أنت هنا

دعوة إلى مشروع الميثاق الوطني الانتقالي الليبي
24 ربيع الثاني 1432

يعتبر الميثاق الوطني الانتقالى أهم وثيقة للإصلاح السياسي والإجتماعي في ليبيا الجديدة، والقصد منه أن يسايرالمستجدات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ستعرفها ليبيا بعد مجموعة من الأزمات التي مرت عليه.
والميثاق الوطني هو منظومة إصلاحية تضم مجموعة من المكونات والآليات والمعايير الصالحة لتغيير نظامنا االسياسي وتجديده ، بقصد خلق مؤسسة حكم مؤهلة وقادرة على المنافسة والانفتاح على المحيط السياسي والاقتصادي، ومواكبة كل التطورات الواقعية الموضوعية المستجدة، والتأقلم مع كل التطورات الأقليمية والدولية.
إن الشعب الليبي بقدر ما عانى من طغيان و استبداد و غياب للدولة المدنية و النظام و القانون طيلة أربعة عقود من الحكم الهمجي، و بقدر ما يتوق بعد ثورته التاريخية في السابع عشر من فبراير إلى إزالة آثار العهد الهمجي و إلى الحرية و المساواة و العدالة و الديمقراطية .
و بقدر ما قاساه من انفراد متعجرف مستبد بالرأي الواحد و إقصاء للرأي الآخر، و بقدر ما يتطلع إلى التعددية و الاحترام المتبادل لكل الأصوات الوطنية المخلصة .
و بقدر فداحة النكبة التي مني بها هذا الشعب خلال العهد السابق ، الذي لم يكتف بالاستبداد و الفساد اللذين عانت و تعاني منهما شعوب كثيرة، بل زاد عليهما بتبني الفوضوية منهاجا للحكم، مما حوَل بلدا ذا ثروة طائلة و إمكانيات جغرافية و بشرية متميزة إلى بلد يرزح تحت وطأة القهر و الفقر اللذين ضاعفت ويلاتهما الفوضى و ما ترتب عليها من تخريب و تدمير للمؤسسات الإدارية و التعليمية و الصحية و البنى التحتية.

و بقدر ما كابده هذا الشعب من نهب لثرواته و عبث بمقدراته و تحكم بحاجاته و بطالة لشبابه و طغمة حاكمة لم يكن شغلها الشاغل سوى القهر و الجشع و الفساد، و بقدر عزمه على استدراك ما فاتاه و على إعادة بناء بلاده و تحقيق العدالة الاجتماعية و الأمان الاقتصادي لكل مواطن.
و بقدر ما ابتلي به هذا الشعب طيلة أربعة عقود من دجل و ديماغوجية و تقهقر على كافة الأصعدة الفكرية و العلمية و الثقافية و الأدبية، و بقدر تصميمه على استعادة مكانته كشعب متميز رائد بما يعود بالخير على كافة أفراده و محيطه العربي والدولى.
و بقدر ما أصاب هذا الشعب من ترويع و إرهاب و كبت للحريات و تحكم بوليسي همجي، و بقدر ما يتشوف هذا الشعب إلى دولة دستورية و مجتمع مدني منظم يسوده الأمن و الطمأنينة و السلم السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي ،فإن الشعب الليبى، وحتى يتم إصدار الدستور الدائم،ينادى بتبنى هذا الميثاق الوطني الإنتقالى الذي يرتكز على المبادى والأسس التالية :
1 - ليبيا دولة مستقلة وهي ذات سيادة ووحدة لا تتجزأ، وهي دولة ديمقراطية لامركزية ، الشعب فيها هو مصدر السلطات ،ودينها الإسلام، ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر تشريعها , ولغتها الرسمية اللغة العربية، وعاصمتها طرابلس ،والمواطنون فيها أحرار متساوون في الحقوق والواجبات وأمام القانون
2 - تضمن الدولة سيادة القانون، والتعددية السياسية، والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة، و حق التمثيل لكل فئات و شرائح الشعب الليبي، وحرية الرأي وحرية التعبير الفردي والجماعي، وإذاعتها بكل الوسائل وبما في ذلك الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة وحرية البحث العلمي، وحرية الاتصال وسريته ، وحرية الصحافة ووسائل الإعلام والطباعة والنشر، وحرية التجمع السلمي، و حرية تكوين الجمعيات ،والأحزاب السياسية والنقابات و الاتحادات، واللامركزية في كافة الشؤون الإدارية .

