أنت هنا

أحكام السياحة
25 جمادى الثانية 1428

أحكام السياحة(*)
المبحث الأول: أحكام السياحة في بلاد الإسلام
سياحة عامة المسلمين:
تقديم:
تشكل بلاد الإسلام مساحة شاسعة مترامية الأطراف، وقد حباها الله جل جلاله بخيرات ونعم وفيرة، وأماكن طبيعية رائعة تسر الناظرين.
وفي بلاد المسلمين غنية لمن أراد الترويح والترفيه والنزهة والاستجمام وفق ضوابط شريعة الإسلام.
كما أن فيها كماً هائلاً من الآثار والتحف والأماكن التاريخية الشاهدة على حضارات وأمم عظيمة.
والسياحة في بلاد المسلمين تعود بالنفع الكبير على السائح والبلد المقصود فيتحقق للسائح مبتغاه من ترفيه وترويح أو غيره وتنعم البلاد بعوائد اقتصادية تنعش اقتصادها القومي(1).

المسألة الأولى: حكم سياحة المسلم في بلاد الإسلام:
السياحة في بلاد الإسلام على نوعين:
الأول: سياحة محمودة خالية من المحاذير الشرعية
وهذه إما واجبة كالحج وصلة الأرحام، أو مندوبة كزيارة الأصدقاء والتوسع في العلوم والفنون والصناعات لنفع المسلمين أو مباحة كمن يقصد بها مالاً أو نكاحاً أو ترفيهاً وترويحاً أو استكشافاً وتنزهاً وقد يرتقي ذلك إلى درجة العبادة إذا اقترنت به النية الصالحة.
والنوع الثاني: سياحة مذمومة لا تخلو من منكرات ومحاذير
وهذه إما محرمة أو مكروهة إذا قصد بها عمل محرم أو مكروه ومنها الذهاب إلى أماكن مليئة بالمنكرات والفسق واللهو المحرم(2).
وبهذا يتبين أن هذه السياحة كغيرها تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة بحسب تنوع أهدافها ومقاصدها وأغراضها وأحوال السائح نفسه وسيأتي تفصيل ذلك في مطلب مستقل بعون الله تعالى.
بل قد تكون سياحة المسلم في ذاتها مشروعة ولكن تكره أو تحرم لأمر خارج يتعلق به أو بمن له حق عليه من أصحاب الحقوق والأولاد ونحو ذلك.
وقد سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن سفر صاحب العيال فأجاب: "أما سفر صاحب العيال فإن كان السفر يضر بعياله لم يسافر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت"، وسواء كان تضررهم لقلة النفقة أو لضعفهم وسفر مثل هذا حرام وإن كانوا لا يتضررون بل يتألمون وتنقص أحوالهم فغن لم يكن في السفر فائدة جسيمة تربوا على ثواب مقامه عندهم كعلم يخاف فوته وشيخ يتعين الاجتماع به وإلا فمقامه عندهم أفضل وهذا لعمري إذا صحت نيته في السفر كان مشروعاً، وأما إن كان كسفر كثير من الناس إنما يسافر قلقاً وتزجيه للوقت فهذا مقامه يعبد الله في بيته خير له بكل حال ويحتاج صاحب هذه الحال أن يستشير في خاصة نفسه رجلاً عالماً بحاله وبما يصلحه مأموناً على ذلك فإن أحوال الناس تختلف في مثل هذا اختلافاً متبايناً"(3).
وكلامه – وإن كان في عموم السفر – إلا أنه منطبق على سفر السياحة وقد أشار إليه الشيخ في آخر كلامه ولم يجزم فيه بحكم بل ترك ذلك لاختلاف أحوال الناس فيوازن في هذا بين المصالح والمفاسد كما تقدم(4).

سياحة الكافر في بلاد الإسلام وحكم دعوته إليها:
انتشر في هذا الزمان ما يسمى بالسياحة الدولية فتوثيق روابط الصداقة والتعاون بين دول العالم في هذا العصر المليء بالمتغيرات ومن أهم القضايا المتصلة بذلك ما يتعلق بسياحة الكفار في بلاد المسلمين وفتح منافذها لأفواج من السياح من شتى الديانات والبلدان لزيارة الأماكن التاريخية العريقة، والمناطق السياحية ذات الطبيعة الخلابة في ديار الإسلام، فما الحكم الشرعي لمثل هذه الظاهرة التي عمت بها البلوى؟
قبل الخوض في تفاصيل هذه المسألة يحسن بيان أقسام الكفار كما يأتي:
المسألة الأولى: أقسام الكفار:
لا شك أن الكفر ملل شتى، ولكن ينقسم الكفار بالنظر إلى عصمتهم وطبيعة العلاقة بينهم وبين المسلمين إلى أربعة أقسام أو أصناف:
القسم الأول: أهل الحرب أو الحربيون
وهم: (الذين لم يدخلوا في عقد الذمة، ولا يتمتعون بأمان المسلمين ولا عهدهم)(5).
القسم الثاني: أهل الذمة: (هم الذين أقروا في دار الإسلام على كفرهم بالتزام الجزية ونفوذ أحكام الإسلام فيهم)(6).
القسم الثالث: أهل العهد: (هم الذين صالحهم إمام المسلمين على إنهاء الحرب مدة معلومة لمصلحة يراها)(7).
القسم الرابع: المستأمنون: (والمستأمن في الأصل: الطالب للأمان وهو الكافر يدخل دار الإسلام بأمان)(8) من غير استيطان لها ومنهم الرسل والتجار والمستجيرون.
فأهل الذمة بينهم وبين المسلمين عهد مخصوص بإقرارهم في ديار الإسلام بعد الفتح مقابل التزامهم بالجزية ونفاذ أحكام الإسلام فيهم مع بقائهم على دينهم.
والمستأمن بينه وبين المسلمين عهد مخصوص بدخوله دار الإسلام بأمان، فالأمان لأهل الذمة مؤبد، وللمستأمنين مؤقت.
أما المعاهد فهو أعم، فالعهد هو الصلح أو الهدنة أو المسالمة أو الموادعة وتفاصيله تختلف باختلاف الأحوال والمصالح فالذمي والمستأمن معاهد مخصوص، أما المعاهد فهو أعم إذ لا يلزم أن يكون ذمياً ولا مستأمناً وعصمته باقية مع وجوده خارج ديار المسلمين(9).
ولكن حيث إن هذه المسألة متعلقة بدخول الكفار إلى بلاد المسلمين وسياحتهم فيها فالذي يهمنا من هذه الأصناف ثلاثة:
1 – الحربيون.
2 – المستأمنون.
3 – أهل الذمة.
فأما الحربيون فدخولهم إلى بلاد المسلمين لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون بغير أمان.
الثانية: أن يكون بأمان.
وقد قرر عامة الفقهاء تحريم دخول الحربي إلى بلاد المسلمين إلا لحاجة ولا يدخل إلا بأمان، لأنه لا يؤمن أن يدخل جاسوساً، أو متلصصاً، أو لشراء سلاح ونحو ذلك مما فيه ضرر على المسلمين(10).
وقال الحنفية: إن ادعى الأمان لا يصدق فيه، بل يطالب ببينة(11).
وقال المالكية: إن قال: جئت أطلب الأمان منكم، أو أخذ بأرضنا ومعه تجارة وقال ظننتكم لا تتعرضون لتاجر أو أخذ على الحدود وقال نحو ذلك فيرد لمأمنه في هذه الحالات ما لم توجد قرينة على كذبه(12).
وقال الشافعية: إن قال: دخلت لسماع كلام الله تعالى أو دخلت رسولاً. سواء أكان معه كتاب أو لا، أو قال: دخلت بأمان مسلم صدق ولم يتعرض له لاحتمال ما يدعيه، وقصد ذلك يؤمنه من غير احتياج إلى تأمين(13).
وقال الحنابلة نحواً من هذا فإن صدقته عادة كدخول تجارهم إلينا ونحوه فيكون شبهة في درء القتل عنه(14).
فالأحناف يطالبون بالبينة، لإمكانها غالباً، ولأن الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة(15).
وأما المستأمن والذمي فتنقسم سياحتهم في بلاد المسلمين بحسب أهميتها وقدسيتها إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المساجد والأماكن المقدسة.
الثاني: جزيرة العرب.
الثالث: ما عدا ذلك من ديار المسلمين.
وسيتم تناول هذه الأقسام في المسائل التالية بعون الله تعالى.

