أنت هنا

17 ذو الحجه 1432
المسلم/خاص

عقدت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح مؤتمرها الجماهيري الرابع مساء أمس السبت في حديقة مسجد بلاب بن رباح بالقاهرة تحت عنوان "نحو انتخابات نزيهة".
وحضر المؤتمر عدد من القيادات الإسلامية من مختلف التيارات, وذلك قبل أيام قليلة من انطلاق أول انتخابات برلمانية تشهدها مصر بعد الثورة.
وقد أكد الدكتور على أحمد الســـالوس، رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، أن كل الانتخابات التى أجريت فى عهد النظام السابق كانت مزورة تزويراً فاضحا،ً وقال:"انتخابات مجلسى الشعب والشورى الماضية لم ينجح فيها أحد من معارضى الحزب الوطنى الحقيقيين، لأن الحزب لم يترك أية معارض له خلال الانتخابات التى تم تزويرها بالكامل".
وحذر السالوس، من التصويت لصالح المرشحين غير الأكفاء، قائلاً:" الله سيحاسبنا على أصواتنا التى نقدمها فى الانتخابات، لأن من يصوت لمرشح غير عادل فهو يقوم يشهد شهادة الزور التى حذرنا منهما رسول الله".
وتابع: إن الذين يتاجرون بأصوات الناخبين فى الانتخابات تجارتهم باطلة والله سيحاسب كل من شارك فى شراء الأصوات سواء كان سمسارا لصالح مرشح أو ناخبا أو المرشح نفسه، مشدداً على أصوات الناخبين أمانة ويجب يجب أعطاؤها لأصحاب الحق حتى نبرأ ذمتنا أمام الله ولا نحاسب يوم القيامة على التصويت لمن لا يصلحون.
وزاد:" لا تخافوا من الحكم الإسلامى لأن الإسلام يضمن الكفاية للجميع والدليل على ذلك نجاح الاقتصاد الإسلامى الذى يبتعد عن البنوك الربوية، وأن الإسلام عالج قضية الفقر علاجاً جذرياً من خلال الزكاة التى تضمن الكفاية للفقراء ولا تجعل منهم فقراء".
وأضاف السالوس:" إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم يجب أن يقوموا بتغيير سياسيات البنوك الربوية التى تتعامل بالقروض والفوائد، لأن الإسلام هو أول من منع العمل بالربى"، مؤكداً على أن نموذج الاقتصاد الإسلامى تريد الدول الأوروبية وأمريكا تطبيقه حتى لا يتعرضوا لأزمات اقتصادية.
ومن جهته, أكد الأستاذ الدكتور طلعت عفيفي النائب الأول للهيئة الشرعية في كلمته على عدة أمور  من أهمها أنه يجب على الناخب معرفته بأن الدعوة إلى الإدلاء بالصوت إنما هي دعوة إلى شهادة؛ وقد قال الله تعالى "ولا تكتموا الشهادة.. آية"، فلا بد ألا يتخلف أحد ويتقاعس عن تأدية هذه الشهادة.
وقال: إنه يجب على هذا الناخب أن يعلم أن لصوته أهمية في نصرة الحق وخذلان الباطل، مشيرا إلى أنه صفعة في وجوه الظالمين والقتلة والمفسدين في الأرض ممن اعتادوا على تزوير الانتخابات، فعلى الناخب الكريم ألا يتخاذل عن أداء دوره، وبناء مستقبل أمته.
وتابع: إن أعضاء المجالس في النهاية هم موظفون عند الشعب، وأنه على الناخب أن يتحمل مسئوليته في اختيار من يستأجر، وأن عدم مشاركته في الانتخابات سلبية سوف يستغلها آخرين ممن اعتادوا شراء الأصوات، وتخريب البلاد وأخلاق العباد؛ فلابد من أن نكون إيجابيين ونقطع الطريق على تجار وسماسرة الأصوات الذين يبغونها عوجا.
كما حذر الدكتور طلعت عفيفي من أن يقوم الناخب ببيع صوته بعرض من الدنيا قليل، لقاء بضعة جنيهات أو دولارات، أو لقاء دعوة إلى طعام أو شراب أو نحو ذلك، فإن هذه رشوة؛ وصدق الرسول الكريم: "الراشي والمرتشي في النار"، وذكر عفيفي بأن من استباح لنفسه أن يشتري الأصوات بأمواله فسوف يحرص على استردادها من أموال الشعب والبلد أضعافا مضاعفة.
