انتشار الصور والأفلام الإباحية بين الشباب
9 شعبان 1426
معمر الخليل

في إحدى مناطق الرياض، وعلى بعد شوارع قليلة من فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يصطف نحو 15 محلاً متخصصاً في بيع أجهزة الدش (الستلايت) المنوعة، والتي يتراكض عليك عمالها طمعاً في المبالغ الهائلة التي يدفعها مرتادو هذه المحلات بسخاء وكرم(!).

عندما تدخل إحدى هذه المحلات، تنهال عليك العروض الكثيرة، ما بين أجهزة حديثة تؤمن لك صورة صافية (كالمرآة) وأجهزة أخرى تستطيع عرض 600 قناة عربية وأجنبية، وغيرها من الأجهزة التي تعرض قنوات لا أخلاقية عبر اشتراكات ومبالغ طائلة.
بهذه البساطة، يتم تداول أجهزة استقبال القنوات الفضائية الإباحية، التي باتت تغطي أسطحة آلاف المنازل في كل اتجاه.
ومع دخول الإنترنت في الكثير من منازل المدن، باتت ملاحقة الصور والأفلام الإباحية أكثر سهولة، وأيسر تداولاً. عبر التلاعب والتحايل على الأجهزة الخاصة بمراقبة وتصفية المواقع.
ولأن الإنترنت وسيلة إعلامية تؤمن تناقل المعلومات من الطرفين (عكس القنوات التلفزيونية ذات الاتجاه الواحد)، فإن تداول الصور والأفلام بات أسهل، وأصبح الشخص يستطيع أن يقدم لصديقه هدية(!) عبر إرسال صورة أو مقطعاً فيلمياً له من خلال الإيميل.
والآن، دخلت إحدى التقنيات الحديثة مجال منافسة الإنترنت في تداول تلك المحرمات، إذ أصبحت الجوالات الحديثة، خاصة التي تتمتع بخدمة البلوتوث، وسيلة أسهل وأيسر في ذلك.
ويتساءل البعض، هل حقاً يحدث هذا الأمر في السعودية بسهولة، وينتشر انتشاراً واسعاً كما تذكر بعض الإحصاءات أو التوقعات؟!

مع كل أسف، ما يحدث في المحلات ومقاهي الإنترنت والمنازل وعبر الأثير أكبر بكثير مما ينشر أو يعلن عنه، فعدم الحديث عن المشكلة لا يعني بالضرورة عدم وجودها.
ولربما فضّل البعض عدم التعرج إلى مثل هذه المواضيع، بحجة أنها قد تفتح آفاقاً أمام البعض لهذه الممارسات الشاذة، أو قد تفضح بعض المساءل التي يرغب البعض في إبقاءها سراً. إلا أن الأفضل من التستر أو التخفي هو عرض المشكلة، وإيجاد الحل الناجع لها.

إحصاءات عالمية:

في كتاب للدكتور مشعل القدهي بعنوان (الإباحية وتبعاتها.. ظاهرة تفشي المواد الإباحية في الإعلام والاتصالات والإنترنت) نشر الدكتور مجموعة من الإحصاءات الدقيقة، التي تفشي عن بعض الجوانب الخفية في تلك القضية الهامة والحساسة، منها:
• يتم صرف 57 مليار دولار سنوياً في ترويج المواد الإباحية في وسائل الإعلام.
• 83.5% من الصور المتداولة في المجموعات الإخبارية في الإنترنت هي صور إباحية.
• يتم إنشاء 266 موقعاً إباحياً جديداً في الإنترنت كل يوم.
• الصفحات الإباحية هي أكثر فئات صفحات الإنترنت بحثاً وطلباً.
• أكثر المتداولين للمواد الإباحية هم فئة الشباب ما بين 13 – 17 عاماً.
• 93% من المراهقين الذين يرتادون صفحات الدعارة لا يدري أولياء أمورهم طبيعة ما يتصفحون.
• جرائم استغلال الأطفال في الأعمال الإباحية قد ازدادت بنسبة 1500% منذ عام 1988م.
• أقل من 3% من الآباء يدرك حقيقة ما تحويه ألعاب الفيديو من عنف وتعري وإباحية.
• إباحية الجوالات ستزداد من 553 مليون يورو عام 2003م إلى توقعات متحفظة بـ 3.7 مليار يورو نهاية عام 2005م.

