
يتبادر إلى الكثيرين من المثقفين وأنصافهم إلى الاختلاف الذي يحصل بين المفكرين والعلماء حول مفهوم الشورى في الإٍسلام ومفهوم الديمقراطية وهل الاثنين وجهان لعملة واحدة،وما هي الشورى وما هي الديمقراطية، أسئلة مهمة طرحناها على الدكتور الشيخ عوض القرني لنعرف ما هي الديمقراطية وهل هي عبارة عن عقيدة أم وسيلة من وسائل إدارة الصراع بين الأحزاب والجماعات السياسية ،وماهية الاختلاف بينها وبين الشورى،الدكتور عوض القرني مفكر إسلامي وأحد أعلام الدعوة الإسلامية ومن كبار روادها وجهنا له أسئلة حول هذا الموضوع فكان هذا نص الحوار.
وإسلاميا إذا وجدنا عند غيرنا من المجتمعات الأخرى حكمة أو عادة فإننا نأخذها ونتبناها وهي مضمّنة للقرارات العامة للشريعة،هذا من حيث المبدأ، والتفصيلات أتركها في مضمون الحوار.
ثم أشير إلى أنها ليس في الحال ديموقراطية واحدة،هناك عدة ديموقراطيات تعود إلى الشعوب بالأصل ثم يترك لكل شعب أن يتحدث عن قيمه وعاداته،الذي يتفق في ذلك بأن الكلمة الفصل هي للشعب أو ممثليه ولكن تفاصيل ذلك تختلف من بلد لبلد، الأساس الفلسفي يختلف من أمة لأمة ومن ثقافة لثقافة، الديموقراطية في أمريكا مطبّقة، ولكن لاتقبل بوجود حزب شيوعي لأنها تخالف العادات والتقاليد المعمول بها هناك.
لماذا نفترض مسبقا انها لا تتوافق مع الشريعة،بل إذا كان الشعب يدين بالإسلام فلن يرضى بدستور لا يتوافق مع الإسلام، أما إذا كان أكثر الشعب لا يقبل بالإسلام فلا يتصوّر أنها سترضى أن يحكمها الإسلام، ويجوز الديمقراطية أن تكون وسيلة لمعرفة توجهات الشعب واختيارهم لأهل الحل والعقد .
أنا قلت أن الذي استقر عندي أن الديمقراطية وسيلة من الوسائل ولا تلزم الناس بمضمون معين، وإنها وسيلة شبه متفق عليها لمعرفة ما يختاره الشعب، فكثير من أنظمة الحياة داخلة في المصالح المرسلة كنظام المرور ونظام الهجرة وهي داخلة ضمن هذه المصالح المرسلة، وحينئذ يمكن من خلال البحث والاجتهاد والترجيح أن نرى مثل هذه المصالح المرسلة الذي يظهر انها من ضمن المفهوم المشترك عالميا للديموقراطية،وأنها وسيلة تحمل مضمونا واحدا متفقا عليه بين الامم والحضارات.
الأصل في المسلم أن لا يقبل في تنحية الشريعة، أفترض أن هذه فرضية خيالية،إذا ارتضى شعب من الشعوب أن يحكم بالماركسية أو الشيوعية فهذا الشعب أصبح خارج إطار الإسلام، نحن بحاجة قبل أن ننادي بتطبيق الشريعة، أن ندعو هذا الشعب إلى الإسلام وأن يختاره عن ما سواه من الملل، فلا يجوز أن يحكم شعب من الشعوب الإسلامية حزب شيوعي ما لم ترفض هذه الشعوب الإسلام،وبالتالي عمليا سنكون أقليّة مسلمة، لتوصل الشعب إلى حكم الإسلام لابد من توجيهه نحو الإسلام،والدين خيار للإنسان كمحصلة نهائية والقرآن يقول) لا إكراه في الدين).
هناك أدلة أخرى على جواز التعددية السياسية غير قضية صلح الحديبية،نحن نتحدث عن التعددية السياسية في المجتمع المسلم في إطار الشريعة فعندما تكون الشريعة هي الإطار المنظم للعمل الإسلامي فهذه جائزة بمعنى ان تتعدد الإتجاهات والبرامج والخطط في إطار الشريعة فطبيعة السياسة تستند إلى أربع مكونات،السنن الربانية لأمر الحياة،ومعرفة المصالح والمفاسد،واحكام القدرة والإستطاعة،ونصوص القواعد الشرعية،هذه الأربع المحددات في إطارها والإستناد إليها يجوز أن يكون هناك تعددية والأمة ترجّح ذلك،كالمذاهب الفقهية على سبيل المثال اختلاف ضمن الإطار الشرعي.
إذا كان المراد بالتشريع هو الاجتهاد والاستنباط ومعرفة الأحكام الشريعة فهذا جائز،وهو صورة من صور التكاليف الشرعية من خلال علمائها وأهل الخبرة،وإذا كان المراد بالتشريع بمعزل عن الكتاب والسنة فهم آثمون،ولا يقدّر أن مجتمعا مسلما أن يوصل ممثلين له إلى قبة البرلمان يقرون بمخالفة الإسلام.
وهناك اجتهادات خاصة لفقه الأولويات والترجيحات،وقد يصح في ظرف زماني ولا يصح في ظرف زماني آخر،أما إذا كانوا يقرون أن الشريعة المهيمنة كأن يؤخر العمل كمصلحة معينة فهذا اجتهاد، وإما إذا كانوا لا يقرون بالأمر لا لمصلحة ولا لتقدير زماني فهذا اجتهاد خاطئ، أما عن وجهة نظري فهذا الاجتهاد سليم أم خاطئ فهذا يحتاج إلى دراسة كل زمان ومكان على حدا والإفتاء على أثر المرحلة التي تقتضيها.