أنت هنا

27 ذو الحجه 1425
نواكشوط - وكالات

أصدر التيار الإسلامي في موريتانيا اليوم الأحد بياناً، حول محاكمة واد الناقة التي صدرت أحكامها يوم الخميس الماضي، أكد فيه أن بعض الأحكام الصادرة تشكل بارقة ضوء في نفق مظلم، في حين أن هناك أحكاماً قاسية بحق مجموعة من المتهمين لا تنسجم مع النهج الذي سارت عليه نتائج المحاكمة.

وقد افتتح التيار بيانه بأن موريتانيا تقف اليوم على شفا جرف هار بسبب الأزمات المتلاحقة التي جلبتها على البلاد سياسات النظام في العقدين الماضيين من حكمه على حد تعبيره.

وذكر في البيان أن الديمقراطية تحولت إلى خنق للحريات وتكميم للأفواه ومصادرة للإرادات واعتداء على الكرامة الإنسانية...
و أن المجال الاقتصادي تفشى فيه اختلاس المال العام والرشوة والاحتكار وسوء تسيير الثروة وعدم تكافؤ الفرص..

وذكر التيار الإسلامي الموريتاني كذلك أن المجال القضائي يعاني من "التبعية والاستغلال من طرف الأجهزة السياسية والأمنية للنظام".

و لم يتطرق التيار الإسلامي في بيانه بشكل مباشر إلى طرح قضية بعض قادته المعتقلين منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وفيما يلي البيان الذي حصل موقع (المسلم) على نسخة منه:

بيان حول محاكمة واد الناقة
06-02-2005م

بسم الله الرحمن الرحيم
تقف موريتانيا اليوم على شفا جرف هار بسبب الأزمات المتلاحقة التي جلبتها على البلاد سياسات النظام في العقدين الماضيين من حكمه ، ولم يكن شبح الفتنة والحروب الأهلية وعودة الانقلابات ثقافة وممارسة إلا انعكاساً لأوضاع داخلية متأججة أغفلتها السلطات العليا في البلاد، بل عملت على استفحالها وتشجيعها أو على الأقل التهوين من عواقبها، وهكذا غاب مفهوم الدولة في واقع الناس لفائدة المصالح الشخصية، وسادت القبلية والمحسوبية وعمت الفوضى المرافق العمومية وانتشر الفقر على مستوى واسع.

وفي المجال السياسي تحولت الديمقراطية إلى خنق للحريات وتكميم للأفواه ومصادرة للإرادات واعتداء على الكرامة الإنسانية...
وفي المجال الاقتصادي تفشى اختلاس المال العام والرشوة والاحتكار وسوء تسيير الثروة وعدم تكافؤ الفرص..
وفي المجال القضائي ظلت التبعية والاستغلال من طرف الأجهزة السياسية والأمنية للنظام هي السمة الأبرز، ولا أدل على ذلك من وجود معتقلي رأي في وضعية سجن رغم انقضاء الآجال القانونية التي تفرض محاكمتهم أو إطلاق سراحهم...
يضاف إلى هذا كله العلاقات المشينة مع الكيان الصهيوني التي تشكل وصمة عار في جبين النظام ناهيك عن الانتهاكات المستمرة لقدسية المساجد من طرف الشرطة وسجن الأئمة والعلماء ومضايقة الدعوة..

في ظل هذه الأوضاع جاءت محاكمة واد الناقة لتكون محاكمة للجميع؛ للنظام وسياساته، للعسكريين المتهمين بالانقلابات، لقيادات سياسية وأفراد مدنيين أخرين...
ورغم ما ساد المحاكمة من خروقات قانونية فقد كانت أحكامها خطوة نحو إعادة الاعتبار للقضاء بوصفه ملاذاً أخيراً يلجأ إليه كل طالب للإنصاف. من هنا فإننا إذ نعد بعض الأحكام الصادرة بارقة ضوء في نفق مظلم، فإننا نسجل صدور أحكام قاسية بحق مجموعة من المتهمين ولا تنسجم مع النهج الذي سارت عليه نتائج المحاكمة، ونأمل أن يحظى هؤلاء بدورهم من الإنصاف في الخطوات الموالية من التقاضي..
ولا يفوتنا بهذه المناسبة أن نشيد بعدم استجابة المحكمة لبعض الطلبات المتطرقة للنيابة بحق أي متهم وأن نهنئ أولئك المتهمين الذين استعادوا حريتهم..

كما نرجو أن تكون المحاكمة بداية لاستخلاص الجميع؛ نظاماً وجيشاً ومعارضة ونخباً مثقفة، لدروس الماضي والاستجابة لنداء المصالحة الوطنية الشاملة، وحل الخلافات بالتي هي أحسن، ولن يتأتى ذلك إلا بجعل المصالح العليا فوق كل اعتبار، والانطلاق من ثوابت الأمة واحترام إرادة الشعب وحقوق المواطن، والاستفادة من تجارب الأمم في المجال السياسي وخاصة الدول المجاورة، كل ذلك مع مراعاة لروح العصر التي تفرض الانفتاح ونبذ الأساليب القمعية غير المتمدنة.

وبكلمة واحدة ندعو إلى جعل نتائج هذه المحاكمة جسراً للعبور إلى المستقبل، وطي صفحة الماضي الكئيب، من خلال مصارحة تعقبها مصالحة، وتفضي إلى إغلاق السجون وإطلاق سراح من فيها من سجناء الملفات السياسية السابقة، وتنظيم انتخابات حرة وشفافة، وفتح الباب واسعا لحرية الكلمة، فهذا السبيل وحده هو الكفيل بخروج البلاد من الوهدة التي تتخبط فيها وقيادتها إلى بر الأمان، خدمة للجميع.