المسألة الثانية: سياحة الكفار في المساجد والأماكن المقدسة:
للمساجد حرمتها في الإسلام ومكانتها العظيمة في قلوب المؤمنين وللحرمين الشريفين المنزلة الرفيعة السامية، وقد اختلف الفقهاء في حكم دخول الكفار لهذه الأماكن المقدسة الشريفة وبيان ذلك على النحو التالي:
أولاً: حكم سياحة الكفار في الحرم المكي ودخول المسجد الحرام:
سبب الخلاف في المسألة:
هو اختلاف الفقهاء في فهم النصوص لا سيما آية التوبة فمنهم من نظر إلى ظاهر الآية ومنطوقها فمنع ذلك ومنه من نظر إلى سبب النزول وأن القصد هو عدم تمكين الكفار من الحج لا منعهم من دخول الحرم، كما اختلفوا في المراد بالمشركين في الآية فمنهم من عمم جميع الكفار بالمنع ومنهم من خص ذلك بعبدة الأوثان لاختصاصهم بوصف الشرك دون أهل الكتاب(16).

تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء على منع الكفار من السكن والإقامة في الحرم لقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة: من الآية28)، واختلفوا في اجتيازه بصوة مؤقتة وذلك(17) على أقوال:
القول الأول: المنع من ذلك مطلقاً:
وقال به بعض المالكية وهو قول الشافعية والمذهب عند الحنابلة والظاهرية(18).
القول الثاني: جواز دخول الذمي:
وقال به الحنفية وفي رواية للحنفية: أن جميع الكفار لا يمنعون، بل حتى لو دخله حربي لا يقتل، لأمانه بدخول الحرم(19).
القول الثالث: جواز دخولهم للحرم بإذن الإمام أو بأمان أما المسجد الحرام فيمنعون منه.
وقال به المالكية وهو احتمال عند الحنابلة(20).
والراجح القول الأول لقوة أدلتهم وسلامتها من المناقشة والجواب عن أدلة مخالفيهم ولما للحرم المكي من منزلة عظيمة ومكانة رفيعة في قلوب المسلمين فهو قبلتهم ومهوى أفئدتهم وفيه نزل الوحي ومنه انطلقت رسالة الإسلام فوجب تخصيصه وتنزيهه من دنس الكفار ورجس المشركين لا سيما إذا كانوا سياحاً ففي دخولهم للنزهة إذلال ومهانة لمقدسات المسلمين وضرر على أخلاقهم ودينهم ولا تخلوا سياحتهم من الإلحاد والله تعالى يقول: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: من الآية25).
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "المعاصي في الأيام المعظمة والأمكنة المعظمة تغلظ معصيتها وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان"(21).
ولا تخلوا سياحة هؤلاء وأمثالهم من المعاصي والمنكرات(22).
وبهذا أفتى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم حيث قال: "الذي نص عليه العلماء أن الكفار يمنعون من دخول حرم مكة المكرمة ومن الإقامة فيه وهو ما أدخلته الأميال، لقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة: من الآية28) ولأنه محل المناسك والمشاعر المفضلة فوجب أن يمنع منه من لا يؤمن بها، ومن دخله منهم عزر وأخرج ولو مريضاً أو ميتاً، وينثى إن دفن به"(23).
كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية(24).

ثانياً: حكم سياحة الكفار في الحرم النبوي:
المسجد النبوي هو أفضل المساجد بعد المسجد الحرام والمدينة أفضل البلاد بعد مكة وقد ورد في فضلها أحاديث متعددة، وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة(25) إلى أن المدينة حرم له حدود وأحكام تختلف عن سائر البقاع كما تختلف عن حرم مكة في بعض الأحكام واستدلوا بأحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم: "إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة"(26).
وقال صلى الله عليه وسلم: "المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف"(27).
وفي رواية: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً"(28).
فـ(دل الحديث على أن من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً في غير المدينة أنه غير متوعد بمثل ما توعد به من فعل ذلك بالمدينة، فإذا كان قد علم أن من آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم، من رضي فعل قوم وعملهم التحق بهم، ولكن خصت المدينة بالذكر لشرفها، لكونها مهبط الوحي وموطن الرسول عليه الصلاة والسلام ومنها انتشر الدين في أقطار الأرض فكان لها بذلك مزيد فضل على غيرها)(29).
وخالف الحنفية في ذلك فقالوا: ليس للمدينة حرم ولا يمنع أحد من أخذ صيدها وشجرها(30).
والراجح أن للمدينة حرماً فإن دخول الكفار إلى المدينة يشمل الحرم والمسجد فأما المسجد النبوي فسيأتي الكلام على حكم دخولهم إياه في مسألة تالية.
وأما الحرم فقد أجاز جماهير العلم دخولهم إياه لرسالة أو تجارة أو حمل متاع أو اجتياز لسفر، دون الإقامة فيمنعون منها بالاتفاق للنصوص الواردة بإخراج المشركين من جزيرة العرب(31)، فهي تتناول بالأولوية الحرمين الشريفين وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.
ويدل لهذا النصوص الكثيرة في دخول المشركين للمسجد النبوي والمدينة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا شك بوجود الفرق بين حرم المدينة وحرم مكة، فقد كان اليهود بخيبر وما حولها ولم يمنعهم صلى الله عليه وسلم من المدينة بعد نزول قوله تعالى: (آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)، وقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي(32).
وكان النصارى يتجرون إلى المدينة زمن عمر رضي الله عنه(33)، ولم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم اليهود منها إلا من نقض العهد منهم وعن أحمد رواية بأن حرم المدينة كحرم مكة في امتناع دخوله(34).
قال ابن القيم رحمه الله: "والظاهر أنها غلط على أحمد فإنه لم يَخْفَ عليه دخولهم بالتجارة في زمن عمر رضي الله عنه وبعده وتمكينهم من ذلك"(35)، وقال محمد بن إبراهيم رحمه الله: "يظهر رجحان رواية الجواز على رواية المنع"(36).
ويؤيد ما ذهب إليه الجماهير ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده وحانت صلاتهم فصلوا فيه(37).
قال ابن القيم رحمه الله: "وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا)، فلم تتناول الآية حرم المدينة ولا مسجدها(38)، وقد تقدم كلامه في جواز دخولهم المسجد النبوي للمصلحة فمن باب أولى جواز دخولهم لحرم المدينة إذا كان ثم حاجة أو مصلحة للمسلمين(39).
وأما تحديد مدة إقامتهم فيها فمحل خلاف بين الفقهاء، ولهم في ذلك تفصيلات بحسب الحاجة والضرورة كتعلق حقوق المسلمين بهم من ديون وغيرها، والمقصود هو منعهم من الإقامة فيها.
وما ذكره الفقهاء من جواز دخولهم لحرم المدينة إنما يتناول دخولهم لحاجات المسلمين من تجارة أو سفارة أو دعوة للإسلام ونحو ذلك مما فيه مصلحة للإسلام والمسلمين وأما دخولهم للسياحة بقصد النزهة والترفيه والاستكشاف فإن المنع منه أقرب لما في الوعيد السابق في حق من آوى محدثاً فإذا كان هذا يتناول العصاة من المسلمين فكيف بمن يتساهل في إيواء وإدخال أهل الكفر والإلحاد إلى حرم المدينة النبوية بحجة السياحة والترفيه!(40)

ثالثاً: حكم سياحة الكفار في المسجد الأقصى:
ورد في فضل المسجد الأقصى وشد الرحال للصلاة إليه أحاديث كثيرة وهو قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومهاجر الأنبياء وأرضه مقدسة مباركة.
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض قال: "المسجد الحرام" قلت: ثم أي؟ قال: (المسجد الأقصى) قلت: كم كان بينهما؟ قال: (أربعون عاماً)" الحديث(41).
فدل على أنه ثاني مسجد وضع في الأرض، ومع فضله ومكانته إلا أنه لا يسمى حرماً، فلم يرد في تحريم صيده ونباته ما ورد في مكة والمدينة.
ولا يتناول الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب فلسطين لوقوعها خارجها، ولم يختلف أهل الإسلام في جواز دخول أهل الكتاب إلى فلسطين والسماح لهم بزيارة أماكنهم المقدسة فيها وعلى هذا عمل المسلمين منذ فتحها الله على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه(42).
وقد ابتلي المسلمون في هذا الزمان باحتلالا ليهود لفلسطين واستيطانهم لها وفتحهم باب الهجرة لليهود في العالم للقدوم إليها وتدنيس مقدساتها ولا شك أن في هذا خطراً بالغاً على الإسلام وأهله ينبغي دفعه ورفعه وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً ندد فيه (بهجرة اليهود السوفييت إلى الأرض المباركة أرض الإسراء والمعراج، ويرى فيها خطراً بالغاً يهدد الأمة الإسلامية في جميع أقطارها، ويناشد الدول العربية والإسلامية لتوحيد كلمتها والوقوف في وجه هذا الخطر الداهم، واتخاذ كل وسيلة ممكنة لاستنقاذ الأراضي المحتلة، وتحرير المقدسات، وتخليص مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أيدي مغتصبيه، ودعم الانتفاضة التي تواجه العدو الصهيوني المغتصب بما يحقق أهدافها ويحمي مسيرتها)(43).
