أنت هنا

5 ربيع الأول 1426
بيروت - المسلم

وصل (رئيس الحكومة اللبنانية المكلف) عمر كرامي اليوم الأربعاء إلى طريق مسدود لم يعد بالإمكان المضي فيه، مقدماً استقالته من الحكومة التي لم يشكلها بعد، ما يثير مخاوف جديدة في صفوف المعارضة من إمكانية تأجيل الانتخابات اللبنانية، وما يظهر عمق الخلاف السياسي الذي بات يميز الساحة اللبنانية.

وشهدت لبنان منذ حادثة اغتيال (رئيس الوزراء اللبناني الأسبق) رفيق الحريري، حالة واسعة من الخلافات السياسية بين أطراف المعارضة والموالاة للحكومة، أظهرت عمق الخلافات الموجودة في السابق، والتي لا تزال تهدد أمن وسلامة لبنان.

وأعلن كرامي في مؤتمر صحفي له في بيروت اليوم الأربعاء، اعتذاره عن تشكيل الحكومة بعد أن وصل "إلى الحائط المسدود"، على حد وصفه.
وقال كرامي: "بعد محاولات عديدة قام بها رسل ووسطاء وصلنا مرة أخرى إلى الحائط المسدود، وأؤكد اعتذاري" عن تشكيل الحكومة.
وأشار إلى خلافات داخل لقاء الموالاة المعروف بلقاء (عين التينة) حول توزيع المناصب الحكومية "نظرا لتضارب الرغبات التي لم نتمكن من حلها"، وفق ما أكد كرامي.

وهذه المرة الثانية التي يعتذر فيها كرامي عن تشكيل الحكومة، والتي لم تتمكن الأطراف المتصارعة في الساحة السياسية في لبنان، من إنهاء حالة الفراغ السياسي التي تشهدها البلاد منذ استقالة حكومة كرامي للمرة الثانية، على خلفية حادثة اغتيال الحريري.

وقال كرامي: " بعد أن اتضحت أمامي الأمور بشكل واضح وصريح كتبت اعتذاري"، مشيراً إلى أنه وضع اعتذاره بيد (رئيس الجمهورية) إميل لحود منذ الاثنين الماضي، ولم يعلن عنه بانتظار تذليل العقوبات، وهو الأمر الذي لم يحصل.

وكان من المقرر أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة يوم الاثنين الماضي، إلا أن الخلافات السياسية حول توزيع الحقائب الوزارية، بالإضافة إلى الخلاف حول القوانين المنظمة للعملية الانتخابية في لبنان؛ أجلت الإعلان عن الحكومة.
وأشارت مصادر سياسية غي ذلك الوقت، إلى أن التأجيل قد لا يستمر لمدة طويلة، وأن الحكومة قد يتم الإعلان عنها خلال ساعات، بانتظار حل المشاكل العالقة.
إلا أن المشاكل يبدو أنها لا تزال موجودة، ما أجبر كرامي على الاستقالة، تاركاً البلاد تغرقاً مجدداً في مخاوف الفراغ الدستوري والقلق الأمني من حودث جديد في لبنان، التي انسحبت معظم القوات السورية منها، تاركة الوضع الأمني بيد الأمن والجيش اللبناني.

من جهته، قال مصدر رسمي لبناني: " إن الرئيس إميل لحود قبل استقالة كرامي، وهو بصدد استشارة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحديد موعد الاستشارات النيابية التي يتوقع أن تجرى هذا الأسبوع لاختيار رئيس وزراء جديد كما ينص الدستور".

ويثير اعتذار كرامي عن تشكيل الحكومة اللبنانية مخاوف المعارضة من تأجل إجراء الانتخابات اللبنانية المقررة في شهر مايو القادم، محاولة الاستفادة من أجواء الحنق والغضب التي تسود الشارع اللبناني بعد اغتيال الحريري، من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المقاعد النيابية في البرلمان.
إلا أن كرامي حاول تهدئة مخاوف المعارضة، وبعض الدول الغربية التي تضغط في سبيل عدم تأجيل الانتخابات عن موعدها المقرر.
حيث قال كرامي اليوم: " إن الوقت ما زال متاحاً لإجراء الانتخابات في الموعد المقرر لها في مايو قبل انتهاء ولاية البرلمان الحالي في 13 مايو".
ويقتضي الدستور أن تدعو الحكومة للانتخابات قبل شهر على الأقل من إجرائها.

إلا أن الأزمة التي شهدتها حكومة كرامي ربما ستستمر مدة طويلة، قد تطول الحكومة القادمة التي من المقرر أن تبدأ بالتشكل خلال أسبوع .

ويأتي إعلان كرامي اعتذاره عن تشكيل الحكومة اللبنانية في وقت متزامن مع الذكرى الثلاثين للحرب الأهلية، التي اشتعلت شرارتها الأولى في يوم 13 إبريل 1975م، وحصد مئات الآلاف خلال السنوات الـ15 التي شهدتها البلاد.