أنت هنا

رئيس الحكومة "المستبدل".. حين يختلف الشركاء
5 شوال 1427

قال إنه لا يعتقد "أن السياسة الأميركية سترتكب خطأ استبدال رئيس حكومة عراقية، وإن فعلوا ذلك، فإنهم سيحرقون شعاراتهم في العراق ", وأسوأ ما قاله نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية هو أنه اعترف بكل وضوح بأنه لا يمثل أي قيمة سيادية للعراق ولشعب العراق، وأن المنصب الذي يشغله مرهون بقاؤه فيه بإرادة أمريكية، وأنه هو شخصياً محل "استبدال" متى توافرت الأمريكية لذلك، وأن الحديث عن ديمقراطية في العراق هو محض عبث لا ينطلي إلا على البسطاء.
ولا ندري ما الذي يجبر رئيس حكومة على البقاء في منصب يفتقر إلى الشرف وهو يصرح لـ"رويتر" قائلاً: "بصفتي رئيسا للوزراء أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكنني لا أستطيع تحريك كتيبة واحدة بدون موافقة التحالف بسبب تفويض الأمم المتحدة". وكيف تقبل شخصية وطنية عراقية أن تقوم بمثل هذا الدور، لا بل كيف يقبل شخص على نفسه أن يمثل شبحاً رسمياً ولو لم يكن يتمتع بالوطنية؟!
رئيس الحكومة العراقية غاضب هذه الأيام إذن من القوات الأمريكية، لكن هذا الغضب لا يحمل في مضامينه أي دلالة على انبثاقه من مواقف عراقية أصيلة ترعى المصالح الدينية أو الوطنية أو القومية للعراقيين، وإنما يعبر عن خلافات بدت محدودة لكنها قد تتحول لكرة ثلج متدحرجة كلما غدت السياسة الأمنية في العراق أكثر نزوعاً إلى لجم فوضى سلاح الميليشيات الموالية لإيران والتي يبدو رئيس الحكومة العراقية أكثر "رأفة" بها وأحرص على سلامتها من المحتل الغربي.
لقد قال بوش في واشنطن قبل يومين إنه بانتظار "قرارات جريئة" من الحكومة العراقية، وبدا منزعجاً بعض الشيء من تباطؤ القوات العراقية في مساعدة الأمريكيين في التحرك على الجبهة الصفوية بعدما لاقى منها خفة فيما يخص محاربة المقاومة العراقية الإسلامية، وجاء الدور على المالكي ليقول : "طريقة الاعتقال لا يجب أن تؤذي الناس وتحدث رعبا وربما تخرب علينا عملا سياسيا نحن مشتغلون فيه..(أمن أجل) اعتقال شخص تروح طائرات ومدرعات ؟!"، غير أن "حنان" المالكي لا ينسحب إلا على الميليشيات الصفوية لاسيما تلك المعروفة باسم "فرق الموت" التي توزع الموت بالمجان على المدنيين السنة وعلمائهم، ضرباً بالصفح عن كل ما يعني المدن السنية البطلة كالرمادي وبعقوبة والفلوجة والتي تشهد معارك عنيفة كل يوم بين القوات الأمريكية والمساندة لها من القوات الصفوية الرسمية وشبه الرسمية (الميليشيات)، ولا تستريح من أزيز الطائرات أو قصف البلدات متى كان ذلك خادماً للطغمة متعددة الجنسيات والديانات.
هذه الطغمة التي تتحد مصالحها وتختلف تبعاً لمدى توافق الممارسات الأمريكية والصفوية مع الأجندة الإيرانية، وحين اختطف جندي أمريكي الاثنين الماضي تحركت كالعادة الطائرات والمدرعات الأمريكية في طلبه، لكن رئيس الوزراء امتعض كما تقدم واكتفى بالقول : "طلبنا من الصدريين أن يعرفوا لنا أين هو فاقسموا أنهم لا يعرفون عنه أي شيء."، فقسم الصدريين عند المالكي أمر مصدق لا يرقى إليه شك، دفعه إلى الدفاع على جيش المهدي قائلاً : " أن مسلحين من السنة وآخرين موالين للرئيس المخلوع صدام حسين يتظاهرون في بعض الأحيان بأنهم من مقاتلي جيش المهدي ويرتدون نفس الزي الأسود الذي تعرف به الميليشيا."، برغم أن أخا المختطف قد قال ـ بحسب المالكي ـ "الذين اختطفوه جيش المهدي... وكلمة جيش المهدي بالنسبة لنا أصبحت كلمة محيرة. من هو جيش المهدي.."!!