وإذا عادت فلسطين إلى سيادة المسلمين – إن شاء الله – فإن سياحة الكفار فيها تتناول المسجد الأقصى خصوصاً وسائر ديار فلسطين عموماً فأما سياحتهم في المسجد الأقصى فسيأتي بيانها في المسألة التالية؛ لاستوائه مع سائر المساجد حيث لم يرد فيه ما ورد في مكة والمدينة.
وأما سياحتهم في باقي أرض فلسطين – دون المساجد – فينطبق عليها ما سيأتي من الكلام حول سياحة الكفار في ديار المسلمين غير جزيرة العرب.
القول الأول: جواز دخول الكفار للمساجد بإذن المسلمين.
القول الثاني: جواز دخول الكفار للمساجد مطلقاً وقال به الأحناف وبعض الشافعية وبعض الحنابلة وابن حزم(44).
القول الثالث: لا يجوز دخول الكفار للمساجد مطلقاً وبه قال عمر بن عبد العزيز والمالكية والحنابلة في رواية(45).
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد" الحديث(46).
والشاهد قوله: "فربطوه بسارية من سواري المسجد".
ووجه الدلالة:
أن المشرك قد أدخل المسجد وربط بسارية من سواريه، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه كلما جاء يصلي، فدل على جواز دخول الكافر للمسجد بإذن المسلمين(47).
2 – عن عثمان بن أبي العاص: (أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد حتى يكون أرق لقلوبهم)(48).
وجه الدلالة:
أن في قوله: (فأنزلهم المسجد) دليل على جواز دخول الكافر للمسجد بإذن المسلم(49).
3 – عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال: أيكم محمد؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم فقلنا له: هذا الأبيض المتكئ.." الحديث(50).
فدل على جواز دخول الكافر في المساجد بإذن المسلمين(51).
4 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم في رجل وامرأة زنيا منهم"(52).
فدخول اليهود إليه في المسجد دليل على جواز دخول الكافر لمسجد بإذن المسلم(53).
5 – دخول أبي سفيان لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو مشرك وإجارته بين الناس وكان ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمنعه وهذا بمثابة الإذن له(54).
6 – لما قدم وفد نجران على النبي صلى الله عليه وسلم دخلوا مسجده بعد صلاة العصر وصلوا صلاتهم فيه وأراد الناس منعهم فقال صلى الله عليه وسلم: دعوهم.
وهذا إذْن للكافر بدخول المسجد(55).
فكل هذه الأدلة تؤيد القول بجواز دخولهم للمسجد بإذن لأن كل تصرف يحدث من المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بشؤونهم العامة فلا بد فيه من إذنه صلى الله عليه وسلم.
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
1 – أدلة القائلين بجواز دخول أهل الذمة للمسجد الحرام، فغيره من باب أولى(56).
2 – أدلة القائلين بجواز دخول المشركين للمساجد إلا المسجد الحرام، قالوا: لأن المسجد الحرام له حكم سائر المساجد أصلاً، إلا ما خصه الدليل ولم يأت دليل يخص غيره(57)، والمراد بآية التوبة هو منع مشركي العرب من الحج كما تقدم.
3 – ما تقدم من دخول وفد ثقيف ودخول أبو سفيان لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهم على الشرك وكان ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فدل على جواز دخول الكفار للمساجد، وظاهر الأدلة التي ذكرها أصحاب القول الأول تدل على هذا، فلم يشترط فيها الإذن صراحة(58).
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي:
1 – قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:28).
فإذا منع المشركون من دخول المسجد الحرام، لكونهم أنجاس، فيقاس على ذلك سائر المساجد للأمر بتطهيرها من النجاسات(59).
قال ابن العربي: "لأن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، والحرمة موجودة في المسجد"(60).
فيقاس على المشركين سائر الكفار ويقاس على المسجد الحرام سائر المساجد(61).
2 – قوله سبحانه: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ) (التوبة: من الآية17).
ودخول المساجد عمارة لها في الجملة وقد نهى الله عن عمارتهم لها فلا يدخلونها(62).
3 – قوله سبحانه: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (البقرة:114).
فدل على أن الكافر لا يدخل المساجد إلا وهو خائف من طرد المسلم له وأنه لا ينبغي أن يدخلها على حين غفلة من المؤمن، لسعيه في خرابها(63).
4 – قوله تعالى: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18).
ففهم من الحصر أن غير المسلمين لا يعمرون مساجد الله فلا يدخلونها(64)، وكذا قوله سبحانه: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (النور: من الآية36)، فإن دخول الكفار فيها مناقض لترفيعها(65).
5 – روي أن أبا موسى الأشعري وفد إلى عمر ومعه نصراني فأعجب عمر خطه فقال: "قل لكاتبك هذا يقرأ لنا كتاباً" فقال: إنه لا يدخل المسجد فقال: لم أجنب هو؟ قال: لا هو نصراني قال: فانتهره عمر(66).
6 – وكتب عمر أن يمنع اليهود والنصارى من دخول المساجد وأتبع نهيه بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ).
7 – وروي أن علياً بصر بمجوسي وهو على المنبر فنزل فضربه وأخرجه من باب كنده(67).
فدل هذان الأثران على شهرة ذلك بين الصحابة وأنه تقرر عندهم منع الكافر من دخول المسجد مطلقاً(68).
8 – وروي عن ابن عباس أن أعيان الكفار نجسة كالكلاب والخنازير وهذا يحتم منعهم من دخول سائر المساجد(69).
9 – وكتب عمر بن عبد العزيز إلى قضاته: "لا يجلس قاض في مسجد يدخل عليه اليهودي والنصراني فيه"(70).
10 – ولأن حدث الجنابة والحيض والنفاس يمنع المقام في المسجد فحدث المشرك من باب أولى ولأنه لا يخلو عن جنابة لأنه لا يغتسل اغتسالاً يخرجه منها.

المناقشة والترجيح:
نوقشت أدلة القول الأول بأن دخول ثمامة وأبي سفيان للمسجد وهما مشركان، كان قبل نزول آية التوبة فما حصل من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك منسوخ بقوله سبحانه: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)، والمساجد مأمور بتطهيرها من النجاسات الحسية والمعنوية كما قال سبحانه: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) (الحج: من الآية26)، والمساجد كلها بيوت الله سبحانه(71).
وأجيب بأنه صلى الله عليه وسلم أنزل وفد نصارى نجران في مسجده ولما حانت صلاتهم صلوا فيه وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) الآية، فلم تتناول الآية حرم المدينة ولا مسجدها وإذا جاز ذلك في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فغيره أولى(72).
ونوقش ذلك بأنه ضعيف الإسناد لا تقوم به حجة.
كما نوقش ربط ثمامة في المسجد بأن الذي تولى ربطه الصحابة فلما رآه صلى الله عليه وسلم مربوطاً أمر بإطلاقة فلأن يكون إنكاراً لربطه أولى من أن يكون تقريراً، وأجيب بأن البخاري أخرج الحديث في المغازي مطولاً وفيه أنه مر عليه ثلاث مرات وهو مربوط في المسجد وإنما أمر بإطلاقة في اليوم الثالث، ثم كيف يجوز أن يفعل الصحابة أمراً لا يرضاه صلى الله عليه وسلم؟!(73)
ونوقشت أدلة القول الثاني بأن كل تصرف يحدث من المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مما يتعلق بشؤونهم العامة، فلا بد فيه من إذن الرسول صلى الله عليه وسلم، فربط ثمامة بسارية المسجد وإنزال وفد ثقيف بالمسجد كان عن أمره صلى الله عليه وسلم وكذا سائر الأدلة الأخرى(74).
ونوقشت أدلة القول الثالث: بمفهوم آية التوبة(75) فالأصل هو عدم المنع وخالفناه في المسجد الحرام للنص الصريح القاطع فوجب أن يبقى في غيره على وفق الأصل وإنما خص المسجد الحرام دون غيره بالمنع في آية التوبة والمقصود بها منعهم من الحج كما يدل على ذلك قرائن أخرى تقدم ذكرها، أو أنها خاصة بالمشركين من العرب الذين لا ذمة لهم دون سائر الكفار وسائر المساجد فهي باقية على أصل الإباحة وفعل عمر وعلي وعمر بن عبد العزيز اجتهاد منهم حسب ما يرونه من المصلحة وليس في قوة المرفوع.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم في إدخاله الكفار للمسجد يؤيد مفهوم آية التوبة فلو لم يكن حكم غير المسجد الحرام مخالفاً له لعم ذلك، ولما خالفه صلى الله عليه وسلم(76)، وأجيب عن ذلك بأن النص وإن كان مصرحاً بالمسجد الحرام إلا أن ذكر الفاء بعد الإخبار بأن المشركين نجس، دليل على علة النهي(77).
