إخراج القيمة في زكاة الفطر
28 رمضان 1435
د. عبدالله بن منصور الغفيلي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أمابعد:

فإن من المسائل التي يكثر الحديث عنها لاسيما في هذه الأيام،حكم إخراج القيمة في زكاة الفطر،وقد اختصرت بحثها على النحو التالي:

اتفق الفقهاء على مشروعية إخراج زكاة الفطر من الأنواع المنصوصة (1) كما في حديث ابن عمر رضي الله عنه: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير) (2)، وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه: (كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب)(3)

 

وأما إخراج قيمتها للفقير، سواء كان ذلك بغير سبب، أو بسبب؛ كحاجة الفقير للنقود، أو تعذر شراء المزكي لزكاة الفطر، أو لكون إخراجها نقدا هو الأيسر جمعاً وحفظاً ونقلاً وتوزيعاً لجهات الجمع كالجمعيات ونحوها (4)، فقد اختلف فيه الفقهاء على قولين:
القول الأول: عدم جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر، وهو مذهب الجمهور من المالكية (5) والشافعية (6) والحنابلة(7).
القول الثّاني: جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر مطلقا وهو مذهب الحنفية (8).

 

الأدلة:(9)
أدلة القول الأول:
1-قول ابن عمر رضي الله عنه:(فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من تمر وصاعا من شعير..)(10)
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض الصدقة من تلك الأنواع، فمن عدل إلى القيمة فقد ترك المفروض.(11)
ونوقش: بأن ذكر هذه الأنواع ليس للحصر، وإنما هو للتيسير ورفع الحرج، فإخراج تلك الأنواع المنصوصة أيسر من إخراج غيرها من الأموال فقد عين النبي صلى الله عليه وسلم الطعام في زكاة الفطر لندرته بالأسواق في تلك الأزمان، وشدة احتياج الفقراء إليه لا إلى المال، فإن غالب المتصدقين في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا يتصدقون إلا بالطعام.(12)

ويجاب: بأننا إن سلمنا بأن ذكر تلك الأصناف ليس للحصر، فهي مقدمة على غيرها ما لم تظهر مصلحة إخراج القيمة، ولا يسلم القول بتسويتها بغيرها وأن ذكرها لكونها هي المتيسرة، لاسيما وأن قيمة زكاة الفطر يسيرة لا تشق على أكثر الناس، فلما لم تذكر القيمة مطلقا دل على تقديم إخراجها طعاما.
2-عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كنا نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، وكان طعامنا التمر والشعير والزبيب و الأقط"(13)
وجه الدلالة: أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يخرجونها من غير الطعام، وتتابعهم على ذلك دليل على أن المشروع إخراجها طعاماً.(14)
3- أن ابن عباس رضي الله عنه قال: "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث و طعمة للمساكين".(15)
وجه الدلالة: أن الطعمة تكون بما يطعم، ولا تكون بالدراهم التي تقضى بها الحاجات، مما يدل على أن إخراج زكاة الفطر طعاما مقصود للشارع.(16)
4-أن زكاة الفطر عبادة مفروضة من جنس معين، فلا يجزئ إخراجها من غير الجنس المعين كما لو أخرجها في غير وقتها المعين.(17)
5-أن الزَّكَاة وجبت لدفع حاجة الفقير وشكرا لنعمة المال والحاجات متنوعة فينبغي أن يتنوع الواجب ليصل إلى الفقير من كل نوع ما تندفع به حاجته، ويحصل شكر النعمة بالمواساة من جنس ما أنعم الله عليه به.(18)
6-ولأن مخرج القيمة قد عدل عن المنصوص، فلم يجزئه، كما لو أخرج الرديء مكان الجيد.(19)
ونوقش: بأنه إنما عدل عنه لكون ذلك هو الأصلح للفقير و الأدفع لحاجته، مع عدم وجود الدليل المانع من ذلك.(20)
7-أن إخراج زكاة الفطر من الشعائر، فاستبدال المنصوص بالقيمة يؤدي إلى إخفائها وعدم ظهورها(21).
8-أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها من أصناف متعددة مختلفة القيمة، فدل على إرادة الأعيان، ولو كانت القيمة معتبرة لفرضها من جنس واحد، أو ما يعادله قيمة من الأجناس الأخرى (22).
ونوقش: أ-بأن ذلك من قياس الحاضر على الغائب المجهول، فإنهم قاسوا عصرهم على عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وظنوا أن هذه الأشياء لما كانت مختلفة القيم في عصرهم، كانت كذلك في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا أمر يحتاج إلى نقل صريح في إثباته، و إلا فالأزمنة تختلف في الأسعار، ومساواة الأشياء وتفاضلها.