كما أورد الدكتور القدهي في كتابه، بعض الإحصاءات الخاصة بالمملكة العربية السعودية، جاء فيها:
• إنه عند ظهور صفحة الحجب فإن نسبة 95.23% منها تكون بسبب محاولة الوصول إلى الإباحية.
• 96.01% ممن يتخطون نظام الترشيح الوطني يتجهون فوراً إلى المواد الإباحية.
• 65.98% من عمليات البحث في محركات البحث المتخصصة بالصور تطلب المواد الإباحية.
• أجهزة استقبال القنوات الجنسية الفضائية تباع بالآلاف في السوق السوداء.

ويقول الكاتب: " علينا أن نعلم أن أكثر خدمات الإنترنت والإعلام والاتصالات اليوم لا يتم ترشيحها، وعلينا أن نعلم أن استمرار ذلك سيقضي إلى تبعات أمنية لا يحمد عقباها، ولكن التقنيات الحديثة التي يمكن استغلالها في الترشيح كثيرة، وهي متاحة لأرباب المنازل ومديري المدارس وأصحاب الشركات الخاصة وللجهات الرسمية، فلا بد من الاستعانة بها على الوجه الفعال المناسب والذي يحقق الاتزان بين جلب المصالح ودفع المفاسد".

قصص واقعية:
يقول ف. د (طالب في الجامعة): " أتردد إلى منزل خالتي بحكم علاقتي الوثيقة مع زوج خالتي وابنه، وأقضي عندهم أوقاتاً طويلة، وبدأت منذ مدة باستخدام جهاز الحاسب الآلي في منزلهم، ولمعرفتي وخبرتي بالأجهزة، بدأت بتصفح الإنترنت، ورحت أبحث (بسبب الفضول) في الملفات المخفية وغيرها، ولكنني صعقت عندما شاهدت بعض الصور الفاضحة وقد وضعت في ملف مخفي، وعند تصفحي للملف، اكتشف وجود صور فاضحة مرسلة عبر الإيميل، وبعض ملفات الفيديو، ووجود ملفات مخزنة للدردشة عبر الماسنجر، اتضح لي من خلالها أن ابنتي خالتي _ومع كل أسف_ على علاقة مع أحد الشباب، الذي استدرجها للكلام البذيء ومراسلات الصور الماجنة وغيرها".
ويكمل بالقول: " لم أعرف كيف أتصرف، فالأمر خطير جداً والسكوت عنه أخطر، خوفاً من وقوع ما لا تحمد عقباه".
ويروي أحد الشباب (21 عاماً) عن ما يسميه "بالفرض اليومي !" قائلاً: " لدينا أنا وأصدقائي فرضاً يومياً لا يمكن أن نخل به، ونحن على هذه الحالة من نحو سنة ونصف تقريباً، وهو أن نجتمع في استراحة لأحد أفراد المجموعة ليلاً، ونسهر على متابعة بعض القنوات الإباحية حتى ساعة متأخرة من الليل، كل حسب وقتهً" !
ولعل القصة الفاضحة والمؤلمة التي سجلتها عدسة كاميرا جوال الباندا (تلك المتعلقة ببرجس)، بقيت لمدة طويلة حديث الشارع السعودي، وتكلمت عنها عشرات المنتديات الإلكترونية والدوريات المطبوعة ومئات الأقلام، وانتهى بها الأمر إلى القضاء. إلا أنه لم يكتب لها الانتشار لولا غزارة إرسال ملف الفيديو عبر الجوال والإنترنت، والذي ينبئ بسهولة ومدى انتشار إرسال ملفات الفيديو عبر تلك التقنيات.
بالطبع هناك قصص أكثر بكثير من هذه القصة، وأحداث تجري بشكل يومي، إلا أنه لا يكتب لها الظهور الذي حظيت به تلك القصة، وعندما صدر الحكم القضائي ضد برجس وجماعته؛ ابتسم البعض اعتقاداً منهم أن ذلك كان نهاية ملف الفضائح الجنسية عبر الجوال، ولكن هذه ليست الحقيقة.

