
(240) ينظر أحكام القرآن: الجصاص: 3/ 194.
(241) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال: العشماوي: ص 451، 457.
(242) الأصل في التعزير عدم جواز القتل أو القطع؛ لأنًَّ معناه (التأديب) فلا يكون بالقتل. ينظر البحر الرائق: ابن نجيم: 5/ 44، 45. ولكنَّ كثيراً من الفقهاء نصوا على جواز القتل تعزيراً في حال المصلحة والضرورة، ويسميه بعضهم: "القتل سياسة"، كقتل الجاسوس المسلم، والداعي إلى البدعة، ومن لا يزول فساده إلا بالقتل. ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 107. وتبصرة الحكام: ابن فرحون: 2/223. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 28 / 109، 35/ 405، 406. وكشاف القناع: البهوتي: 6 / 126. ومطالب أولي النهى: الرحيباني: 6 /223.
(243) ينظر التشريع الجنائي: عبد القادر عودة: 1/ 689.
(244) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال: العشماوي: ص 465.
(245) ويستوي الذمي والحربي فيما يتعلق بمصلحة المسلمين وحقوق العباد ويختلفان في حقوق الله تعالى. ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 216. وحاشية ابن عابدين: 6/ 280. والفروق: القرافي: 3/ 275. وروضة الطالبين: النووي: ص 1758، 1759.والمغني: ابن قدامة: 13/ 81، 82.
(246) ينظر حقوق المدنيين تحت الاحتلال الحربي: العشماوي: ص 466، 467.
(247) رواه مسلم: 4/ 1994. ح (2577)
(248) هناك بحث مُحكَّم هو " ضمانات عدالة القضاء دراسة مقارنة " لشيخنا الدكتور: ناصر الجوفان، فليراجع للفائدة.
(249) ينظر أحكام القانون الدولي العام: حامد سلطان: ص 253..ط. دار النهضة العربية، القاهرة، 1974م.
(250) ينظر تفسير الطبري:6/274. وأحكام القرآن الجصاص:4/99
(251) وردت عدة أقوال في كمال الدين وتمام النعمة كلها صحيحة، منها: أنه بكمال الدين لم ينزل بعد هذه الآية شيء وذلك أن الله – سبحانه - لم يزل يصرف نبيه وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجةً درجة،حتى أكمل شرائعه ومعالمه وبلغ أقصى درجاته فلما أكمله تمت به النعمة ورضيه دينا كما هو عليه الآن، فالزموه ولا تفارقوه ولا تغيروه كما فعل سواكم بدينه. ينظر تفسير الطبري: 6/79.و أحكام القرآن: ابن العربي: 2/40.
(252) ويُورد بعضهم قصة خليفة المؤمنين علي – رضي الله عنه – مع النصراني ومحاكمتهما إلى شريح القاضي والقصة ضعيفة. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4/ 193.
(253) ينظر بدائع الصنائع: الكاساني: 7/ 16، 17. والذخيرة: القرافي: 8/ 51- 76. ومغني المحتاج: الشربيني: 6/ 333-336. وشرح منتهى الإرادات: البهوتي: 6 / 485- 489
(254) تنظر المراجع نفسها.
(255) رواه الإمام أحمد في المسند: 1/ 143. ح (1215). والترمذي في الجامع الصحيح واللفظ له: 3/ 618. ح (1331). وقال: "هذا حديث حسن". ورواه الحاكم في المستدرك وصححه: 4/ 105. ح (7025). والحديث وإن لم يصح سنده فمعناه صحيح.
(256) رواه البيهقي في السنن الكبرى واللفظ له: 10/ 135. ح (20244). والطبراني في المعجم الكبير: س23/ 284. وفي إسناده ابن كثير وهو ضعيف. ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 4/ 193. ونصب الراية: الزيلعي: 4/ 74، 75. والحديث يتقوى بمجموع طرقه وبالشواهد وهو كذلك صحيح المعنى.
(257) الأشباه والنظائر: السيوطي: 1/ 53.
(258) رواه البخاري: 4/ 1656. ح (4277). ط.دار ابن كثير، بيروت، الثالثة 1407هـ.ت. مصطفى البغا. مسلم واللفظ له: 3/ 1336. ح (1711) ط.دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(259) ينظر المرجع السابق الأشباه والنظائر: 1/ 53.
(260) رواه مسلم: 1/ 123. ح (139) ط.دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(261) وذلك إذا عُرِف بالفجور. ينظر حاشية ابن عابدين: 6/ 126. ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 35 / 401. والطرق الحُكمية: ابن القيم: ص 124، 125.
(262) رواه ابن ماجه واللفظ له: 2 / 513. ح (2043). والحاكم في المستدرك: 2/216. ح (2801) وصححه. والبيهقي في السنن الكبرى: 6 / 84. ح (11236). والحديث حسن الإسناد ينظر تلخيص الحبير: ابن حجر: 1/ 281.
(263) ينظر حقوق الإنسان في الإسلام دراسة مقارنة: محمد الزحيلي: ص 383. وقد بوَّب البيهقي - رحمه الله – على الحديث السابق بـ (باب من لا يجوز إقراره) حيث إنَّ المكره لا يقبل إقراره.
(264) رواه مسلم: 3 / 1324. ح (1324) ط. دار إحياء التراث، بيروت، ت. محمد فؤاد عبد الباقي.
(265) رواه مسلم 3 / 1548. ح (1955).
(266) (المنهاج) شرح صحيح مسلم: 13/ 108.