 

ب-أن هذه دعوى غير مسلمة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم غاير بين هذه الأشياء ولم يسو بينها (23).
أدلة القول الثّاني (24):
1- أن الواجب في الحقيقة إغناء الفقير لقوله صلى الله عليه وسلم: (أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم) و الإغناء يحصل بالقيمة؛ لأنها أقرب إلى دفع الحاجة (25).
ويناقش: بأن الحديث ضعيف، وأن الإغناء كما يكون بالمال يكون بالطعام أيضاً.
2- أن الأصل في الصدقة المال، قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة) (26)، والمال في الأصل ما يملك من الذهب أو الفضة، وبيان الرسول للمنصوص عليه إنما هو للتيسير ورفع الحرج، لا لحصر الواجب.(27)
ويناقش: بعدم التسليم بهذا الأصل، فالمال يطلق على كل ما يتمول، ومن ذلك بهيمة الأنعام والحبوب، والأنواع المنصوصة في زكاة الفطر، فالأصل في زكاة كل نوع ما ورد فيه.
3- إذا ثبت جواز أخذ القيمة في الزَّكَاة المفروضة في الأعيان، فجوازها في الزَّكَاة المفروضة على الرّقاب زكاة الفطر أولى؛ لأن الشرع أوجب الزَّكَاة في عين الحب، والتمر والماشية، والنقدين، كما في حديث معاذ الذي قاله له النبي صلى الله عليه وسلم فيه لما بعثه إلى اليمن: (خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر) (28)ولماكان الحال كذلك اقتضت حكمة الشرع البالغة أمر الناس في عهد النبوة بإخراج الطعام ليتمكن جميعهم من أداء ما فرض عليهم، ولا يحصل لهم فيه عسر، ولا مشقة؛ وذلك لأن النقود كانت نادرة الوجود في تلك الأزمان ببلاد العرب ولاسيما البوادي منها، وخصوصاً الفقراء، فلو أمر بإعطاء النقود في الزَّكَاة المفروضة على الرؤوس لتعذر إخراجها على الفقراء بالكلية، ولتعسر على كثير من الأغنياء الذين كان غناهم بالمواشي والرقيق، والطعام، أما الطعام فإنه متيسر للجميع، ولا يخلو منه منزل إلا من بلغ به الفقر منتهاه، فكان من أعظم المصالح، وأبلغ الحكم العدول عن المال النادر العسر إخراجه إلى الطعام المتيسر وجوده، وإخراجه لكل الناس.
ويناقش: بعدم التسليم بإطلاق هذا التعليل، إذ التشريع لكل زمان ومكان، كما أن قيمة زكاة الفطر يسيرة، والدراهم والدنانير كانت شائعة في زمنهم، ولا تشق على كثير منهم، مع كون الزَّكَاة فيها معنى التعبد الذي يتحقق يقيناً بإخراج الطعام في زكاة الفطر.
4- أن النبي صلى الله عليه وسلم غاير بين القدر الواجب من الأعيان المنصوص عليها، مع تساويها في كفاية الحاجة، وسد الخلة فأوجب من التمر والشعير صاعاً، ومن البر نصف صاع (29)؛ وذلك لكونه أعلى ثمناً لقلته بالمدينة في عصره، فدل على أنه اعتبر القيمة، ولم يعتبر الأعيان إذ لو اعتبرها لسوى بينها في المقدار (30).
ويناقش: بأنه على التسليم بصحة الأحاديث فاعتبار القيمة هنا لا يلغي اعتبار النوع، فهما جميعاً معتبران.
5- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء يوم عيد الفطر: (تصدقن ولو من حليكن) (31).
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستثن صدقة الفرض من غيرها"(32).
ويناقش: بأنه لوكان المقصود زكاة الفطر لما أمرهن بها في الخطبة بعد الصلاة، وقد أمر المسلمين أن يؤدوها قبل الصلاة( ).
6- أن الله تعالى يقول: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) (33).
وجه الدلالة: أن المال هو المحبوب، فإن كثيراً من الناس يهون عليه إطعام الطعام، ويصعب عليه دفع ثمن ذلك للفقراء، بخلاف الحال في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا كان إخراج الطعام في حقهم أفضل لأنه أحب، وإخراج المال في عصرنا أفضل؛ لأنه إلينا أحب.(34)
ويناقش: بأن هذا التفريق بين العصرين في ذلك لا دليل عليه، ثم إنه لو سلم فيحمل على صدقة التطوع، أما الفرض فيتبع فيه المشروع، ويكون هو الأفضل.
7- أنه عليه الصلاة والسلام قال: (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم)(35) وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قيد الإغناء بيوم العيد ليعم السرور جميع المؤمنين، ويستوي فيه الغني والفقير، وهذا المعنى لا يحصل اليوم بإخراج الحب الذي ليس هو طعام الفقراء والناس كافة، ولا في إمكانهم الانتفاع به ذلك اليوم حتى لو أرادوا اقتياته على خلاف العادة.(36)
ويناقش: بما تقدم من تضعيف الحديث.
8- أن مراعاة المصالح من أعظم أصول الشريعة، وحيثما دارت تدور معها، فالشريعة كلها مبنية على المصالح ودرء المفاسد. (37)
ويناقش: أن ذلك مسلم فيما إذا كانت المصلحة الظاهرة في إخراج القيمة، أما إذا كان ثم مصلحة معتبرة في إخراج الطعام فهو مقدم لكونه ورد النص به.