واوضح أنه لا بد من انتخاب الشخص الذي يشهد له ماضيه ببراءته من أي ظلم للعباد أو انتهاك للحرمات، أو انتهاب لثروات العباد، له دين يعصمه، وخلق يحكمه، وأدب يجمله، فلا يصدر عنه فاحش قول أو منكر عمل.
وأشار عفيفي إلى أن الأصوات أمانة فعلينا أن ندقق مرات ومرات فيمن نمنحه هذا الصوت، وان وضع هذا الصوت في غير موضعه يعرض الإنسان لخزي الدنيا وعذاب الآخرة، وقد جاء في الحديث الشريف " مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَدًا مُحَابَاةً لَهُ لا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلا عَدْلا، وَمَنْ أَعْطَى أَحَدًا مِنْ مَالِ اللَّهِ شَيْئًا فَحَابَاهُ ؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ " أَوْ قَالَ : " بَرَأَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ "، وفي حديث آخر "من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين".
أما القيادي بالجماعة الإسلامية الدكتور طارق الزمر فقد شدد على أهمية المشاركة الجماهيرية في نجاح العملية الانتخابية، فبين أن المشاركة هي واجبة لإنقاذ هذه الثورة المباركة؛ لأن الحضور الواسع يعني ما يلي: أولا: التأكيد على حيوية الشارع، وتدل على قدرة الشعب على استكمال أهداف هذه الثورة، ثانيا: الإصرار على حماية المتربصين بالثورة المصرية من الداخل والخارج، ثالثا: الاختيار الشعبي لأفضل المرشحين الذين يعبرون عن نبض واقع المصريين الحقيقي، رابعا: الإصرار على المطلب الأساسي في الفترة الحالية وهو تسليم السلطة لحكومة مدنية.
كما أفاد الزمر بأن المشاركة الواسعة تعتبر من أهم الوسائل اللازمة للتالي: أولا: للتصدي للبلطجة وكل محاولات إرباك الانتخابات، ثانيا: عدم السماح بتزوير الانتخابات.كما أكد الزمر على أن هذه المشاركة الواسعة سيكون من أهم أسباب اختيار أكفء المرشحين.. ومن ثم بناء مجلس برلماني فعال وحيوي، فيعمل على استكمال هذه الثورة، كما أنه سيعمل على تطهير البلاد من أذناب النظام السابق.
وقال ايضا: إن هذه المشاركة ستكون من أهم الإشارات على أننا لن نقبل العودة للوراء مرة أخرى، فالقوى الدولية والخارجية لم يعد أمامها إلا احترام إرادة الشعب الذي يخرج ليدافع عن اختياراته، ثم إن القوى الداخلية المتربصة بنا وبالثورة ستفقد الأمل في إمكانية عودة عقارب الساعة إلى الوراء، ثم أنه بالمشاركة ستسقط كل المشاريع الغير دستورية ومنها الوثيقة الحاكمة.
وتحدث القيادي في جماعة الإخوان المهندس محمد خيرت الشاطر  قائلا: إن على الجميع مسئولية في إنجاح هذه العملية الانتخابية، لأننا جميعًا نستشعر الأمانة الملقاة على عواتقنا تجاه هذا الدين؛ وهو الأمر الذي يحتاج منا إلى أكبر قدر ممكن من الجهد والبذل والعطاء، وفي كل التخصصات والمجالات؛ كل منا في موضعه، وذَّكر الشاطر بألا يستحقر أحد من المعروف شيئًا، فالمبدأ العام الذي نسير عليها ?فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ..?[ التغابن:16].
وأوضح المهندس الشاطر أن الانتخابات في حد ذاتها ليست غاية؛ وإنما هي وسيلة، ومن باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وخاصة أن المسلمين قد غيبوا عن صناعة مصيرهم عشرات السنوات؛ تارة تحت شعارات الاشتراكية وتارات تحت شعارات الرأسمالية؛ فلقد آن الأوان أن نرفع شعارات ربنا العلي، وشريعته في كل مجالات الحياة، وذلك بغية بناء نهضة أمتنا.
ونصح الشاطر إخوانه في العمل السياسي الإسلامي بأن يصبروا على بعضهم البعض، فمسألة التعاون فيما بينهم جديدة عليهم، وقابل أن يحدث بعض النزاع أو الخصام أو الاختلاف في الرأي، فوقتها علينا أن نصبر على أنفسنا، لأننا أمام معركة كبيرة حقا، وهناك تنافس كبير جدا.فعلينا أن نكون على مستوى القضية والحدث.
