أنت هنا

إجراءات علاجية للتغلب على مشكلة النفور المدرسي
5 شعبان 1429
د. خالد رُوشه
يعاني كثير من الآباء من نفور أبنائهم من دراستهم وعدم الانتظام في مدارسهم بل وكراهيتهم الواضحة لما يتعلق بموضوع الدراسة والمدرسة , وقد يأخذ هذا النفور أشكالا مختلفة كالمخاوف الموهومة من المدرسة والمدرسين أو سوء العلاقة مع الطلاب الآخرين والزملاء أو صعوبة القيام من النوم بصورة منتظمة.. الى غير ذلك مما هو معلوم ومشهور ولايكاد بيت يخلو منه , وعادة ما يأخذ هذا الخوف شكل التعبير عن الانزعاج الشديد والرعب والتمارض في صباح كل يوم دراسي وقد يصل الى النحيب والبكاء والتوسل بالبقاء في المنزل.
 
 وقد يقع كثير من الآباء والأمهات في خطأ كبير إذا حاولوا علاج تلك المشكلة عن طريق الضرب والتأنيب والتشهير بالولد بين أقرانه أو بين أفراد عائلته الكبيرة أو جيرانه أو غيره , فإن الضرب حينئذ لايزيد المشكلة إلا تدهورا ولا يزيد الضرب نفسية الولد إلا كرها لكل ما يتعلق بمحور مشكلته وهي الدراسة وكل ما يذكره بها..
 
 كما أن التهاون في حل تلك المشكلة والليونة الكبيرة مع الأولاد ومطاوعتهم في ترك دراستهم والغياب عن مدارسهم سبب مؤثر لتخلفهم العلمي والفكري وركونهم للجهل واعتيادهم على التخلف عن ركب الناجحين..
 
وسنحاول معا – إن شاء الله – وضع خطوط مهمة لعلاج تلك الظاهرة مستقرئين توجيهات خبراء التربية وعلمائها وما توصلوا إليه عبر خبراتهم وتجاربهم ونحاول أن نستخلص خطة علاجية يمكن اتبعاها للتقليل من أثار تلك المشكلة أو ربما القضاء عليها نهائيا إذا وفقنا الى التنفيذ الدقيق للتوجيهات القادمة إن شاء الله..
 
( ويهمنا أن نذكر الآباء والأمهات أن العلاقة بالله سبحانه ودعاءه والتبتل له عز وجل لصلاح أبنائهم هو مفتاح الحل الأول لكل مشاكل الابناء فلا يجب أن يتغافل عن ذلك أو ينسى بحال , كما أن الأعمال الصالحات يكون لها كبير الأثر العائد بالخير على أبنائنا وصلاحهم ونجاحهم )...:
 
الخطوات العلاجية :
أولا : دراسة جوانب المشكلة خارجيا :
وتبدأ هذه الدراسة معتمدة على تكوين علاقات طيبة وناحجة بمجموعة هامة من العناصر المؤثرة في المشكلة وهم ( مسئولي الاستقبال بالمدرسة , مدرسي الفصل , الأخصائي النفسي بالمدرسة , الطلاب القريبين من الولد صاحب المشكلة ) , وهذه العلاقة الحسنة بين الوالدين وهؤلاء يسهل عليهم متابعة الموقف المدرسي للولد متابعة دقيقة والحكم الصائب على السلوكيات الخارجية والتي يقوم بها الإبن بعيدا عن أسرته..
كذلك يتبع ذلك أن يعقد الآباء أو أولياء الأمور لقاءات مع المسئولين المدرسيين السابقين لمعرفة حقيقة الجو المدرسي ونسبة الشكوى المماثلة وطبيعة الأولاد كثيري الغياب واهتماماتهم , وعلاقة الولد بمدرسية وبجميع المسئولين المحتكين معه ابتداء من حارس المدرسة وحتى مديرها.. غير غافلين بالسؤال عن علاقته بزملائه ومدى تقاربه معهم وتأثره بهم..
 
كما يجب تدوين كل تلك المعلومات في أجندة خاصة بشكل تبويبي جيد ليسهل الاستفادة بها
 
ثانيا : التشخيص :
نقصد بتشخيص المشكلة هنا الوقوف على نوعيتها وسببها , فقد يكون سبب التغيب هو كره المدرس أو الخوف من أحد المدرسين أو سوء العلاقة بأحد الزملاء أو كثرة تأنيب البعض له أو غيره..
 
ويساعد في صحة التشخيص استشارة المتخصصين في ذلك ويكون ذلك باصطحاب أجندة التاريخ الخاص بالمشكلة وعقد لقاء نصح واستشارة مع بعض أهل الخبرة والعلم من المتخصصين النفسيين والتربويين والاجتماعيين , والخروج بنقاط اتفاق يصلح أن تكون منطلقا تشخيصيا للمشكلة
 