 

الترجيح: يترجح القول بمنع إخراج القيمة في زكاة الفطر، فإن عدم انتفاع الفقير بها لاستغنائه عن الطعام فإن القول بجواز إخراج القيمة عندئذ متجه، وفي مثل ذلك يقول شيخ الإسلام في إخراج القيمة في زكاة المال: "وأما إخراج القيمة في الزَّكَاة والكفارة ونحو ذلك-إلى قوله- والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه، ولهذا قدر النبي صلى الله عليه وسلم الجبران بشاتين أو عشرين درهما، ولم يعدل إلى القيمة، ولأنه متى جوز إخراج القيمة مطلقا فقد يعدل المالك إلى أنواع ردئية، وقد يقع في التقويم ضرر؛ لأن الزَّكَاة مبناها على المواساة، وهذا معتبر في قدر المال وجنسه، وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل، فلا بأس به مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم، فهنا إخراج عشر الدراهم يجزيه ولا يلكف أن يشتري ثمرا أو حنطة إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك، ومثل أن يجب عليه شاة في خمس من الإبل، وليس عنده من يبيعه شاة، فإخراج القيمة هنا كاف ولا يكلف السفر إلى مدينة أخرى ليشتري شاة، ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها أو يرى الساعي أن أخذها أنفع للفقراء كما نقل عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يقول لأهل اليمن: (ائتوني بخميص أو لبيس أسهل عليكم وخير لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار)(38)؛ وهذا قد قيل إنه قاله في الزَّكَاة، وقيل في الجزية"(39).

 