وقد وردت فاء العلية في نصوص الشريعة دالة على مثل هذا كما في قوله سبحانه: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) (المائدة: من الآية38)، وذلك لعلة السرقة.
فكذلك هنا المنع لعلة النجاسة والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً وما دام أن المساجد مأمور بطهارتها من النجاسات الحسية والمعنوية فهذا يقتضي منع الكافر من دخولها صيانة لها وتطهيراً(78).
وقد نوقش هذا الجواب بأن السنة جاءت مبينة للقرآن وفعله صلى الله عليه وسلم مع ثمامة ووفد ثقيف ونجران واليهود وغيره دال على اعتبار مفهوم الآية وهو صريح في محل النزاع(79).
فأجيب بالنسخ لأن قصة ثمامة كانت قبل فتح مكة وإنما نزلت براءة بعد ذلك فلا حجة في الحديث(80).
ونوقش ذلك بأنه على التسليم به فإن وفد ثقيف كان قدومه بعد فتح مكة بالاتفاق، في السنة التاسعة من الهجرة بعد غزوة تبوك فدل على أنه غير منسوخ(81).
فأجيب بأن وفد ثقيف كان في رمضان والإعلان بسورة التوبة كان في ذي الحجة فتكون الآية ناسخة للحديث(82).
ونوقش ذلك بما روي عن جابر موقوفاً ومرفوعاً من استثناء أهل العهد وخدمهم من المسجد الحرام فغيره من باب أولى.
فأجيب عن ذلك بأن المرفوع غير محفوظ والموقوف رأي صحابي خالفه فيه غيره كعمر وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما وغيرهما كما تقدم.
ونوقش الاستدلال بقوله سبحانه: (مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ) (البقرة: من الآية114) بأنها لا تدل على تحريم دخول الكافر للمسجد لأنها نزلت في حق من استولى عليها وعاث فيها فساداً وخراباً فأما من دخلها من غير ذلك فلا دليل على تحريم فعله(83).
ويجاب عن ذلك بأن الكفر ملة واحدة والكافر إنما أبغض المسلمين لأجل دينهم فلا يؤمن إفساده عند دخول المسجد ولو سلم عدم وجود دلالة في الآية فإن في باقي الأدلة الأخرى ما تقوم به الحجة إن شاء الله.
وبهذا يظهر قوة أدلة القول الثالث وإمكان الجواب عما ورد عليها من المناقشات فيترجح المنع، وأنه لا ينبغي لأي كافر دخول أي مسجد في الدنيا وألا يمكن من ذلك حتى تبقى المساجد مصانة محترمة ترفع ويذكر فيها اسم الله بالغدو والآصال.
إلا أنه في حال وجود ضرورة أو مصلحة راجحة للإسلام والمسلمين في دخول الكافر للمساجد أو كان في ذلك دفع لمفسدة أعظم فحينئذ يترجح القول بالجواز في هذه الحال جمعاً بين الأدلة وتوفيقاً بين النصوص ومراعاة للمصالح والمفاسد.
قال ابن القيم رحمه الله: "وأما دخول الكفار مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فكان ذلك لما كان بالمسلمين حاجة إلى ذلك، ولأنهم كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم في عهدهم ويؤدون إليه الرسائل ويحملون منه الأجوبة ويسمعون منه الدعوة ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج من المسجد لكل من قصده من الكفار فكانت المصلحة في دخولهم إذ ذاك أعظم من المفسدة التي فيه... وأما الآن فلا مصلحة للمسلمين في دخولهم مساجدهم والجلوس فيها، فإن دعت إلى ذلك مصلحة راجحة جاز دخولها بلا إذن"(84).
وقد أفتى بجواز دخولهم في حال الضرورة ووجود مصلحة أو دفع مفسدة بذلك من المعاصرين كل من الشيخ/ محمد بن إبراهيم وابن باز واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وعبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي(85).
فإن كان دخولهم لها لعمارتها أو إصلاحها فهذا محل خلاف بين المعاصرين بحسب تقديرهم للمصالح والمفاسد في ذلك فقد أفتت هيئة كبار العلماء بالإجماع أنه لا ينبغي تولي الكفار تعمير المساجد حيث يوجد من يقوم بذلك من المسلمين ولأنهم لا يؤمنون من الغش عند تصميم المخططات أو تنفيذها(86).
وأفتى الشيخ محمد بن عثيمين بجواز دخولهم لإصلاح محتويات المسجد ويتحرز منه بأن يكون عليه مشرف من المسلمين(87).
وهذا الاختلاف راجع إلى تقدير الضرورة والمصلحة في هذا العمل فإن وجدت ضرورة إليه لانعدام من يقوم به من المسلمين جاز ذلك مع التحرز بوجود مشرف مسلم وبهذا يتم التوفيق بين القولين، والواقع الآن يقضي بالمنع لانعدام الضرورة والمصلحة في ذلك.
ومن المؤسف جداً أن كثيراً من المساجد الإسلامية في شتى بقاع الأرض وعلى رأسها المسجد الأقصى أصبحت معالم سياحية يرتادها اليهود والنصارى والمشركون ويرتكبون فيها المحرمات والمنكرات بدعم من الحكومات الموسومة بالإسلامية.
ولا شك أن دخول الكفار للمساجد لغرض السياحة والنزهة والفرجة فقط – دون وجود مصلحة راجحة للإسلام والمسلمين – أولى بالمنع والتحريم لغلبة المفسدة وانعدام الحاجة والضرورة والمصلحة من وراء ذلك، ولما فيه من تدنيس المساجد وإهانتها، ومخالفة النصوص الصحيحة الصريحة في التحريم والمنع من ذلك(88).

المسألة الثالثة: سياحة الكفار في جزيرة العرب:
لتقرير الحكم في هذه المسألة لا بد من بيان حدود جزيرة العرب وخصائصها وأهمية خلوها من الكفار وما ورد في ذلك من النصوص الشرعية وكلام الفقهاء، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: حدود جزيرة العرب:
يحدها من الغرب: بحر القلزم(89)، ويقال: بحر الحبشة ويعرف الآن باسم: البحر الأحمر.
ومن الجنوب: بحر العرب ويقال: بحر اليمن.
ومن الشرق: خليج البصرة ويعرف الآن باسم: الخليج العربي.
وهذا التحديد من هذه الجهات الثلاث محل اتفاق بين المحدثين والفقهاء والمؤرخين والجغرافيين وغيرهم(90).
وأما الحد الشمالي: فساحل البحر الأحمر الشرقي الشمالي وما على مُسامَتِتِه شرقاً من مشارف الشام وأطراره (الأردن حالياً) ومنقطع السماوة من ريف العراق، والحد غير داخل في المحدود هنا(91).
قال شيخ الإسلام: "جزيرة العرب هي من بحر القلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حجر اليمامة إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم، ولا تدخل فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين البعث وقبله"(92).
ولأجل هذا التحديد بالمياه الإقليمية الثلاثة صارت تعرف عند المتأخرين باسم (شبه الجزيرة العربية) وإنما قيل: (جزيرة العرب) لإحاطتها بثلاثة أبحر، ولأن الحد الشمالي وإن كان إلى مشارف الشام وريف العراق إلا أن ما وراء ذلك من أنهار: بردى ودجلة والفرات متصل برأس الخليج العربي، فكأن التجوز في ذاك الإطلاق بحكم المجاورة(93).
ونسبت إلى العرب لأنها أرضها ومسكها ومعدنها(94).
وقد وهم من مد مسمى جزيرة العرب شمالاً إلى دجلة والفرات وعنق النيل، لأن المضاف إليه (العرب) يحدد المراد كما هو ظاهر في تسميتها فقد علم في امتداد العرب ومنازل القبائل واضطرابهم بين ظعن وإقامة أنهم لم يتجاوزوا ما تقدم رسمه في الحد الشمالي.
وعلى هذا فالأردن وسوريا والعراق ليست داخلة في ذلك(95).
وتسمى جزيرة العرب وأرض العرب، وقد وردا في السنة واستعمالات الفقهاء، ومن أسمائها بلاد العرب وديار العرب والجزيرة العربية وشبه الجزيرة العربية(96).

