أنت هنا

التجربة الكورية: خصم من رصيد إيران أم إضافة له؟!
25 رمضان 1427

عندما أعلنت بيونج يانج عن تجربتها النووية، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تسعى للتأكد من أن تجربة نووية قد تمت بالفعل في كوريا الشمالية بموازاة سعيها نحو استصدار قرار أممي يقضي بفرض حظر تقني وعسكري واقتصادي على النظام الشيوعي في شبه الجزيرة الكورية.
لم تكن واشنطن قد بوغتت بالتجربة الكورية، لكنها كانت منزعجة من توقيتها الحرج في ظرف تجد الولايات المتحدة ما يغل أيديها أكثر مما يطلق سواعدها في الرد على الصفعة الكورية؛ فحسابات الداخل تهز نظام الرئيس الأمريكي جورج بوش من غير أن تمكنه من اتخاذ موقف حاسم ضد العدو الآسيوي الشرس، وعام الانتخابات إضافة إلى انهيار شعبية الحزب الجمهوري وفضيحة نائبه في الكونجرس الأخيرة، وتنامي الأصوات الداعية إلى الانسحاب من العراق، وزيادة معدلات التضخم والبطالة قد حددت سقفاً منخفضاً للرد الأمريكي على الاستفزاز الكوري. أما حسابات الخارج فقد هبطت بالسقف حتى كاد يلامس أرض الخيارات، حيث لا يوجد جنرال أمريكي عاقل سيتفهم وجهة نظر الرئيس الأمريكي في شن عدوان على كوريا الشمالية في هذا الوقت تحديداً الذي تخوض فيه الولايات المتحدة أكثر من معركة عسكرية وسياسية ولم يعد في جعبتها العسكرية ما تدخره لعدوان على كوريا الشمالية.
لقد اختارت بيونج يانج بالتأكيد أفضل توقيتات المواجهة حيث الولايات المتحدة الأمريكية مشغولة بالملف النووي الإيراني وملفات المقاومتين العراقية والأفغانية وأزمة دارفور ولبنان وفلسطين وغيرها بما لا يجعل واشنطن تقامر بمزيد من التورط العسكري في شرق آسيا وهي تعاني في وسط آسيا وغربها، لكن أليس هذا التوقيت الكوري مفيداً لإيران أيضاً التي تظهر عناداً كبيراً في الانصياع للإرادة الغربية بشأن برنامجها النووي؟!
في الحقيقة لا يمكن فصل المسارين النوويين بعضهما عن بعض، لاسيما والدولتان منضويتان تحت لافتة كشف عنها في خطاب حالة الاتحاد (الرئيس الأمريكي) جورج بوش عام 2002 تحمل عنوان "محور الشر" الذي يضم كذلك دولة قهرت الولايات المتحدة هي الأخرى لكن عبر مقاومتها الشعبية لا جيشها النظامي/العراق، فالمساران متقاربان إلى حد بعيد لكن المراقبين والخبراء الاستراتيجيين لا يتفقون حول مدى إفادة إيران من التجربة الكورية أو إفادة الأخيرة من العناد الإيراني، فالبعض يصور هذه التجربة النووية على أنها حافز للولايات المتحدة قاطرة الغرب نحو مزيد من التشدد من طهران للحد الذي قد يجعلها تقدم على ضرب المنشآت النووية الإيرانية حتى لا تصل قدرات إيران إلى ما وصلت إليه بيونج يانج التي صارت تمثل تهديداً قوياً للمصالح الأمريكية في شرق آسيا لاسيما في اليابان وكوريا الجنوبية المواليتين لها.. غير أن معظم المراقبين يكاد يبوحون بأن الزمن قد تجاوز التحرك الأمريكي، وأنه لم يعد أمام واشنطن إلا الرضا بمفاوضة إيران وممارسة الضغوط غير العسكرية عليها، وعليه فهم يرون إذ ذاك أن التجربة الكورية ليست إلا بيضة قد أضيفت إلى السلة الإيرانية..