
توافدت مجموعات من المتظاهرين من المناطق المجاورة لميدان التحرير بعد خطاب الرئيس المصري حسني مبارك الذي اكتفى بإعلان عدم نيته الترشح مجددا للرئاسة معبرين عن تمسكهم بمطلبهم الأساسي وهو إسقاط الرئيس مبارك ونظامه.
ووصف المتظاهرون الخطاب بأنه حيلة من مبارك للتشبث بالسلطة، وأعلنوا أنهم لن يغادروا الميدان حتى يغادر الرئيس منصبه. وعلت هتافاتهم المطالبة برحيله الفوري دون إبطاء.
كما هتف المتظاهرون بما سموه "قسم الثوار" الذي يقول "أقسم بالله العظيم أن أعمل على استمرار الثورة الشعبية جنديا في صفوفها، لا أغادر الميدان حتى يغادر مبارك ورموز نظام مبارك نهائيا هذا البلد".
من جهة أخرى رفضت المعارضة المصرية بكافة أطيافها الخطاب ففي حين وصفه البعض بالخدعة، اعتبر آخرون أنه لا يلبي الحد الأدنى من تطلعات الشعب المصري.
فقد قال رئيس الجمعية الوطنية للتغيير محمد البرادعي أمس الثلاثاء إن الرئيس مبارك أخفق في تلبية مطالب المحتجين، وإن تعهده بعدم الترشح للرئاسة مرة أخرى خدعة.
من جهته قال مؤسس حزب الغد المعارض أيمن نور إن خطاب مبارك غير مقبول لأنه لم يف بالحد الأدنى لمطالب الشعب.واصفاً ا لخطاب بأنه "تحصيل حاصل لأنه كان معلوما أن مبارك لم يكن سيترشح لفترة رئاسية جديدة، وإنما سيرشح نجله جمال".
وأشار إلى أن "الخطاب لم يتحدث عن التوريث من قريب أو بعيد، ولم يقدم أي إشارة متعلقة بإصلاح القضاء أو نظام الانتخابات".
وبدورها اعتبرت حركة "شباب 6 أبريل" أن خطاب مبارك "يمثل تحديا لإرادة الشعب وتجاهلا لمطالبه، رغم إصرار الشعب بمختلف فئاته وأطيافه على إقصائه وعدم شرعية حكمه".
وقالت الحركة في بيان لها إن "مبارك ونظام حكمه فاقدان للشرعية. وإن جميع مؤسسات الحكم المرتبطة بنظامه من حزبه الحاكم ومجلسي الشعب والشورى جميعها فاقدة للشرعية".
وطالب البيان مبارك بالتنحي عن السلطة، وتسليم جميع سلطاته وسلطات نائبه وسلطات جميع أجهزة الحكم المرتبطة به فورا إلى الشعب، بموجب الدستور والقانون".
وأعن عن استمرار اعتصامنا المفتوح في ميدان التحرير بالعاصمة ومختلف ربوع الوطن ، حتى يتحقق مطلب الجماهير الذي تجلى بوضوح في هتافهم: الشعب يريد إسقاط النظام".
وبدوره قال المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين وعضو مكتب الإرشاد فيها محمد مرسي لوكالة الأنباء الألمانية عبر الهاتف، إن خطاب الرئيس المصري واللغة التي استخدمها فيه "مرفوضة بشكل كامل، ولم تلب أي شيء من مطالب الشعب".
وأكد مرسي أن "التعديلات التي أعلنها الرئيس المصري جاءت متأخرة للغاية، وكانت هي مطالب الشعب قبل يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن تلك المطالب لم تعد كافية بعد أن نزل ثمانية ملايين متظاهر في أنحاء البلاد".
وأشار إلى أن جماعة الإخوان ستصدر بيانا اليوم الأربعاء للتعليق تفصيلا على الخطاب وما جاء فيه، مشددا على رفضها التام للخطاب، وقال إنه يتعين على النظام الاستجابة لمطالب الشعب.
من جهته وصف الأمين العام لحزب التجمع المعارض سيد عبد العال الخطاب بأنه "مثير للإحباط"، مشيرا إلى أن ما حدث من احتجاجات هو أبلغ رد على خطاب مبارك.
وشدد عبد العال على أن المطلوب من مبارك هو الانصياع لإرادة الشعب والرحيل عن الحكم، موضحا أن حزبه دعا لاجتماع طارئ اليوم الأربعاء لتدارس الموقف واتخاذ القرار المناسب.
أما المتحدث باسم حزب الوفد محمد شردي فقال إن ما جاء في خطاب مبارك خطوة نرحب بها، ولكننا نريد المزيد وتنفيذ الكثير من مطالب الشعب، وأهمها الحل الشامل للمجالس النيابية المزورة ومجلسي الشعب والشورى.
وطالب شردي بأن ترفع الدولة يدها تماما عن "السيطرة الفجة" على الإعلام المصري. موضحا أن الوفد سيعقد اجتماعا طارئا اليوم لمناقشة ما جاء في خطاب الرئيس مبارك.
أما المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة فرأى أن خطاب مبارك "لا علاقة له بالواقع، فالرجل يقول إما أنا أو الفوضى"، معتبرا أن الخطاب عقد الأمور حتى على أقرب المقربين منه.
وأشار بشارة إلى أن مبارك لم يعتذر أو يأسف في خطابه لمقتل 200 شهيد في الاحتجاجات، ولم يعِدْ بتشكيل لجنة تحقيق في الأمر، معتبرا أن مبارك سيستغل فترة الـ6 أشهر القادمة ليستفرد بهؤلاء الشباب الذين نظموا الاحتجاجات، "ويجب ألا تمنح له هذه الفرصة".
ورأى بشارة -في حديثه للجزيرة- أن النضال ضد مبارك سيستمر، وسيحدث تصعيد من قبل المحتجين في الأيام القادمة، وقد يتوجهون إلى قصر الرئاسة، مشيرا إلى أن نبرة الخطاب كانت نبرة تقريعية وتوبيخية للمعارضة، وليست تصالحية، وهي نبرة شخص ما زال يعتقد أنه ما زال في وضعه السابق.
وكان مبارك أعلن في خطابه أنه لن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا أنه سيعمل خلال الأشهر الباقية من ولايته الحالية على اتخاذ التدابير والإجراءات المحققة للانتقال السلمي للسلطة بموجب ما يخوله له الدستور من صلاحيات. ودعا الرئيس المصري في خطابه البرلمان الحالي -بمجلسيه الشعب والشورى- إلى مناقشة تعديل المادتين "76" و"77" من الدستور، بما يعدل شروط الترشيح لرئاسة الجمهورية ويتيح فترات محددة للرئاسة.