عبر بحثنا عن قصص مشابهة لها، حصلنا على بعض المعلومات الخجولة، والتي أقسم البعض أنهم يروونها للمرة الأولى، يجبرهم على ذلك رغبتهم في أن يعتبر الناس من قصصهم، ويتجنبون تلك الفضائح.
من بين هذه القصص، ما رواه أحد الأشخاص عن مراسلات الصور وملفات الفيديو عبر الجوال التي يحصل عليها من أصدقائه. يقول هذا الشخص (19 عام): " اعتدت أن أتسلم بعض الصور وملفات الفيديو الفاضحة على جوالي من بعض الأصدقاء، وكنت أحذف أغلبها خوفاً من أن يراها أحد، وفي ذات مرة كنا ندفن أحد الأقارب في المقبرة عندما طلب مني والدي جوالي كي يكلم أخي، ولعدم معرفته بتقنية الجوال الجديد وانشغالي ببعض الأمور، أخذ الجوال مني وراح يبحث عن طريقة طلب الأرقام، وما هي إلا ثوان حتى هزني أبي من يدي بقوة، فالتفت إليه، فرمى بالجوال في وجهي وهو حانق ومضى دون أن يتكلم، أمسكت الجوال، فصعقت عندما وجدت إحدى مقاطع الفيديو الفاضحة وهي في حالة تشغيل".
ويضيف " لن أصف ما حدث بعد ذلك من عقاب لي في المنزل وغضب والدي عليّ لمدة طويلة، وعندما أخبرت أصدقائي بما حدث معي، أكد لي أحدهم أنه يعرف امرأة تعمل في إحدى الدوائر الرسمية، ويحتوي جهازها على خدمة البلوتوث، وأنها تلقت أكثر من مرة ملفات فيديو لمشاهد فاضحة دون نية منها، وأن زوجها شاهد في إحدى المرات وبطريقة الصدفة ملف الفيديو، فما كان منه إلا أن طلقها".

ويروي آخر قصة لا تقل عنها غرابة، يقول: " أعمل في مؤسسة خيرية، ويتطلب عملنا الاتصال بالإنترنت لأوقات طويلة، ولوجود الثقة فيما بيننا لطبيعة العمل الخيري؛ لم تشأ الإدارة أن تضع أجهزة مراقبة على حواسيبنا، وفي إحدى المرات شككت في أمر أحد زملائي في العمل، فقد كان يعمل بانهماك على جهازه دون أن يكون لديه عمل بهذا الحجم، وكان يحرص على وضع كلمة مرور لجهازه، وإغلاق الجهاز في كل مرة يقوم فيها عنه، حتى لو كان للدخول إلى مكتب مجاور لدقيقة".
ويتابع " في البداية عنّفت نفسي لشكوكي غير المنطقية، ولكن بعد أيام اكتشفت أنها كانت في محلها، فلقد كان زميلي يدخل إلى المواقع الإباحية بكل سهولة، رغم معرفتي بأن هذه المواقع ممنوعة من التداول في السعودية، وكان يخزن مئات الصور وملفات الفيديو الجنسية على جهازه، وقد حاول إخفائها عبر وضعها في مجلد مخفي، ووضع كلمات مرور لبعض الملفات الكبيرة".
يضيف الأخ " أخبرته ونصحته أن يتجنب مثل هذه الأمور، ووعدني أني إن لم أخبر الإدارة فإنه سيستقيم، ولكن وبعد نحو 4 أشهر عاد إلى طبيعته مجدداً من خلال مراسلات مع فتيات وشبان عبر الماسنجر، فما كان مني إلا أن أخبرت الإدارة، التي قررت فصله".

وفي قصة مشابهة لها، عمل أحد الموظفين الجدد في شركة كبيرة بالرياض، واستلم مكتبه وجهازه المتصل بالإنترنت طوال اليوم (بسبب طبيعة عمل الشركة)، وبدل أن يخاف من الرقيب الذي لا ينام، اطمأن أنه لا توجد رقابة على أجهزة الحاسب الآلي من قبل الإدارة، فأصبح يتردد يومياً على مواقع الخلاعة والجنس، ويقضي ساعات طويلة في العمل على ذلك، وبعد أقل من شهر على عمله، استدعاه مدير القسم، وقال له: " إنك ترهق نفسك بالعمل بشكل مضني، ونحن فخورون بجدك في عملك، ونقول لك: الله يعطيك العافية على هذه الجهود"، ابتسم ذلك الشخص وهو يستمع للمدح. فأمسك المدير إحدى الأوراق التي على مكتبه وقال له: " انظر إلى هذا العمل الذي تعمله طوال الوقت على جهازك"، وكانت الورقة تضم عناوين المواقع الإباحية التي يتردد عليها ذلك الموظف، والذي خجل خجلاً شديداً، طالباً أن يعطى فرصة أخرى للعمل، ووعدً ألا يعود إلى مثل ذلك، خاصة وأنه علم أن الإدارة تراقب أجهزتهم في الخفاء !
الكثير والكثير من هذه القصص منتشرة بين الناس، ولعل معظم الناس يعرفون قصة أو أكثر تدور حول هذه المشاكل، تتعلق بقريب لهم أو صديق أو بهم شخصياً !
وقد يحدث ما هو أكثر من هذا، كأن يتابع الزوج وزوجته الأفلام الجنسية (!)، وهو ما حصل في سؤال لإحدى السيدات اللاتي أرسلن سؤالهن حول هذا الموضوع إلى أحد مواقع الفتاوى الإسلامية السعودية على الإنترنت، حيث كتبت تقول: " هل مشاهدة الأفلام الجنسية حرام؟ فأنا أشاهدها مع زوجي" !

