4 رمضان 1436

السؤال

ما معنى الحديث التالي: "مَن لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" [البخاري:1903]؟

أجاب عنها:
صالح بن علي بن غصون رحمه الله

الجواب

الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا معناه أن مجرد كون الإنسان يصوم، أو يفعل طاعة وعبادة هذا لا يكفي، بل لا بد أيضاً كما نفعل المأمور أن نتجنب المحظور، فإذا فعل العبد المأمورات فعليه أن يتجنب المحظورات، فقوله: "مَن لم يدَعْ قولَ الزور" يعني: شهادة الزور وأن يتكلم بالحرام ويكذب "والعمل به"، يعني: أن لا يعمل بالزور، كل هذا الشيء والعياذ بالله مستنكر، "فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"؛ لأن الصيام عبادة، وليس المراد منها فقط أن الإنسان يكف عن الطعام والشراب، لكن يكف أيضاً عن المعاصي الأخرى، يكف عن القيل والقال، ويكف عن الغيبة، وعن الزور، وعن البهت، وعن النميمة، وعن الكذب على الناس، والتلصص عليهم، وإيذاء الآخرين وهكذا.. لا يجوز مثل هذا الشيء، "رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلى الجوع، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر" [النسائي:3249، ابن ماجه:1690].
فلا يصلح هذا، وعلى الإنسان أن يعرف أن العبادة بعضها لازم لبعض، ثم لماذا يصوم الإنسان؟ ما دام يصوم يرجو الثواب ويخشى العقاب، فلماذا يتلبس بالمعصية وهو صائم؟ وهو يعرف أن قول الزور، وكلام الزور، والكذب، والفرية، والنميمة، والغيبة، وما إلى ذلك كل هذه الأشياء محرمة عليه وهو مفطر، فكيف وهو صائم؟ هذا لا يصح في الحقيقة وهو خلط وعدم فهم وإدراك، فليست العبادات مجرد أن الإنسان يصلي ولكن إذا فرغ من الصلاة آذى الناس، ولا أيضاً يمتنع من أكل حرام، أو من قول زور، أو شيء من هذا القبيل، وكذلك الصيام وكذلك الحج وكذلك الأمور الأخرى كلها ليس المراد منها أن يؤديها الإنسان مع كونه باقياً على سوء عمله وسوء سلوكه وأذية الآخرين، "المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن مَن آمنَه الناسُ على دمائهم وأموالهم" [البخاري:9، مسلم:40]، هذا هو المسلم وهذا هو المؤمن.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.