وأكد الشاطر على أن أهم دور علينا الآن هو توعية الناس بكل ما يتعلق بالعملية الانتخابية، والوقوف على الدور الحقيقي للناخب في هذه العملية، وخاصة أن الناس لم تتعود بشكل كبير على هذه الطرق الجديدة في الانتخابات. وليعلم الجميع أن نجاح أي انتخاب الآن مرهون بعدد الأصوات؛ لا باللافتات والإعلانات والدعاية؛ فما كلها إلا لتشارك بنسبة 10 % تقريبا من هذا النجاح، والبقية مرهونة بأصوات الناس، وتوعيتهم.
كما أشار الشاطر إلى ضرورة مكوث الناخبين إلى نهاية العملية الانتخابية، بل على الجميع يوم الانتخاب ما يلي: العمل على تجميع الأصوات وحشدهم في يوم الانتخاب، والمساهمة في تأمين الدوائر،  ومن المهم جدًا التواجد أمام الدوائر الرئيسة التي يتم فيها فرز النتيجة.
وفي نهاية المؤتمر تم تلاوة البيان الختامي للمؤتمر وهذا نصه:
 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله صحبه أجمعين، أما بعد..
فقد انعقد المؤتمر الرابع الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمصر في يوم السبت 12/11/2011م والموافق 16/12/1432هـ، وذلك بعنوان "نحو انتخابات نزيهة".
وبعد عدة كلمات شارك بها أعضاء الهيئة الشرعية حول موضوع المؤتمر؛ أصدر المؤتمرون إلى الأمة الإسلامية البيان التالي:
أولا: تمثل أول انتخابات برلمانية بعد الثورة المصرية فرصة عظيمة لتظهر القوى السياسية وجموع الناخبين لامتنا والعالم بأسره كيف تكون الممارسة السياسية راقية وشريفة بمراعاة آداب الإسلام وأخلاقه وشرعه.
ثانيا: بيع وشراء الأصوات الانتخابية أمر محرم، والمال المأخوذ على ذلك سحت لا يحل بحال، ويعتبر هذا العمل خيانة للأمانة، وإهدارا للكرامة، وتزويرا لإرادة الأمة، ورشوة منكرة، والراشي والمرتشي كلاهما ملعون والعياذ بالله.
ثالثا: يدعو المؤتمر جموع الناخبين لانتخاب الأصلح دينا وخلقا وأمانة وانتماءا إلى الوطن، وتحقيقا للمصالح العليا للبلاد والعباد.
رابعا: المشاركة بإدلاء الأصوات إيجابية محمودة تكثر الخير، وتحقق الآمال، وتنجز المصالح الوطنية، وتقي البلاد والعباد شر الفساد والاستبداد.
خامسا: على مختلف الأفراد والأحزاب والقوى الوطنية مسئولية كبرى في إنجاح عملية الانتخابات وتأمين سيرها بشكل طبيعي يفضي لإلى تقديم أنموذج وطني حضاري مشرف.
سادسا: الدعاية الانتخابية وسيلة لقصد مشروع من إقامة الحياة المصرية وبناء نهضتها المعاصرة على أساس من دينها الحنيف، فلابد للغاية الشريفة من وسيلة شريفة، فلا يجوز تجريح أو كذب أو بهتان أو شائعات مغرضة أو معاملات لا أخلاقية.
سابعا: يتعين التنسيق والتنازل بين الإسلاميين في المقاعد الفردية في حال خوف تشتت الأصوات وتفرقها، وبما يضعف فرصتهم ويضر بالمصالح العليا للوطن، وكل مسئول عن واجبه في هذا الصدد.
ثامنا: يجب على الإعلاميين الشرفاء أن ينحازوا إلى ثوابتهم الأخلاقية والوطنية وان يظهروا للأمة جميعا حيادية موضوعية محمودة، وألا تتحول المنابر الإعلامية إلى وسائل للتأثير السلبي على الرأي العام.
تاسعا: على جموع الجماهير أن تفطن لأغراض إعلامية مشبوهة وأبواق وأقلام مأجورة.
عاشرا: على جميع مصر الواعية أن تستقي أخبار وتقارير الحملات الانتخابية من الوسائل الإعلامية التي تلتزم الصدق والموضوعية.
حادي عشر: تعتبر المشاركة الجماهيرية في انتخابات مجلس الشعب والشورى استكمالا حقيقيا للثورة المصرية، وإنقاذا متوجبا لها، وعملا مهما في تطهير الحياة السياسية.
ثاني عشر: تطالب الهيئة الشرعية المجلس العسكري الحاكم بتحديد موعد نهائي لانتخابات الرئاسة وتسليم السلطة لمدنين، وألا يتسببوا في التشكيك بوعودهم بأي شكل من الأشكال.
والحمد لله رب العالمين