التساؤل الأكثر إلحاحاً !
من أكثر ما قدمت لنا العقول الغربية خلال السنوات الأخيرة؛ تلك التقنيات المتعلقة بالاتصال والمعلومات، حتى بات عصرنا -تقنياً- يعرف بعصر المعلومات، أو عصر الاتصالات.
ومع ظهور أي اختراع أو تقنية جديدة في أي من المجتمعات الإنسانية، تحدد طبيعة كل شخص طريقة تعامله مع هذه التقنية.
على سبيل المثال، فإن رجل الأعمال يرى في الإنترنت والجوال (كتقنيات حديثة في المجتمع) وسيلة سهلة في متابعة أعماله ومشاهدة العروض التجارية العالمية.
وتهتم طائفة أخرى من رجال الأعمال بهذه التقنيات كونها تشكل صلة وصل رائعة مع أسعار البورصة والعملات وتداول الأسهم. وقد يرى الباحث في الإنترنت وسيلة مثالية للحصول على معلومات حول بعض القضايا، وتراها بعض النساء وسيلة جيدة لمعرفة كل جديد فيما يتعلق بالموضة أو أحدث القصات أو بعض المنتجات المعروضة بالأسواق.
وطالما أن هذه التقنيات باتت متوافرة لدى الجميع، على اختلاف أعمارهم ومتوسط دخلهم، فإن التساؤل الذي يجب أن يثير اهتمام التربويين للإجابة عليه هو: " كيف سيتعامل الشبان والشابات مع هذه التقنيات الحديثة".
ولأن الشباب في عموهم ليسوا من طبقة المثقفين، أو طبقة رجال الأعمال، أو طبقة الملتزمين بأعمال تستهلك جل وقتهم، فإن الإجابة على هذا السؤال تصبح أكثر سهولة.

