25 شعبان 1425

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته <BR>شيخنا الفاضل : ناصر العمر _حفظه الله تعالى_ <BR>إننا نتابع بشوق و لهف ما تقدمونه من برامج و فتاوى واستشارات، و نسأل الله أن يبارك لكم على جهودكم .<BR>وسؤالي: إننا نسمع الآية" و من يتولهم منكم فإنه منهم "، و نسمع حديث النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن موالاة الكافرين.<BR>ونرى و نتابع بشدة أحداث العراق و ما يجري فيها من مجازر و دمار، وسمعنا أن هناك بعض الدول العربية تتعاون بطرق معينة مع المعتدين على العراق، حتى قيل: إن الطائرات الحربية للعدو المعتدي كانت تنطلق من هذه الدول!! أليس هذا سبباً كافياً لتكفير الدول الحاكمة الراضية بهذا التصرف ؟<BR>

أجاب عنها:
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
أخي الكريم: إن تكفير المسلمين من أعظم الأمور، والناس فيه بين إفراط وتفريط، والحق هو الوسط، ولذلك فإنه يلزم قبل الدخول في قضية التكفير النظر في أمرين:
الأمر الأول: فعل الكفر ، فينظر هل هذا الفعل كفر أم لا؟ وما الدليل على ذلك من الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة.
الأمر الثاني: فاعل الكفر، فإذا ثبت شرعاً أن ذلك الفعل كفر، فهل يكفر فاعله ؟ فمن الممكن أن يكون الفعل كفراً ولا يكفر فاعله؛ لعوارض الأهلية، أو لأي سبب شرعي آخر، وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة _رضي الله عنه_ خير دليل على ذلك، ففي الصحيحين عن علي _رضي الله عنه_ قال:" بعثنا رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أنا والزبير والمقداد، فقال: ائتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة، فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي كتاب فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض أمر رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: يا حاطب ما هذا؟! قال: لا تعجل علي يا رسول الله، إني كنت امْرَأً ملصقاً في قريش،- قال سفيان كان حليفاً لهم ولم يكن من أنفسها- وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم أفعله كفراً ولا ارتداداً عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "صدق" فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال _صلى الله عليه وسلم_: "إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فانزل الله _عز وجل_" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء".
فهذا الصحابي الجليل حاطب بن أبي بلتعة _رضي الله عنه_ يتعاون مع المشركين لسبب ظنه صواباً، ومع ذلك لم يحكم النبي _صلى الله عليه وسلم_ بكفره، ولم يعجل عليه بالعقوبة.
لذلك فأمر التكفير من عظائم الأمور، ولصعوبة هذا الأمر، ولأنه زلت فيه أقدام، ولا يقوى عليه إلا جهابذة العلماء، فإني أنصح بترك هذا الأمر لأهله، والاشتغال بما ينفعك في دينك ودنياك، وفقك الله وسدد خطاك. د. ناصر العمر