11 صفر 1440

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله .. أحسن الله إليكم .. يا شيخ .. 
لدي بحث مقرر في الماجستير بعنوان: (حكم الأذان ومتابعته عبر المسجل ونحوه)، وفي مسألة: متابعة الأذان عبر المسجل، ومسألة: متابعة الأذان عبر الهواء مباشرة، لم أجد من كيّفها فقهياً، وإنما وجدت حكم المسألة فقط؛ فلعلكم ترشدوننا إلى ذلك. جزاكم الله كل خير.

أجاب عنها:
سليمان الماجد

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.
فأما متابعة المؤذن الحقيقي الذي ليس بمسجل من خلال إذاعة أو قناة عبر الهواء مباشرة فإنه أذان لا خلاف فيه، وأما كونه على الهواء مباشرة فهي وسيلة محضة في نقل الصوت؛ فهي كوسيلة مكبرات الصوت تماما، ولا أعلم من يخالف في مشروعية متابعة هذا الأذان؛ إلا إذا كان بعيدا بحيث يوجد فارق في التوقيت؛ فيكون الأذان قبل الوقت، أو بعد دخوله بوقت كثير فهي مسألة أخرى، والأظهر فيها عدم مشروعية متابعته؛ كالذي يؤذن تعليما، أو تجربة لصوته، أو للنظام الصوتي. 
أما إن كان الأذان المنقول عبر الأثير من مؤذن حقيقي حاضر في المدينة نفسها فتُشرع متابعته بلا خلاف أعلمه. وإن كان الأذان من خلال المسجل في وقته فمن يرى عدم مشروعيته فإنه يُغلِّب جانب التعبد المحض؛ لأنه تضمن جُمَلا بأعداد معينة، لا يجزئ غيرها عنها، وهذا شأن التعبدات المحضة من صلاة وصوم ونسك؛ فيكون الأصل فيها التوقيف؛ فعلى هذا لا بد من مؤذن حقيقي حاضر في الوقت. ومن رأى مشروعيته فإنه يسلِّم بكون جمل الأذان تعبدية محضة، ولكن المقصود منها الإعلام بقرب إقامة الصلاة، وهذا الجزء منه معقول المعنى؛ وما كان معقول المعنى فيجوز رفعه بأي وسيلة؛ فيكون من قال بهذا القول قد اعتبر التعبد في موضعه وهو المحافظة على الجُمَل، واعتبر أيضا عقل المعنى في موضعه وهو الإعلام الشرعي في وقته، وأن ذلك مثل تبليغ صوت المؤذن الحقيقي الحاضر بالمكبرات الحديثة. 
فإن قيل: لازم هذا أن نقول بمشروعية أن يكون هناك إمامٌ بالتسجيل أيضا بحيث يأتي بجميع شعائر الصلاة من ألفاظ الانتقال والتلاوات؛ مما يغني عن الإمام الحقيقي؛ كما استغنيتم عن المؤذن الحقيقي فقد يجيبون عن ذلك بأن الإمام له نية معتبرة بإجماع في قصد الصلاة، وأن هذه النية لو لم تحصل وعلم المأموم بذلك لم تصح صلاتهما، وكذلك عند جمع كبير من أهل العلم اشترطوا نية الائتمام للمأموم، ونية الإمامة للإمام بينما لا يشترط ذلك في الأذان عند طائفة من أهل العلم؛ لغلبة عقل المعنى في الإعلام المقصود، وهذا ما لم يمكن تحققه في الإمامة بالمسجل. 
فهذا يتعلق بتكييف المسألة، وبعض مناطاتها، ومنه تظهر قوة القول بصحة رفع الأذان المسجل في وقته؛ وإن كان الترجيح يحتاج إلى مزيد بحث. 
وإذا كان هناك منع من الجهات الرسمية من الأذان المسجل، أو كانت وظيفة المؤذن رسمية، أو بأجرة، لم يجز له أن يستعمل المسجل بلا شك ولا إشكال. والله أعلم.