انتشار الظاهرة.. أين ؟
في عدة مناطق في مدينة الرياض (كغيرها من مدن المملكة) توجد شوارع مشهورة ببيع أجهزة الستلايت (الدش)، تنتشر فيها العمالة البنغالية والهندية بشكل واسع وملفت للنظر. إذ تجد ما بين 15-25 محل تتجاور فيما بينها لتشكل ظاهرة حقيقية ومغرية للدخول إلى تلك المحلات.
وعلى الأرصفة وأمام الشارع وعلى مداخل تلك المحلات؛ ينتشر عشرات العمال المبتسمين وهم يقدمون العروض على مسامع أي شخص يمر من جوارهم، حتى لو كان مع زوجته!
الخدمات التي يقدمونها في المحلات كثيرة وعديدة، ولا تنصب أي منها في مصلحة أي منا، فالخدمات المقدمة هي بالتحديد وسيلة لعرض أكبر قدر ممكن من الأفلام الأجنبية.
وهذا يظهر حقيقة الخدمة المقدمة هناك، والهدف الأساسي منها.
في الإنترنت، فإن الأسلوب يختلف بعض الشيء، إلا أنه ينبئ بخطر أكبر. فالأجهزة متوافرة لدى معظم المنازل، والتعامل معها بات من السهولة بمكان لأن يقوم الأطفال بالعمل عليها.
ولأن الإنترنت أصبح الوصول إليه الآن أسهل من أي وقت مضى (عبر رقم هاتف يوضع في ملقم الجهاز دون الحاجة إلى بطاقة اتصال أو كلمة مرور أو رقم سري أو حتى دفع مسبق للمال)، فإن الكثير من الناس بدءوا يتعاملون مع الإنترنت لفترات طويلة، دون أن يكون لديهم هدف محدد في ذلك.
وخلال وقت قصير، يسقط الكثير من الناس في شرك هذه التقنية الحديثة والسهلة والرخيصة، والتي تحقق لهم القدرة على الوصول إلى أي شيء يتمنون الوصول إليه، وتحقق لهم خصوصية التعامل مع الإنترنت دون وجود رقيب على الجهاز.
ومع الأيام وتوالد الخبرات التجريبية والمعرفية عبر الأصدقاء، يصبح ارتياد المواقع الإباحية أمراً سهلاً، وتصبح طرق تجاوز الحواجز الضعيفة أكثر يسراً.
وللأسف، تجد الكثير من مستخدمي الإنترنت يتعاونون على الإثم والعدوان، عبر تشاركهم مع بعضهم البعض بالصور وملفات الفيديو الإباحية، والاشتراك في منتديات متخصصة للحديث عن طرق تجاوز البروكسي، وطرق الاشتراك في القوائم البريدية الجنسية، وغيرها.
وما دام الحديث عن الهاتف، فقد يستغرب البعض وجود أكثر من طريقة لاستخدام الهاتف كوسيلة للجنس. إذ تنشر الكثير من المواقع الإباحية في الإنترنت وعبر القنوات الفضائية؛ أرقام هواتف خاصة للتحدث مع بعض المومسات في الدول الغربية. والغريب أن بعض الشبان يقومون بالاتصال فعلاً للتحدث مع إحدى المومسات مقابل مبالغ مالية طائلة !!!
وللجوال هذه الأيام وظائف أخرى تجعله وسيلة لانتشار هذه الظاهرة، عبر إرسال الصور وملفات الفيديو باستخدام تقنيات حديثة، كتقنية البلوتوث، التي تؤمن إرسال الملفات عبر الأثير، وبالتالي وصولها إلى أي جهاز يقع في محيط دائرة قطرها 10 أمتار مجاناً.
طبعاً هذا عدا عن خدمة تبادل المعلومات التي تؤمنها الجوالات الحديثة، والتي تمكنها من إرسال واستقبال مثل هذه الملفات عبر رسائل الجوال العادية.

وفي ذات السياق، تنتشر الأفلام الإباحية الكاملة على الأقراص الليزرية (السي دي)، إذ يقوم البعض بنقل الأفلام المعروضة في القنوات الفضائية عبر (كارت فيديو) موصول بالحاسب الآلي، إلى الكومبيوتر ذاته، ويصبح ملف فيديو ضخم.
وعبر أجهزة (السي دي رايتر) يقومون بنسخ هذه الملفات على الأقراص الليزرية الرخيصة الثمن، لقوموا بعد ذلك ببيعها في أماكن مخفية ومستورة، خوفاً من الرقابة.
ومع ذلك، توجد بعض الأماكن المعروفة والتي يتم فيها بيع مثل هذه الأفلام الإباحية للشبان بكل سهولة ويسر.
ولعل الحملة الأمنية التي قامت بها أجهزة الأمن السعودية في منطقة البطحاء قبل أشهر قليلة، وما تم خلالها من العثور على أفلام إباحية ومنازل للدعارة وغيرها، دليل على معرفة بعض المناطق المشبوهة، والتي تقوم فيها بعض العمالات الوافدة باستخدامها كأوكار لنشر الرذيلة.
ويتساءل البعض.. أين أعين الرقابة من هذه المشاهدات ؟