أهمية خلو جزيرة العرب من الكفار:
إن ما يتعرض له المسلمون في هذا العصر من هجمات شرسة من قبل أعداء الملة والدين تظهر بجلاء حكمة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعجزة نبوته في أمره بإخراج المشركين من جزيرة العرب وأن لا يجتمع فيها دينان وأن تكون كلمة الله هي العليا، فالمسلمون في هذا الزمن يرون بكل أسى هيمنة الغرب وتسلطه على ديار المسلمين والعمل على تمزيقهم وإيجاد وحماية الأقليات غير المسلمة في بلاد الإسلام، ومن أبرز دلائل ذلك فصلهم لتيمور الشرقية عن إندونيسيا لحماية النصارى وتكوين دولة لهم في أرض المسلمين هناك.
وكذلك ما يقوم به اليهود في فلسطين من زراعة للمستوطنات وإسكان بني جلدتهم فيها وهدم ديار المسلمين هناك، ودول العالم تتكالب على حماية اليهود ودعمهم لوقوعهم في عمق العالم الإسلامي وتسعى جاهدة إلى إبادة المسلمين في فلسطين ومنع قيام دولة إسلامية هناك.
ولن تسلم أرض الحجاز وجزيرة العرب من مثل هذا لو سمح لليهود والنصارى بالاستيطان فيها ودخول أراضيها المقدسة.
ولذا أوصى صلى الله عليه وسلم بإخراجهم وبين بأن جزيرة العرب هي معقل الإسلام في آخر الزمان ونص الفقهاء على ذلك في مدوناتهم واهتموا ببيانه للأمة(97).
وإذا كانت الجزيرة قاعدة الإسلام وقلبه النابض ومهوى أفئدة المسلمين فإن وجود الكفار وإقامتهم فيها مع ما يصحب ذلك من فتن ومنكرات وكفر بالله عز وجل هو عين المبارزة والمحاربة لدينه وشرعه الإسلام، إضافة على ما في ذلك من ذل وتدنيس لديار المسلمين وخطر على عقيدتهم وأخلاقهم(98).
وإذا كانت العلة في إخراج المشركين وعدم الرضى بوجود كيان لهم في هذه الجزيرة هي لتبقى هذه الديار ديار إسلام، وأهلها مسلمين فتسلم قاعدة المسلمين ويسلم قادتهم من أي تهويد أو تنصير فإن الحكم يدور مع علته فلا يقتصر الأمر على إخراجهم حسياً وجسدياً فقط بل ويشمل إخراج نفوذهم وحضارتهم ودعوتهم وعقائدهم وكل ما يهدد أخلاقيات هذه البلاد وينال من كرامتها(99).

حكم سياحة الكفار في جزيرة العرب:
ترجح فيما تقدم وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب لظاهر الأمر بذلك في نصوص كثيرة تقدم ذكرها، وهذا يقتضي منعهم من دخولها لأجل السكن والاستيطان والإقامة بها لكن دخولهم لها على سبيل العبور والاجتياز لمصالحهم من تجارة ونحوها دون إقامة فيها جائز باتفاق الفقهاء(100) فيما عدا الحرم المكي – كما سبق بيانه – ويدل على هذا – جواز العبور دون إقامة – الأحاديث المتقدمة في الأمر بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب.
ووجه الدلالة:
أن المقصود بالإخراج منعهم من اتخاذ الجزيرة وطناً لهم يستقرون فيه لأنها دار الإسلام ومعقل التوحيد لكن المرور بها اجتيازاً دون إقامة لا يترتب عليه الوقوع في المحذور، وحاجة المسلمين تقتضي السماح لهم بذلك لمصالح المسلمين وتعاملاتهم فالإنسان مدني بطبعه - كما تقدم – وهو محتاج لبني جنسه في جلب مصالحه من خلال المفاوضات التجارية وعلى هذا تقوم الحياة البشرية كما قال الشاعر:
الناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
لكن الفقهاء اختلفوا في المدة التي يسمح لهم فيها بالبقاء وذاك راجع إلى اختلافهم في المدة التي يصير المسافر فيها مقيماً.
والمقصود أن لا يبقوا فيها مدة تزيد على قدر الحاجة ويصيرون بها من المقيمين والسكان، وتحديد ذلك راجع إلى ولي الأمر بحسب المصلحة على الراجح(101).
يقول عبد الكريم زيدان – من المعاصرين – (الذي أراه أن ما ذكره الفقهاء في تحديد مدة إقامة المستأمن إنما هو من الأمور الاجتهادية المحضة وليس هو بحكم شرعي ملزم للدولة الإسلامية وعلى هذا فللإمام أن يقدر للمستأمن المدة التي يراها مناسبة لإقامته في دار الإسلام على ضوء الحاجة والمصلحة ولا يتقيد بمدة معينة)(102).
وعلى هذا فإن سياحة الكفار في جزيرة العرب بغرض التجارة أو غيرها(103) مما فيه مصلحة للمسلمين أو لا مفسدة ولا مضرة فيه جائز باتفاق الفقهاء؛ لأن السائح إقامته مؤقتة وليست دائمة(104).
السياحة في باقي ديار الإسلام:
الأمر بإخراج المشركين قيل إنه مخصوص بجزيرة العرب كما هو قول جماهير الأمة(105)، وقيل: إنه عام في جميع أهل الذمة إذا استعنى المسلمون عنهم أجلوهم من ديار الإسلام كما هو قول ابن جرير وغيره(106).
والصحيح – والله أعلم – أن ذلك من خصائص جزيرة العرب التي هي حول المسجد الحرام كما خص المسجد الحرام بقوله: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) (التوبة: من الآية28)؛ لأن النصوص في الأمر بإخراجهم مقيدة صراحة بجزيرة العرب، وعلى هذا عمل الخلفاء؛ فعمر لم يخرجهم من ا لشام بل لما فتح الشام أقر اليهود والنصارى بالأردن وفلسطين وغيرهما كما أقرهم بدمشق وغيرها(107).
فلا مانع شرعاً من دخولهم لباقي ديار الإسلام ولم يرد في الكتاب والسنة ما يوجب إخراجهم منها أو منعهم من دخولها وعلى هذا عمل المسلمين في سائر الأعصار والأمصار ولم يزل أهل الذمة على مر التاريخ ينعمون بأمن الإسلام على أرضه ويخضعون لتعاليمه وعدله.
وإذا دخل السائح الكافر (الحربي) إلى ديار الإسلام بإذن وأمان صار مستأمناً حتى يغادرها(108)، وهو كالذمي في دار الإسلام من حيث الحقوق والواجبات كما ذكر الفقهاء، إلا أنه يختلف عنه في عدم دفعه للجزية لأنه ليس من أهل دار الإسلام خلافاً للذمي(109).

________________
(*)استفيد مادة البحث من كتاب السياحة في الاسلام لعبد الله الخضيري
(1) ينظر: أحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص 171-172، بتصرف.
(2) ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، (25/221)، والأحكام الشرعية للملاهي والقضايا الترفيهية، للمزروعي (ص72)، وللمسافرين، القسم العلمي بدار الوطن، ص(2).
(3) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد (28/28-29).
(4) في كلام الشاطبي ص(88).
(5) ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، (7/104)، وشرح فتح القدير للكمال بن الهمام، (5/270-وما بعدها)، وبدائع الصنائع، للكاساني (7/169)، وحاشية ابن عابدين (6/215)، والكافي، لابن عبدالبر (1/66) ومواهب الجليل، للحطاب (4/596)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (1/479) والأم، للشافعي (4/238) ومغني المحتاج، للشربيني (4/209-239)، روضة الطالبين، للنووي (10/204) تكملة المجموع، للنووي، للمطيعي (21/117)، والمغني (13/31)، وكشاف القناع، للبهوتي (2/1265-1333) وأحكام أهل الذمة، لابن القيم، تحقيق البكري والعاروري (2/873)، وحاشية ابن قاسم (4/302)، بتصرف.
(6) ينظر: المصادر السابقة.
(7) ينظر: المصادر السابقة.
(8) ينظر: المصادر السابقة ص 164، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي تحقيق التركي (10/358).
(9) ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية (7/120-121)، بتصرف.
