الرشوة.. خطرها على الفرد والمجتمع
6 شعبان 1436
فارس العريفي

الحمد لله رب العالمين، إله الأولين والأخيرين، ومالك الناس أجمعين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، ما علم خيراً إلا أرشدنا إليه، ولا علم شراً إلا حذرنا منه {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة:128]، أما بعد:

أيها الأكارم، لعلنا نتحدث في هذه الأسطر ما فيه تذكيراً لقلوبنا، وواعظاً لنا عن داء عضال بث سمومه في الأفراد والمجتمعات، يعرض صاحبه للطرد عن رحمة الله في الدنيا والآخرة، فسبحان من بغض النفوس لمرتكب المنكرات وظالم الناس بأخذ الرشوات فأنى له الفلاح ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يلعنه، أخرج أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي" فنسأل الله العافية من هذه الكبيرة التي أخذ الناس يحتالون بتسميتها بغير اسمها (الرشوة) تخفيفاً على النفوس لقبولها؛ فإن النار حجبت بالشوات كما جاء عند البخاري عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره" فتعددت أسماؤها لديهم مثل: أتعاب، تسليك، دهن السير، إكرامة، بخشيش، تحت الطاولة، حق الشاي أو الغداء، مقابل خدمة، شوفة خاطر، فراحة للأولاد، سعي، سمسرة، عمولة، عيدية، تبادل منافع وهدية – وهذه المسميات لا تخرج صاحبها عن لعنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام أن هذا المال بذل لإبطال حق أو إحقاق باطل وإن تعددت أشكاله – كما عرفها الجرجاني وجمع من العلماء بذلك، وقال ابن القيم رحمه الله في الروح: "والفرق بين الهدية والرشوة وإن اشتبها في الصورة القصد فإن الراشي قصدُه بالرشوة التوصل إلى إبطال حق أو تحقيق باطل، فهذا الراشي المعلون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رشا لدفع الظلم عن نفسه اختص المرتشي وحده باللعنة، وأما المهدي، فقصدُه استجلاب المودّة والمحبة والإحسان، فإن قصَد المكافأة فهو معاوض، وإن قصد الربح فهو مستكثر".

 

وقال البغوي رحمه الله: "الرشوة، ما يُعطَى لإبطال حق أو لإحقاق باطل، فيُعطي الراشي لينال باطلاً، أو ليمنع حقاً يلزمه، ويأخذ الأخذ على أداء حق يلزمه، فلا يؤديه إلا برشوة يأخُذُ، أو على باطل يجب عليه تركه، ولا يتركه إلا بها، فأما إذا أعطى المعطي ليتوصَّل به إلى حق، أو يدفع عن نفسه ظلماً، فلا بأس ويُروى عن ابن مسعود، أنه أُخِذ فأعطى دينارين حتى خُلّي سبيله، وروي عن الحسن والشعبي وجابر بن زيد وعطاء أنهم قالوا: لا بأس أن يُصانع الرجل عن نفسه، وماله، إذا خاف الظلم".

 

وقال النووي رحمه الله: "الرشوة محرمة على القاضي وغيره من الولاة مطلقاً؛ لأنها تدفع إليه ليحكم بحق أو ليمتنع من ظلم، وكلاهما واجب عليه، فلا يجوز أخذ العوض عليه". وفي الحديث "هدايا الأمراء غلول" ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل الهدية، فقد قيل: ليس هذا لأحد بعده من الخلفاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: "هدايا الأمراء غلول" ورُوي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال: "كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية وللأمراء بَعده رشوة". ورُوي عن علي رضي الله عنه أنه كان يردُّه إلى بيت مال المسلمين، وإليه ذهب أبو حنيفة" انتهى كلامه رحمه الله.

 

وكثيراً ما يقع الناس في هذا الداء العضال لأسباب كثيرة منها: ضعف الوازع الديني، الجهل بحكم الرشوة وآثارها السلبية، ضعف الرقابة والقصور الحاصل في نظام الإشراف والمتابعة، الطمع والانغماس في الدنيا، تعجيل المراجعين لمعاملتهم قبل وقتها الطبيعي سبب إهمال الموظفين مما يؤدي إلى تأخر المعاملات فتعرض الرشوة لإخراج معاملته، عدم النصح لأئمة المسلمين وعامتهم، التقليل من شأن الرشوة بين المرتشين وأنها أخف من غيره أو أنها برضاه أو الحاجة للمال وأخرى تربوية ونفسية.

 

وإن كثرت هذه الأسباب فليس هذا مسوغاً لفقد خير الدنيا والآخرة والوقوع في شؤم المعصية، فإن المعلوم من الدين أن الله إذا حرّم أمراً فهو شر محض أو أغلبه شر، فإذا صح الدليل كما جاء في قوله الله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:188]. وكان الفهم صحيحاً كما قال العلماء منهم شيخنا ابن باز رحمة الله عليه في مفهوم هذه الآية: "والرشوة من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل؛ لأنها دفع المال إلى الغير لقصد إحالته عن الحق، وقد شمل التحريم في الرشوة أركانها الثلاثة، وهم: الراشي والمرتشي والرائش: وهو الوسيط بينهما، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لعن الراشي والمرتشي والرائش كما رواه أحمد والطبراني من حديث ثوبان رضي الله عنه.

 

واللعن من الله هو: الطرد والإبعاد عن مظان رحمته، نعوذ بالله من ذلك، وهو لا يكون إلا في كبيرة، كما أن الرشوة من أنواع السُّحت المحرَّم بالقرآن والسنة، فقد ذم الله اليهود وشنع عليهم لأكلهم السُّحت في قوله سبحانه: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة:42]، وكما قال تعالى عنهم: {وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [المائدة:62]، وقال: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة:63]، وقال: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا} [النساء:160]، وقال: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ} [النساء:161].

 

وقد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من هذا المحرَّم وبيان عاقبة مرتكبيه منها: ما رواه ابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل لحم أنبته السُّحت فالنار أولى به. قيل: وما السُّحت؟ قال: الرشوة في الحكم". وروي عن الإمام أحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذو بالرعب" وروى الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "السُّحت: الرشوة في الدين وقال أبو محمد موفق الدين بن قدامة رحمه الله في المغني: "قال الحسن وسعيد بن جبير في تفسير قوله تعالى: {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} هو الرشوة، وقال: إذا قبل القاضي الرشوة بلغت به الكفر؛ لأنه مستعد للحكم بغير ما أنزل الله {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44]، وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين" فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة:172]، ثم ذكر: "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنّى يستجاب له".

 

فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا سخطه، وتجنبوا أسباب غضبه فإنه جل وعلا غيور إذا انتهكت محارمه، وقد ورد في الحديث الصحيح "لا أحد أغير من الله". وجنبوا أنفسكم وأهليكم المال الحرام والأكل الحرام، نجاة بأنفسكم وأهليكم من النار التي جعلها الله أولى بكل لحم نبت من الحرام، كما أن المأكل الحرام سبب لحجب الدعاء وعدم الإجابة لما مر من حديث أبي هريرة عند مسلم" انتهى كلامه.

 

وقال الشيخ عطية سالم رحمه الله: "ولو أخذنا تصوير القرآن الكريم، لوجدنا أن الراشي أدنى الناس منزلة، وأقلهم مروءة، وكأنه – كما في التصوير الموجود في كتاب الله {وَتُدْلُواْ بِهَا} كان على علياء المروءة والكرامة مع الناس، فإذا به يتدلى إلى القاع، وإلى الحضيض، وإلى أدنى مستوى في المجتمع الذي يعيش فيه، ولهذا يصنعها بالدس، ويخشى أن تظهر، ويخشى أن يقال: والله! فلان هذا يرتشي، ويفعل ويفعل".

 

إذا علم هذا فإنّ للرشوة آثاراً كثيرة على الفرد والمجتمع منها ما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إن الرشوة لمن أكبر الفساد في الأرض؛ لأنها بها تغيير حكم الله وتضييع حقوق عباد الله وإثبات ما هو باطل ونفي ما هو حق. إن الرشوة فساد في المجتمع وتضييع للأمانة، وظلم للنفس يظلم الراشي نفسه ببذل المال لنيل الباطل، ويظلم المرتشي نفسه بالمحاباة في أحكام الله يأكل كل منهما ما ليس من حقه ويكتسب حراماً لا ينفعه بل يضره ويسحت ماله أو بركة ماله إن بقي المال.

 

إن الرشوة تكون في الحكم فيقضى من أجلها لمن لا يستحق، أو يمنع من يستحق أو يقدم من غيره أحق بالتقديم، وتكون الرشوة في تنفيذ الحكم فيتهاون من عليه تنفيذه بتنفيذه من أجل الرشوة، سواء كان ذلك بالتراخي في التنفيذ، أو بعمل ما يحول بين المحكوم عليه وألم العقوبة إن كان الحكم عقوبة. إن الرشوة تكون في الوظائف والمسابقة فيها، فيقدم من أجلها من لا ينجح أو تعطى له أسئلة المسابقة قبل الامتحان فيولى الوظيفة من غيره أحق منه، وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من استعمل رجلاً من عصابة – أي من طائفة – وفيهم من هو أرضى لله منه فقط خان الله ورسوله والمؤمنين". رواه الحاكم وصحح إسناده. وإن الرشوة تكون في تنفيذ المشاريع ينزل مشروع عمل في المناقصة فيبذل أحد المتقدمين رشوة، فيرسو المشروع عليه مع أن غيره أنصح قصداً وأتقن عملاً ولكن الرشوة عملت عملها.