عين الرقابة:
على اعتبارها جهة مسؤولة عن ما يحدث داخل المؤسسة، تتجاهل العديد من الإدارات وضع أجهزة مراقبة داخلية على أجهزة الحاسب الآلي لموظفيها، ضناً منها أنها تولي الموظفين ثقة أكبر، وأن البعض لديهم إحساس بمراقبة الله _عز وجل_؛ وبالتالي لا يحتاجون إلى رقابة من الإدارة.
إلا أن معظم القصص أثبتت العكس، إذ إن الرقابة هي التي تساعد الموظف على نفسه أو على شيطانه، وتعينه على الإحساس بمراقبة الله _عز وجل_ له أكثر.
حتى في الغرب، تطالعنا الأخبار والتقارير المتنوعة بعمليات فصل لبعض الموظفين بسبب استخدامهم الإنترنت كوسيلة للدخول إلى بعض المواقع الإباحية! إذ يوجد هناك أنظمة رقابة صارمة من أجل العمل بالدرجة الأولى.
أما في محلات بيع أجهزة الاستقبال الفضائية فإن التساؤل يصبح أكبر "أين الرقابة والهيئة عن مثل هذه المحلات".
وفي مجمل بحثنا عن إجابات شافية لهذه التساؤلات، وجه موقع (المسلم) أسئلة إلى الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مدينة الرياض، حول انتشار هذه الظاهرة، وعمل الهيئة للحد منها، إلا أن إدارة العلاقات العامة والإعلام في الهيئة اعتذرت عن الإجابة (!) دون تقديم عذر صريح للاعتذار في قضية بمثل هذه الحساسية!
حاولنا استطلاع آراء بعض القريبين من الهيئة، فعلمنا أن رجال الهيئة ليسوا بالعدد الكافي لملاحظة ومتابعة كل ما يوجد في المناطق التي يعملون فيها، كما علمنا أن الهيئة تقوم بعمليات ملاحقة هؤلاء المفسدين عبر حملات مشتركة مع الجوازات والأمن.
وذكر أحد الأخوة أن الهيئة سبق لها قبل عدة أشهر مداهمة محلات بيع أجهزة الاستقبال الفضائية المستخدمة في استقبال وفك شفرات القنوات الإباحية، في إحدى شوارع حي العليا بالرياض، ما أسفر عن إغلاق عدد من المحلات ومصادرة عدد من الأجهزة المشبوهة.

صاحب إحدى المحلات التي تبيع أجهزة فك الشفرات في منطقة الروضة يقول: " عندما يدخل علينا أحد فإننا نعرفه إن كان قادماً للاستطلاع ومعرفة ما نبيع؛ أم أنه يريد فعلاً الشراء" مشيراً إلى أن ذلك يمكنهم من عدم فسح المجال أمام الآخرين للاطلاع على الأجهزة غير الشرعية في محلاتهم.
وعن كيفية معرفتهم للأشخاص يقولون: " رجال الهيئة أو الحسبة وغيرهم نعرفهم من لباسهم وشكلهم، ونحن نتجنب عرض أي منتجات مخالفة أمام ذوي اللحى الطويلة، أو الملابس القصيرة".
ويضيف في حديث دار بشكل عفوي دون معرفته أن ما يقوله سينشر: " هذه الأجهزة إذا عرفت بها الهيئة فستكون هناك مشكلة".

الطامة الكبرى:
لقد أمرنا الدين الإسلامي بغض البصر والامتناع عن النظر إلى الحرام، قال الله _تعالى_ في كتابه الحكيم: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ..." الآية [النور: 30، 31[.
ويقول الشيخ سامي بن عبدالعزيز الماجد: "ولو كان في هذه المحرمات مصالحُ عاجلة أو آجله لأباحها الشرع، ولكنها مفاسد تنتج مفاسد، وشر يفضي إلى شر، والله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها".
وقد انتشرت في البلاد نماذج صارخة لما قد يؤدي إليه هذا الفعل المحرم من أمور أكثر تحريماً وفساداً.
ففي برنامج (أريد حلاً) الذي تعرضه قناة (المجد) الفضائية، أدهش الشيخ خالد الخليوي (مقدم البرنامج) مشاهديه حين عرض رسائل وصلته من بعض الأخوات حول ما وصفه الشيخ "بالطامة الكبرى". استعرض خلالها رسالة لإحدى الأخوات تشكو من أن والدها يحاول الاعتداء الجنسي عليها أو على إحدى أخواتها الثلاثة، وأنهن لا ينمن حتى يغلقن الباب جيداً على أنفسهن، وأن أمهن ضعيفة ولا تقوى على فعل أي شيء.
كما استعرض رسالة أخرى لإحدى الأخوات تشتكي من أن والدها يحاول الاعتداء عليها كلما اختلا بها في المنزل، وأنها لم تستطع البوح لأمها خوفاً من تفاقم المشكلة. موضحاً وجود قصص كثيرة حول محاولات اعتداء البعض على أخواتهم، ومحاولات أعمام الاعتداء على بنات أخواتهم أو بنات أخوهم، وشباب يحاولون أحياناً الاعتداء على زوجة أبيهم.
وفي معرض كلام الشيخ عن أسباب انتشار مثل هذه الظاهرة يقول: " الإدمان الشديد على مشاهدة الأفلام الجنسية على مشاهدة الأفلام الجنسية أو لنقل على مشاهدة الصور الجنسية، سواءً كانت عبر مجلة أو عبر صور مخزونة في جوال أو عبر مواقع في الإنترنت أو عبر أفلام أو عبر قنوات فضائية خاصة بأفلام الجنس في صورتها الأخيرة وإلا كثير من الأفلام التي تعرض في القنوات الفضائية عربية كانت أو أجنبية تعرض الفساد الجنسي فبعض الناس يتصور أن الفساد الجنسي المحرم إنما هو حين يكون الرجل مع المرأة على الفراش في الصورة النهائية في مسألة الجماع المحرم، لا بل إن إخراج المرأة لأفخاذها وصدرها ورقصها في الفلم أو رقصها في هذا البرنامج أو تغنجها من خلال أغنية أمام الجمهور هذه كلها في شرع الله _سبحانه وتعالى_ محرمة حتى وإن كانت في ميزان الفن تعد طرباً وفناً وبطولة ونجومية لكنها في ميزان الله _سبحانه وتعالى_ محرمة وباطل ولا يجر الباطل إلا باطلاً مثله إذن الإدمان على مشاهدة الأفلام الجنسية يكسر هذه الحواجز الجبلية التي جعلها الله _سبحانه وتعالى_ في قلب الإنسان من أن يأتي أخته أو أن يأتي أبنته أو أن يأتي أمه فتذوب هذه الحواجز من كثرة رؤية هذا الفساد فتتغير الصورة عنده فيبدأ يفكر بالبدايات ثم يقترب حتى يقع".