(10) ينظر: شرح فتح القدير، لكمال بن الهمام (5/270)، حاشية ابن عابدين (6/278)، شرح السير الكبير للسرخسي (4/1541-1542)، بدائع الصنائع، الكاساني (7/176)، الكافي، لابن عبدالبر (1/481-484)، عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس (1/487)، مواهب الجليل، للحطاب (4/562)، حاشية الدسوقي (2/201)، التاج والإكليل، للمواق (4/595)، وشرح مختصر خليل، للخرشي (3/145)، الأم، للشافعي (4/204) المجموع شرح المهذب، للنووي، تحقيق المطيعي (21/267) وروضة الطالبين، للنووي (10/308)، والمغني، لابن قدامة (13/244) ومنتهى الإرادات، للفتوحي، تحقيق التركي (2/245)، كشاف القناع، للبهوتي (2/1367)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي، تحقيق التركي (10/358-361)، والموسوعة الفقهية الكويتية (7/106-107)، بتصرف.
(11) ينظر: شرح السير الكبير، للسرخسي (1/308)، حاشية ابن عابدين (6/295) شرح فتح القدير، لابن الهمام (5/266)، بدائع الصنائع، للكاساني (7/173).
(12) ينظر: الكافي، لابن عبد البر (1/468)، مواهب الجليل، للحطاب (4/562)، عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس (1/479).
(13) ينظر: الأم، للشافعي (4/188-248)، روضة الطالبين، للنووي (10/319)، مغني المحتاج، للشربيني (4/236)، تكملة المجموع، للنووي، للمطيعي (21/115-254) وفي الموسوعة الكويتية (7/17): (واللجنة ترى أن هذا الأمر من الخطورة بمكان، ولا بد من التثبت من صدق ادعائه).
(14) ينظر: المغني، لابن قدامة (13/236) منتهى الإرادات للفتوحي (2/234) وكشاف القناع، للبهوتي (2/1333)، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي تحقيق التركي (10/358-361).
(15) ينظر: شرح السير الكبير، للسرخسي (1/308)، شرح فتح القدير، لابن الهمام (5/266)، بدائع الصنائع، للكاساني (7/173)، حاشية ابن عابدين (6/295)، والموسوعة الكويتية (7/107)، بتصرف.
(16) ينظر: حكم دخول غير المسلمين للمساجد، عبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي، ص (27)، بتصرف.
(17) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (3/88)، شرح معاني الآثار، للطحاوي (3/327)، شرح السير الكبير (1/134)، شرح فتح القدير للكمال (8/497)، حاشية ابن عابدين (6/332-337)، أحكام القرآن، للقرطبي (4/104)، ولابن العربي (2/913)، الأم، للشافعي (4/178)، وتكملة المجموع للنووي، للمطيعي (21/244)، وروضة الطالبين، للنووي (10/308)، المغني، لابن قدامة (13/245)، منتهى الإرادات للفتوحي مع حاشية النجدي، تحقيق التركي (2/245)، وكشاف القناع للبهوتي (2/1365) والموسوعة الفقهية الكويتية (17/188)، بتصرف.
(18) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (2/914)، وللقرطبي (4/105)، وأحكام القرآن، للشافعي (1/84)، والأم للشافعي (4/177)، والمجموع، للنووي تكملة المطيعي (21/247)، وروضة الطالبين، للنووي (10/309)، وتفسير ابن كثير (2/429)، والمغني، لابن قدامة (13/245)، والفروع لابن مفلح مع تصحيح المرداوي وحاشية ابن قندس، تحقيق التركي (10/342)، ومنتهى الإرادات للفتوحي (2/245)، وكشاف القناع، للبهوتي (2/1365) والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وشمس الدين أبي الفرج ابن قدامة والمرداوي، تحقيق التركي (10/466)، والمحلى، لابن حزم (4/243) وقد خص الشافعي وابن حزم المنع بالمسجد الحرام دون غيره كما سيأتي بيان ذلك.
(19) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (3/88)، شرح السير الكبير، للشيباني، إملاء السرخسي (1/134)، شرح فتح القدير للكمال بن الهمام (8/497)، حاشية ابن عابدين (6/332-337).
(20) ينظر: أحكام القرآن للقرطبي (4/104)، والمحرر الوجيز لابن عطية (6/454)، والفروع، لابن مفلح مع تصحيح المرداوي وحاشية ابن قندس تحقيق التركي (10/342)، كشاف القناع، للبهوتي (2/1365).
(21) المستدرك على مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع محمد بن عبد الرحمن بن قاسم (3/182).
(22) ينظر: أحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص 216.
(23) فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، جمع وتحقيق محمد بن عبد الرحمن بن قاسم (5-6/255).
(24) ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، جمع أحمد الدويش (2/99).
(25) ينظر: المدونة، للإمام مالك (1/479)، فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر مع فتح المجيد في اختصار تخريج أحاديث التمهيد، للمغراوي (9/202)، والمنتقى شرح الموطأ، للباجي (2/242)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/79-80)، مواهب الجليل، للحطاب (4/41)، الفروق، للقرافي (2/229-وما بعدها)، روضة الطالبين للنووي (10/310)، تكملة المجموع، للمطيعي (21/253-وما بعدها)، مغني المحتاج للشربيني (1/529)، المغني، لابن قدامة (5/190)، الفروع، لابن مفلح مع تصميم المرداوي وحاشية ابن قندس، تحقيق التركي (6/20)، ونيل الأوطار، للشوكاني (5-6/117).
(26) متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب البيوع، باب: بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده ص(166) رقم (2129)، ومسلم في كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، (904) رقم (1360).
(27) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة ص(905) رقم (1371).
(28) أخرجه مسلم، كتاب الحج، باب فضل المدينة، (905) رقم (1370) وعير وثور جبلان في المدينة، ينظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (9-10/153).
(29) فتح الباري، لابن حجر (13/295).
(30) ينظر: شرح معاني الآثار، للطحاوي (4/195)، كشف الأسرار عن أصول البزدوي، للبخاري (3/83-85 و4/389-وما بعدها)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم (3/44-45)، حاشية ابن عابدين (4/52-53).
(31) ينظر: أحكام القرآن للقرطبي (4/104)، وعقد الجواهر الثمينة، لابن شاس (1/487)، والفروق للقرافي (2/229)، وشرح مختصر خليل، للخرشي (3/145) ومنح الجليل، لعليش (3/217).
(32) المصادر السابقة، وأحكام أهل الذمة، لابن القيم، (1/397-402)، وفتاوى محمد بن إبراهيم (5-6/255)، والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ص(366) رقم (4467)، وباب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم، ص234، رقم 2916، ومسلم في باب الرهن وجوازه في الحظر والسفر.
(33) ينظر: المغني، لابن قدامة (5-191)، وكشاف القناع، للبهوتي (2/1365)، وأحكام أهل الذمة، لابن القيم (1/394).
(34) ينظر: المغني لابن قدامة (5/190)، والفروع لابن مفلح مع تصحيح المرداوي وحاشية ابن قندس، تحقيق التركي (6/20) والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي (10/466-468).
(35) أحكام أهل الذمة (1/394).
(36) فتاوى محمد بن إبراهيم، جمع ابن قاسم (5-6/257),
(37) أخرجه ابن هشام في السيرة (2/32)، وابن جرير في تفسيره (3/162)، وابن كثير في تفسيره (2/429)، وابن القيم في زاد المعاد (3/550).
(38) أحكام أهل الذمة (1/397).
(39) وبهذا أفتى محمد بن إبراهيم (5-6/257 وما بعدها).
(40) ينظر: أحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص218)، بتصرف.
(41) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المساجد ومواضع الصلاة ص(758) رقم (520).
(42) ينظر: أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية، د. إبراهيم الخضيري (1/219-222-240)، بتصرف.
(43) قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة للدورات 1-10، القرار 62 (13/6)، ص 130-131.
(44) ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام (5/271)، وأحكام القرآن، للجصاص (3/88)، وشرح السير الكبير، للسرخسي (1/134-135)، وبدائع الصنائع للكاساني (5/215)، وتبيين الحقائق للزيلعي (6/23) وأحكام القرآن للشافعي (1/84)، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي، تحقيق التركي (10/473)، والمحلى لابن حزم (4/243).
(45) ينظر: تفسير الطبري (4/65)، جواهر الإكليل (1/267)، وأحكام القرآن، للقرطبي (4/105)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (6/452)، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي، تحقيق التركي (10/473).
(46) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب دخول المشرك المسجد (ص40) رقم (469)، ومسلم في كتاب الجهاد باب ربط الأسير وحبسه ص (991)، رقم (1764).
(47) ينظر: السنن الكبرى، للبيهقي (2/444)، أحكام المساجد، للخضيري (3/124)، حكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي، ص 20، أحكام السياحة، ص 223، بتصرف.
