4 محرم 1429

السؤال

فضيلة الشيخ: <BR>هل شرع الجهاد لأجل التوسع في الأرض أم لنشر الدين الإسلامي؟ وإلا فما المراد بجهاد الطلب؟

أجاب عنها:
د. عبد الرحمن المحمود

الجواب

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد. أما بالنسبة للجهاد فالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة دلت على أن الجهاد نوعين: النوع الأول: جهاد الدفع، وهو قتال المعتدين على ديار المسلمين، وهذا معلوم به شرعاً وواضح، فإذا هجم الأعداء على بلاد المسلمين فيشرع لأهل هذه البلاد ردع هذا العدو وقتاله ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً . النوع الثاني: جهاد الطلب، وهو طلب العدو لنشر دعوة الإسلام في كل مكان، وهذا هو الأصل في الجهاد؛ لأن الأساس في الجهاد في سبيل الله هو فتح البلاد لتكون بلاد إسلام، وليرحم الله عز وجل هذه البلاد بتلك الفتوحات، كما حصل للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في فتحهم لبلاد فارس، وبلاد الروم، وبلاد القبط في مصر، وبلاد البربر وبلاد اليمن وبلاد المشرق، فإنهم اتجهوا إليها فاتحين ورحم الله تلك البلاد بتلك الفتوحات فهذا هو الأصل في الجهاد في سبيل الله، ثم إذا جاهد المسلمون وفتحوا البلاد يقال: لا إكراه في الدين، لا أحد يُكره على ترك دينه إذا كان من أهل الكتاب، هذه هي جملة المسألة المتعلقة بالجهاد، ومعلوم أن الموضوع لا يسعه فتوى سريعة لكن هذا هو باختصار والنبي صلى الله عليه وسلم كما هو معروف كان الجهاد بالنسبة له على أحوال، وكما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد، ففي مكة كان ممنوعاً وأُمر بالصبر والاحتساب حتى قبيل الهجرة،و لما أراد أهل بيعة العقبة الثانية أن يلووا على أهل منى ويقاتلوهم نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم لما هاجر أُمر بقتال من قاتلهم و أُذن له بذلك، فكانت الغزوات بينهم وبين المشركين، ثم إنه في آخر أمره صلى الله عليه وسلم، لما نزلت سورة براءة أُمر بالبراءة من المشركين تلك البراءة العامة، ونزل قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) (التوبة: من الآية36)، فكان من لم يكن له عهد أعطي أربعة أشهر، ومن كان له عهد أتم إليه عهده كما هو واضع في سورة التوبة، فكان طلب الكفار هو الأصل، وهذا الذي فهمه الصحابة وطبقوه في حياتهم بعده صلى الله عليه وسلم، ولم يخالف في ذلك أحد، لم يخالف من الصحابة، بل هو إجماع وإطباق على صحة الفتوحات في بلاد فارس والروم، مع أن أولئك ما كانوا هجموا في ذلك الوقت على المسلمين، هذا باختصار وإلا موضوع الجهاد قد بُحثت فيه بحوث كثيرة. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.