أنت هنا

12 رمضان 1431
المسلم/صحيفة الاقتصادية

دعا الشيخ الدكتور سعود الشريم إمام وخطيب الحرم المكي إلى استغلال شهر رمضان في العبادة وعدم الانشغال باللهو الذي تبثه أجهزة الإعلام في هذا الشهر الكريم.

 

وقال فضيلته في خطبة الجمعة أمس: ''إن شهر رمضان شهر الرحمة والبركة والغفران شهر الروحانية والتدبر والإنابة، شهر ضياء المساجد والتسبيح والذكر والمحامد، شهر عظم وجمال وبهاء وروعة، شهر مَنْ ضيعه فهو لما سواه أضيع، شهر تبرز فيه مظاهر الطاعة والتدين ومحاسبة النفس والبحث عن التغيير من السيئ إلى الحسن، ومن الفاضل إلى الأفضل، شهر تسمو فيه الروح التي تكبح جماح النفس عن نزواتها وتحد من هفواتها وشطحاتها القلبية والبطنية والفرجية والعقلية، وتكون أكثر استعدادا لقبول نفحات خالقها جل وعلا''.

 

وأضاف: ''من هنا جاءت حاجة المرء المسلم إلى تصفيد الشياطين في هذا الشهر؛ لئلا يخلصوا فيه إلى ما كانوا يخلصون في غيره، ولتكون الفرصة مواتية في أن يربي المرء نفسه ويقويها لمغالبة الشيطان وأحكام المنعة أمام حيله وألاعيبه، ولا جرم فإن الله جل وعلا يقول: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)، فهو ضعيف أمام الصادق والعادل المؤمن الوجل من ربه ومولاه وأن تعجبوا فعجب قول النبي صلى الله عليه وسلم للفاروق رضي الله عنه: ''والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك''، والمعلوم أن عمر رضي الله عنه لم يكن نبيا مرسلا ولا ملكا مقربا، وإنما هو عبد من عباد الله قوي إيمانه وأقام العدل مع نفسه وأهله وقومه.

 

وتابع: إن هذا أوان المذنب الذي مرت عليه شهور السنة مسرفا مضيعا، وهذا أوان المجتمعات في المحاسبة والبحث عن تغيير ما بهم من خوار وضعف وخلخلة لترتد إليهم بصيرتهم وروحانيتهم وصفاؤهم وإخاؤهم وتلاحمهم واتباعهم لشرعة ربهم على الوجه الذي يقضيه عنهم''.

 

وزاد: ''لعل شمهم رائحة رمضان وجلوسهم مع الذاكرين وركوعهم مع الراكعين يكون سببا في أن ترتد إليهم قلوبهم الغافلة وتحيى نفوسهم التائهة في معترك الحضارات الجافة الجائفة التي أبصرت ما فوق سطح القمر وعميت عما بين أيديهم والتي أفرزت أناسا في هذا الشهر شغلوا أنفسهم عن واجب رمضان وحرمته حتى قصروا غاية برهم به في جعله موسما حوليا للتفنن في الموائد الزاخرة وفرصة سانحة للهو والعبث وشغل الاهتمام بمستجدات الأطروحات المرئية والألغاز الرتيبة التي لا يستفيد منها الذكي ولا يحتاج إليها البليد، وكذا الأفلام الهابطة التي تخدش الحياء والتفلت عن الحشمة؛ فحطموا بذلك روح المغالبة والمراقبة مع حيل الشيطان ومكره في هذا الشهر المبارك فيتلذذون بملذات شهر واحد ويندمون سنين طويلة، وما علموا أنه ما بين أحدنا وبين الجنة والنار إلا الموت أن ينزل به''.