3 - تضمن الدولة المساواة أمام القانون، واحترام سلامة المواطن الجسدية و النفسية والأخلاقية، و حق الخصوصية، والكرامة الفردية، وحرمة البيوت و المؤسسات الدينية والعلمية و التعليمية.
4 - تضمن الدولة تكافؤ الفرص، و المستوى المعيشي اللائق لكل مواطن، و حق العمل، و حق التعليم، و حق الرعاية الصحية، و الضمان الاجتماعي، و حق الملكية الفردية. كما تضمن الدولة عدالة توزيع الثروة الوطنية بين المواطنين و بين مختلف مدن و مناطق الدولة.
5 - تمارس وسائل الإعلام رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تعبيرا عن اتجاهات الرأي العام دون رقابة و في إطار المقومات الأساسية للمجتمع الليبي وقيمه الحضارية، و احترام الحريات والحقوق و الواجبات العامة وحرمة الحياة الخاصة، و ملكية وسائل الإعلام و الطباعة و النشر مكفولة للأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللأحزاب السياسية و للمواطنين وفقا لما يبينه القانون. و يحظر التدخل في حرية وسائل الإعلام أو إيقافها بالطريق الإداري .
6 - الدفاع عن الوطن، و الحفاظ على الوحدة الوطنية، و عدم المساس بالنظام المدني الدستوري الديمقراطي، و التمسك بالقيم المدنية و مكافحة النعرات الجِهَوية و القبلية، مع وجوب ورعاية حرمة الأموال العامة، واجب على كل مواطن.
7 - تضمن الدولة الفصل بين السلطات، و حصانة و استقلال القضاء، و يضمن القضاء في أحكامه حماية مصالح المجتمع والأفراد وحقوقهم وحرياتهم وكرامتهم.
8 - تضمن حق إنشاء وتكوين الأحزاب والجماعات السياسية ولكل مواطن حق في أن ينتخب أو ينتخب ويكون للدولة مجلس تشريعي أعلى مسؤول وحده عن عملية إصدار القوانين ويتكون من أعضاء منتخبين من كافة أبناء الشعب دون تمييز بينهم بسبب العرق أو الدين أو الجنس أو القبيلة ومدة عضويتهم في هذا المجلس محدودة بمدة معينة ،ويكون للدولة رئيس منتخب وتدوم فترة الرئاسة لمدة محددة لا تتجاوز أربع سنوات بمدة إعادة إنتخاب لمرة واحدة.
9 - ويكون لليبيا حكومة مدنية مفوضة بحق ممارسة السلطة التنفيذية مسؤولة أمام المجلس التشريعى يرأسها رئيس وزراء مدني.
10 - وتكون السلطة القضائية مستقلة وهي من إختصاص المحكمة العليا ولا يجوز إنشاء أي محاكم إستثنائية ويمارس القضاة أعمالهم بإستقلالية تامة و ليسوا ملزمين إلا بأحكام الدستور وقوانين الدولة وتناط السلطة القضائية بمحكمة عليا واحدة وبمحاكم أدني درجة ، وللقضاء تقرير مدى دستورية أو قانون أو أمر تنفيذي أو نظام أو تصرف رسمي.
11- وتمارس السلطة التشريعية والحكومة الانتقالية والقضاء سلطاتهم وإختصاصهم بإستقلالية تامة وتوزع السلطات بما يضمن التوازن ومنع المركزية وجمعها في سلطة أو أكثر دون غيرها.
12 - وتكون للدولة مالية عامة ينفق من خلالها المال العام بعد موافقة السلطة التشريعية عليها ويكون جهاز للمحاسبة ويراقب على الإيرادات والنفقات وطرق صرفها ولرئيس جهاز المحاسبة حصانة.
13 - ويكون للدولة تقسيمات إدارية تتمتع بالشخصة الإعتبارية وتنظم على أساس إعتماد مبدأ الإستقلال الذاتي لهذه التقسيمات.
14 - للدولة الليبية جيش مهمته الدفاع عن الوطن وسلامته ولا يتدخل في الشؤون السياسية والإقتصادية والإجتماعية والحياة المدنية بأي شكل من الأشكال.
15 – والدولة الليبية جزء من المجتمع الدولي تلتزم بمواثيقه وإتفاقياته وقواعده وقوانينه وتعمل على المشاركة في الأمن والسلام العالميين.

المجلس الوطنى الانتقالي المؤقت
يكون المجلس الوطنى الانتقالي المؤقت مسؤلا عن إدارة شؤون البلاد الى أن يتم إنتخاب المؤتمر الوطني العام ويلتزم المجلس الوطنى الانتقالي المؤقت وخلال سبعة أيام من إعلان التحرير بالدعوة إلى إجتماع المؤتمر الوطنى العام الذي يضم جميع ممثلى المجالس المحلية للمدن وفى حال عدم قيامه بذلك خلال المدة المذكورة فللمجالس المحلية للمدن الدعوة إلى إجتماع ينعقد فى مدينة طرابلس فى مدة اقصاها اسبوعين من تاريخ الاعلان.
وبإنعقاد الجلسة الأولى للمؤتمر الوطني العام تنتهي ولاية المجلس الوطنى الانتقالي المؤقت وتنتقل جميع سلطاته واختصاصنه إلى المؤتمر الوطني العام .