 

وإن الرشوة تكون في التحقيقات الجنائية أو الحوادث أو غيرها، فيتساهل المحققون في التحقيق من أجل الرشوة، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول". رواه أبو داود ومن حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، والغلول إثمه عظيم، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "استشهد مولاك أو قال: غلامك فلان، قال: "بل يجر إلى النار في عباءة غلها" رواه أحمد بإسناد صحيح.

 

وأغرب من ذلك أن تدخل الرشوة في التعليم والثقافة، فينجح من أجلها من لا يستحق النجاح، أو تقدم له أسئلة الامتحان أو يشار إلى أماكنها من المقررات، أو يتساهل المراقب في مراقبة الطالب من أجلها فيتقدم هذا الطالب مع ضعف مستواه العلمي ويتأخر من هو أحق منه لقوة مستواه العلمي" انتهى كلامه.

 

ومن آثارها أيضاً: انتشار الظلم، التباغض بين المسلمين مما يؤدي إلى تفرق الكلمة والوحدة، الإضرار بالطبقات الفقيرة، ارتفاع تكاليف السلع المصنعة، انتشار الفساد، انخفاض الكفاية الإنتاجية للوظائف حيث يصبح أغلبهم لا يعمل إلا إذا دفع له، زيادة إنفاق الدولة نتيجة لآثار الرشوة مما يزيد أعباء الدول المالية، انخفاض الولاء للدولة والقائمين عليها لعدم رضى المواطنين عن هذا الفساد الذي ينتشر ولا يقضى عليه، حصول شؤم هذا المال فلا يكفي فسك ومالَك منها: كثرة أعطال سيارتك، بيتك، مرضك، هروب عاملك، عدم التوفيق في خادمك، وقوعك في مصائد أهل النصب والاحتيال، هذا إذا أراد الله بك خيراً بأن يعجل عقاب هذه الرشوة في الدنيا؛ أما إذا لم ترَ مثل هذا الشؤم، فهذا لهوانك على ربك واستدراجك لعقاب الآخرة الذي لا يقارن بعقاب الدنيا أخرج الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسَكَ عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة".

 

والآثار كثيرة في الدنيا فضلاً عن الإثم العظيم اليوم ولعلنا نذكر ما أجابت به اللجنة الدائمة عن بعض الأسئلة عن الرشوة منها يقول السائل ما حكم الشرع في الرشوة؟

 

ج – الرشوة حرام بالنص والإجماع وهي ما يبذل للحاكم وغيره ليميل عن الحق ويحكم لصاحبها بما يوافق هواه، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "لعن الراشي والمرتشي" وروي عنه، أنه "لعن الرائش" أيضاً وهو الواسطة بينهما ولا شك أنه آثم ومستحق للذم والعيب والعقوبة لكونه معيناً على الإثم والعدوان، وقد قال الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة:2].

 

سؤال: ما هي آثار الرشوة على عقيدة المسلم؟

الرشوة وغيرها من المعاصي تضعف الإيمان وتغضب الرب عز وجل وتسبب تسليط الشيطان على العبد في إيقاعه في معاصي أخرى فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الرشوة ومن سائر المعاصي والتوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك. انتهى كلامهم رحمهم الله

 

أيها الأكارم، لقد قرأتم عقوبة الراشي والمرتشي في الآخرة، وكذلك شيئاً من أسبابها ومفاسدها في المجتمع أفلا يكون في ذلك رادع عنها لكل مؤمن يخشى الله ويخاف عقابه، ولكل مخلص يحافظ على دينه ومجتمعه كيف يرضى أن يعرِّض نفسه لعقوبة الله كيف يرضى أن يذهب دينه وأمانته من أجل حطام من الدنيا لا يدري لعله لا يأكله فيموت قبل أن ينعم به، كيف يليق بالعاقل أن يسعى في فساد المجتمع وهلاكه.

 

إن الأعمال أيها الأكارم دروس يأخذها الناس بعضهم من بعض، فإذا فشت الرشوة في جهة من جهاته انتشرت في بقية الجهات وصار على من عمل بها أولاً وزرها ووزر من عمل بها مقتدياً به إلى يوم القيامة كما أخرج مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سنَّ في الإسلام سُنَّة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومَن سَنَّ في الإسلام سُنَّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".

 

أسأل الله أن يهدينا إلى أحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو وأن يعيذنا من سيئ الأخلاق لا يعيذ من سيئها إلا هو، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:103]، وقال: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]، وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة:66]، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.