أنت هنا

كورش ـ نجاد.. خط الهجرة إلى "إسرائيل"
17 ذو الحجه 1428

أربعون يهودياً غادروا مهاجرين إلى "أرض المعاد"/"إسرائيل" من إيران كدفعة من هجرة لم تنقطع منذ أن قامت الدولة الإيرانية الحالية في أعقاب الثورة الخومينية.
ليست الدلالة في عددهم بالتأكيد، فهؤلاء قطرة من بحر هجرة تتمثل في الآلاف من اليهود الإيرانيين قد حطوا في أرض يقول الإيرانيون في خطابهم المعلن أنها كيان غاصب لا حق له في الوجود ولا الإشراف على القدس، غير أن الإيرانيين لا يبدون حماسة كبيرة في منع هذا التدفق غير المنظور، وإن عبر دول وسيطة، والذي يجري دون ضجيج منذ أقل من عشرة عقود هي عمر الثورة الإيرانية التي جاءت بنظام يعادي "إسرائيل" في المهرجانات ويقيم احتفالاً سنوياً يسميه بيوم القدس.
الأنباء طارت بحديث عن أن عدد الجالية كان قبل الثورة مائة ألف لكنه صار الآن خمسة وعشرين ألفاً من دون توضيحات عن هذا التسرب كيف تم وأي سبيل اتخذ.
والجالية اليهودية ظلت تتمتع بمعاملة خاصة خلال 2700 عاماً في إيران، ولم يخدشها نظام الفقيه، حيث لا تنص قوانين الملالي على معاملة مجحفة لليهود كتلك التي يلقاها المسلمون السنة في سائر أقاليمهم ومناطقهم، وحيث لا تفضي المعاملة التي يلقاها اليهود في قلب العاصمة إلى شعور خلاف ما لاقوه خلال حكم الملك الفارسي كورش قبل 2046 عاماً حين انتصر على البابليين (العراقيين) وسمح بهجرة من أراد من اليهود إلى فلسطين (كتاب عزرا 1ـ2) ، حيث رحل عشرات الآلاف في السنة التالية إلى فلسطين وبقي من أراد البقاء، ثم عاد منهم من أراد العودة مجدداً إلى فارس لما ساءت الأحوال بفلسطين، وسمح لهم الملك التالي أرتحششتا الأول بالبقاء في بلاده إلى أن عين حاكم يهودي ـ وفقاً للمصادر اليهودية من قبل الفرس بعد أقل من مائة عام..
ويقول موقع وزارة الخارجية الصهيونية عن الحكم الفارسي في تلك الآونة: " كان الفرس في غاية التسامح ولم يكن لديهم أي اعتراض على تقوية مكانة يهودا."!!
على أن الواجب ألا يحمل الفرس الحاليون ـ رغم حب اليهود لحكمهم إبان كورش وما تلاه ـ تبعات هذا التعاطف الذي كان قبل أكثر من ألفي عام، على أن الإشادة التي قالها أحد قادة الجالية اليهودية الإيرانية "منوتشهار الياسي"، وهو يفتتح نشرة الأخبار المسماة بـ"صوت داود"، في قسم البث الخارجي الخاضع لإمرة مرشد الثورة الإيرانية وفقيها ومرجعها الأول "علي خامنئي" في 11/6/2002، بالمعاملة الفارسية على مدى القرون الماضيات حيث قال حينها: "إنني آمل في أن يعيش كل اليهود في سلام ومحبة مع كل الشعوب في العالم كما عاشوا طوال 2700 سنة في طهران".
وإذا سمحنا لأنفسنا بمزيد من "إحسان الظن" بالإيرانيين لـ"تسامحهم" مع هذه الجالية للحد الذي جعلهم يخاطبون يهود العالم عبر "صوت داود"، فكيف نفسر خلو مؤسسات طهران الإعلامية من مثل هذا التسامح مع أهل السنة الأقلية الكبرى في إيران؟!
ثم إذا سلمنا بهذه المعاملة "المتسامحة الحضارية" من المسؤوليين الإيرانيين الدينيين، فكيف لنا أن نفهم وصم "صوت داود" للعمليات الفدائية في فلسطين بالانتحارية وعمليات الإرهاب، من داخل مؤسسة إعلامية إيرانية تصم الآذان بنسختها العربية عن يوم القدس ومسيرات البراءة؟
كيف نفهم الآن هذه الهجرة من جانب دولة يجاهر رئيسها بعدائه لـ"إسرائيل" ثم يعود فيمحو عباراته الحنجورية بممحاة التنسيق مع الولايات المتحدة في وسط العراق و"إسرائيل" في شماله؟!