(48) رواه ابن خزيمة في صحيحه جماع أبواب الأفعال المباحة في المسجد غير الصلاة وذكر الله باب الرخصة في إنزال المشركين المسجد غير المسجد الحرام إذا كان ذلك أرجى لإسلامهم (2/285) وأحمد في مسنده (4/218)، والبيهقي في سننه (2/444)، باب المشرك يدخل المسجد، وأبو داود في سننه كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب ما جاء في خبر الطائف ص(1451) رقم (3026)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود (10/436)، رقم 529)، وفي السلسلة (الضعيفة) رقم (4319). ينظر الإصابة، لابن حجر (3-4/221).
(49) ينظر: السنن الكبرى، للبيهقي (2/444)، ومصنف عبد الرزاق (1/414)، والمغني، لابن قدامة (13/246)، أحكام المساجد، للخضيري (3/124)، وحكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي، ص 20، بتصرف، وقال ابن القيم في زاد المعاد (3/525): (في قصة هذا الوفد من الفقه... جواز إنزال المشرك في المسجد ولا سيما إذا كان يرجو إسلامه وتمكينه من سماع القرآن ومشاهدة أهل الإسلام وعبادتهم).
(50) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما جاء في العلم (8) رقم (63)، وأبو داود في سننه كتاب الصلاة، باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد (1209) رقم (486)، والرجل هو ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.
(51) ينظر: السنن الكبرى، للبيهقي (2/444) أحكام المساجد، للخضيري (3/125)، وأحكام السياحة، هاشم ناقور ص (224) بتصرف.
(52) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد ص (1259) رقم (488)، والبيهقي في السنن الكبرى 2/444).
(53) ينظر: أحكام المساجد، للخضيري (3/125)، وحكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي، ص26، بتصرف.
(54) أخرجه ابن هشام في سيرته (4/38)، وابن كثير في البداية والنهاية (4/312)، وينظر: المغني، لابن قدامة (13/247) وأحكام أهل الذمة، لابن القيم (1/406)، وأحكام السياحة، هاشم ناقور (ص225)، بتصرف.
(55) ينظر: أحكام أهل الذمة، لابن القيم (1/406)، وأحكام السياحة لهاشم ناقور ص(225) بتصرف.
(56) ينظر: شرح فتح القدير، للكمال بن الهمام (8/497)، وبدائع الصنائع، للكاساني (5/215)، وتبيين الحقائق، للزيلعي (6/23).
(57) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (3/88) فتح الباري (8/176 و 1/662) (4/243)، وحكم دخول غير المسلمين للمساجد للشنقيطي، ص (26)، وأحكام المساجد، للخضيري (3/129) بتصرف.
(58) ينظر: أحكام القرآن، للجصاص (3/89)، وشرح فتح القدير، لابن الهمام (8/497)، وبدائع الصنائع، للكاساني (5/215)، والمجموع شرح المهذب، للنووي (21/253) وأحكام المساجد، للخضيري (3/130).
(59) ينظر: أحكام القرآن، للقرطبي (4/105)، وأحكام القرآن، لابن العربي (2/913)، والمحرر الوجيز لابن عطية (6/452)، والدر المنثور، للسيوطي (7/308).
(60) أحكام القرآن، لابن العربي (2/913).
(61) المصادر السابقة.
(62) ينظر: حكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي، ص 22، بتصرف.
(63) ينظر: أحكام القرآن للجصاص (1/61 و 3/88)، ولابن العربي (1/33)، وأحكام المساجد، للخضيري (3/127) بتصرف.
(64) ينظر: كشاف القناع، للبهوتي (2/1368)، وحكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي، ص22، بتصرف.
(65) ينظر: أحكام القرآن، للقرطبي (4/105)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (6/452)، والموسوعة الفقهية الكويتية (7/145).
(66) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب كتاب القاضي إلى القاضي (10/127) برقم 20196.
(67) ينظر: تكملة المجموع للنووي، للمطيعي (21/253-254)، والمغني، لابن قدامة (13/246) وقال محققاً المغني: د. عبد الله التركي، و د. عبد الفتاح الحلو: (أثر على هذا لم نجده).
(68) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (2/913)، وللقرطبي (4/105)، والمغني، لابن قدامة (13/246)، وأحكام أهل الذمة، لابن القيم (1/407)، والمصدر السابق.
(69) ينظر: مفاتيح الغيب، للفخر الرازي (16/24) الدر المنثور، للسيوطي (7/309)، تفسير ابن أبي حاتم (6/1775)، روح المعاني، للألوسي (10/76)، حكم دخول غير المسلمين للمساجد للشنقيطي (23).
(70) ينظر: المصنف لابن أبي شيبة (2/260)، وأحكام القرآن، للقرطبي (4/105)، المحرر الوجيز، لابن عطية (6/452)، تفسير ابن كثير (2/429)، الدر المنثور، للسيوطي (7/308).
(71) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (2/914)، وأحكام القرآن، للقرطبي (4/105)، وقال ابن كثير: "الظاهر من سياق القصة أنها كانت قبل فتح مكة لأن أهل مكة عيروه بالإسلام، وقالوا: أصبوت، فتوعدهم بأنه لا يفد إليهم من اليمامة حبة حنطة ميرة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدل على أن مكة إذ ذاك دار حرب لم يسلم أهلها بعد، ولهذا ذكر البيهقي قصة ثمامة بن أثال قبل فتح مكة، وهو أشبه" ا.هـ. السيرة النبوية، لابن كثير (4/92).
(72) ينظر: أحكام أهل الذمة، لابن القيم (1/397).
(73) ينظر: فتح الباري، لابن حجر (1/662)، بتصرف.
(74) ينظر: الأم، للشافعي (4/290)، وفتح الباري لابن حجر (1/662)، والمجموع للنووي (21/254)، وقال ابن حجر: "إني لأتعجب كيف جوز أن الصحابة يفعلون في المسجد أمراً لا يرضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهو كلام فاسد مبني على فاسد".
(75) قال الفخر الرازي في مفاتيح الغيب (8/22): "الآية بمنطوقها تبطل قول أبي حنيفة رحمه الله، وبمفهومها تبطل قول مالك رحمه الله أو تقول: الأصل عدم المنع، وخالفناه في المسجد الحرام بهذا النص الصريح القاطع فوجب أن يبقى في غيره على وفق الأصل".
(76) ينظر: أحكام القرآن، للجصاص (3/89)، فتح الباري، لابن حجر (8/176)، المغني، لابن قدامة (13/246).
(77) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (2/913)، وقال: "رأى الشافعي أن هذا مخصوص بالمسجد الحرام لا يتعداه إلى غيره من المساجد وهذا جمود منه على الظاهر الذي يسقط هذا الظاهر، فإن الله لم يقل: لا يقرب هؤلاء المسجد الحرام فيكون الحكم مقصوراً عليهم... بل أكد الحال ببيان العلة وكشفها، فقال: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) (التوبة: من الآية28)، يرد ولا بد لنجاستهم، فتعدت العلة إلى كل موضع محترم بالمسجدية... فمنع الله المشركين من دخول المسجد الحرام نصاً ومنع من دخول سائر المساجد تعليلاً بالنجاسة، ولوجوب صيانة المسجد عن كل نجس" ا.هـ، وينظر: أحكام القرآن، للقرطبي (4/105).
(78) ينظر: حكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي، ص28، بتصرف.
(79) ينظر: المغني، لابن قدامة (13/246)، زاد المعاد، لابن القيم (3/525).
(80) ينظر: أحكام القرآن، لابن العربي (2/914)، وأحكام القرآن، للقرطبي (4/105)، وقال: "أجاب علماؤنا عن هذا الحديث – وإن كان صحيحاً – بأجوبة: أحدها – أنه كان متقدماً على نزول الآية، الثاني – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد علم بإسلام فلذلك ربطه. الثالث – أن ذلك قضية في عين فلا ينبغي أن تدفع بها الأدلة التي ذكرناها، لكونها مقيدة بحكم القاعدة الكلية وقد يمكن أن يقال: إنما ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها، وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد فيستأنس بذلك ويسلم وكذلك كان".
(81) قال ابن كثير في السيرة النبوية (4/53): (والصحيح أن وفد ثقيف كان قدومه قبل حج أبي بكر بالناس وإن زعم موسى بن عقبة وتابعه البيهقي خلاف ذلك من أن وفد ثقيف كان بعد حج أبي بكر) والأول اختيار ابن إسحاق وابن كثير فتبين أن إنزالهم كان قبل نزول براءة لأنها كانت في 9 ذي الحجة ووفد ثقيف كان في رمضان، وينظر: زاد المعاد، لابن القيم (3/524).
(82) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي (2/913)، أحكام القرآن، للقرطبي (4/104)، فتح الباري، لابن حجر (8/176)، المغني لابن قدامة (13/246)، زاد المعاد لابن القيم (3/525).
