أنت هنا

4 صفر 1434
المسلم - خاص

دافع الأمين العام لرابطة علماء المسلمين أ.د.ناصر بن سليمان العمر عن فتوى العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا, والتي أجاز فيها لأبناء مصر التصويت بالموافقة على دستورهم الجديد كون الموافقة عليه دفع لضرر أكبر. 

 

وانتقد الشيخ العمر خلال درسه الأسبوعي بمسجد خالد بن الوليد شرق العاصمة الرياض أمس, الآراء التي هاجمت العلامة البراك بسبب فتواه, معتبراً أنها صدرت من أناس هم أقرب للجهل, إذ لم يستندوا في اعتراضهم على علم أو دليل, بل وأفرطوا في عدائهم لمخالفيهم.

 

وقال الشيخ العمر" تعجبت من فئة عرفت بالغلو في طاعة ولي الأمر, كما عرفت بالديدنة على أن نصيحة ولي الأمر تكون سراً, فلما جاءت قضية الدستور في مصر وهي متعلقة بولي أمر شرعي لمصر, فإذا بالإنكار عليه علانية, وإذ بالسرية قد ذهبت, وذهبت طاعة ولي الأمر واختلفت كل تلك الموازين".

 

وبين الشيخ العمر أن ما يجري في مصر هي مؤامرة كبرى, "فبعد أن اختار الشعب المصري طريق الديمقراطية وانتخبوا الدكتور محمد مرسي رئيساً لهم والذي بدأ بدوره برحلة تصحيح الأخطاء التي تعاني منها مصر - كما تعاني منها بقية الدول-  توالت المؤامرات التي يقف خلفها المنافقون من الفلول والمتآمرين مع العدو.

 

وأضاف" وبالرغم من الانتخاب "الديمقراطي" للرئيس – وإن كنا نخالف أحياناً فيما يخص الديمقراطية –  إلا أنهم يحيكون المؤامرات بالتعاون مع الغرب ضد رئيسهم المنتخب, وذلك لمساعيه في تعديل القوانين في مصر وموقفه من قضية غزة التي أقلقت العدو".

 

وكشف الشيخ العمر أن  العلامة البراك إنما أفتى بجواز الموافقة على الدستور المصري, وأن التصويت بالموافقة إن لم يكن واجباً فإنه جائز على الرغم مما فيه من أخطاء, إنما جاء بعد دراسة ومشاورة, وذلك تغليباً للمصلحة.

 

واعتبر فضيلته أن الشيخ البراك من أئمة  العصر في العقيدة, وقال" لا أعرف أحداُ أعلم منه في هذا الجانب, وهو شيخ لعدد من أعضاء هيئة كبار العلماء, وهو من المشايخ الذين لم يعرف بالتعجل في فتاواه, بل بالتريث وبعد النظر.

 

وقال " لقد رجح الشيخ موافقة الدستور على ما فيه من منكرات، وذلك لأن من يعارضوه وراءهم منافقون وفلول, وأولياء لليهود والنصارى باعترافهم بذلك,  موضحاً أن هناك فرقا بين التأييد والرضا, فالتأييد لا يعني الرضا, لكنه يكون لترجيح مصلحة ودفع مفسدة"

 

وقال " لكن المشكلة ظهرت من أناس هم للجهل أقرب,  بدأوا يناقشون بدون علم أو دليل, بل وقد يقعون في الشيخ, ومن هؤلاء من هم تلامذة له". مؤكداً أن هؤلاء وصلوا إلى الغلو في طاعة ولي الأمر لكنهم أفرطوا في العداء للجانب الآخر وذلك لعداء لهم مع جماعة الإخوان المسلمين.

 

وخاطب الشيخ العمر هؤلاء بقوله " إن كنتم ترون أن من خالفكم الرأي مبتدعة أو مخالفون, فأين العدل الذي أمر الله به حتى مع الكفار وذلك في قوله عز وجل"وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى " وقوله  " وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ"

 

وتساءل الشيخ العمر " لماذا عندما كانت المعركة مع فئة أخرى اختلت الموازين, وأصبح نقد ولي الأمر في مصر علناً؟, مؤكداً أن هذا يدل على اضطراب في المبادئ, حيث أنها لم تقم على أسس شرعية صحيحة.

 

وقال " إن كان الله عز وجل قد أمر بالعدل مع الكفار المشركين الذين أخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام, وصدوه عنه, فكيف لا يكون العدل مع من تختلفون معهم من المسلمين".

 

وتساءل العمر" لماذا لبغض فئة معينة يتم قلب الموازين, ثم يرد على العلماء في ذلك. مؤكداً أنه لو كان هذا الرد بعلم وبينة ودليل, لما كان هناك خلاف, أما أن يكون الاعتراض بهذه الطريقة, فهذا خلل وإشكال".

 

وأوضح الشيخ العمر أن كثيراً مما يُحدث الخلاف هو الإخلال بميزان العدل, سواء مع العدو أو الصديق, مع القريب أو البعيد, مع الحاكم أو المحكوم, فميزان العدل يجب أن يضطرد في حياة المسلمين.

 

وقال" القواعد الشرعية لها أصولها ومنطلقاتها فمن تنطبق عليه تطبق عليه كائناً من كان, لكن الذي يُحدث الإشكال هو اختلال الموازين والمبادئ والإضراب والظلم, والبغي كما حدث من البعض. وأضاف " لو أقيمت هذه المبادئ على أسس شرعية صحيحة لما تباينوا في كثير من المواقف".

 

وقال د.العمر أنصح الجميع بتقوى الله عز وجل وأن يراقبوه تعالى في أقوالهم وأفعالهم, وأن لا يكيلوا بمكيالين, وأن لا يميلوا إلى أحد دون آخر وأن لا يكون تعاملهم مع حاكم بنوع من المعاملة ومع حاكم آخر بمعاملة أخرى.

 

واستطرد, وفي نفس الوقت, يجب أن لا نتعصب لرأي لأن من قاله عالم من علمائنا, بل لا بد من المناقشة بالدليل وإحقاق الحق, فكل يؤخذ من قوله ويردّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

وأكد أنه لابد لطالب العلم أو المفتي أن يكون على دليل واضح ثم يضطرد عليه سواء كان المعني مسلماً في مصر أو أمريكا أو غيرها. فمادام ولياً للأمر فطاعته واجبة أياً كان, مستدلاً بقوله تعالى " أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ".

 

وأشار الشيخ العمر إلى أن ما أضر الأمة هي الأحزاب التي فرقتها فأصبح كل حزب بما لديهم فرحون, وأصبح كل يعادي الآخر مستدلاً بأقوال رجال, مؤكداً أن الخروج من ذلك يتطلب التمسك بالكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.   

 

ودعا فضيلته الإخوة في مصر إلى المبادرة إلى تصحيح هذا الدستور, وأن يزيلوا ما فيه من منكرات وأن يكون دستوراً إسلامياً.