المؤتمر الوطنى العام
هو أعلى سلطة في الدولة – خلال المدة الانتقالية - و يباشر أعمال السيادة العليا و التشريع ووضع السياسة العامة للدولة، وله عقد المعاهدات وتعيين وعزل الممثلين السياسيين للدولة في الخارج وتعيين وعزل كبار الموظفين، و له بصفة عامة أن يتخذ كافة التدابير الضرورية لإدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
ويتكون المؤتمرالوطني العام من ممثلين عن المجالس المحلية للمدن ، و يختار المؤتمرالوطني العام من بين أعضائه رئيسا له وناطقا رسميا ومنسقين لمختلف المهام الداخلية والخارجية. و يكون مقر المؤتمر في طرابلس.
و يضع المؤتمرالوطني العام اللوائح اللازمة لتنظيم الهيكلية الإدارية و الشؤون المالية و آلية الاجتماعات و سير العمل .

ويجب على المؤتمرالوطني العام انتخاب هيئة دستورية تقوم بإعداد دستور دائم للبلاد يُطرح للاستفتاء العام خلال مدة اقصاها سنة من تاريخ إنعقاد أول إجتماع للمؤتمر الوطنى ويتم ذلك تحت إشراف مراقبين دوليين من الأمم المتحدة و المنظمات الدولية و الإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، بحيث وبصدور الدستور الدائم تجرى انتخابات وفقا لأحكامه وللقوانين المنظمة لذلك و يتم تسليم السلطة و تنتهي ولاية المؤتمرالوطني العام خلال مدة أقصاها سنة ميلادية .
المؤتمر الوطني مؤتمن على الوحدة الوطنية، و على تجسيد و نشر القيم الحضارية المدنية و مكافحة النعرات الجِهَوية و القبلية، و على سلامة المواطنين و المقيمين، و على سلامة التراب الوطني من الوجود الخارجي، و على الإشراف على المجلس العسكري الانتقالي للدفاع عن الوطن و حماية ثورة السابع عشر من فبراير و تحقيق أهدافها في إقامة الدولة المدنية الدستورية الديمقراطية.
تصدر الميزانية العامة للدولة بقانون من المؤتمر الوطني ، و يعتمد المؤتمر الحساب الختامي للميزانية.
الحكومة الانتقالية
يعين المؤتمر الوطني العام حكومة انتقالية تتكون من رئيس للوزراء ووزراء. وله أن يقيل الحكومة الانتقالية أو أيا من الوزراء و أن يقبل استقالاتهم.
وتتولى الحكومة الانتقالية تنفيذ السياسة العامة للدولة وفق ما يرسمه المؤتمر الوطني. و يضع المؤتمر الوطني العام اللوائح اللازمة لتنظيم الهيكلية الإدارية و الشؤون المالية و آلية الاجتماعات و سير العمل للحكومة الانتقالية .
وتقوم السلطة القضائية بالملاحقة الجنائية و المدنية العادلة في النطاقين الوطني و الدولي لكل من أجرم في حق الوطن و المواطنين خلال العهد السابق. و لا تسقط بالتقادم الدعوى الجنائية و لا المدنية الناشئة عن جرائم العهد السابق. و لا يصبح أي عفو أو حكم صادر بالبراءة في هذا الخصوص نهائيا إلا بعد عرضه على المحكمة العليا بعد سريان الدستور الدائم و انتهاء المرحلة الانتقالية.
وتقوم السلطة القضائية بتتبع و استرداد الأموال العامة المغتصبة أثناء العهد السابق في الداخل و الخارج.
ويلغى النظام المقرر بما سمي باعلان سلطة الشعب” الصادر بتاريخ 2 مارس 1977م مع جميع ما يترتب على ذلك من آثار.
يستمر العمل بجميع الأحكام المقررة في التشريعات القائمة بما لا يتعارض مع هذا الميثاق إلى أن يصدر ما يعدلها أو يلغيها. و كل إشارة في هذه التشريعات إلى ما سمي ب"المؤتمرات الشعبية" أو "مؤتمر الشعب العام" تعتبر إشارة إلى المؤتمرالوطني العام، و كل إشارة إلى ما سمي ب”اللجنة الشعبية العامة" أو "اللجان الشعبية" تعتبر إشارة إلى الحكومة الانتقالية أو الوزراء أو كل في حدود اختصاصه؛ و كل إشارة إلى "الجماهيرية" تعتبر إشارة إلى الدولة الليبية.
والحمد لله رب العالمين