(83) ينظر: سبل السلام، للصنعاني، تحقيق حلاق (2/186).
(84) أحكام أهل الذمة (1/407-408)، وذكر البهوتي في كشاف القناع (2/1367) نحواً من ذلك.
(85) ينظر: فتاوى محمد بن إبراهيم، جمع ابن قاسم (5-6/263)، وفتاوى ابن باز جمع الشويعر (8/356)، وفتاوى اللجنة الدائمة، جمع الدويش (2/99-116)، وحكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي (31-32).
(86) وذلك في القرار رقم (78) وتاريخ (21/10/1400هـ) في الدورة السادسة عشر بالطائف. ينظر: أبحاث هيئة كبار العلماء (7/549-550).
(87) ينظر: لقاء الباب المفتوح، للشيخ ابن عثيمين (41-50)، إعداد عبد الله الطيار، ص(221).
(88) ينظر: أحكام أهل الذمة، لابن القيم، تحقيق البكري والعاروري، (1/408) هامش (1)، وحكم دخول غير المسلمين للمساجد، للشنقيطي (32-33)، وأحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص (227).
(89) القلزم مدينة على طرفه الشمالي، ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص (17).
(90) وممن أفصح عن هذا التحديد بالنص: ابن حوقل، والاصطخري والهمداني والبكري وياقوت وهو منصوص الرواية عن مالك وتفيده الرواية عن أعمد، وما وقع من الخلاف بين الفقهاء فإنما هو في شمول الأمر بإخراج الكفار من جزيرة العرب كلها أو لجزء منها كما يدل على ذلك نصوص كثير منهم ومن ذلك: قول النووي في شرح صحيح مسلم: "الشافعي خص هذا الحكم ببعض جزيرة العرب وهو الحجاز... دون اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب"، ينظر: شرح صحيح مسلم (11-12/103)، وتحفة الأحوذي، للمباركفوري (5/230)، شرح السير الكبير، للسرخسي (4/1541-1542)، فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد البر (9/171)، الأم، للشافعي (4/187)، روضة الطالبين للنووي (10/308)، المغني لابن قدامة (13/243)، وخصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص(17)، وجزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية الآثار ملحق شرعي بمذكرة السياحة تحت المجهر، ص(17).
(91) المصدر السابق.
(92) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع بن قاسم (22/236-28/631)، واقتضاء الصراط المستقيم، ص (454).
(93) ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص (18)، وجزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية الآثار ملحق بمذكرة السياحة، ص(17).
(94) ينظر: المصادر السابقة.
(95) ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص (20)، بتصرف.
(96) نهاية المحتاج، للرملي (8/83 – وما بعدها).
(97) ينظر: أحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص 221، بتصرف.
(98) ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص 83، بتصرف.
(99) ينظر: المصدر السابق، ص 83-84، بتصرف.
(100) ينظر: شرح السير الكبير، للسرخسي (4/1541-1542)، شرح فتح القدير، لابن الهمام (5/270)، شرح مختصر خليل، للخرشي (3/145)، الأم، للشافعي (4/177-178)، روضة الطالبين، للنووي (10/308)، كشاف القناع، للبهوتي (2/1366).
(101) ينظر: أحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص (205)، بتصرف.
(102) أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، ص 116، بواسطة: المصدر السابق، ص 208.
(103) وقريب من هذا – دخولهم جزيرة العرب للتجارة – استقدامهم للعمل فيها بما يخدم مصالح المسلمين فالظاهر أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب مقيد بحالة عدم الحاجة إليهم في عمل من الأعمال التي لا يجيدها غيرهم أو لا غنى فيها للمسلمين عن خبرتهم، وقد أفتى بعض المعاصرين بجواز استقدام الكفار عند الحاجة إليهم وقصروا التحريم على ما إذا أمكن الاستغناء عنهم.
يقول الشيخ ابن عثيمين: "لكن استقدامهم للحاجة إليهم بحيث لا نجد مسلماً يقوم بتلك الحاجة جائز بشرط أن لا يمنحوا إقامة مطلقة وحيث قلنا جائز فإنه إن ترتب على استقدامهم مفاسد دينية في العقيدة والأخلاق صار حراماً، لأن الجائز إذا ترتب عليه مفسدة صار محرماً تحريم الوسائل كما هو معلوم..".
والظاهر من كلامه أن المراد بالحاجة هو الضرورة إلى الحاجة من حوائج المسلمين ومصالحهم كما صرح بذلك الشيخ محمد بن إبراهيم فقال – عندما سئل عن استخدام واستقدام خبراء وغير مسلمين لتنفيذ مشاريع في المدينة المنورة – "نحيط سموكم أن مدلول الضرورة قد تساهل به كثير من الناس وأصبحت دعواها ديدنهم فيتعين عليكم – وفقكم الله – العناية والرعاية بشرط الدخول، وهو الاضطرار إليه والشعور بمسؤوليتكم أمام الله تبارك وتعالى تجاه ذلك ثم إذا وجد المقتضي لدخول من تدعوا الضرورة إلى دخوله فقد يدخل معه من جنسه من لا ضرورة لدخوله معه فلاحظوا ذلك وقدروا الاضطرار بقدره".
والشيخ ابن باز قال: "أما الكفار فلا يستخدمهم أبداً إلا عند الضرورة الشرعية أي التي يقدرها ولاة الأمر وفق شرع الإسلام وحده".
وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، لما في التوسع في ذلك من أضرار ومفاسد لا تخفى على ذي لب.
ينظر: فتاوى السبكي ص (381)، وفتاوى أركان الإسلام، لابن عثيمين، جمع فهد السليمان ص(187)، وفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم، جمع ابن قاسم (5-6/261)، مجموع فتاوى ابن باز، جمع الشويعر (8/353)، الرسائل المجموعة في بيان أشياء ممنوعة لنخبة من كبار العلماء، ظاهرة استقدام السائقين والخدم للشيخ عبد الله القصير، ص (71-100).
(104) ينظر: أحكام السياحة وآثارها، هاشم ناقور، ص (202)، بتصرف.
(105) ينظر: شرح السير الكبير، للسرخسي (4/1541)، بدائع الصنائع، للكاساني (7/185)، مواهب الجليل، للحطاب (4/594-595)، حاشية الدسوقي (2/202)، الأم، للشافعي (4/177-178)، روضة الطالبين، للنووي (10/308)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي (10/468)، والموسوعة الفقهية الكويتية (17/128-25/125).
(106) ينظر: تفسير الطبري (جامع البيان) (10/104)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، لابن قاسم (28/89 و 19/24)، وفتاوى السبكي (2/381- وما بعدها).
(107) ينظر: المصدر السابق، وأحكام أهل الذمة، لابن القيم (1/387).
(108) ومما ابتلي المسلمون به في هذا الزمان كثرة الاعتداءات على الكفار المستأمنين والمعاهدين في بلاد الإسلام سواء كانوا عمالاً فيها لمصلحة المسلمين أو سياحاً وفدوا بإذن وأمان وقد تقدم ذكر الأدلة في التحذير من قتل المعاهد وخفر ذمة المسلمين وقد سئل الشيخ ابن باز عن الاعتداء على زوار الدول والبلاد الإسلامية ونص السؤال: ما حكم الاعتداء على الأجانب السياح والزوار في البلاد الإسلامية؟
والجواب هو: هذا لا يجوز، الاعتداء لا يجوز على أي أحد، سواء كانوا سياحاً أو عمالاً، لأنهم مستأمنون، دخلوا بالأمان، فلا يجوز الاعتداء عليهم، ولكن تناصح الدولة حتى منعهم مما لا ينبغي إظهاره، أما الاعتداء عليهم فلا يجوز، أما أفراد الناس فليس لهم أن يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم، بل عليهم أن يرفعوا الأمر إلى ولاة الأمور، لأن التعدي عليهم تعد على أناس قد دخلوا بالأمان فلا يجوز التعدي عليهم، ولكن يرفع أمرهم إلى من يستطيع منع دخولهم أو منعهم من ذلك المنكر الظاهر.
أما نصيحتهم ودعوتهم إلى الإسلام أو إلى ترك المنكر إن كانوا مسلمين فهذا مطلوب، وتعمه الأدلة الشرعية، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
ينظر: مجموع فتاوى ومقالات لابن باز، جمع الشويعر (8/239).
(109) ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام (5/270)، الكافي، لابن عبد البر (1/468)، الأم، للشافعي (4/188)، روضة الطالبين، للنووي (10/319)، المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة والمرداوي، تحقيق التركي (10/358-361).