__________________________

* عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء.
( 1) ينظر: الإجماع لابن المنذر(56).
( 2) متفق عليه: رواه البخاري كتاب أبواب صدقة الفطر باب فرض صدقة الفطر برقم: (1432)، ورواه مسلم كتاب الزَّكَاة باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير برقم: (984).
(3 ) متفق عليه: رواه البخاري كتاب أبواب صدقة الفطر باب صدقة الفطر صاع من طعام برقم: (1435)، ورواه مسلم كتاب الزَّكَاة باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير برقم: (985).
(4 ) وهذا وجه كون المسألة من النّوازل.
(5) ينظر: المدونة1/392، الإشراف على نكت مسائل الخلاف1/417،
( 6) ينظر: المجموع6/112، مغني المحتاج2/119.
(7 ) ينظر: المغني 4/295، كشاف القناع 2/81.
(8 )ينظر: المبسوط3/107، فتح القدير2/192، ولا يصح نسبة ذلك للحنابلة، لأن رواية جواز إخراج القيمة إنما هي في غير زكاة الفطر كما نص عليه ابن قدامة في المغني 2 / 195، وقد حكى ابن قدامة القول به عن
عمر بن عبدالعزيز.
( 9) ينبغي الإشارة هنا إلى أن الفقهاء المتقدمين لم يفصلوا أدلة مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر، وإنما أوجزوا فيها؛ اكتفاء بما ورد من أدلة تعم حكم إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها مما نص فيه على المخرج خلا أموال التجارة، وقد فصل المعاصرون في مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر، وذلك هو وجه إيراد المسألة في النّوازل، مع تجدد الحاجة إليها؛ لذا فقد حاولت التركيز على الأدلة المختصة بالمسألة دون عموم الأدلة، دفعا للتشعب في المسألة، إلا ما كان أصلا في مسألة إخراج القيمة بعموم.
(10 ) تقدم تخريجه في ص(500).
( 11) ينظر: المغني4/295.
(12) ينظر: المبسوط 3/107.
( 13) رواه مسلم كتاب الزَّكَاة باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير برقم: (985). وما بعدها من الروايات.
( 14)مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين18/265.
( 15) رواه أبو داوود كتاب الزَّكَاة باب زكاة الفطر برقم: (1609) وابن ماجة كتاب الزَّكَاة باب صدقة= =الفطر برقم: (1827) ورواه الدارقطني في سننه في كتاب زكاة الفطر(2/138) وقال ليس فيهم مجروح، ورواه الحاكم في مستدركه كتاب الزَّكَاة برقم: (1488) وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري و لم يخرجاه قال الذهبي في تلخيصه: "على شرط البخاري"، إلا أن الزيلعي تعقب الحاكم في نصب الراية(كتاب الزَّكَاة باب صدقة الفطر، الحديث الرّابع، 2/300) فقال: "قال الشيخ: ولم يخرج البخاري ولا مسلم لأبي يزيد ولا لسيار شيئاً ولا يصح أن يكون على شرط البخاري إلا أن يكون أخرج لهما وكأنه أراد بكونه على شرط البخاري أنه من رواية عكرمة فإن البخاري احتج بروايته في مواضع من كتابه".
( 16)ينظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين18/278.
( 17)ينظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين18/285.
( 18)ينظر: المغني4/297
( 19) المرجع السابق.
( 20)ينظر: تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص (101).
(21)ينظر: مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين18/278 .
( 22) المرجع السابق، وسيأتي من استدلالات القول الثّاني ما يكون جوابا لبعض أدلة القول الأول.
(23)ينظر: تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص(114).
(24)غالب هذه الأدلة قد انتظمها كتاب"تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال لأبي الفيض أحمد بن محمد الصديق الغماري فراجعه إن شئت المزيد.
(25) ينظر: بدائع الصنائع 2/73. والحديث رواه الدارقطني في كتاب زكاة الفطر برقم 67 جزء 2 ص152 بلفظ "أغنوهم في هذا اليوم"، وضعفه الزيلعي وغيره كما في نص الراية جزء 2 ص 522، ومدار الحديث على أبي معشر ، وضعفه ابن حجر في الفتح جزء 3ص375، كما ضعفه الألباني في إرواء الغليل برقم 844
(26) التوبة: 103.
( 27)تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص( 59).
( 28) رواه أبو داوود كتاب الزَّكَاة باب صدقة الزرع برقم: (1599) ورواه ابن ماجه كتاب الزَّكَاة باب ما تجب فيه الزَّكَاة من الأموال برقم: (1814) والحاكم في مستدركه (1/546) كتاب الزَّكَاة برقم: (1433) وقال: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل فإني لا أتقنه". قال ابن حجر في التلخيص كتاب الزَّكَاة باب زكاة المعشرات (844): " قلت: لم يصح لأنه ولد بعد موته أو في سنة موته أو بعد موته بسنة، وقال البزار: لا نعلم أن عطاء سمع من معاذ".