ومن بين الأمور المحرمة التي تفضي إليها مشاهدة القنوات والأفلام والصور الإباحية، ما قد يطرأ على البعض من تغييرات جنسية في حياته الزوجية.
وهي ما يرويها أحد الذين يعانون منها بالقول: " اعتدت على مشاهدة الأفلام الإباحية والصور الجنسية طويلاً، وقد أصبحت أدمن الجلوس إلى تلك الصور عبر الإنترنت في المنزل، ولوجود غرفة خاصة بيّ كنت أمارس العادة السرية بشكل دائم".
ويتابع " أنا الآن متزوج ولي ابن وابنة، وإلى الآن لم أستطع منع نفسي من مشاهدة هذه الصور في الأوقات التي تكون فيها زوجتي خارج المنزل، ولا زلت أمارس العادة السرية، وهذا يجعلني أحرم زوجتي من العلاقة الجنسية فيما بيننا أياماً متتالية دون ذنب منها".

أين الحل؟!
أمام هذه المشكلة التي باتت منتشرة بالقدر الكافي لتحولها لظاهرة حقيقية في مجتمعاتنا المسلمة، يزداد خوف الآباء والأمهات على أبنائهم وبناتهم، والذين قد يقعون في شرك هذه المشكلة في أي وقت، وعبر أي وسيلة، ابتداءً من أجهزة الحاسب الآلي التي باتت ضرورة يفرضها العصر الحديث، مروراً بالإنترنت وأجهزة الجوال والسيديات، وانتهاءً برفقاء السوء الذين قد يشركون غيرهم فيما يروه ويتابعونه، ما قد يؤدي لعواقب وخيمة لا تحمد عقابها.

وفيما يحاول التربويون والإخصائيون تقديم نصائح ونشر دراسات لتوعية الناس، تبقى هذه المشكلة دون حل، بل إنها تزداد انتشاراً يوماً بعد يوم، دون أن يكون هنالك حل جذري قد ينهي هذه المشكلة، أو يحاصرها أملاً في إخماد نارها.

وربما وجد البعض الحل عبر عدة وسائل، على الأقل يضمنوا فيها عدم انخراط أبناءهم في هذه الظاهرة العالمية، من أهمها:
- دعاء الله _عز وجل_ أن يبعد السوء ورفقاء السوء وأجهزة السوء عن أبنائهم وبناتهم.
- التوعية المستمرة للأبناء والبنات بخطورة هذه الظاهرة.
- متابعة الأبناء والبنات بشكل دائم ومستمر، وملاحظة كل ما قد يطرأ عليهم من جديد.
- إشغال أوقات الأبناء والبنات بأشياء مفيدة، وربطهم بأمور دينهم بشكل أعمق.