29 صفر 1430

السؤال

انتشر في هذا الزمن ما يسمى: باقات ورد، خاصة عند دخولك المستشفيات، فما حكم إهداء الورد للمرضى، وهل هذا له أصل؟ ولماذا لا ينبه المسؤولون عن هذه الظاهرة حتى تُتحاشى؟

أجاب عنها:
د.عبدالله آل سيف

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فالتهادي بين المسلمين مشروع بقوله صلى الله عليه وسلم : (تهادوا تحابوا ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد بسند حسنه ابن القطان والألباني ، وله شواهد لاتخلو من كلام في إسنادها بألفاظ مختلفة مثل حديث أنس - مرفوعاً - : «يا معشر من حضر ، تهادوا ؛ فإن الهدية قلت أو كثرت تذهب السخيمة ، وتورث المودة».
ويزداد الترغيب فيها للمريض لما فيها من إدخال السرور على نفسه ، وقد ثبت طبياً أن زيارة المريض تزيد في قوة مناعته وتزيد من فرص علاجه فكيف إذا انضم لها هدية مناسبة مفرحة !
لكن ينبغي أن يهدي المرء الهدية التي يظن أنه يدخل السرور بها على قلب صاحبه ، فالطفل يهدى له من الألعاب ما يفرحه ، والكبير يهدى له بحسب ما يحب ويهوى من المباح ، وينبغي أن يهدى له النافع من الكتب والأشرطة أو الأدوات النافعة من الأقلام ونحوها ، وينبغي لأصحاب محلات الهدايا في المستشفيات أن يجهزوا مثل هذه الهدايا النافعة.
وأما الورود فإن كان يحبها ويرغب فيها وتدخل السرور على نفسه فلابأس بها أحياناً ، أما إن كان لاينتفع بها ولايهتم بها كما هو حال غالب الناس في مجتمعنا فتستبدل بغيرها ، ثم إن كانت باهضة الأثمان وحصلت فيها مغالات ومباهاة فينهى عنها لما فيها من الإسراف والتبذير ، وينبغي أن تترك عادة الورود هذه ؛ لأنه يخشى أن تتحول لعادة وهو أن من زار مريضاً لابد أن يهدي له ورداً فيكون فيها من الحرج والضيق على الناس –مع المغالاة في أثمانها -وتضييع الأموال فيما لافائدة فيه كما ستمنع كثيراً من الناس ممن لايقدر على قيمتها من الزيارة، فيذهب المقصود الشرعي من الحث على زيارة المريض ، فعليه يقال لايلتزم الإنسان الإهداء دائماً حتى لايكون عادة ، وإنما شاء أهدي أحياناً لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يهدي لمن كان يزوره من المرضى، بل كان يدعو لهم ويكتفي بذلك فالتزام الهدايا دائماً فيه نظر شرعي ، وعليه أن يهتم أكثر بما يشرع فعله من قول أو فعل مع المريض من الدعاء له ونصحه وتصبيره ، ثم لو ثبت أن إهداء الورود عادة من عادات الكفار ومن خصائصهم أو اقترن بها معتقدات دينية لهم فيمنع منها للتشبه على وجه التحريم،والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين