أنت هنا

الشيخ البراك.. علم في رأسه حسبة
15 ربيع الأول 1429

في بساطته روعة لا تخطئها أعين من يلتقونه، ولفرط تواضعه يكاد لا يخيل لرائيه أنه ذاك الرجل الذي يحمل صلابة فيما يؤمن به تحول بينه وبين السكوت على منكرات ومعاص يراها تهدد المجتمع المسلم.
وبتلقائية لا تعرف المداراة ولا المناورة يطلق تحذيراته إذا ما رأى منكراً، ويصدر فتاواه ويقول ما يعتقده ويدين الله به دون وجل، وينام قريراً وإن سهر الخلق جراها، وإن أرغد خصومه وأزبدوا واختصموا.
نحسبه كما نذكر، ونزيد إن الشيخ العلامة أبا عبد الله عبد الرحمن بن ناصر بن براك بن إبراهيم البراك الذي يتعرض اليوم لهجمة إعلامية داخلية شرسة من بعض خصومه "الليبراليين" بسبب فتواه الجريئة بشأن من غرقوا في بحر عميقة أعماقه بعيدة شطآنه حول ثوابت دينية ليست محلاً لاجتهادات أو خواطر مأخوذة إلى جاذبية الغرب وأفكاره، يمضي في طريقه غير عابئ بزمرة المحرضين ضده والناقمين على التفاتته غير المتوقعة منهم لسبيل اختطوه وظنوا أنهم ماضون فيه دون احتساب من أحد، وهو يقلبون صفحة تلو أخرى من أجندة مكتوبة بأحرف أجنبية ونَفَس غربي بيّن؛ فأسمعونا في الشيخ وغضبته ما نكره.
فلئن كانوا لا يقدرونه ولا يكترثون برأيه وفتاواه، لقد كان سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز يقدره وينيبه عنه بالإفتاء غير مرة في الصيف، ودعاه الشيخ ابن باز رحمه الله على أن يتولى العمل في الإفتاء مراراً فتمنع، وكان ينعته بالقول "هو رجل مسدد".
"ولما سأل الشيخُ محمدُ المنجد العلامةَ ابنَ عثيمين في آخر أيامه من نسألُ بعدَك؟ فأثنى عليه، وعلى الشيخ صالح الفوزان، ووجه لسؤالهما"، حسبما يقول موقعه.
ولئن ظنوا أنهم لن يصدهم عن تفسيراتهم الجديدة لما استقر من سالف العصور والأزمان في فهم أركان الإسلام، ومقتضيات الإيمان ونواقضه، وتوقعوا السكوت عنها، لقد وجدوا حيالهم علماً في رأسه احتساب؛ فجهود الشيخ في ساحة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومناصحة المسؤولين والكتابة لهم، وتحذير الناس من البدع، وسائر الانحرافات، والمخالفات معلومة لكل من عرف الشيخ عن قرب أو سمع عنه.
والشيخ البراك إذ يهاجم اليوم من قبل بعض خصومه؛ فإنه من واجب المروءة أن نذكر شيئاً عن سيرته، لأن بعضاً من زهد الرجل تغري خصومه في طمس حياة زاخرة بالعطاء والعلم؛ فالشيخ الذي ولد في بلدة البكيرية من منطقة القصيم في سنة 1352هـ، وتلقى العلم أول الأمر بعد حفظه لكتاب الله في الثانية عشر من عمره على يد قاضيها الشيخ محمد بن مقبل المقبل قاضي البكيرية، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله السبيل قاضي البكيرية، والخبراء، والبدائع بعد شيخه ابن مقبل، عرف عنه همه اللافت في طلب العلم وحفظ المتون، وقاده ذلك إلى طلب العلم في مكة على يد الشيخ عبدالله بن محمد الخليفي إمام المسجد الحرام، والشيخ صالح بن حسين العراقي (من كبار تلاميذ العلامة محمد بن إبراهيم)، وتلقى العلم من بعد على يد العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في التفسير وأصول الفقه، والعلامة عبد الرزاق عفيفي في التوحيد والنحو وأصول الفقه، وحضر بعضاً من دروس العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ولازم الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز لسنتين، وتأثر به في نصف قرن من حياته العلمية.
ووفقاً لموقعه الرسمي على شبكة الإنترنت؛ فقد "عمل الشيخ مدرساً في المعهد العلمي في مدينة الرياض ثلاث سنين من سنة 1379هـ إلى سنة 1381هـ، ثم انتقل بعدها إلى التدريس في كلية الشريعة بالرياض، ولما افتتحت كلية أصول الدين نقل إليها في قسم العقيدة، وعمل مدرساً فيهما إلى أن تقاعد عام 1420 هـ، وأشرف خلالها على العشرات من الرسائل العلمية (ماجستير ودكتوراه)".
واليوم يدرس الشيخ نحو عشرين درساً أسبوعياً، يستزيد منها طلاب العلم بما حباه الله من علم، نسأل الله أن يثيبه عن كل ما تقدم وأن يجعله أحسن مما نظن به ولا نزكيه على مولاه، وأن يرزقنا وإياه الإخلاص في القول والعمل.