ثالثا : العلاج :
1-     يجب أن يحاول الأبوان إزالة آثار التوتر الظاهرة عليهما تجاه الإبن من جراء تلك المشكلة لأن إظهار ذلك التوتر يمثل مؤثرا سلبيا للحل
2-     يجب ألا يقدم الوالدان على العلاج إنطلاقا من يأس في حل المشكلة أو استعداد للتنازل عن العلاج ( كما يفعل بعض الآباء من عرض حل الدراسة المنزلية كبديل للدراسة المدرسية أو تبديل المدرسة أو مثاله )
3-     يتجنب الاهتمام بالشكاوي الجسدية والمرضية , فمثلا لاتلمس جبهة الإبن لتفحص حرارته، ولا تسأل عن حالته الصحية صباح كل يوم مدرسي. ويتم هذا طبعا إذا كنا متأكدين من سلامة حالته الصحية، وإلا فعلينا التأكد من ذلك مبكرا أو بشكل خفي.
4-     يلزم أن يتحلى الأبوان بالحزم في أخذ قرار ضرورة الانتظام في المدرسة وألا تتغلب مشاعر العاطفة – سلبا أو إيجابا – على سلوك الوالدين في ذلك , فالقرار إذن النهائي هو ( ضرورة انتظام الإبن في مدرسته )
5-              يجب توضيح أنه كلما ازداد تخلف الإبن عن الانتظام في مدرسته كلما تعقدت مشكلته والعكس صحيح
6-     قبل بداية الأسبوع وخلال عطلة نهاية الأسبوع السابق يجب تجنب مناقشة أي موضوع يتعلق بمخاوف الطفل من الذهاب إلى المدرسة. فلا شئ يثير مخاوف الطفل أكثر من الكلام عن موضوع الخوف، لأن الحديث عن الخوف أكثر إثارة للخوف من المواقف ذاتها. ويتطلب ذلك ألا نناقش مع الطفل الذهاب للمدرسة، ولا نناقش معه أعراض خوفه( لا تستخدم أسئلة مثل: هل تشعر بالخوف لأن الذهاب للمدرسة أصبح وشيكا؟ هل أنت مضطرب أو خائف أو قلبك يخفق لأنك ذاهب للمدرسة غدا ؟ )
7-     أخبر الابن بكل بساطة في نهاية عطلة الأسبوع، وبالذات في الليلة السابقة على المدرسة ومن دون انفعال وكأمر واقعي بأنه سيذهب للمدرسة غدا  , واحرص على نومه مبكرا تلك الليلة ( لابأس بأن يُعد لذلك بأن يترك للإبن فرصة جيدة للعب والترفيه وبذل الجهد الكبير في يوم العطلة السابقة على الدراسة)
8-     أيقظ الإبن بطريقة حسنة ولا تذكر له ضرورة القيام للمدرسة بالصراخ , ولكن أيقظه وأخبره بشىء يحبه وتحدث معه حول موضوع يرغبه أو أخبره بخبر سار
9-     لا بأس أن تساعده على ارتداء ملابسه،وتنظيم كتبه وزوده ببعض الأطعمة الجذابة       وخلال فترة الإعداد هذه تجنب أي أسئلة عن مشاعره، ولا تثير أي موضوعات خاصة فيما يتعلق بحالته النفسية حتى لو كان هدفك زيادة طمأنينته ( لا تسأل مثلا إن كان يشعر بالهدوء ).
10-         يستحب اصطحاب الإبن إذا كان في سن صغيرة إلى المدرسة وأن تلتقي به مع المشرفين ثم تترك المكان.
11-   حاول أن تعقد لقاءات حل عملي لما اتضح لك أنه السبب الأول للمشكلة ( مثلا : لقاء مصالحة مع التلاميذ المختلف معهم والخائف منهم أو لقاء مصالحة مع المدرس الكاره له أو لقاء مصالحة مع الحارس أو غيره )
12-   في المساء وعند العودة من المدرسة امتدح سلوكه، واثن علي نجاحه في الذهاب للمدرسة، مهما كانت مقاومته أو سخطه أو مخاوفه السابقة، وبغض النظر عما ظهر عليه من أعراض الخوف قبل الذهاب للمدرسة أو خلال اليوم.
13-   كررفي صباح اليوم التالي نفس ما حدث في اليوم السابق، وكرر بعد عودته السلوك نفسه بما في ذلك مع امتداح سلوكه ونجاحه في الذهاب للمدرسة.
14-   بعد انتظام ثلاثة أيام يمكنك أن تعمل على مزيد من التدعيم لسلوكه بأن تهديه شيئا يحبه أو أن تسمح له بالخروج للتنزه أو غيره
15-   يمكن للأبوين ان يدعما نفسية الإبن أيضا عن طريق الإعلان عن تغلب إبنهما على مشكلته وأنها كانت كبوة فرس وأنه أصبح إنسانا آخر
16-         لابد من الاستمرار في تأكيد العلاقات الإيجابية بالعناصر الهامة والمؤثرة بالمدرسة
17-   في مثل تلك المشكلة قد ينصح التربويون بمساعدة الإبن في دروسه كالمساعدة بدرس خاص له في بيته أو مثاله بحيث تنفتح شهيته للدراسة ولا يستشعر أثر التأخر والغياب
18-   بالاتفاق مع مدرس الفصل يمكن عمل تدعيم نفسي آخر عن طريق شكر سلوك الإبن الإيجابي مثلا أو مديح خلقه أمام الفصل أو المزاح معه بطريقة يحبها أمام أصحابه
19-   يمكن بعد الانتظام لفترة امتدت لأسبوعين عقد جلسة مصارحة مع الابن عن أسباب غيابه ونفوره ويحبذ أن يكون ذلك إثر نجاح باهر قام به في شىء معين , بحيث يصبح الحديث عن غيابه من قبيل حديث ماكان..
20-         المتابعة والتقويم لهما أكبر الأثر في عدم عودة المشكلة من جديد فيجب وضع جدول متقارب لمتابعة السؤال عنه في مدرسته وبين أصدقائه وكذلك عقد اللقاءات الشخصية معه..