( 29) وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة، ساق الغماري في كتابه اثنا عشر حديثاً موصولاً منها، وأربعة مراسيل، وعشرة موقوفات، ومثلها من المقطوعات، ومن ذلك ما روى الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث منادياً ينادي في فجاج مكة: (ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم، ذكر أو أنثى، حر أو عبد، صغير أو كبير: مدان من قمح، أو سواه صاع من طعام) قال الترمذي حسن غريب.وروى أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض صدقة رمضان نصف صاع من بر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، على العبد والحر، والذكر والأنثى).ثم قال الغماري بعد سياق الأحاديث بطرقها الموصلة وغيرها: "فهذه الروايات تثبت صحة ورود نصف الصاع عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق القطع والتواتر إذ يستحيل-عادة- أن يتواطأ كل هؤلاء الرواة على الكذب أو اتفاق الخلفاء الراشدين ومن ذكر معهم من الصحابة والتابعين الذين لم يفش فيهم داء التقليد على القول بما لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا ثبت ذلك وبطل ادعاء البيهقي: ضعف أحاديث نصف الصاع من البر، ثبت المطلوب، وهو كون النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر القيمة في زكاة الفطر". تحقيق الآمال ص (83). قلت: ولا يسلم هذا الإطلاق الذي ذكره الغماري، حيث وافق البيهقي الزيلعي وغيره في تضعيف هذه الأحاديث.
( 30)المرجع السابق(63).
( 31) رواه البخاري كتاب الزَّكَاة، باب: الزَّكَاة على الزوج والأيتام في الحجر، برقم: (1397)، ورواه مسلم كتاب الزَّكَاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين، برقم: (1000).
(32)من استنباط البخاري في صحيحه في كتاب الزَّكَاة، باب العرض في الزَّكَاة.
(33) كما في صحيح البخاري كتاب أبواب صدقة الفطر باب فرض صدقة الفطر برقم: (1432) من حديث ابن عمر وفيه: (....وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة).
( 34)سورة آل عمران: 92
( 35) ينظر: تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص(97).
( 36) هذا الحديث ورد بلفظ: (أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم). وهو ضعيف، أما بلفظ: (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم)، فقد ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء (7/55)، وضعفه لأجل أبي معشر، وأبو معشر هو: نجيح بن عبد الرحمن السندي، وقد ضعفه أيضاً ابن حجر في التقريب، برقم: (7100).
( 37)
( 38) ينظر: تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص(91).
( 40) ينظر: تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال ص(102)، وبعد عرض الأدلة والوجوه على جواز إخراج زكاة الفطر نقوداً توصل الشيخ أحمد بن محمد الصديق الغماري إلى تفصيل حالات المتلقين لزكاة الفطر، وبيان ما هو الأفضل لكل مجتمع قائلاً: "فمراعاة لهذه المقاصد نقول: إن الواجب على أهل البادية البعيدة من المدن إخراج الطعام المقتات عندهم لا التمر ولا المال؛ لأن حالهم مشابه لحال أهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم في كون طعامهم الحب، مع وجود الأرحاء في بيوتهم التي تمكنهم من الانتفاع به، بخلاف المال فإن الفقير لو أخذه في البادية لاضطر معه إلى السؤال حيث لا توجد أسواق، ولا دكاكين لبيع الطعام المهيأ المطبوخ، لا خبز، ولا غيره، كما كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك لو تغير الحال في المدن، وانقطعت هذه الآلات، وعادت المياه إلى مجاريها الأصلية فإن الحكم يكون كذلك، أما اليوم فالمال في الحواضر أنفع للفقراء، وإخراجه هو الأفضل والأولى". تحقيق الآمال ص(112).
( 41) ذكره البخاري تعليقاً في كتاب الزَّكَاة، باب العرض في الزَّكَاة، ورواه البيهقي في سننه كتاب الزَّكَاة باب من أجاز أخذ القيم في الزكوات، برقم: (7165)، وطاووس لم يسمع من ابن عباس، قال ابن حجر في التلخيص(3/114)،" وهو منقطع، وقال الاسماعيلي، وهو مرسل لا حجة فيه".
(42) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/82، وقد جاء في اختيارات ابن تيمية لبرهان الدين ابن القيم(138): مانصه"وأنه يجوز إخراج القيمة في زكاة المال وزكاة الفطر إذا كان أنفع للمساكين(كلمة غير واضحة في المخطوط) يجوز إخراج القيمة مطلقا"، قال محقق الكتاب سامي جاد الله: وهذا مخالف لما هو معروف من كلام شيخ الإسلام في المسألة كما سيأتي، ثم ألحق الناسخ في الحاشية عبارة: "في زكاة المال وزكاة الفطر إذا كان أنفع للمساكين". ووضع عليه علامة "صح" التي تفيد أنه لحق، وهذا موافق لكلام شيخ الإسلام في زكاة المال، ولكن لا يعرف عنه مثل هذا القول في زكاة الفطر فليحرر. وهذه المسألة ذكرها ابن عبد الهادي في الاختيارات أيضا، فقال: "وذهب إلى أن إخراج القيمة في الزَّكَاة للحاجة أو المصلحة الراجحة" وذكرها البعلي فقال: "ويجوز إخراج القيمة في الزَّكَاة للعدول إلى الحاجة أو المصلحة" ثم ضرب لها بعض الأمثلة من زكاة المال. وانظر الفتاوى(25/79، 82).