أمريكا.. وعدوى براقش
13 شعبان 1427

براقش كلبة مشهورة عند العرب في أمثالهم؛ فهي التي نبحت بأعداء أهلها فدلت على مخبأهم حيث كانت نهايتهم على يد هؤلاء الأعداء؛ ولذا قالت العرب " على أهلها جنت براقش " وسار في الناس مثلاً على كل مَنْ فعل ما يضر أهله وأتباعه.
والحكومة الأمريكية الحربية الحالية فعلت مثل براقش جناية على نفسها وحلفائها وأذيالها حين أقدمت على غزو بلاد المسلمين مبتدئة بأفغانستان والعراق.وقد سرت عدوى براقش للأمريكان من مكر الله بهم وإظهاره الحق ولو كره الكافرون والمنافقون.

وأول الجنايات كانت على الصورة الأمريكية اللامعة -زيفاً وخداعاً- حين أصبح عقلاء العالم يضحكون على حديث الرئيس الأمريكي وأركان حربه عن الحريات وحقوق الإنسان؛ وإن يكن لهذا القرن من أضحوكات فلا شك أن "حنان " بوش وإنسانية " رامسفلد" ولطف " رايس " هي النكتة السياسية الأكثر حضوراً.
وقد جنت أمريكا على حلفائها الأقوياء في أوروبا وغيرها ما بين سقوط حكومات ومظاهرات عارمة وسخرية متزايدة كما يحدث مع رئيس الوزراء البريطاني " بلير " الذي ينكس الإنجليز رؤوسهم خجلاً منه ومن تبعيته للقيصر الإرهابي بوش.

وعن " ليبرالي " العالم الإسلامي يطول الحديث؛ فكم من مرة ومرة صكوا أسماعنا بحضارة أمريكا وسمو الإنسان الأبيض وتعامله الرفيع؛ وكم هاجموا أي حكومة تتبنى الإسلام أو شيئاً منه كما حدث مع طالبان مثلا حين أقدمت على بعض التصرفات الاجتهادية؛ وكم كانت أحلامهم جميلة بالعيش الحر في " ظلال " المعتدي- المحرر- الأمريكي، لكن الله فضح ما كانوا يتباهون به فأصبح أقل القوم صفاقة يطرق ولا ينبس ببنت شفه حين يجري ذكر جرائم الغزاة البيض والسود من أبناء الأمة الأمريكية كما حدث في البلدين المسلمين من دمار وهتك أعراض الصغيرات واعتقال النساء وتعذيب الرجال بوحشية وسجن الناس بلا محاكمة. ومع إطراق كثير من " متلبرري " العصر لا يزال غلاتهم في حمأة التيه " والتسويغ " حتى قالوا في الدفاع عن " صليبية " بوش " و " فاشيته " ما لم يقله كتاب الغرب؛ ونظن أن هؤلاء الغلاة الأتاتوركيين لو بال جندي أمريكي على رؤؤسهم لقالوا: منتج أمريكي لعلاج القشرة والقمل وكلف الوجه ورمد العيون ووقر الآذان وقلح الأسنان وبخر الأفواه وليضحك علينا بعدها من شاء من أمم الأرض.

ومما دل عليه القبح الأمريكي في بلدان المسلمين أن " التعايش " مع الطوائف الضالة أفيكة وكذبة مفتراة وخير برهان ما يجري على يد مجرمي الشيعة الروافض في العراق ضد " مواطنيهم " وهكذا يستعد كل شيعة للتعايش مع مواطنيهم على يد الأمريكان الذين يعرفون "ولاء" هذه الطوائف الثورية.
وللأمم المتحدة نصيب من " براقشية " أمريكا حين نسفت مُثل المنظمة وجعلت مجلس الأمن خلف ظهرها بل تحت قدمها عياناً يراه الأعشى قبل البصير؛ فلم يعد للمنظمة ولا " لأمينها " ومجلس أمنها أي قيمة بسبب أمريكا؛ وقد كان سقوط المنظمة وعدم صلاحيتها حديث مجالس وأسراراً مكتومة لا يكاد يعلن بها أحد قبل هذه الحروب.

ومن " تبرقش " أمريكا أنها – من حيث لا تدري- زكت أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح حين جعلتهم العدو الأول لها لأنهم يرفضون الخنوع لمطالب القوة الكبرى. وقد قضت أمريكا على الدعوات " الرخوة " التي يطلقها بعض الإسلاميين حتى لم يعد في بلاد المسلمين تجاهها إلا صقور وغربان وانتهى عصر الحمائم.

ومما جنته الولايات المتحدة أنها نبهت الحكومات الإسلامية إلى الطابور الخامس من " مواطني " تلك البلدان الذين اقترفوا الخيانة العظمى بالتواصل معها للضغط على بلدانهم وربما ألفت منهم " معارضة " أو حكومة منفى، وحقيق بالحكومات أن تتعامل بحزم مع هذا الطابور القزم قبل أن تمُنح لهم مقاليد الأمور على يد المحتل البراقشي.

وقد فضحت أمريكا باختيار النماذج النتنة ليقوموا مقامها في البلدان المحتلة كما حدث في أفغانستان حين جاءت بدمية ترى- قبحها الله – أن الإساءة للنبي _صلى الله عليه وسلم_ حرية صحفية؛ ولو أن مواطناً أفغانياً بصق على صورة هذا المذموم الكريهة لما عد هذا الفعل حرية سياسية، وهكذا هم " رجالات " الحرية الأمريكية وصنائعها.
ومع الاعتذار لبراقش وجنسها فلقد كانت حسنة النية نبيلة المقصد فيما يبدو؛ ومع أنها كلبة إلا أنها لم " تستكلب " كما فعلت هذه الحكومة العقور في حربها الصليبية الشنيعة على الإسلام والمسلمين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.